أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 22nd June,2001 العدد:10494الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,ربيع الثاني 1422

شرفات

الناقد سيد البحراوي:
الناقد لا يأتي بمعجزات ليجعل العمل الرديء جميلاً
الشكوى من غياب النقد صحيحة ولكن
حال الثقافة العربية من حال الحركة النقدية لا بد من امتلاك مشروع ثقافي عام
* تقوم منذ فترة بإعداد دراسة مستفيضة عن كبار الأدباء والشعراء العرب إلى أي حد وصلت هذه الدراسة؟
أقوم حالياً باستكمالها وهي تضم عدداً كبيراً من الأدباء والشعراء في الوطن العربي سواء الذين رحلوا عن دنيانا أو المتواجدين بيننا مثل غسان كنفاني وتوفيق زياد وعبدالوهاب البياتي ودريد البرغوثي وقاسم حداد وادوارد الخراط وغيرهم وأقوم بتطبيق منهج محتوى الشكل على أعمالهم وهذا منهجي الذي أعمل به.
* وماهي الأسس العامة التي يقوم عليها هذا المنهج؟
يقوم على عنصرين أساسيين يتفرع عنهما العديد من العناصر الأخرى وهما أولاً إبراز جماليات الشكل بارتباطه بالمضمون، وثانياً دلالة محتوى الشكل وانعكاسه بالمزاوجة على مضمون العمل سواء كان قصة أو شعرا أو رواية.
* وما المراحل التي تمت في هذه الدراسة؟
مازلت في المرحلة الأولى حيث أقوم باستقراء الأعمال لهؤلاء المبدعين.
المتابعة وحالة النقد
* وأين أنت من متابعة الاصدارات الجديدة؟
أنا متواجد في قلب الحركة النقدية وأتابع الإبداع الأدبي العربي من قصص ورواية وشعر ومسرح ومحاولة إبراز أهم العلامات المميزة فيه وتوجيه حركته بشكل غير مباشر بما يتعين على المبدع أن يقدم نتاجه بطريقة واضحة فالنقد رسالة ولا بد أن يدرك طبيعة الإبداع والظروف المحيطة به وعمليات الانتاج والتلقي وحاجة المجتمع لأصناف معينة من الإبداع والناقد العربي مطالب ألا يكون اقليمياً محصوراً في منطقته التي نشأ فيها إنما ينبغي أن يتابع التراكمات العربية وأنا أحاول بقدر الإمكان رؤية المشهد كاملا واحرص على التواصل مع كبار المبدعين العرب عبر اللقاءات والمراسلات والاهتمام بهم والكتابة عنهم وكذلك الأدباء الشبان.
* في هذا السياق من هم النقاد الذين تحرص على متابعة كتاباتهم النقدية؟
كوكبة النقاد الموجودين عموما أتواصل معهم بصفة دائمة في اللقاءات والندوات ونتبادل الكتب ولا أحب ذكر أسماء حتى لا أغفل أحدا وإن كنت أقول إن النقاد العرب الذين يتحركون في الفضاء النقدي لا يتجاوزون عشرة أسماء وهذا في حد ذاته رقم حسن يستوعب الكثير لأن طبيعة النقد في كل العصور يمارسه قلة وإن كان يكتبه كثيرون تلك الكتابة التي تموت وتندثر باستمرار.
*لماذا الناقد دائماً محصور في دائرة الاتهام تارة أنه يبذل جهده في النقد التطبيقي وتارة أخرى أنه يتبنى مناهج غربية وثالثة يوغل في الغموض؟
هذه التهم تتردد كثيراً وقد تصدق على كثير من النقاد لكن أعتقد أن الناقد الذي يدخل إلى ضمير أمته وثقافتها ويستطيع أن يحصل على نسبة قراءة عالية ومصداقية حقيقية في أوساط عديدة لابد له أن يتجاوز هذه الاتهامات والناقد لايملك وقتاً سحرياً لمتابعة كل سطر من إبداعات لكن عليه أن يختار، والشكوى من أن النقاد لايتابعون شكوى حقيقية لأنهم لايستطيعون متابعة كل شيء وعندما أختار عملا يكون هذا الاختيار بمثابة حكم قيمي عليه والسكوت عن عمل أكون قد قرأته له معناه أيضاً.
حال الثقافة
* الثقافة العربية متهمة بالعجز عن ملاحقة تطورات العصر شأنها شأن الواقع العربي الآن كيف ترى هذا الاتهام؟
الثقافة العربية واحدة من أعرق الثقافات الإنسانية، فقد شهدت البشرية أبنية ثقافية وحضارية عظمى حول النيل والفرات وما بينهما الشام والجزيرة العربية وما حولهما فارس والهند واليونان وورث العرب هذه الثقافات وأضافوا إليها وتفاعلوا مع القوميات والأعراق التي انتجتها وصارت الثقافة العربية لهذا التفاعل ثقافة إنسانية في العصور الوسطية ولايجب أن نضيق من حدود الثقافة العربية برد جذورها الأولى إلى عهد قريب وهو أول نص بالعربية قبل الإسلام بما لايزيد عن قرنين أو ثلاثة لأننا بهذا نغفل امتدادات تاريخية تصل إلى كل مدوّن من تراث المنطقة العربية ونقطع مراحل متطاولة من الثقافات الإنسانية، وأرى أن الثقافة العربية قد شهدت ازدهاراً في العصور العباسية وكانت متفاعلة مع الظروف التاريخية المتجددة، أما الثقافة العربية في أزمان تخلفها فهي التي كان فيها التفاعل مجمداً وفي عصرنا الحالي تحاول التيارات المتجددة والعقلانية أن تعيد التفاعل مؤمنة أن مراحل تراثنا القديم ذخائر ثرية تغني ثقافتنا العربية الراهنة وتبث فيها محتوى إنسانياً فريداً.
*هذا الحديث يصدق على أي ثقافة بغض النظر عن موقعها ولكن ماذا عن ثقافتنا نحن وعجزها الحالي عن مسايرة التطور؟
الحديث عن حال الثقافة وعجزها بدقة يتطلب أولاً القول أننا على مشارف حلقة من حلقات العملية التاريخية العظمى التي تجرى منذ أواخر الخمسينات وحتى الآن حيث وصلنا إلى السوق الواحدة العالمية وآليات اصطلح عليها البشر اسمها آليات السوق حكومة واحدة الجات تتحكم في أكثر من 90% من تجارة البشرية وهناك ثورة اتصالات تطول كل شبر على ظهر هذا الكوكب وسواء أردنا أو لم نرد نحن فيها وإما أن نأخذ آثارها السيئة لضعفنا أو آثارها الايجابية وتطويعها لصالحنا لقوتنا ونستطيع رفع هذا الخطر عن أنفسنا بمقدار سعينا في الاعتماد على ذاتنا وتقوية أنفسنا. ونحن كعرب لدينا مقومات نهوضنا ولكننا لا نستثمرها في أي شيء حتى في مضمون خطابنا العربي الثقافي، ويبقى اجتهادنا في تحليل الواقع الذي ينتهي ضرورة إلى رؤية مستقبلية واضحة، فالمستقبل هو الحاضر متجددا في ظروف جديدة وعلينا ونحن ننقد ثقافتنا الراهنة أن نصيغ خطة ثقافية مستقبلية لبلادنا.
*وما الأسس التي تمتلكها وتقوم عليها مثل هذه الخطة؟
أولا لا بد أن تقوم على التفاعل بين العناصر الثقافية المكونة لثقافة أمتنا فالثقافة العربية الراهنة انتجتها عناصر جمة، الأبنية الحضارية القديمة في المنطقة الأديان التي سطعت شموسها في فجر الضمير هنا، القوميات التي تفاعلت مع العنصر العربي، الأواصر التاريخية مع قوميات مجاورة، الصلات التاريخية بثقافات بعيدة.
ثانياً لا بد من وجود الديمقراطية ولا أقصد هنا المعنى الدارج المستخدم في حقل الخطاب السياسي السائد ولكن أقصد حق التيارات والاتجاهات والمدارس الفكرية والفنية والعلمية وحق أعمال العقل ونتائج العلم.
هذه هي الأسس التي يمكن أن تنطلق منها التيارات الفكرية في بلادنا ونتبادل الاعتراف بالوجود ونتفق على برنامج إنقاذ ثقافي حده الأدنى إقرار أدبيات راقية للمحاورة وحده الأعلى صياغة الخطة الثقافية المستقبلية.
عثمان أنور

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved