أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 25th June,2001 العدد:10497الطبعةالاولـي الأثنين 4 ,ربيع الثاني 1422

الريـاضيـة

كيف نمتع الجماهير الرياضية في لعبة كرة القدم؟
الرياضة = حركة، فأي حركة يقوم بها الإنسان هي نوع من الرياضة ولكن في عصرنا الحاضر، ضُبطت تلك الحركة وأصبح لها مسميات متعددة وفق ضوابط متعددة و«تكتيكات» متنوعة وخطط، وفنون، ولها مدربوها ولاعبوها وعشاقها، ولها أيضا أطباؤها والمتخصصون في مجال العلاج الطبيعي والمتخصصون النفسيون وغيرهم، والهدف من كل ذلك هو دون منازع تقوية الجسم لكي يعطي أكثر وفق ضوابط تلك اللعبة وفنونها وخططها والمحصلة النهائية هي امتاع المتفرجين على تلك اللعبة من محترفين ومدربين ومشرفين وأطباء تصرف عليهم مبالغ طائلة من أجل إسعاد المتفرجين و الترويح عنهم وقضاء وقت فراغهم في نشاطات رياضية تهدف الى بناء أجيال قوية وتنافس شريف وتزيد من قوة أجسام الممارسين لها وبالتالي إيجاد مجتمع قوي البنية.
والملاحظ من خلال المشاهدة لنشاطات الرياضية المتعددة في مجتمعنا ان التركيز الأكثر هو على نشاط لعبة كرة القدم وهذا لا ضير فيه طالما أن تلك اللعبة ترفه عن الصغير والكبير وتسعدهم فهي بحق لعبة مسلية تستحق المتابعة والمشاهدة طالما أن فيها إمتاعا للجماهير الرياضية، ولكن في المقابل نجد أن الاهتمام منصب بشكل رئيسي على ما يسمى «باللياقة البدنية» أولا وعلى الجانب الفني ثانيا وهذان أمران مطلوبان وعنصران ضروريان من عناصر أخرى لابد من توفرها حتى تكتمل الصورة ويستمتع المتفرج بتلك اللعبة.
فتوفير مدرب فني قدير ومدرب لياقة، ولاعب متمكن، ومشرفين أكفاء، وإدارات ناجحة وخدمات مساندة أخرى كالأطباء والمعالجين الطبيعيين وغيرهم غير كاف لتكوين فريق منسجم يلعب اللعبة بروح واحدة منسجمة ومستقرة )أي غير متذبذبة( من أجل امتاع جماهيره ومحبيه وعشاق هذه اللعبة، فالملاحظ والمشاهد والقارئ والمتتبع لهذه اللعبة عبر وسائل الإعلام المختلفة يجد أن الكم الهائل من الأموال المصروفة على هذه اللعبة في أنديتنا السعودية لا تتناسب مع المستوى المطلوب للامتاع، فالملايين دفعت وما زالت تدفع للظفر بالمدرب القدير واللاعب المتمكن الذي تدفع له مبالغ ولناديه نظير انتقاله ومرتبات تفوق ما يستلمه أساتذة الجامعات الذين يخرجون لنا أطباء ومهندسين وغيرهم من مختلف التخصصات التي تنهض بالمجتمع، وهذا في نظري حق من حقوق اللاعبين نظير ما يبذلونه من جهد وهي مهنتهم التي يأكلون منها ويعيلون أسرهم، فهم يستحقون ذلك طالما أنهم يمتعون ويرفهون عن قطاع عريض من المجتمع يتلذذ بمشاهدة منافسات كرة القدم ويتتبع أخبارها أولا بأول وأخبار اللاعبين المتميزين في هذه اللعبة عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولانبالغ إذا قلنا ان بعض المهتمين بشؤون اللاعبين يعرفونهم أكثر من معرفتهم لأقاربهم، ولكن نقول أن ذلك العاشق لكرة القدم والمتابع للاعبين يصاب بالإحباط وخيبة الأمل في ذلك اللاعب والفريق عندما يجد أن حبه وعشقه لذلك الفريق وذلك اللاعب لم يترجمه اللاعب والفريق في المنافسات الرياضية، على الرغم من الإمكانات المتوفرة للاعب والفريق بشكل عام من مرتبات مجزية وحوافز ومدربين على مستوى كبير من الكفاءة وإدارات ناجحة ومشرفين وتغطية اعلامية مستمرة الى غيرها من وسائل النجاح في المنافسات الرياضية.
ويبقى ذلك المتفرج والمتابع والعاشق لهذه اللعبة في حيرة من أمره، لماذا هذه الانتكاسات لذلك اللاعب أو الفريق؟ ما الذي جرى؟
ومما يزيد من حيرته وعدم معرفته للاجابة على تلك التساؤلات ما يتابعه عبر وسائل الإعلام من تحليلات وانتقادات من بعض المحللين والرياضيين إما على الحكام ووضعهم «كشماعة» تعلق عليها أخطاء اللاعبين والفريق بوجه عام، أو على المدربين الذين لم يحسنوا التعامل مع تلك المباراة ووضع التشكيلة والخطة المناسبتين لهزم الفريق المنافس، وهذا ما نلاحظه من أن الفشل يجير أما على التحكيم أو على المدربين وبالتالي يصبحون ضحايا لتلك التحليلات الرياضية القاصرة جدا في نظري والتي تنظر وتتعامل وتحلل فقط أداء اللاعب في الملعب، وخطة المدرب وبالتالي، نرى ونلاحظ الأموال الكبيرة المهدرة على المدربين الذين يأتون ويبدأون مع اللاعبين والفريق لمدة قصيرة ثم تنهى عقودهم والكاسبون هم هؤلاء المدربون الذين يأخذون «الغلة» ثم يسافرون، والغريب أن بعضهم يتعاقدون مع نفس الفرق التي أنهت عقودهم في السابق ويأخذون الغلة مرة أخرى وعندما لا يفوز الفريق بالبطولة ينهى عقده وهكذا دواليك والفائزون بتلك العقود هم المدربون ويا ليتهم من أبناء جلدتنا لقلنا يستاهلون.
بيت القصيد هنا، هو أن هناك عنصرين أساسيين غائبين الى جانب «المدرب القدير، واللاعب المتمكن، والمشرفين الناجحين، والإدارات الواعية، والخدمات المساندة الأخرى الراقية، والتسهيلات المتوفرة»، وهما «الثقافة الكروية» و«الإعداد النفسي السليم».
فالثقافة الكروية لدى معظم اللاعبين في الأندية معدومة تماما على الرغم من احتراف معظمهم في الأندية وتفرغهم التفرغ الكامل، وهذا قد يعود الى تدني المستوى التعليمي لدى البعض من اللاعبين المحترفين، فالمؤهل المطلوب حسب اللوائح المعمول بها هو أن يكون حاصلا على شهادة الكفاءة المتوسطة كحد أدنى، الى جانب عدم وجود محاضرات منتظمة لتوعية اللاعبين ، )أي أن أكله و شربه هي من وظيفته لعبة كرة القدم» بمعنى آخر أن على اللاعب المحترف أن يوقع في سجلات الحضور والإنصراف يوميا وفق جدول معين فإلى جانب التدريبات اللياقية، و«التكتيكية» يجب أن يكون هناك تركيز على توعية اللاعبين من خلال محاضرات تعطى لهم، تتضمن المحاضرات عناصر رئيسية، على سبيل المثال لا الحصر الآتي:
نبذة عن كرة القدم:
خلفية عن كرة القدم، متى بدأت، تطورها عبر السنين لكي يكون لدى هؤلاء اللاعبين خلفية عن الوظيفة التي يؤدونها.
الهدف من هذه اللعبة:
الجانب المهني:
أن ما يقومون به هو وظيفة يجب أن يؤدوا مهامها على أكمل وجه فهم يستلمون عليها مرتبات وحوافز.
الجانب الديني:
غرس للقيم الدينية، واحترام العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية.
الجانب التربوي:
غرس مفهوم أن الرياضة هي ترويض للأبدان والنفوس، وبالتالي عدم إيذاء الآخرين بقصد أو بغير قصد، بل المطلوب هو إسعاد المتفرجين على هذه اللعبة وامتاعهم.
عدم التطاول على زملائهم اللاعبين والإداريين والمدربين والحكام، واحترامهم وعدم الاحتجاج على قرارات الحكم وتفهيمهم أن قرارات الحكم لا رجعة فيها وأن هذا التصرف يعتبر سوء سلوك قد يؤدي إلى طرده وبالتالي إثارة الشغب بين أوساط المتفرجين المتعصبين وتحريض مناصريهم من بعض الإعلاميين الذين يسخرون أقلامهم في الهجوم على الحكام والتشكيك فيهم.
الجانب الثقافي:
غرس المفاهيم الثقافية وأن لعبة كرة القدم هي نوع من أنواع الثقافات الرياضية التي يجب أن يوصلها اللاعبون للمتفرجين والمتابعين ويمارسوها في الملعب بشكل حضاري ينم عن وعي وإدراك لمفهوم هذه اللعبة.
الجانب الثقافي الرياضي:
ويتمثل في الشرح للاعبين عبر وسائل إيضاحية «كالفيديو» لمنافسات عالمية ومحلية أن المجهود الذي يبذل في الملعب هو مجهود جميع اللاعبين دون استثناء وبالتالي يجب غرس هذا المفهوم لدى اللاعبين وأن أي إضاعة لهذا المجهود من أي لاعب من الفريق هو إضاعة لمجهود جميع اللاعبين في الفريق وبالتالي فإن عليه أن يوظف فكره وعقله الى جانب مجهوده البدني والفني في الملعب من أجل لعب كرة صحيحة لزميله أو زملائه في الملعب وهذا أيضا فيه ترشيد للطاقة المبذولة من قبل اللاعبين باستلام الكرة بشكل صحيح وتسليمها بشكل صحيح مما يريح اللاعبين ويمتع المتفرجين فلو أجريت دراسات على المجهود الضائع في الملعب من قبل اللاعبين لوجدنا أن معظم هذا المجهود الجماعي ينتهي إما بلاعبي الخصم أو خارج الملعب، أو حالات تسلل فتضيع مجهودات اللاعبين بدءا من الحارس مرورا بالدفاع والوسط وانتهاء بالهجوم.
التقييم:
التقييم الفني واللياقي المستمر للاعب أثناء التمارين والأخطاء التي وقع فيها وذلك بتصوير التمارين وعرضها على اللاعبين لمعرفة أخطائهم من أجل تلافيها في تمارين أخرى وكذلك التقييم الفني واللياقي المستمر للاعبين أثناء المنافسات الرياضية بعد كل منافسة رياضية.
الإعداد النفسي السليم:
وهذا أحد الجوانب المهمة والمهملة من قبل جميع الأندية الرياضية في مجتمعنا، فلا يوجد متخصص نفسي في العلاج النفسي psychotherapy وهذا الإهمال للجانب النفسي للاعبين يعود الى قصر نظر المشرفين على تلك الأندية وعدم معرفتهم بالدور الكبير الذي يقوم به المتخصص النفسي من تهيئة اللاعبين التهيئة النفسية التي ليست فقط تزيد من عطائهم داخل الملعب بل واستقرار ذلك العطاء، فاللياقة البدنية والجرعات الفنية المكثفة تتلاشى ولا يكون لها أي مفعول عندما تكون نفسية اللاعب غير مهيأة التهيئة الكاملة لجو المنافسة، فمشاكل اللاعب الأسرية والاجتماعية ومشاكله مع أصدقائه أو مع زملائه أو مع إدارات الأندية أو مع المدربين أو غيرها لها تأثير مباشر على أدائه في الملعب واستمراره مع الفريق، فكثير من اللاعبين لديهم استعداد وعطاء أكثر ولكن لا يوجد من يوظف ذلك الاستعداد التوظيف الأمثل، وقد يقول قائل أن هناك مشرفين على اللاعبين ولكن غير مؤهلين للقيام بذلك الدور لأن الانحيازات الشخصية تلعب دورا كبيرا حيث يحكم تلك العلاقة ما بين المشرفين على اللاعبين أو ما يسمون بمديري الكرة بالأندية واللاعبين يحكم تلك العلاقة الارتياح الشخصي فقط وليس اللاعب كإنسان له مشاعر وأحاسيس وله مشاكله التي بحاجة الى حل ومتى ما هيىء اللاعب للعب في المنافسات زاد عطاؤه الى جانب أمر مهم غائب عن المسؤولين عن الأندية والذي يبحثون عنه وهو الجانب الاقتصادي، فالاستقرار النفسي للاعبين يجعلهم يوفرون مبالغ كبيرة، فكثرة الاستغناءات عن اللاعبين ووضعهم على قائمة الانتقال وكذلك المدربون تربك خزينة الأندية وتحملهم أعباء مالية كبيرة جدا لأنهم سوف يقومون بإيجاد لاعبين محترفين بمبالغ كبيرة مرة أخرى وكذلك إيجاد مدربين بمبالغ كبيرة جدا، فالمبالغ المالية التي يطلبها اللاعبون والمدربون الأجانب مردها الى فهمهم أن ذلك النادي سريع الاستغناء عن اللاعبين والمدربين وبالتالي يرفعون عقودهم حتى إذا ما تم الاستغناء عنهم فإنهم أخذوا حقوقهم كاملة ومقدماً.
فالاستقرار النفسي للاعبين والمدربين يجعلهم يعطون أكثر ويستقرون في أدائهم في المنافسات. وما نلاحظه من تفاوت أداء اللاعبين المحترفين الأجانب والسعوديين في الأندية يرجع في معظمه الى الحالة النفسية للاعبين، فالمهارات الفنية واللياقية البدنية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتغير في يوم وليلة ومن منافسة الى منافسة أخرى إلا في حالة الإصابة والمصاب في العادة لا يشرك في المنافسة، إنما مرده هو العامل النفسي. فلقد شهدت الأندية السعودية انتقال لاعبين فيما بينها بمبالغ كبيرة جدا، وانتهى الأمر بهؤلاء اللاعبين الى دكة الاحتياط، على الرغم من أن إمكانات ذلك اللاعب لم تتغير بل زادت لأن الأندية التي انتقلوا إليها لديها امكانات تفوق الأندية التي كانوا بها قبل انتقالهم، ولكن الاستعداد النفسي المهمل للاعبين مفقود وبالتالي خسرت تلك الأندية لاعبين دفعت عليهم مبالغ طائلة بسبب عدم وجود من يوظف امكانات اللاعبين النفسية.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved