أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 6th July,2001 العدد:10508الطبعةالاولـي الجمعة 15 ,ربيع الثاني 1422

تحقيقات

هل أصبح ترشيد الكلام أهم من ترشيد الكهرباء والمياه ؟
الثرثرة الإلكترونية هدر كلامي يتطلب ترشيداً للاستهلاك!!
* تحقيق منيف بن خضير الضوي
في السابق كانت العرب تهتم اهتماماً بالغاً في الكلمة، فالكلمة عندهم سلاح فتّاك وهي دليل قاطع على عقل صاحبها، وقد ظهرت الكتب والمؤلفات الكثيرة التي تهتم بترشيد الاستهلاك الكلامي ووضع الكلمة في مواضعها، وظهر أيضاً علم الكلام وعلوم البلاغة وعلوم البيان، وظهر الشعر والنثر الفني وهما لونا الكلام، ورغم ذلك ظهرت للمجتمع فئات الثرثارين والمتشدقين والمتفيقهين ولكن كان وجود مثل هذه الفئات يُعدُّ نزراً وشاذاً، والشاذ لا حكم له ولا يقاس عليه واليوم ماذا حدث؟! حدث العكس، ، أصبح الثرثارون هم القاعدة وغيرهم الاستثناء، ، ، أليست وسائل الهاتف الجوال ثرثرة؟ أليست ساحات المحادثة عبر الانترنت ثرثرة؟!
كل الكلام والمزاح والتراشق اللفظي هو ثرثرة ولكنها تحولت عن المألوف إلى ثرثرة الكترونية إن صحت التسمية، هذه الثرثرة تشكل هدراً كلامياً يجب أن يتوقف، والمجتمع عليه مسؤولية عظمى بترشيد هذا الهدر مثلما نستنفر لكي نرشد استهلاك الماء والكهرباء والطاقة، ، إننا أمام خطر محدق، فالكلمة أصبحت رخيصة وتافهة، وأجهزة الاتصالات الحديثة ساهمت في نشرها!! في هذا التحقيق تعرضنا لظاهرة الهدر الكلامي الحديثة وأشكالها وأسبابها وتطرقنا لأهمية الإيجاز وأهمية الكلمة في الدين والتراث الأدبي فإلى البداية، ،
* رديء العقل رديء اللسان
في البداية تحدث حول هذا المعنى الأستاذ/ سعد بن مبارك الجرواني (بكالوريوس لغة عربية) قائلاً: لا شك ان الهدر الكلامي أمر مزموم دينياً واجتماعياً وأدبياً، ، كيف لا؟! والمهزار كحاطب الليل كما تقول العرب يتخبط في كلامه معرضاً نفسه للسقطات الواحدة تلو الأخرى، ، وتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على الاقتصاد في الكلام وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وأضاف: والعرب عموماً في تراثها الأدبي تذهب إلى الإيجاز وفيه أفردت فصول في أمهات الكتب متخذين من قولهم لكل مقام مقال شعاراً يبعدهم عن الإطناب المزعوم ولاسيما المتكلف منه، قال ابن أحمر يمدح امرأة: تضع الحديث على مواضعه وكلامها من بعده نزر (أي قليل)،
وكانت العرب تفضل الصمت وقيل ان اعرابيا كان يجالس الشعبي فيطيل الصمت، فسئل عن طول صمته فقال: «أسمع فأعلم، وأسكت فأسلم» ويروى أن ابا بكر الصديق رضي الله عنه أخذ بطرف لسانه وقال: «هذا الذي أوردني الموارد» فسياسة البلاغة عند العرب أشد من البلاغة، وكانوا يأمرون بالتشبث والتحرز من زلل الكلام عكس ما يحصل هذه الأيام من الهدر الكلامي المرفوض والذي يقود دون ان يشعر صاحبه إلى سوء العادة الذي يقود إلى اهمال القريحة وغلبة المنطق السيئ على الفصيح المهم والوقوع في الخطأ وكثرة المزاح والذي ذمته العرب وأتى الإسلام فهذب اللسان وجعله مقنناً وضرب المثل في حكمة الأنبياء وبعدهم عن الزلل قال تعالى: واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب» إلى قوله: «وفصل الخطاب» والرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن شعيب عليه السلام «كان خطيب الأنبياء» فكيف تقودنا ألسنتنا إلى الهاوية والأنبياء سلفنا وأئمتنا؟ ورسولنا صلى الله عليه وسلم خطبه محفوظة وصحابته من بعده، والشعراء المنافحون عنه، ، أما الإسهاب والتكلف والخطل فيقود إلى هدر كلامي يوقع صاحبه في المحظور ويوقعنا في معنى الشاعر:
إن الحديثَ تغُرُّ القوم خلوتهُ
حتى يلجّ بهم عِيٌّ وإكثارُ
وعن استيعاب اللفظ للمعنى يؤكد الجرواني أن ذلك سمة من سمات اللغة العربية، فالمعاني الظاهرة يستوعبها اللفظ الموجز والرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، فخير الكلام ما قل ودل، وهذا النوع من الكلام ينتشر بكثرة في فنون العرب اللغوية قال بعضهم: «إذا لم يكن ماتريد، فأرد مايكون وقال شاعر حول هذا المعنى:
قدر الله وارد
حين يقضي وروده
فأرد مايكون إن
لم يكن ماتريده
وقيل لابن المقفع ألا تقول الشعر؟! قال: مايجيئني لا أرضاه، وما أرضاه لايجيئني، ،
وقال عمر بن عبدالعزيز لرجل: من سيد قومك؟ قال: أنا قال: لو كنت كذلك لم تقله؟!
وأضاف: انظروا إلى تحرّز السلف الصالح من حصائد ألسنتهم فكيف بنا اليوم نلقي الكلام على علاّته مستخدمين الهواتف المحمولة والانترنت والصحف وغيرها، ، يا له من هدر لا قيمة له، بل يسلب كل قيمة وخسائره على الروح والمادة والجسد كبيرة فرديء العقل رديء اللسان قال الشاعر:
إن الكلام من الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا،
وقال آخر:
لسان الفتى نصف - ونصف فؤاده
* قول الإنسان على قدر خلقه
وحول هذا المعنى يضيف الأستاذ/ محمد بن أحمد الأحمد (معلم في المرحلة الابتدائية) قائلاً: المتتبع لأحاديث الناس هذه الأيام ونقصد (الشعبية منها) يجد العجب العجاب فعلى سبيل المثال رسائل الهاتف (الجوال) تعج بعبارات الغزل الفاضحة، وبالنكات والطرائف السخيفة، وبالعبارات الخارجة عن نطاق الأدب والأخلاق، أيضاً إذا نظرت إلى ساحات المحادثة في الانترنت وصفحات بعض المجلات العربية للأسف الشديد تجد استخفافاً كبيراً بأهمية الكلمة،
فالكلام عند العرب الأوائل كان له شأن كبير يبعث على الحكمة والعقل والرجاحة أما الآن فهو هدر لا مسؤول، وتقع مسؤوليته (إضافة لقائله) على التقنية الحديثة والتي ساهمت في نشر الغث والسمين، ، ويؤكد أبو عواطف: ولو أدرك كل إنسان أن كلامه على قدر خلقه وطبعه لتخير ما يوافق طباعه وفي هذا المجال أورد الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) فصلاً عن هذا المعنى الكل يتحدث عن طبيعته، قيل لطفيلي: كم اثنان في اثنين؟ قال: أربعة أرغفة،
وكان عيسى المسيح عليه السلام يقول: كل امرئ يعطي مما عنده، ويُروى أن رجلاً دخل على آخر يأكل أترجّةً بعسل فأراد أن يقول: السلام عليكم، فقال: عسليكم!
والشاهد أن كل إنسان يعطي طبعه فرسائل الجوال - مثلاً - تعطي صورة واضحة لمن يرسلها وكذلك وسائل الخطاب أو المحادثة الأخرى، فليتخير كل إنسان صورته!!!
عبدالرحمن الزمام (موظف حكومي) يقول: ساحات المحادثة في الانترنت مليئة بالصالح والطالح وكذلك رسائل الجوال وأيضاً أجهزة النداء (الكنويد) وما يمارس فيها من كلام وألغاز وطرائف وسقطات هو فعلاً هدر كلامي يستحق أن تتوقف عنده،
ولكن دعونا نتساءل: هل تتخيلون أن رجلاً أو امرأة على قدر من العلم وتحمل أو يحمل شهادة عليا سيمارس مثل هذا الهراء؟!
لا أظن ذلك، ، فالهدر الكلامي عموماً هو ميزة ولكن للسلبيين الذي يعانون من فراغ طول، أمر آخر هذه الرسائل والساحات والمواقع العامة تعكس أهواء أهلها بالضرورة ولا يمكن أن نتخيل مثلا رجلاً متديناً يتداول رسائل في الجوال تحاكي غرائز المراهقين!!
الشيخ غالب محمد من كبار السن يؤيد نبذ السلوكيات الكلامية والتي تتحول على شكل إهدار للكلام وافقاده أهم قيمة له باعتباره وسيلة اتصال بين الناس يتمايزون بها فضلاً، ،
وأتذكر فيما سبق أن الرجال في مجالستهم لبعضهم يبتعدون عن اللغط والمغالطات والمزاح غير المرغوب فيه، بل ان في زماننا من اشتهر بقدرته الكلامية الرائعة ولذلك هؤلاء المتحدثون هم مقصد الناس في حالات الصلح والنزاعات وأمور الطلاق ويضيف: فالكلمة الطيبة صدقة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا يستهان بها فربما أوجدت مشكلة وربما حلت مشكلة والرجال يربط من لسانه كما يقولون ولكن الناس اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله لايعيرونها اهتماماً ووجود وسائل إعلام معينة ساهم في انتشار الرديء منها، فترشيد الكلام مطلب حضاري تماماً مثل ترشيد الكهرباء والماء والطاقة وفقكم الله، ،
* أسبابه ووسائله:
من أعظم أسباب الهدر الكلامي كما يرى خالد سودي الشلاقي (معلم) الفراغ مؤكداً أن الفراغ سلاح خطير يخيّم على أوساط الشباب - للأسف الشديد - والرسول صلى الله عليه وسلم يقول نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ والشاعر يقول:
الوقت أنفسُ ماعنيت بحفظه
وأراه أسهل ماعليك يضيعُ
ومن هنا تحولت وسائل الاتصال الحديثة إلى وسائل ترفيه، والشباب عموماً - وهم أكثر الفئات هدراً كلامياً - لا يقسّمون وقتهم كما ينبغي، ولا يستفيدون مما أتيح لهم من علوم وتقنيات حديثة فرسائل الجوال - على سبيل المثال - تحولت إلى ما يشبه التهريج ، ، غزل، نكت وطرائف، مقالب لفظية، سقطات كلامية والسبب هو الفراغ،
ولكي نقضي على مشكلة الفراغ لدى الشباب لابد من تربية حديثة تغرس فيهم أهمية الوقت وكيفية الاستفادة منه، وتقع المسؤولية الأولى على الأسرة والوالدين تحديداً، ثم على المدرسة التي لم تكتشف ميول ومواهب الطالب حتى تعينه على ممارستها في أوقات فراغه، ولاشك أن ضعف الوازع الديني، وقلة الحياء جعلا كثيرا من الشباب ينتهج نهجا خاطئاً في تعامله مع هذه المعطيات الحديثة فيهدر وقته وأخلاقه وقيمه وخصوصاً فيما يتعلق بتعامله مع الانترنت تحديداً فالكلمة مسؤولية ولها نتائجها السلبية أو الايجابية يكفي أن نسمع قول الشاعر:
وكائن ترى من صامتٍ لك معجب
زيادته أو نقصه في التكلم
ويوافقه في أن وسائل الاتصال الحديثة من أسباب الهدر الكلامي عبدالرحمن الزمام (موظف حكومي) مؤكداً أن أحد أصدقائه يرسل يومياً ما معدله خمسون رسالة أي بمعدل (1500) رسالة في هاتفه الجوال، ، بالله عليكم أي هدر هذا؟!
وللأسف الشديد فمعظم هذه الرسائل تتمحور حول التفاهة والسذاجة (والكلام اللي ما له داعي) وهذه الرسائل لها مردود سلبي - إذا كانت بهذا الشكل - على الفرد مادياً ومعنوياً ودينياً أيضاً لما تحويه من المحرمات والنواهي وليست الجوالات بأحسن حالاً من ساحات المحادثة عبر الانترنت والتي تزدحم فيها النقاشات دون طائل بل يتحول النقاش إلى جدل وخلافات وتراشق بالعبارات والألفاظ البذيئة وهذا يستغرق وقتاً طويلاً يصل إلى ست ساعات أو أكثر يومياً أي بمعدل شهري (180) ساعة ، ، تصوروا (180) ساعة دون فائدة!!! وهذه بعض أشكال الهدر الكلامي عبر وسائل الاتصال، وثمة وسائل اتصال أخرى تستهوي الشباب أيضاً مثل أجهزة النداء (الكنويد) والتي تتحول إلى تهريج وغزل فاضح وألفاظ بذيئة تأنف الأذن عن معاودة سماعها لمن هداه الله عقلاً بشرياً،
ومجمل القول في ذلك ان التسلية البريئة والهادفة والتي تثري وتحقق أهدافا معينة لا بأس بها من قبيل الترفيه عن النفس في حدود الدين والأدب والأخلاق مثل التسلية الفكرية والثقافية والرياضية أما ماعدا ذلك فهو هدر وأي هدر!!
هدر في الأموال بحيث تبلغ فاتورة الهواتف مبلغاً كبيراً شهرياً بمعدل من (2000 إلى 3000) ريال!!!
وهذا المبلغ يكفي عائلة كاملة في مصاريف معيشتها الشهرية وسيسأل عنه صاحبه يوم القيامة أيضاً هدر في الكلام وفي الوقت والصحة، ، وختاماً فالهدر الكلامي باب لكل شر والعياذ بالله،
* الصحف والمجلات والثقافة!!
محمد الأحمد يرى ان المجلات والصحف أيضاً ساهمت في ازدياد هذه الظاهرة عن طريق الطرح الفكري الخاوي، واستجداء ردود الجمهور وإضاعة الوقت بما لاينفع وهذا بلاشك انعكاس واضح لثقافة الشخص والثقافة معيار حقيقي لسلوك الأفراد هكذا يعلل زميله سعد مبارك الجرواني أسباب انتشار ظاهرة الهدر الكلامي أو الثرثرة ويذكرنا بقصة الكاتب الانجليزي الساخر برنارد شو حينما كتب رسالة مطولة لأحد أصدقائه وذيلها بالعبارة التالية: آسف ليس لدي وقت للاختصار!! فالاختصار والاقتصار على المفيد أمر صعب مقارنة بالإطالة (الاطناب) ولكن من يرى الغث والسمين في الصحف والمجلات المتنوعة يدرك مدى ثقافة هؤلاء القائمين على بعض هذه الصحف ويظهر ذلك بوضوح من خلال الحشو الفارغ لها بما لاينفع، ،
وهذا نوع من الهدر الكلامي أو الثرثرة التي ترفضها المجتمعات المتحضرة لأن الإنسان إذا كثر كلامه قل فعله، ، وكلما كان الإنسان مقلاً بكلامه أعطى أهمية لما يقول وأصبح الناس له منصتين، ،
ويختم قائلاً: فأسباب الثرثرة تغيرت وأصبحت الثرثرة الكترونية وورقية ولكن المعنى واحد والنتيجة واحدة، فالثرثار شخص غير مرغوب فيه في زمن أصبح للوقت فيه أهمية عظمى للفرد والمجتمع والأمة وأصبحت الكلمة سيفا على رقاب الواقع من لايقدرها لا تقدره،
* عطنا الزبدة ، هات من الآخر!!!
صور ألفاظ الهدر والثرثرة الكلامية كثيرة جداً هكذا يراها خالد سودي مؤكداً ان الإطالة في غير موضعها تدعو للملل وإضاعة الوقت دون طائل لذلك يقولون خير الكلام ما قل ودل،
وفي مجتمعنا السعودي ترى ردة الفعل اللفظية سريعة حيث يجيبك من وقع ضحية لثرثرتك يقوله: عطنا المفيد، أو هات الزبدة أو المهم، ، وغيرها من الألفاظ،
السوري عماد محمود يقول في المجتمع السوري تؤثر الثقافة العربية الأصيلة على مفردات الشعب، والتصاق السوريين بتراثهم وقوميتهم يظهر بوضوح على مفرداتهم ومصطلحاتهم والسوري لا يحب كثرة الحكي والثرثرة لذلك إذا ما احتدم النقاش لايتورع السوري البسيط أن يسمعك عبارة (حاجة لت) و (حاجة لعي) وهي توهي بعدم رغبته في سماع المزيد من اللت والحكي الفاضي، ، بل نقول في أمثالنا العامة (كلمة بت ولا عشرة لت) دلالة على حبنا للاختصار والتركيز على المفيد، طبعاً بالإضافة لما نعرفه جميعاً من موروثنا الأدبي من عبارات وأمثال مثل قولنا رب كلمة قالت لصاحبها دعني، والمكثار أو المهزار كحاطب الليل، ، وغيرها، ،
المصري أسامة أبو معطي يؤكد ان الشعب المصري شعب نكتة، والمصري ابن بلد يحب التواصل في الحي والمجتمع الذي يسكنه ويميل إلى تكوين علاقات مع الآخرين، ولكن أيضاً لايفضل الثرثرة فيقولون عن الثرثار (مايتبلش في فمه فوله) كناية عن الثرثرة في غير موضعها، أي دائماً مايرددون عبارة هات من الآخر أو هات المفيد أو اختصر من فضلك وإذا شعر الثرثار ان الطرف الآخر أصابه الملل قال له: جاي لك في الكلام!!
* الدين يحدد الكلام والمزاح
وعن توجيه الدين في هذا الموضوع تحدث معلم التربية الإسلامية الأستاذ/ عقاب بن نايف التمياط قائلاً: في البداية لا أدعي العلم والفضل، ولقد تحدث سلفنا الصالح وعلماؤنا الأفاضل بما فيه الفائدة إن شاء الله ونحن رجع الصدى فيما يقولون مستهدين بهدى وتوجيه الدين الحنيف قال تعالى: (، ، ، وجادلهم بالتي هي أحسن، ، ) وقال تعالى: (، ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقال صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، ، فالكلمة لها قيمة عظيمة وهي موعظة بالدرجة الأولى ووسيلة لذكر الله وتلاوة آياته وهي طريق فعل الخير وهي كما قال الأولون جند من جنود الله القائل سبحانه وتعالي «مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» ولذلك فينبغي للعاقل المكلف أن يحفظ لسانه إلا عن الكلام المباح الذي تظهر فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وترك في المصلحة فالسنة تركه فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت والشافعي رضي الله عنه يقول: إذا أراد أحدكم الكلام فعليه أن يفكر في كلامه فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى تظهر، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إذا تم العقل نقص الكلام، وقال وهب بن الورد: بلغنا أن الحكمة في عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت، فالصمت حكمة وقد قال عنه أحد الحكماء: إذا أعجبك الصمت فتكلم، وإذا أعجبك الكلام فاصمت، هذا هو نهج السابقين من سلفنا الصالح وحتى حضارات الأمم السابقة تذهب مذهبهم في الاحتراز من كثرة الكلام، أما ما يحدث اليوم من لغط وثرثرة بأشكاله المختلفة والتي تؤدي في النهاية إلى الهدر الكلامي المذموم فهو داخل في نطاق التحريم وضرره أكبر من نفعه كما أرشدنا إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح وعلماؤنا الأفاضل ونحن ننقل عنهم من باب نشر الخير وعدم كتمان العلم، وكثرة الهراء اللفظي يدخل في المزاح المذموم الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم : المزاح استدراج من الشيطان واختلاع من الهوى، وقال عنه الأحنف بن قيس: كثرة الضحك تذهب الهيبة، وكثرة المزاح تذهب المروءة، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهى عن كثرة المزاح ويأمر عماله بذلك، وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم، ولايعني ذلك الغاؤه نهائياً فالرسول صلى الله عليه وسلم يمزح وكان مزاحه حقاً ولايقول إلا حقاً، وكثير مما يرد في رسائل الجوال، وأجهزة الإرسال الأخرى والانترنت من هدر كلامي هو من باب المحذور والمنهي عنه أما ما يفيد الناس فلا شيء فيه، والتسلية مباحة كما ورد سابقا في حدود ما تسمح به الشريعة الإسلامية السمحة وعلى الشباب مراجعة أنفسهم فيما يلفظون من أقوال على شكل مزاح وطرائف فالله سبحانه وتعالى يقول: «فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون» وقال أيضاً
: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، هذا ما أتذكره من توجيه بهذا الشأن مستعيناً بما كتب علماؤنا الأفاضل والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل،


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved