أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 7th July,2001 العدد:10509الطبعةالاولـي السبت 16 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

حقوق الإنسان.. والحقيقة الغائبة
عبدالله العبد العزيز القنيعير
* تعد قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا التي تؤرق العالم.. لكن المحزن في أمرها أنها تحولت من قضية ثابتة واضحة المعالم، عليها إجماع إلى قضية نقاشية جدلية فما هو السبب وراء ذلك؟ السبب في تصوري المتواضع هو انطلاق الفكر الغربي من زعم ان الحضارة الغربية هي أم الحضارات... وأن معطياتها هي النبراس والأساس.. وكان ضرورياً لتكريس هذا الزعم ان يتناسى دعاة هذا الاتجاه، والذين يروجون له إسهامات الحضارات الأخرى!!
* أصبحت قضية حقوق الإنسان هي قضية الجريمة والعقاب.. وأصبحت أيضاً قضية نظام الحكم وبلغ الأمر حد اعتبارها حق الحضارة الغربية في السيادة على الأمم والشعوب دون معارضة، بحيث أصبحت معارضتها انتهاكاً لحقوق الإنسان!! ولقد قبل الكثيرون ولا أقول الجميع استحياء فكرة ان حركة الاستعمار بكل ما انطوت عليه من بشاعات كانت ممارسة لصالح الإنسانية!.. فالكنيسة باركتها باعتبارها نقطة انطلاق إلى تنصير الملايين!.. والساسة رأوا في المستعمرات فتوحات ومجالات حيوية ومكاسب اقتصادية بصرف النظر عن حقوق وحريات أصحاب الأرض!!.. والمثقفون الغربيون اعتبروا ان اخراج الشعوب المستعمرة من (أسر الجهالة.. وظلمات الأمية.. وغياهب التخلف) كان إنجازاً فريداً يحسب للحضارة الغربية!!.. والنسيج المتداخل للاقتصاديين مع الساسة والمثقفين وجدوا ان الاستعمار كان خيرا للمستعمِر.. والمستعمَر!!
* لا أقول هذا افتراءً وإنما استناداً إلى أدباء مثل تنسون TENNYSON وكبلينج KIPILNG أميري الشعر في بريطانيا ونيتشه NITSHE وشوبنهاور SHOPENHAUER في ألمانيا والكتابات العابرة الكثيرة لقمة الفكر الغربي وكثيرين غيرهم من علماء ومؤرخين وسياسيين ورجال إعلام وأعمال.. حيث لم تسجل أدبيات وسجلات التاريخ والفكر أي استنكار للمذابح الجماعية لقبائل الهوتنتوت HOTENTTOT.. والزولو ZULO في جنوب أفريقيا.. ولا مذابح الماساي MASAY.. والماوماو MAOMAO.. في شرق أفريقيا.. والنيانجا NIANTA.. والأشانتي ASHANTI والهاوسا HAWASA والفولاني FULANI والشونا SHONA واليوربا UROBE والإبيو IBOوغيرها في غرب أفريقيا واعتبرت عمليات استجلاب العبيد من حوض النهر الجامبي ومناطق ساحل الذهب والغرب الأفريقي أنشطة تجارية!!
* إن كل معاناة العالم الثالث وتخلفه الراهن وأوضاعه المأساوية التي يعيشها اليوم وقد تستمر معه إلى أمد طويل مردها ممارسات المستعمر غير الإنسانية وانتهاكاته لحقوق الإنسان وأشك أن يقف الباكون والمولولون على ضياع حقوق الإنسان ليطالبوا ببعض حقوق الملايين التي ضاعت.. وكرامتهم التي انتهكت.. وانسانيتهم التي ابتذلت.. لذلك لا أعجب حينما تستنفر الأقلام وتسخن الحجج دفاعاً عن مجرم أو جاسوس أو فرد في مواجهة نظام القضاء في بلد نامٍ.. والسبب أن الهدف ليس خدمة الفرد.. ولا الدفاع عن حقوق الإنسان أو ضمان حريته.. وإنما تخويف بعض الأنظمة والدول وبعضها لايخاف وضمان كل الحرية والحقوق للغربي إذا عبر أو مر أو أقام أو تجسس!!
* إن مواطن الدول النامية يسافر إلى دول الغرب فلا يرى إلا كل هوان بدءاً من نظرات الاحتقار في المطارات إلى الأنظمة والقوانين التي يعمل تحتها إلى فكرة انه خطر على الأمن حتى يثبت غير ذلك.. وهي معاملة إذا تلقاها الغربي في بلد ما صاح فوراً مستنجداً بمنظمات حقوق الإنسان!!
* وتحت سطح الفهم الضائع بين الشرق والغرب.. أو بالأحرى بين الغرب والدول النامية بصورة خاصة يرقد تراكم هائل من عدم الادراك بخلفيات الشعوب الأخرى الحضارية.. وقليلون في الغرب وبفعل سيطرة الحضارة المادية الذين يصدقون ان الشرق أعرق حضارة وأعمق مجداً وأن الحضارات الأساسية منذ فجر البشرية جاءت من الشرق.. وتناسوا فضل الحضارة الإسلامية التي سادت العالم تسعة قرون في العلوم والثقافة والفكر.. ودورها في الارتقاء بالحياة البشرية.
* هذه هي الخلفية الموجزة للعقلية المسيطرة على الغرب في التعامل الاستعلائي مع الشرق والدول الإسلامية بصفة خاصة.. وأي شيء غير ذلك هو الغاء للحرية.. وانحراف عن العدالة وانتهاك لحقوق الإنسان!!

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved