أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 28th June,2001 العدد:10500الطبعةالاولـي الخميس 7 ,ربيع الثاني 1422

الثقافية

هذه المملكة السعودية
أ.د. كمال الدين عيد
ليس هذا مقالا شخياً كما قد يبدو من مضمونه، بقدر ماهو إعلان عن دقات نبض ورياح قلب سليم، واعتراف بجميل هذا الوطن الذي عشت على أرضه وبين مواطنيه ست سنوات ونصف في جامعة الملك سعود، وأطللت من نافذة هذه الصحيفة الجزيرة على مواطنيه وقرائه بما منحني الله من جهد متواضع في صحفات «الثقافة». ويحتم علي واجب العرفان بالجميل أن اعبر ككاتب قبل أن أكون معلماً عن هذه الموجة السعودية التي حملت لشخصي المتواضع العزيز والأصيل من لحظات وسويعات الوداع، وأنا أغادر هذه الأرض المعطاءة المضيافة الى مسقط رأسي مصر، أحمل ذكريات ومواقف شريفة لم أصادفها ولو عرضاً في ست دول عربية وأوروبية عملت في جامعاتها.
اصالة المعدن
في 13 مارس 1995م قدمت لأول مرة الى الرياض التي لم أزرها عندما أديت مناسك الحج والعمرة عام 1994م من خارج المملكة. وطالعت لأول مرة الزميل اليمني الدكتور محمد أبو بكر حميد في مطار الملك خالد الدولي يستقبلني بالترحاب، ولم أكن أدري ساعتها وهو الذي عاش طويلا على هذه الأرض أنه تشرّب بعادات وسلوكيات كل مواطن سعودي، بكل ما قدمه لشخصي من معاونات كريمة حتى أسلمني الى مكتبي في قسم الاعلام بالجامعة. هكذا تؤثر القيم الاسلامية الرفعية في كل مقيم على الأرض السعودية.تتكشف أمام ناظري يوما بعد يوم عادات يومية وتقاليد وطن عربي أصيل تحمل في طياتها عمق الأصول الدينية، وبذور التعامل العربي، والسلوك الصادق ، والتواضع الجم. وكلها هذه وذاك تطفو على سطح اليوم العادي..في الشارع والمسجد والجامعة ورحلات العمرة وزيارات الأماكن المقدسة، بما تحوّل اي مغترب قادم للمملكة الى تربية تقويم من نوع جديد،
وليبدأ بينه وبين نفسه في الدخول الى مقارنات حياتية بين ماكان عليه حتى في وطنه العربي الاسلامي وبين الجديد الذي يلفه بإطار من الشفافية وعزيز من الروحانية يقربانه باذن الله من المولى عز وجل . وفي ظني أن هذا الاحساس الرائع لا يقف عند شخصي وحدي ، لكنه ينفذ الى كل عربي مسلم يقدم الى هذه الأرض الطاهرة. ظواهر عديدة مثل الآمانة وصدق الكلمة والقسم بالله وحده «وليس بالرسول عليه الصلاة والسلام كما اعتدت في بلدي» وشهامة الموقف النابع من نفوس صافية لشعب كريم، وكلها مزايا وامتيازات من الله سبحانه وتعالي.
وداع الجامعة الأم.
هي أم حنون حقا. يصل خطاب ادارة الجامعة بانتهاء عملي لبلوغي السن النظامية «وفق الله كل مواطن لبلوغ نفس اليوم وبنفس الصحة والبهاء» . فيرسل الصديق قبل الرئيس أ.د. عبدالرحمن العناد عضو مجلس الشورى الآن وفقه الله كلمات وداع رسمية أعتبرها التاج المنير على رأسي، ويقيم قسم الإعلام حفل وداع سعودي التقت فيه القلوب، ودارت فيه البسمات على الشفاه الناعمة ، ثم يأبى زميلنا د. عبدالعزيز الزهراني إلا أن يكرر المناسبة بحفل خاص به، فيزيد من ثنائي ويؤكد اعترافي بزمالة علمية تترك الغالي من الأثر في النفس.
الدرامى السعودي الأول محمد العثيم.
رفيق العمل خمس سنوات في شعبة المسرح بقسم الاعلام، وأول من دعا شخصي المتواضع لعضوية لجنة تحكيم عروض الجنادرية، والذي يصر أيضاً على احتفاء خاص يثلج الصدور. وتنقضى جلسة الغداء في ساعتين تدور فيها وتسيطر عليها أفكاره النيرة ومشروعاته المستقبلية من أجل الشباب من المسرحيين في ورشته المسرحية في الرياض. والمسرح بعد نعيم العثيم بالتقاعد يرنو الى مزيد من عطائه الذي حفر اسمه في المملكة ودول الخليج والوطن العربي كعلامة مميزة ترفع اسم وعلم السعودية في المهرجانات الفنية في الوطن العربي.
وفاء الأبناء الزملاء.
الوفاء شيمة عربية تتقابل في الحياة التعليمية مع المئات والمئات من الطلاب والدارسين. لكن قليلاً منهم هو الذي يبقى أثره طويلا ممتدا حتى آخر العمر، حتى بعد أن يتركوا مقاعد الدراسة ليصبحوا في مكانة الزمالة. من بين هؤلاء في مصر نور الشريف ووحيد سيف. ومن بين السعوديين صالح العليان ، نايف خلف، عواض عسيري. ويأبى هؤلاء الفنانون الشباب حفظهم الله ومعهم أستاذهم زميلي د. حزاب السعدون ، وباشتراك ثانٍ من الدرامى محمد العثيم الا تكريمي.
ويعطون الفرصة لي في وداعهم المسرحي » لأتقابل وجها لوجه مع أكبر أدباء وفناني المملكة الأساتذة محمد العلي، عبدالعزيز الحماد، عبدالرحمن الرقراق ، سمعان العاني، أحمد دخيل الله، د. بكر الشدي، د. صالح الزير، د، محمود الشريف، مشعل الرشيد وأتشرف في حفلهم بماء الاستراحة وخضرتها المخضوضرة بلقاء شباب نابه «ناصر الباز، طارق الحربي، محمد الدخيني، محمد الشهري، ثامر سدره، مشعل العنزي» شباب آمل متوثب للأدب والفن والمسرح.
متعطش الى كلمات الرواد الكبار الذين حملوا راية المسرح ووظيفته التربوية والتعليمية الشريفة في عروضهم وكتاباتهم وبرامجهم في الشاشة الصغيرة في أيام صعبة وعسيرة.
لقاء أدبي وفني دارت فيه الحوارات في طبيعية وغير استعلاء. وخرجت بحصيلة تاريخية كان من أبطالها الفنانان الكبيران محمد العلي، عبدالعزيز الحماد. مواقف وأحداث يتعلم منها الشباب في جلسة ود، وفي حنان وأخوة سعودية، ألغت من ذهني صراع الأجيال في الأدب والفن.. هذا الصراع الممتد عبر أوطان عربية كثيرة مخلفاً معه الضغائن والأحقاء بين الأجيال المتعاقبة. ولا أقول إلا حفظ الله أخلاقيات هذا الوطن وديمقراطية الحوارات فيه، وأتوق إلى جمع آمال الجيلين رواداً وشباباً فهو طريق الانتصار لامحالة ان شاء الله.
ومرة رابعة يشرفني ولدى الفنان عواض عسيري بحفل وداع كريم، وهو المخرج المبشر. وأقابل كوكبة من زملاء المهنة. الروائي أحمد الدويحي زميل الحرف لعدة سنوات في الجزيرة، ومع ذلك فلم أر وجهه الكريم إلا في هذا الحفل . كما كان تشريفا لي أعتز به بحضور زملاء الجامعةد. بكر محمد ابراهيم منسق قسم الاعلام، د. علي دبكل العنزي، د. حزاب السعدون ، والفنان الشاب محمد التكروني.
الجامعة مرة أخرى
ويصر الزميل د. عثمان العربي، أحد البحاث الجادين في قسم الاعلام ومؤلف العديد من الكتب التخصصية على تكريمي، وبعض من طلاب لم أدرّسهم في الجامعة.
أي مشاعر وأحاسيس يمكن أن تولد وتعمق وتتجذر داخل النفس البشرية؟ أية فرحة لا تعادلها الا فرحة لقاء العبد بربه؟
دعوات كريمة لا أستحقها. فلم أفعل على هذه الأرض الا ما كتبه الله لي وما نشأني عليه والداي. لم أكتب المقال دعاية لأحد، فكلهم ذوو شأن مرموق في بلدهم.
لكن الدافع للكتابة هو الإحساس بهذه الأصالة العريضة التي يصر عليها أدباء وعلماد تكشف عن أصالة المعدن، وصدق التربية الاسلامية ، وحنان النفوس النادر هذه الأيام،
شكراً للمملكة العربية السعودية التي بثت الروح العربية الأصيلة في نفوس أبنائها. ولا أملك إلا أن اقتبس من خطابي للجامعة علّه يكون عبرة لغيري من المقيمين أينما كانوا علي هذه الأرض إنني أغادر المملكة بكثير من الراحة والطمأنينية في سن السبعين، بعد أن أدخلتْ الاستقرار على بقية حياتي، وضمنت لأولادي العيش المستقر حتى ألقى الله عز وجل.
جزى الله المملكة والسعوديين عني الخير كل الخير. كما أن الشكر ممتد الى الهيئات الحكومية التي شرفتُ بالتعاون معها.. الرئاسة العامة لرعاية الشباب ، الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ، جامعة الملك سعود فرع القصيم، المهرجان الوطني للثقافة والفنون الجنادرية، مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون ، مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر «القسم الثقافي».

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved