أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th July,2001 العدد:10507الطبعةالاولـي الخميس 14 ,ربيع الثاني 1422

الثقافية

أحاديث..وأحداث
مبدأ الثواب والعقاب.. )2(
عبدالكريم الجهيمان
لا أزال أحب أن أتحدث عن مبدأ الثواب والعقاب لأنه أساس من أسس التربية والتعليم وصلاح المجتمع!!
وسوف أقص عليكم قصة في هذا المجال بإيجاز شديد!!
يقال: انه كان في الزمن الماضي سلطان ولديه ولد واحد فرشحه لتولي السلطة بعده.. فاختار له معلماً يمتاز بسعة العلم وكبر العقل وبُعد النظر.. ووكل إليه تعليم ولده، وأوصاه ببعض الوصايا التي يراها مناسبة لمن سوف يتولى زعامة أمة وقيادتها!!
وشرع هذا المعلم في مهمته بقوة وحزم.. يعلمه شؤون الدين والأخلاق.. ويدرسه بعض الشؤون السياسية التي يحمي بها وطنه ويحمي بها ملكه!!
وكان هذا المعلم الحازم يعاقب تلميذه على بعض جوانب الإهمال والتقصير.. ويطلب منه أن يؤدي كل عمل في وقته المناسب، فإذا أخل بشيء من التعليمات عاقبه.. أو زاد في العقاب بأكثر مما يستحق الذنب.. بل إنه في بعض الأحيان يعاقبه على ذنب لم يفعله وإنما خوفاً من أن يفعله!!
وصبر هذا الأمير على جور معلمه لأنه يحترمه لعلمه وكبر سنه، كما أنه لا يستطيع أن يشكوه على والده لأنه يعرف من والده كثرة احترام العلم والعلماء!!
وصبر هذا الأمير وأحاسيس الانفعال والكراهية تتفاعل في نفسه.. وهو عاجز أن يفعل شيئاً.. ومرت الأيام سراعاً وكبر السلطان ثم مرض فمات.!!
وانتقلت السلطة إلى ولي العهد فصارت مقاليد أمور البلد كلها في يده.. وتذكر تعامل أستاذه معه.. وما كان يذيقه من ألوان العقاب الزائد عن الذنب..
وطلب معلمه ليحضر بين يديه.. وجاء المعلم طائعاً مختاراً، وعندما دخل عليه رأى علامات الغضب بادية على أساريره فسلم وجلس..
وتكلم السلطان قائلاً لقد عاقبتني في يوم من الأيام عقوبة أكثر مما أستحق.. وعاقبتني في يوم آخر على ذنب لم أفعله خوفاً من أن أفعله..
ثم عدّ السلطان عدة مواقف من هذا النوع والمعلم يسمعه، وعندما انتهى السلطان من كلامه طلب من معلمه أن يتكلم.. فقال المعلم: أنا أعترف بكل ما قال عظمة السلطان وقد تعمدت ذلك لتذوق مرارة الظلم فلا تظلم أحداً، وعندما نطق المعلم هذه الكلمة انطفأت جذوة الغضب من نفس السلطان وعرف مغزاها.. وبُعد مرماها وزالت من نفسه شهوة الانتقام..
وقرب أستاذه حتى جعله مستشاراً لدولته!! وأحد أعمدة الحكم فيها!!
فانظروا أيها القراء.. ويا ولاة أمر الطلاب نتيجة سياسة الشدة.. وما أعطته من ثمرات.
فالشدة في موضعها محمودة العواقب التي سوف تربي شبابنا على طاعة أولي الأمر.. وتربيهم على احترام العلم والعلماء وتربيهم على احترام من هو أكبر منهم سنّاً أو مقاماً.. وسوف يتخذون من هذه التربية نبراساً في مستقبل حياتهم وتربية أولادهم.. وقد قال أحد الشعراء:


وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وقد قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فالأخلاق الأخلاق يا شباب بلادي..
وفقنا الله وإياكم إلى طرق الصواب.. فالله غفور رحيم يتوب على من تاب!!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved