أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 2nd July,2001 العدد:10504الطبعةالاولـي الأثنين 11 ,ربيع الثاني 1422

العالم اليوم

صرخ الجندي الإسرائيلي على الحاجز: ليموتوا عطشاً
الفلسطينيون العطشى ماذا يتوجب عليهم فعله للإسرائيليين حتى يسمح لهم بالشرب؟
* نائل نخلة - رام الله:
^^^^^^^^^^^^^
أمتار قليلة تفصل ثلاث قرى عن عين الماء الذي يغذي أكثر من عشرة آلاف نسمة يقطنون قرى دير بزيع وبلعين وكفر نعمة غربي مدينة رام الله إضافة الى وجود فيهما أكثر من 5000 رأس من الغنم والبقر والدجاج اللاحم.
^^^^^^^^^^^^^
وهذه القرى الثلاث جزء من 150 قرية منتشرة في الضفة الغربية لا ترتبط بشبكة مياه الى يومنا هذا أي نحو 215 ألف نسمة من دون مياه متدفقة، والسبب في ذلك كما يقول أهالي القرى الثلاث التي ما زالت تخضع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية هو رفضهم قبل سنوات تشكيلة لجنة تضم عددا من وجهاء القرى تخضع مباشرة الى الإدارة المدنية الإسرائيلية وهو ما كان يعرف حينها «روابط القرى» حيث اعتبرها الفلسطينيون في حينها نوعاً من العمالة للكيان الصهيوني وهذا كان سببا مباشرا وكافيا عند الإسرائيليين لحرمانهم من إقامة البنى التحتية من شبكة مياه أو كهرباء أو طرق وغيرها.
ومع كل هذه المعاناة فضل سكان القرى كما يقول الحاج أبو عزيز أن يجلبوا المياه على الحيوانات ثم التنكرات على أن يسجل التاريخ أنهم تواطؤوا مع القيادة المدنية للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وتتجلى معاناة الفلسطينيين القرويين بشكل مأساوي منذ أن فرضت إسرائيل حصارها على الضفة الغربية. وشمل هذا الإغلاق كل القرى والمدن والمخيمات كانت دير بزيع وبلعين وكفر نعمه منها لتزيد صعوبة محمود شلبك أحد أبناء دير بزيع في نقل المياه الى أبناء قريته.
حاجز عسكري إسرائيلي بجانب عين الماء التي تسمى بعين أيوب - ويسند الفلسطينيون الاسم الى سيدنا أيوب عليه السلام - يمنع المركبات الفلسطينية من المرور عبر الحاجز بحجة أن الطريق يستخدمه المستوطنون فقط.
ويقول أبو شلبك «اليوم لم نعد قادرين على الوصول الى المصدر الوحيد للماء لسكان ثلاث قرى بكاملها، مع أن العين لا تبعد سوى 300 م من هذا الحاجز، وطوال الوقت نبقى تحت خط بصرهم ولكن هم يرفضون السماح لنا بنقل الماء لأنهم يحرصون على تسبب الألم والمعاناة لنا».
بعد أن ناشدته عائلتان من قريته لديهما عشرون طفلا حاول أبو شليك يوم الخميس جلب المياه على الرغم مما تحمله هذه المحاولة من مخاطر حتى على حياته ولكن لم يكن أمامه من خيار أو بديل آخر كما يقول.
الفلسطينيون وأصحاب سيارات النقل العام استحدثوا طريقا ترابية وعرة جدا ولكنها تمكنهم من الالتفاف على الحاجز ومتابعة السير نحو رام الله ليجد سائقو ناقلات المياه ملاذهم الوحيد للوصول الى العين.
في الأيام العادية ينقلون أكثر من 30 سيارة في اليوم الى قراهم أما الآن أحيانا ينجحون في إيصال ثلاث سيارات وفي معظم الأوقات يجلسون في بيوتهم.
أبو شلبك فشل في محاولته الوصول الى العين لتوفير الماء الى من ناشده من بعض العوائل القروية، جيب عسكري للجيش الإسرائيلي أوقفه على الطريق الترابي «ألا تعرف أنه يحظر عليك السفر هنا» سأله الجنود الأربعة بعد أن صادروا مفاتيح سيارته وبطاقة هويته وأمروه بالانتظار فيها وهددوه بإطلاق النار عليه إذا تحرك.
كان هذا في الساعة الثامنة صباحا وفي الخامسة بعد الظهر عادوا فأعادوا المفاتيح والهوية وحذروه بإطلاق النار عليه في المرة القادمة، تسع ساعات انتظر شلبك مع ناقلته على الطريق ورجع خالي الوفاض ولم يستطع أن يروي ظمأ الأطفال ولا حتى الحيوانات.
ومشهد آخر يتكرر مع أحد السائقين يوم الجمعة، انطلق السائق عزام أبو جيش ، 47 عاما وأب لثلاثة أطفال في محاولة لجلب المياه تحت جنح الظلام ومعه سائقان آخران، سيارة عسكرية أوقفتهم على مدخل الطريق الترابي.طلب الجنود منهم اللحاق بهم الى الحاجز، أخبرهم أبو جيش وهم يعرفون أنه ينقل المياه الى السكان العطشى فرد عليه الجنود هناك فليموتوا، ممنوع عليك السفر في هذه الطريق، واعتدوا عليه بضربه بأعقاب البنادق.
لم يكتفوا بذلك بل قام الجنود برشقهم بالماء الذي جلبوه بعد عناء طويل، يرافقه توجيه اللكمات الى الوجوه المحمرة من الغضب والشعور بالذل الذي يتعرضون إليه على أيدي الجنود الإسرائيليين وسط قهقهتهم واستهزائهم.
يقول أبو جيش «ليست هذه المرة التي نتعرض فيها لمثل هذه الاعتداءات فنحن لا نستطيع السفر على الطريق الرئيسي ولا حتى لمسافة قصيرة وفي الطريق الترابية يطاردنا الجنود ويوقفوننا ويصادرون المفاتيح والهويات».
الصيف على الأبواب ومعه أزمة المياه تقليدية في الضفة الغربية وقطاع غزه ومهما كانت مواسم الصيف السابقة قاسية فإن هذا الصيف هو الأشد قسوة فحتى الشيوخ من القرى الثلاث لا يتذكرون أصعب منه فاليوم طرق هذه القرى مغلقة بالسواتر الترابية والحواجز العسكرية وممنوع الوصول الى منبع المياه الصالحة للشرب.
وهذه القرى المغلقة والممنوع عنها جلب المياه لا يفهمون ما هي العلاقة بين حصولهم على شربة الماء وبين دواعي الأمن الإسرائيلي!! وكيف يمكن لهذه الإجراءات - الحكم على عشرات الآلاف من الفلسطينيين بالعطش - القمعية الإسرائيلية أن تصمد!! أوليس هذا نوعا من العنف الإسرائيلي المخفي، يقول عجوز يجلس على مدخل بيته في أول القرية.
وبنظرة بسيطة الى الإحصاءات التي تحدثت عنها مراكز إسرائيلية من بينها «بيتسليم» عن التوزيع المائي فتقول إن الإسرائيلي يستهلك بمعدل متوسط 348 لتر ماء في اليوم، بينما المواطن الفلسطيني يصله فقط 70 لتراً يوميا وهو الرقم الأقل من الحد الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية لاستهلاك الفرد العادي في اليوم والذي يبلغ 100 لتر.
التوزيع غير المتساوي وغير العادل لمصادر المياه والإهمال الخطير في إقامة البنى التحتية المناسبة على مدار سنوات الاحتلال الأربع والثلاثين والتوزيع المجحف للمياه ذات الجودة المنخفضة لها ولا سيما في غزة، كل هذا يعزز الإيمان الفلسطيني بأنه لن يقبل بأقل من زوال الاحتلال.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved