أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 30th June,2001 العدد:10502الطبعةالاولـي السبت 9 ,ربيع الثاني 1422

المجتمـع

آثاره النفسية أشد ضرراً منه
العقم يتسبب في تطليق الرجال لزوجاتهم دون زيارة للطبيب
* الرياض تهاني الغزالي:
الأمومة حلم جميل يداعب خيال كل بنات حواء، حيث تمثل كلمة «ماما» بالنسبة لهن شيئاً لا يقدر بمال، ولهذا تكون الصدمة قاسية جداً، عندما لا تسفر سنوات الزواج عن حمل، وتشتد وطأة تلك الصدمة عندما يكتشف الزوجان أن أحدهما عقيم وغير قادر على الإنجاب، فتتبدل حياتهما وتضطرب أحوالهما النفسية بصورة قد تصل عند البعض إلى الانعزال عن الحياة الاجتماعية ويسيطر عليه الشك ويفقد ثقته بنفسه، ولهذا حرصنا على الالتقاء بعدد من الأطباء المتخصصين في الطب النفسي وأمراض النساء لتسليط الضوء على أهم الاضطرابات النفسية التي تصيب الأزواج والزوجات الذين فقدوا القدرة على الإنجاب.
في البداية التقينا بالدكتور/ وائل مصطفى أخصائي الطب النفسي بمستشفى التأمينات الاجتماعية الذي أكد على أن الجوانب النفسية من الممكن أن تؤدي الى العقم فيقول تعتبر القدرة على الإنجاب أملاً لكل زوجين ولهذا نجد أن واحداً من كل سبعة أزواج الى واحد من بين عشرة أزواج يسعى للعلاج من أجل الإنجاب، وهذا دليل يوضح لنا مايؤدي إليه العقم من مشاكل مؤثرة على الشخص والعائلة، تظهر في صورة أزمات نفسية تختلف من فرد لآخر، ولهذا حرص الإسلام على تلطيف وقع الصدمة على كل من شاءت مشيئة الله ألا يكون له ذرية ظهرت جلية في الآية الكريمة من سورة الشورى التي قال الله سبحانه وتعالي فيها «.. لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثاً، ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثاً، ويجعل من يشاء عقيماً، إنه عليم قدير» صدق الله العظيم.
القلق يسبب العقم
كيف يمكن للحالة النفسية أن تؤدى إلى العقم؟
افاد الدكتور/ وائل بأن العلم الحديث اثبت أن العوامل النفسية من الممكن أن تؤدي الى العقم ويتضح ذلك على الشخص في جانبين.
الجانب الأول وهو «الجانب البيولوجي» حيث ثبت أن كثيراً من الحالات النفسية المختلفة كالاكتئاب والقلق والخوف المرافق للعقم من الممكن أن تؤدي الى تغير واضح في الارتباطات الفسيولوجية المتصلة بوظائف الأعضاء، ومتضمنة أيضاً كلا من الهرمونات والموصلات العصبية المختلفة بصورة تؤدي في النهاية الى ضعف القدرة على الإنجاب.
أما الجانب الثاني/ متصل بالناحية «النفس جنسية » حيث بينت الدراسات أن معرفة الزوج أو الزوجة بأنه عقيم غير قادر على ممارسة حياته الطبيعية بصورة سليمة، مما يؤثر بصورة أو بأخرى على الوظائف الجنسية لديه.
أما عن أهم الانفعالات والمشاعر النفسية المترتبة على معرفة خبر العقم اجاب الدكتور/ وائل ان الزوج والزوجة عند سماعهما خبر أنهما لن يستطيعا أن يكون لهما أطفال يصابان بحالة من الدهشة يعقبها صدمة تجعلهما يصابان بحالة من الغضب فينسحبان على أثرها من الحياة الاجتماعية، ويتولد لديهما شعور بالذنب يرافقه حالة من الأسى والحزن التي قد تصل عند البعض إلى درجة الاكتئاب، ولهذا من الخطأ أن يتجاهل الطبيب المعالج انفعالات المريض لأن ذلك سيؤدي في الأخير إلى عواقب وخيمة، وبالنسبة للمرأة المصابة بالعقم نجد أنه يتولد لديها خوف غير ظاهر من الحمل والولادة، وتلتصق التصاقا شديدا بأمها للهروب من الإحساس بالعجز وتصبح أكثر عصبية، وتخشى من الالتقاء بالأطفال، وتميل إلى الشك الدائم في الزوج في أنه سيتزوج عليها.
على حين تجد الزوج الذي أكدت فحوصاته أنه عقيم، يحدث لديه نوع من الغضب يظهر في صورة شك دائم في الزوجة، ويأخذ في معاملة زوجتة معاملة يغلب عليها الجفاء والضيق في بعض الأحيان كردة فعل طبيعية لإحساسه بالعجز لثقته بنفسه وقد ختم الدكتور/ وائل مصطفى كلامه بضرورة توفير مراكز استشارات نفسية تساند المصابين بالعقم لمساعدتهم على مواجهة مشكلاتهم الجنسية، والنفسية المصاحبة للعقم، بالإضافة إلى عمل اختبارات نفسية شاملة لتقييم حالته ومساعدة الطبيب العضوي المعالج بإعطائه صورة كاملة صادقة عن حالته النفسية لما من لها الأثر في حالته العضوية.
على حين ابان الدكتور/ أسامة شوقي اخصائي أمراض النساء والتوليد الذي ابتكر جهازا صغيرا كان له دور في علاج مشكلة العقم عند السيدات، أن أصعب أمر بالنسبة للزوجين في مسألة العقم، أن الرجل الشرقي دائماً يحمل المرأة مسؤولية عدم الإنجاب، ولا يعترف أبداً بوجود عيب فيه، ويرفض حتى الذهاب الى الطبيب، وان كانت هذه النظرة حدث فيها تحول بعض الشيء الآن فيقول بالرغم من التقدم العلمي والطبي، إلا أن مشكلة العقم مازالت تصيب أكثر من 15% من الأزواج وبالرغم من أن هذه النسبة قليلة، الا أنها تؤرق أي مجتمع، لذلك تجد الدول المتقدمة تنفق المليارات على الأبحاث العلمية لايجاد حل لهذه المشكلة.
ولو نظرنا إلى وطننا العربي نجد ان شبح الخوف من العقم يسيطر على حياتنا، فنجد الزوجين بعد مرورشهرين أو ثلاثة على الزواج، يدب القلق في نفوسهم إذا لم يحدث حمل في تلك الفترة، وهذا السلوك خاطئ من الناحية العلمية، لأنه يجب أن يمر على الزواج عام كامل متصل بدون استعمال أي وسائل منع الحمل، فإذا انقضى العام ولم يحدث حمل يجب أن يذهب الزوجان الى الطبيب الاخصائي والأمر المؤسف الذي ينتشر في عالمنا العربي أيضاً ويرافق مشكلة العقم هو أن الزوج العربي دائماً يحمل المرأة مسؤولية عدم الإنجاب، بالرغم من أنها قد لا تكون السبب، فمن واقع خبرتي العملية مرت علي مشاكل كثيرة من هذا القبيل، حيث وصل الأمر ببعض الحالات إلى أن بعض السيدات كدن يطلقن بسبب اتهام زوجها وأهله لها بأنها السبب في عدم الإنجاب.
ولهذا انبه الأزواج إلى أن العلم أثبت أن المرأة على مستوى العالم لاتتحمل أكثر من 45% من مشكلة العقم أو عدم الإنجاب في حين يتحمل الرجل 55% من العقم، أو قد تتساوى النسبة.. أي أن الطرفين يتساويان في المشكلة، وأكد في الأخير على ضرورة أن ينتبه الأزواج إلى أن العامل النفسي الناتج عن التوتر نتيجة لتأخر الحمل قد يجعل المرأة تفرز أجساما مضادة في جسمها تقتل الحيوانات المنوية للرجل وتقلل من فرصة الحمل، والدليل على هذا أن بعض الزوجات سليمات من الناحية التشريحية وكذلك الأزواج ولكن بالرغم من ذلك لايحملن إلا بعد مرور فترة من الزمن قد تصل عند البعض الى خمس سنوات، وهذا خير برهان على ضرورة أن يتحلى الأزواج بالصبر وأن يتعايشوا مع مشيئة الله.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved