أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th July,2001 العدد:10507الطبعةالاولـي الخميس 14 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

أصل الخطأ في البحوث والتحقيقات الشرعية من خلال كتاب )الحلم( للقرشي 3\4
صالح بن سعد اللحيدان
لعل من أهم أساسيات الإضافة العلمية في النص الشرعي دراسة وتحقيقا وتخريجا واستخلاصاً: التأني الطويل، وبعد الغور وصفاء الذهن وحسن التصور لأوجه المسألة الواحدة وصحة النص سندا ومتناً، والوقوف على ما قيل عن هذه المسألة إذا لم تكن من النوازل التي لم تكن من قبل.
ولقد أعتب على بعض طلاب العلم وأذكرهم دائماً بضرورة الفهم والإحاطة التامة، وعدم الاقتصار على مرجع أو حتى خمسة مراجع إذا كانت المنظورة قد نظرها مثلا عشرون مرجعاً ذلك طرح لا يحصل ندم يلحق العالم من خلاله لوم من ناقل أو معقب.
ولعل من أخطر الأمور سوءاً بين بعض الباحثين والدارسين والمحضرين النقل الطويل جدا، والنقل دون إشارة، والنقل مع تغيير بعض العبارات، وهذا وإن كان سيئا فإنه ينبئ عن فقدان ذات الشيء، وفاقد الشيء لا يعطيه، وإن لم يجده فقد يأخذه بحيلة ما ويدعيه.
والأستاذ مجدي السيد إبراهيم في تحقيقه وتعليقه على كتاب )الحلم( للقرشي أجاد وبذل لكنه إذا اجتهد لم يصب في بعض المواطن، فهو قد اقتصر على قليل جداً من كتب السنة وترك منها الأهم ثم، إنه لم يترجم للرواة ويبين درجة الراوي ليحكم على النص، ثم إنه كذلك أكثر من النقل مما كتبه ابن حبان البستي في )روضة العقلاء( وضاق نفسه في التعليق في مواطن عدة وإلا فجهده مشكور وبذله ظاهر وحرصه كبير، ونصحه بين.
وسوف أبين حسب علمي شيئاً مما حققه أو علق عليه مما أورده الإمام القرشي ابن أبي الدنيا في )الحلم( عله يعيد النظر في طبعة أخرى، ويفعل ذلك في حياته العلمية حسب جهده وقبوله للنقد والتوجيه فيأخذ ما عليه ويحمد الله ويشكر الله على ما له من الصحيح مما حققه وعلق عليه فإنما المرء كثير بإخوانه قليل بنفسه.
جاء في ص 36 : )حدثني الحسين بن عبدالرحمن عن عمرو بن عبدالملك البصري قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: قال معاوية : )ما يسرني بذل الكرم حمر النعم(.
أهمله الاثنان.
والذي يظهر أن أبا العلاء لم يلق معاوية - رضي الله تعالى عنه - ففيه إرسال وان شئت فقل فيه انقطاع من أول السند، لأن الانقطاع له ثلاث حالات:
منقطع في أول السند أو وسطه أو آخره وبهذا يخالف الانقطاع الإعضال.
وجاء في ص 48: )حدثنا إسحاق بن إسماعيل نا جرير عن ليث عن سلم بن عطية قال: قال الربيع ابن خيثم: الناس رجلان عاقل وجاهل، فأما العاقل فلا تؤذه، وأما الجاهل فلا تجاره( تركه الاثنان الإمام القرشي، والأستاذ مجدي قلت: وهذا الكلام من عيون الحكم النادرة وسنده متهالك.
فهو: ضعيف الى ابن خيثم.
وفي ص 40 جاء هناك :)حدثني سليمان بن أبي الشيخ يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن السائب قال: قيل لحسان بن ثابت من أشعر الناس..؟ قال الذي يقول:


إني من القوم الذين إذا اجتدوا
وبدوببر الله ثم النائل
المانعين من الخنا جيرانهم
والحاشدين على الطعام النازل
والخالطين فقيرهم بغنيهم
والباذلين عطاءهم للسائل
والضاربين الكبش يبرق بيضه
ضرب المنية عن حياض الناهل
والعاطفين على الحصان خيولهم
والنازلين لضرب كل مُنازل
والقائلين معاً خذوا أقرانكم
إن المنية من وراء الآكل
خزر عيونهم الى أعدائهم
يمشون مشي الأسد تحت الوابل

الأبيات..
قلت: تركه الاثنان، لكن أشار الإمام القرشي بن أبي الدنيا في آخر ص 40 إلى أن هذا الشعر لعمرو بن الأطنان.
قلت السند: ضعيف، وهذا الذي ظهر لي لوجود ابن السائب ففي السند، انقطاع وفيه ابهام فإن يحيى بن سعيد الأموي أكثر من واحد.
وفي ص 41 جاء: )حدثني سليمان بن أبي الشيخ عن جابر بن عون قال: قال رجل لجعفر بن محمد إنه وقع بيني وبين قومي منازعة في أمر، وإني أريد تركه، فيقال لي: إن تركك ذلك.؟
فقال جعفر: إن الذليل هو الظالم(.
تركه الاثنان معاً، لكن قال مجدي في هامش )89( هو جعفر بن محمد الصادق بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم. كان مشغولا بالعبادة عن حب الرئاسة.
قلت: سنده: ضعيف إلى جعفر بن محمد الجهالة الراوي الثالث.
وقد بحثت عن رجال جعفر الذين يروون عنه في المدينة والعراق: الكوفة، والبصرة فلم أقف على أحد معين آخره هذا المتن.
قلت: )والمتن معناه صحيح.
وجاء في ص 42 /43 : )حدثني هارون بن أبي يحيى السُلمي ذكر أبو عمر العمري عن شيخ من محارب ان عبدالله بن مروان كان يوماً في عدة من ولده وأهل بيته فقالوا: لننشدك أجمل حكم وأشعر ما يروى، فأنشدوا لزهير والنابغة وامرئ القيس وطرفة بن العبد ولبيد - رضي الله عنه - فقال عبدالملك أشعر منهم الذي يقول:


وذي رحم قلمت أظفار ضغنه
بحلمي عنه وهو ليس له حلم
يحاول رغمي لا يحاول غيره
وكالموت عندي أن يحل به الرغم
فإن أعفُ عنه أغض عيني عن القذى
وليس به بالصفح عن دينه علم
وان أنتصر منه أكن مثل رائشٍ
سهام عدو يُستهاض بها العظم
صبرت على ما كان بيني وبينه
وما يستوي حرب الأقارب والسلم
ويشتم عرضيِ بالغيب جاهلاً
وليس له عندي هوان ولا شتم
إذا سمته وصل القرابة سامني
قطيعتها تلك السفاهة والإثم

الأبيات..
قال الإمام القرشي )والأبيات لمعين بن أوس المزني(.
لكن الاثنين تركا السند.
قلت: لم أقف على: أبي عمر العمري، لكن في السند جهالة في الراوي الثالث.
قلت: والذي يظهر لي أنه لا كبير تعلق بصحة أو ضعف السند لكن أوردت دراسة السند مختصرة جدا لبيان إمكان ذلك على كل حال.
وفي ص 43 جاء: )حدثني إبراهيم بن عبدالملك قال قال الخليل بن أحمد: كان يقال من أساء فأحسن إليه حصل له حاجز من قلبه يردعه عن مثل إساءته(.
قلت: كلام الخليل بن أحمد صحيح وهو أمر مجرب والذي يظهر لي صحة نسبته إليه.
والخليل هذا هو: واضع علم العروض، والخليل هو: الفرايدي.
وفيها كذلك ورد: )حدثني علي بن الجعد ذكر عكرمة بن إبراهيم عن عبدالملك بن عمير عن رجاء بن حيوة قال: قال أبو الدرداء - رضي الله تعالى عنه -: )إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشرق يوقه(.
تركه الاثنان، فقط ترجم مجدي للصحابي الجليل أبي الدرداء - رضي الله تعالى عنه - بثلاثة أسطر وترك حال السند.
والذي ظهر لي حقيقة أنه: ضعيف بهذا لكن له أصل صحيح في البخاري في كتاب «العلم» ورجاء بن حيوة لم يلق أبا الدرداء )ورجاء( ثقة أمين ورع.
وفي ص 44/45 قال الإمام القرشي أبو بكر: )حدثني إبراهيم بن محمد بن عرعرة ذكر جدي عرعرة عن الزبير عن ابن عون عن: الحسن قال: قال الأحنف بن قيس: لست بحليم ولكن أتحلم، بلغني عن جعفر بن عمرو أبي عمر العمري قال: مَرَّ عبدالرحمن بن الحكم بن أبي العاص بناس من بني جمح، فنالوا منه فبلغه ذلك فمر بهم وهم جلوس فقال: ياابن جُمح قد بلغني شتمكم إياي وانتهاككم ما حرم الله، وقديما شتم اللئام الكرام فأبغضوهم، وأيم الله ما يمنعني منكم إلا شعر عرض لي فذلك الذي حجزني عنكم، فقال رجل منهم وما الشعر الذي نهاكم عن شتمنا..؟ فقال:


والله ما عطفاً عليكم تركتكم
ولكني أكرمت نفسي عن الجهل
نأوت بها عنكم وقلت لعاذلي
على الحلم دعني قد تداركني عقلي
وجللني شيب القذال ومن يشب
يكن قمنا من أن يضيق عن العذل
وقلت لعل القوم أخطأ رأيهم
فقالوا وخالوا الوعث كالمنهج السهل
فمهلا أريحوا الحلم بيني وبينكم
بني جمح لا تشربوا الكدر الضحل

قلت تركه الاثنان، وعلق عليه الأستاذ مجدي تعليق الإنشاء دون توجيه وأطال حول ترجمة: الأحنف بن قيس لكنه ترجم له ترجمة لم تشف.
قلت: هو: مخضرم ورأى جملة من الصحابة، وقد خرج له البخاري وغيره، وهو ثقة من حلماء وحكماء المسلمين.
أما السند الى الأبيات فإنها لم تثبت لوجود البلاغ في السند، ولم أقف على من سقط من السند فالسند، ضعيف.
وبنو جمح قبيلة أصيلة كريمة مشهود لهم بالسؤدد.
وفي ص 46 جاء الفصل العاشر تحت عنوان «من حكم وهب بن منبه» أورد الإمام أبو بكر بن أبي الدنيا القرشي بسنده قال: )حدثني محمد بن إدريس نا حسان بن عبدالله المصري نا السري بن يحيى قال: وجدت كتاباً فيه قول قاله وهب بن منبه:
)من يرحم يُرحم، ومن يصمت يسلم، ومن يجهل يُغلب، ومن يعجل يخطئ، ومن يحرص على الشر لا يسلم، ومن لا يدع المراء يُشتم، ومن لا يكره الشتم يأثم، ومن يكره الشر يُعصم، ومن يتبع وصية الله يُحفظ، ومن يحذر الله يأمن، ومن يتولى الله يمتنع، ومن لا يسأل الله يفتقر، ومن لا يكن مع ا لله يخذل، ومن يستعن بالله يظفر(.
قلت هذا من درر الحكم التي استفادها وهب من الإسلام، وحقيق بهذا الكلام أن يُحفظ ويؤخذ به، وقد دلَّ على حسن اختيار وذوق الإمام القرشي.
أما السند فضعيف لأن فيه «وجادة» ولأن صلة السند الى وهب مقطوعة ولا ترتفع الوجادة الى درجة الإجازة حتى ولو كان الكلام عاماً.
ورجال السند ثقات إلا السري بن يحيى فلم أقف عليه حسب جهدي.
لكن المشكلة الكبيرة هي فيما كتب الأستاذ مجدي حيث كتب في هامش رقم )95( قال )يمني الأصل كان يهودياً فأسلم وهو عالم متمكن ورع زاهد، وقد روى عن معاذ وأبي هريرة وروى عنه عمرو بن دينار، قال الواقدي مات سنة 110هـ وقيل 114هـ. انظر ترجمته في حلية الأولياء /23
صفوة الصفوة 2/191
أحاسن المحاسن )208(
وغيرها من كتب التراجم والسير - رحمه الله - أ.هـ.
هذا ما نقله مجدي السيد إبراهيم فهل هذه ترجمة أبدا ليست ترجمة لأمور منها :
1- خلط بين وهب بن منبه وهمام بن منبه.
2- رجع الى كتب ليس لتراجم الرواة.
3- قال )عالم متمكن( ثم ماذا..؟
والذي يظهر لي أن همام بن منبه لا وهب هو الذي روى عن جملة من الصحابة وهو ثقة ثبت، ووهب كذلك لكنه ليس بمنزلة أخيه.
وكم كان جليلا لو رجع مجدي الى تراجم الرجال النقدية لا التراجم العامة لأن الحال تقتضي هذا في مثل كتاب: الحلم لبيان حال السند ما له وما عليه.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved