أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 29th June,2001 العدد:10501الطبعةالاولـي الجمعة 8 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

المستشفيات الخاصة والاستراتيجية الرعائية
مندل بن عبدالله القباع
هناك عدد من النقاط التي يمكن عرضها وتناولها بالمناقشة بشأن تطور مؤسساتنا العلاجية في سياق الرعاية الصحية التي توليها حكومتنا الرشيدة غاية اهتمامها وعنايتها، ويتجلى ذلك في إنشاء مستشفيات وإقامة مستوصفات، وتنمية المراكز الصحية، وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص كي يساهم بفاعلية وبدور إيجابي في هذا المنحى الرعائي، وكم سبق لنا الحديث في هذا الشأن الصحي كثيرا معبرين عن مدى قناعتنا بما يقدمه هذا القطاع من جهد في حياتنا الانسانية بشكل عام.
ولكن على الرغم من ذلك الدور الكبير والهام الذي يقدمه القطاع الخاص في خدمة الرعاية الصحية لأفراد المجتمع وتنميط مشكلاتهم الصحية، وخصائصهم النوعية والعمرية، إلا أن العوامل المادية تلعب دورها الكبير لدى هؤلاء الأفراد حيث التكلفة باهظة في هذه المسشفيات الخاصة ويتزايد عدد هذه المستشفيات في ضوء مفهوم الكسب المادي لاصحابها، وكذلك في نسق القيم الداخلي الخاص بهم، وكذلك نظرتهم الخاصة لدورهم في الحياة الاجتماعية للمجتمع.
وتلعب هذه العوامل دورها في تحرك هذا القطاع الصحي الخاص بعيدا عن قدرات الغالبية العظمى من قطاعات المجتمع والحق يقال اننا لاننكر الإبداع العام للاختصاصيين العاملين في هذه المستشفيات وإدارتها، ولا يمكننا التغاضي عن ذلك التنظيم الرائع لهذا النسق الخدمي الصحي لدرجة التميز لبعض المستشفيات فهي في منأى عن التقليدية والتكرار النمطي بل هي تسعى نحو طرائق واساليب جديدة وتنويع جيد، واضافة حسنة، وابداع ادائي له دور كبير في اكتساب المهارات وفي نموها وارتقائها، فهو دور هادف وموجه نحو حل مشكلات صحية معينة، والاعتماد إزاء ذلك بالتفضيل الابداعي من خلال عمل له تفرده وخصوصيته وتكامله خاصة وانه يتسم بالاصالة والصدق والافكار الجديدة المصحوبة بالذكاء المهني لدرجة ان اصبح البعض منها ملتقى جيداً للمؤتمرات العلمية واللقاءات الفنية والاستكشافات الجديدة واصبحت محط أنظار الجميع، ويتجه اليها جمع غفير من الداخل والخارج لجدوى جوانب المهام التي تضطلع بها في المجال الطبي والرعاية الصحية.
وللربط بين الوسائل والغايات يلزم ضرورة خفض مصاريف العلاج وأجور العمليات، وقسائم العيادات، حتى تكتسب هذه المستشفيات الخاصة وضع التفضيلات الخاصة للافراد من خلال المستويات الخدمية الصاعدة، والتكلفة المادية المناسبة، ولكاتب هذا المقال تجربة حيث صاحب والدته الى الخارج، ولاحظ هناك ان العلاج في الخارج اقل تكلفة من العلاج بالداخل ـ وفي حوزتي المستندات الدالة ـ ولي ثمة اي صعوبات إجرائية أو مادية، فإذا كان الأمر كذلك في الخارج فلماذا لايصبح ذلك ممكنا في بلدنا والامر لا يحتاج لتحليلات او تفسيرات سوى ان الرغبة في الربح ـ لدى البعض ـ تفوق الرغبة في تقديم الخدمة، وعمليات التوقع إزاء ذلك قد يكون لها دور مهم هنا، واقول ثانية انه التوقع المبني على الخبرة والتجربة على نحو معين. إن الشيء المهم هنا هو تحقيق الرعاية المطلوبة بحيث تصل لمستحقيها الذين هم في مسيس الحاجة اليها في يسر، وفي غير تكلفة حيث ان هؤلاء طالبي الخدمة من درجات اجتماعية مختلفة ورعايتهم قد تمر هي الاخرى بمراحل علاجية مختلفة، فقد يحتاج الأمر في المرحلة الأولى الى رعاية خفيفة، وفي مرحلة ثانية فقد يحتاج لمزيد من الخدمة ولإجراءات اكثر تعقيداً وفي المقابل قد يجد عقبات مالية لايسعفه الموقف لتخطيها، وقد لايجد سبيلاً الى اللجوء الى المستشفيات الحكومية المكتظة باعداد كبيرة من المترددين عليها، ولمحدوديتها في مناطق تواجدها ونطاق خدماتها احيانا. ومن الملاحظ ان بعض طالبي الرعاية الصحية قد يتطرق اليهم الملل والسأم نتيجة عوامل متعددة منها ـ بالطبع ـ مباهظة تكاليف العلاج خاصة اذا كانوا من اصحاب الامراض المزمنة او المستعصية والعياذ بالله فيتداخل فيها جانب الادراك الواعي مع جانب الاحساس الانفعالي، اي يشترك العقل مع الحاسبة. وهذا ماتقول به الخدمة الاجتماعية السريرية في تفسيرها للتفاعل بين انفعال المريض وعقله، وتقف التكلفة هنا كنمط سائد وليست شكلا متنحيا، والمريض مهما كانت حالته ماعدا حالات الامراض العقلية فهو كائن دينامي حسب حالته الصحية لايكف عن التفاعل وتمثل المادة بالنسبة له عاملاً ضاغطاً للتفكير، والتعبير عن افكاره هذه، ومشاعره قد تؤدي به الى الرفض رفض تلقي الرعاية التي تفوق امكاناته، اما والحالة هذه فمن نلوم ونلقي عليه بالتبعة؟ ألم تكن استراتيجية هذه المستشفيات هي المساهمة في نشر مظلة الرعاية الصحية بشكل عام؟ والتعبير عن هذا بأشكال إنسانية عديدة حتى لايتردى المريض وأهله في الاستغراق الانفعالي والمادي بشكل خاص باعتباره لغة التفاهم، والامر الذي يحيله تحدياً أمام بعض المرضى غير القادرين، وهو أمر يثير الاهتمام في ظل المواصفات و الظروف الاجتماعية الراهنة وعلاقة ذلك بالخبرات الواقعية والرؤى المتاحة الآن بدرجة كبيرة بشكل عياني ملموس ومحسوس مما يؤثر سلباً في المسافة النفسية وتباينها بين القرب والبعد حسب ظروف الحالة، وطبيعة المؤسسة العلاجية.
إننا إزاء هذه المستشفيات الخاصة لانقول ان عليها تقديم الرعاية بالمجان، ولا ان تظل على ماهي عليه من اسعار علاجية مرتفعة بل ننادي بفكرة الوسطية حتى لانستثير الشعور بالاستعصاء ولا نستثيره بالإتاحة المحتومة لليسر، ولا نرى صعوبة في القيام بهذه المهمة الوسطية على الرغم من وجود فروق فردية كبيرة بين امكانات افراد المجتمع.ومن المناسب الآن ان نعلن البدء في تقديم العلاج الميسر في مستشفيات العلاج المخصوص، وعسانا نستطيع ان نعلن عن اختزال اعداد الخارجين للعلاج بالخارج، هذا اذا لم يكن منعه مطلقا اولا، لوجود الاختصاصيين والامكانات والتجهيزات اللازمة عندنا وثانيا لمعقولية التكاليف ان كان هذا ممكنا حسب مانأمل فيه مما يخفف من العبء المادي عن كاهل المريض واسرته بشكل مناسب في التوجه العام لحكومة خادم الحرمين الشريفين وحرصها على المواطن وعلى تقديم اوجه الرعاية المناسبة له.ويجدر بمؤسسات المجتمع الرسمية واللارسمية ان تترجم هذا الحرص بأفق التوافق مع هذا التوجه بالمرونة والتنوع والتقبل والارتقاء بمستوى الرعاية على وجه العموم، وسلوك حل مشكلات المريض على وجه الخصوص مما ينعكس اثره بالضرورة في شكل ايجابي على حياة الافراد والجماعات والمجتمع ونمائه وتطوره فالرعاية الصحية وسيلة لتجسيد قيم المجتمع ومعاييره ومنطلقاته الرعائية.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved