أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 29th June,2001 العدد:10501الطبعةالاولـي الجمعة 8 ,ربيع الثاني 1422

شرفات

أشعاره صنعت الوحدة العربية
الأبنودي: التجار أفسدوا رسالة الأغنية بسبب اللهاث وراء الربح!
أنا أول شاعر عربي يقدم «القصيدة الرواية»
*القاهرة مكتب الجزيرة
الشعراء الجدد ضلوا الطريق بسبب وقوعهم في براثن الحداثة
أشعار الابنودي كأنها نغمات وتقاسيم للناى على ضفاف نهر النيل تأتي نابضة بروح الحياة وفي لون الطمي والخضرة.. كان نسيجا وحده في كلماته وصوره وآدائه ذي اللهجة الصعيدية.. جدد دماء الأغنية الرومانسية حين عرفت كلماته الطريق الى حنجرة عبد الحليم ونجاة وفايزة وجدد روح الاغنية الشعبية مع شريكيه بليغ حمدي ومحمد رشدي.
هذا هو عبد الرحمن الأبنودي وريث بيرم وفؤاد حداد وصلاح جاهين.
الهجوم على شعر العامية
* مارأيك في أن البعض مازال ينظر الى شعر العامية في مصر والشعر النبطي في الخليج باعتبارهما ابداعات من الدرجة الثانية؟
- هذا كلام غريب وينم عن حس متعال يفتقد للمبرر فهذه النوعية من الفن قادرة على الالتحام بوجدان البسطاء بعيداً عن ثرثرة المثقفين الفارغة وشعراء الابراج العاجية.
شعر العامية المصرية - على سبيل المثال - له انجازات مهمة تكفل بها الرواد حتى جيل الستينيات فنحن لم نكن لحظة عابرة في حياة القصيدة العربية وانما دماء جديدة أعادت للشعر نضارته وحيويته خلال ما يقرب من نصف قرن وأعادت توظيف أدواته واكتشاف أهدافه القومية والفنية رغم وجود معوقات سياسية إلا أن القصيدة العامية استطاعت التحصن بالجماهير وبالمثقفين الجادين على حد سواء. واتخذت مكانها الذي تستحقه بين الأنواع الأدبية المعترف بها.
* لكن البعض يهاجم شعر العامية تحت دعاوى مختلفة..!
- بالفعل فأن تكتب شيئا بلغة الناس العاديين فذلك يعني انك تنحاز الى هؤلاء الناس وان لديك ما تبلغهم إياه وأنك تقف الى جانبهم ضد كل انواع )السلطة( والقوى المهيمنة . هذا ما يجعل هذا الشعر متهما من الجانب السياسي كما أن البعض يتهمه اتهاما كاذبا وسهلاً باعاقة لغة القرآن وتهديد القومية وتشجيع النزعات الانفصالية ولكن ثبت - بوعي حراس هذا الشعر - زور وبهتان هذه الاتهامات فقد تم بث اسباب الحيوية من هذه اللهجات - ليس في مصر فقط - وتحويلها الى سلاح قومي للدفاع عن قضايا الأمة العربية والاسلامية وخاضت قصيدة العامية معارك الأمة ببسالة ولم يظهر على طول المسيرة ما يؤيد شيئا من تلك الاتهامات.
النقطة الاخري التي تغيب عن ذهن الكثيرين هي أن انتشار نسبة الأمية في الوطن العربي جعلت من حق شعوبنا العربية أن تجد )وسطاء( مخلصين بينهم وبين الفكر العالمي اي اعادة تنويرها بقضاياها الحقيقية مرة اخرى ووضع الوعي كسلاح في يدها من خلال انماط فنية تم ولادتها على يد الاجداد مثل الموال والرباعية والأغنية والمرثية والملاحم والقصائد كان لابد من الاستفادة من هذه الجماليات التي تراكمت خلال القرون وان نضع هذا التوحد في الاداء والاستقبال والانتشاء في اللحظة الواحدة وهي مهمة بقدر ما هي شديدة الصعوبة فنيا الا انها تحتاج الى قدر من الثقافة والتواضع والنبل.
الرواد
* وماذا عن رؤيتك لتجربة الرواد أمثال عبد الله النديم وبيرم التونسي وصلاح جاهين؟
- النديم مفكر عظيم كتب بالفصحى في لحظات الثورة ضد الانجليز ثم عاد وقال بلغة الناس حين كانت الأمة في حاجة الى ذلك واستطاع بهجائه اللاذع ان يكون المنبع الأعمق في أدبيات الثورة العرابية وجذب الناس لاحمد عرابي فهو يقف واسطة بين الفكر العالي الغالي وان يدوس على تراب القرى والحواري رابطا الثورة بأهلها وقد كافآته الجماهير كما لم تكافئ شاعراً آخر في تاريخها بأن أخفته بعيدا عن أعين أعدائه من الانجليز عشر سنوات.
الوضع نفسه لبيرم فالرجل كان كاتب فصحى من طراز فريد كتب مسرحا كلاسيكيا وكتبا نثرية ومقامات وكان ضليعا في الادب التراثي ورغم ذلك غاص في عمق البيئة المصرية وعبر عن هموم البسطاء ودفع الثمن من أمنه وحياته واستقراره فعاش منفيا مطارداً.
أما صلاح جاهين فهو حكيم الأمة البسيط الساخر اكتشف حكمة الشعب في رباعياته وأرخ لمسيرة الناس في أغنياته وسطر عذاباتنا وقلقنا وتأرجح العلاقة بين المواطن والسلطة وتناقضاتها في أشعاره حادة الرؤية والتي تتسم أيضا بالاناقة وبساطة التعبير.
شعراء العامية اذن ليسوا كائنات ضالة ضعيفة الادوات بل عمالقة كبار تمكنوا من الفصحى لكنهم انحازوا للعامية عشقا وليس )قلة حيلة(. صلاح جاهين وفؤاد حداد - على سبيل المثال - كتبا شعرا بالصحى ولولا العامية ما كان حققا ما حققاه من انجاز هائل.
القصيدة - الرواية
* بمناسبة الحديث عن هؤلاء الرواد.. أين إنجازك في هذا السياق؟
- سؤالك صعب وصعوبته نابعة من ضعف الحركة النقدية ذلك اننا اضطررنا دائما للتحدث عن تجربتنا بأنفسنا والاشارة كذلك الى انجازاتنا بأنفسنا وهذه مسألة سيئة اذ إنه كان يجب ان يكون هناك آخرون يتولون عنا ذلك حتى نقاد الفصحى تساقطوا في الطريق ونحن حركة ابداعية لم تؤازرها حركة نقدية بل كنا نحن المبدعين ونحن المنظرين.
اعتبر نفسي شاعرا سهل المهمة على الشعراء وجعل الشعب يعترف بوظيفة الشاعر ويعرف قيمته ويحمله في ضميره ذلك انني اقتربت كثيراِ من البشر بحكم النشأة والتجربة والمواقف فأنا رجل يعرف الحفاة العراة في أبعد قرية مصرية ولا اريد ان اقول الخريطة العربية وهذا لا يتأتى بقرار وإنما هو مزيج من عطاء وسلوك.
من حيث الشكل اعتبر نفسي الشاعر الذي كتب القصيدة - الرواية لاول مرة في تاريخ الشعر العربي منذ )ديوان احمد سماعين .. سيرة انسان(. ذلك الديوان الفريد في علاقته بين عامل في السد العالي وزوجته وبلغ من جماهيريته وكأنني لم اكتب غيره من اعمال مثل )جوابات حراجي القط الى زوجته فاطمة( و )وجوه على الاسفلت( عن مدينة السويس أثناء حرب الاستنزاف و)الموت على الاسفلت( الذي بدأ بمرثية صغيرة للرسام المناضل الفلسطيني ناجي العلي.
انهزام الجُدد
* كيف ترى جيل شعراء العامية الجديد؟
الواقع تغير وأهدرنا نحن أبناء الستينيات وقتا طويلا حتى نستوعب متغيراته وانقلاباته بعضنا غيبه الموت والبعض الآخر صمت اكتئابا . الجيل الجديد اعترضه اهل الحداثة من المدعين واستغلوا تأرجحه الفكري وبلبلته وعدم تربيته في ظروف صحية كما حدث لنا لقد كانت المقاهي أيام شبابنا دور تعليم حقيقية وكنا جادين في التلقي والتعلم . الشعراء الجدد أضلهم فاقدو الرؤية من العدميين والعبثيين ولم ينج من هذا المصير سوى أعداد قليلة.
* وكيف ترى العلاقة بين الجيلين؟
- كنا في الستينيات جوقة لكل منا لحنه الخاص في سيمفونية كاملة لم يكن الكبير يُرهب الصغير ولا الصغير يُزعج الكبير الآن ليس هناك صغير أو كبير واصبحنا مرفوضين من قبل الحركة العارمة في المقاهي التحتية لاننا من وجهة نظر الحداثيين متخلفون بسبب ايماننا بالقصيدة الواعية الواضحة كأن الوضوح تهمة!
فساد الأغنية
* كنت أحد فرسان الأغنية منذ الستينيات من خلال ثنائيات مع بليغ حمدي وعبد الحليم حافظ ومحمد رشدي.. في رأيك من المسؤول عن انحدار مستوى الأغنية الآن؟
- لم يعد العالم ملكنا ولم يكن ملكنا يوما! كانت هناك أهداف قومية لا تستطيع ان تنفيا خارج الحلبة الآن تغيرت الدنيا من حولنا، انسحبت الدنيا من حولنا لتهيىء المسرح لطبقة رأس المال الجديد الذي لا يضع فاصلا بين ما هو عام وما هو خاص ويهمه الربح بصرف النظر عن أي معايير قومية أو جمالية.
أصبحت لدينا شركات وبوتيكات وصارت أجهزة الاعلام فاترينات لعرض بضاعة التجار. فعليك اذا اردت ان تغني ان تستعين بجيب التاجر ونقوده لأن الغناء فن معسول وهكذا أفسد التجار والمقاولون رسالة هذا الفن الجميل بسبب اللهاث الأعمى وراء الربح.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved