أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 28th June,2001 العدد:10500الطبعةالاولـي الخميس 7 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

إلى متى..؟؟
د . فهد حمد المغلوث
يا لتصرفاتنا الغريبة وتناقضاتنا اللامتناهية أحياناً. ففي الوقت الذي نُطالب فيه غيرنا ومن هم حولنا بالوضوح والصراحة وزيادة الانتاجية والتصرفات العقلانية، نعمل نحن وبكل ما نستطيع وبإصرار على وضع العراقيل أمامهم وتعقيد الأمور في وجوههم عن طريق الاحتفاظ بالحقائق والمعلومات والبيانات المهمة والضرورية التي هي من حق الجميع ومشاع. وليس هناك ما يمنع من إظهارها أو الإفصاح عنها.
ولكن يبدو ان مجتمعاتنا مازالت بحاجة لعشرات السنين كي تستوعب حقائق مضى عليها ايضا سنوات طويلة عرفها غيرها واستوعبها واستطاع ان يتعامل معها بوعي وحضارة أكثر كونها أحد عوامل التقدم ومتطلباته.
خذ مثلاً تلك التساؤلات واحكم عليها بنفسك بكل موضوعية:
لماذا نعمل على حجب الحقائق لمن يريد معرفتها ويستحقها؟ لماذا لانخبرهم بها في وقتها، وقت حاجتهم إليها؟ لماذا نمنع الآخرين من الاطلاع عليها الا بعد فوات الأوان وحينها ينهدم كل شيء! ولا يصبح لهذه المعلومات الضرورية أي قيمة ولا أهمية لأنها وصلت متأخرة أو لأنها أصبحت قديمة. أو لأن من يريدها قد زهد فيها واتجه لغيرها حتى لو كانت أقل قيمة!
لماذا ننتظر طويلا في استلام الحقائق ومعرفة المعلومات الهامة التي تهمنا وتنفع مجتمعنا؟ هل ننتظر ان نأخذ حقائق مشوهة من الآخرين ونجبر الآخرين المحتاجين لها من أن يأخذوها من خلال أجواء مملوءة بالمغالطات والتحريف في الوقت الذي يمكننا فيه بث تلك الحقائق بصورة مبسطة ومعقولة وصريحة وبالشكل الذي يرضي الجميع.
ترى لماذا نُخفي الحقائق عن بعضنا؟ هل استخفافاً بعقلية الآخرين؟
أم جهلاً منا بأحقيتهم في معرفتها وأهميتها بالنسبة لهم؟! أو خجلاً كون تلك الحقائق حساسة وتمس جوانب لايمكن الاقتراب منها كما هو الحال للامور الخاصة بالمراهقة مثلا ونحوها؟ وهذه مجرد أمثلة فقط ليس إلا.
لماذا حينما يأتي باحث يريد دراسة موضوع ما يهم المجتمع ويحضر للدراسات العليا في الخارج مثلا لماذا نحجب عنه الحقائق التي يريدها ونضيع وقته في خطابات رسمية من هنا وهناك لنكتشف فيما بعد ان تلك المعلومات المطلوبة لا تستحق هذا التعب والواسطة وغيرها.
لماذا حينما تسأل عن موضوع ما يهم الآخرين تلف وتدور ونجبر الآخرين على اللجوء لمصادر أخرى أو تغيير موضوعاتهم لموضوعات أخرى تهم مجتمعات أخرى؟
ألسنا نحن من يطفِّشهم؟ ألسنا نحن من يقول لهم بطريقة غير مباشرة غيروا الموضوع؟ ألسنا نحن من نخسر في النهاية بهذه العقلية الضيقة وبتلك الأنظمة البالية الجامدة؟
هذا فقط في محيط العمل اما لو اتجهنا لهذا الموضوع من زاوية المشاعر والاحاسيس والعواطف لوجدناه شيئاً آخر لا يقل إيلاماً وإحباطاً!
فانت كانسان أياً كان وضعك زوجاً أو زوجة ابناً أو ابنة صديقاً أو صديقة تنزعج من تصرفات الطرف الآخر حينما يكون غامضاً معك رغم وضوحك معه. تتقرب منه فيبتعد عنك، تمد له يدك فيشيح بوجهه عنك، تحتار في أمره وتتضايق من تصرفاته الغريبة أليس هكذا تقول أنت الان بينك وبين نفسك؟ أليست هذه التجربة هي ما تمر بها؟
ربما لا تكون كذلك فاحمد الله.
ولكنك تضطر لطرح العديد من التساؤلات المحيرة وتريد من الطرف الآخر الاجابة عليها بكل صراحة ووضوح. تنزعج بالفعل تقول له: أريد أن أعرف من انا بالنسبة لك؟ ما هي حقيقة مشاعرك نحوي؟ ما هو موقعي من الاعراب في حياتك؟
أريد أن أعرف بالتحديد ماذا تريد مني كي أعطيك إيّاه واوفره لك؟
كيف أستطيع أن أصل إليك؟ أن أفهمك أكثر كيف أستطيع أن أرضيك كيف أستطيع أن أجعل من حياتنا )حياتي أنا وأنت( حياة سعيدة مطمئنة يظللها الود والحنان والاحترام المتبادل والاحساس المشترك لكل منا بالآخر.
إلى متى نخفي الحقائق عن غيرنا ونعطيها لغيرنا بسعة صدر؟ إلى متى ونحن جميعاً بحاجة لتلك الحقائق وبالذات تلك التي تجعلنا نعرف قيمة كل منا للآخر، إلى متى؟
همسة
حينما لجأت إليك بعد الله..
لم أكن اطلب مستحيلاً..
لم أكن أطلب الكثير..
كنت كل ما أريده..
هي الحقيقة..
تصارحني بها..
تخبرني إيّاها..
مهما كانت مؤلمة!
مهما كانت مُتعبة!
لا أن تتجاهلني!
لا أن تستخف بي!
لا أن تجعلني..
في حيرة من أمري،
لا أن تتركني..
أتخبّط في تساؤلاتي!
<<<
كان بإمكانك..
أن تخبرني بالحقيقة..
سيما وهي لديك..
لا أن تحجبها عني..
وكأنها لا تعنيني..!
وكأنه حرام علي!
سماعها منك!
أو من غيرك!
<<<
كان بوسعك..
أن تطلعني على الحقيقة..
في أدائها دون تأخير..
كما هي دون تزييف..
لا أن تتركني..
أعيش وهماً..
ليس له نهاية!
لا أن تجبرني..
في أن أبحث عنها
لدى غيرك..
فآخذها منهم..
ناقصة.. مشوهة
مبالغ فيها..
فتسيء لي ولك!
<<<
كان بإمكانك..
أن تخبرني بمشاعرك نحوي..
كما تحسها أنت..
أن تبوح بها لي..
دون حرج..
دون تردّد..
وأنا سأتفهمها..
سأقبلها بصدر رحب..
مهما كانت..
حتى لو كانت ضدي!
ضد مشاعري!
ضد ما أحلم به..
من زمن طويل!
المهم أن تريحني
<<<
كان عليَّ..
أن أعرفها الآن..
في وقتها..
وقت حاجتي إليها.
كي أعرف من أنا.
قبل فوات الأوان!
قبل ان اخسر نفسي واخسرك..
<<<
فإلى متى..
نظل نخفي الحقائق..
ومعرفتها نصف الطريق..
لتقدمنا ونجاحها؟
لسعادتنا وابتسامتنا
بل مصدرراحتنا؟
<<<
إلى متى...
نداري حبَّنا؟
نتجاهل مشاعرنا؟
نكتب آهاتنا؟
نخفي دموعنا؟
نكابر واقعنا؟
إلى متى...
ونحن الحقيقة نفسها؟!

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved