أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 7th July,2001 العدد:10509الطبعةالاولـي السبت 16 ,ربيع الثاني 1422

لقاءات

«الجزيرة» في لقاءات وحوارات داخل أول مكتب للتوجيه والإصلاح بمحكمة الضمان والأنكحة بالرياض:
خلال عام.. مكتب الإصلاح يعيد الحياة الزوجية لـ 220 أسرة
رئيس محكمة الضمان والأنكحة: ما يُنشر عن عدد حالات الطلاق في وسائل الإعلام مبالغ فيه وغير صحيح
* لقاءات:حمد فراج الجمهور
أوضح فضيلة رئيس محكمة الضمان والأنكحة بالرياض الشيخ سعود بن عبدالله المعجب ان مكتب التوجيه والاصلاح بالمحكمة ساهم في العام الماضي في الاصلاح بين أكثر من 220 أسرة كادت أن تنتهي حياتها الأسرية بالطلاق وأجل مثل هذا العدد للرجوع عن الطلاق، وقال في حديث للجزيرة ان معالي وزير العدل وجه بانشاء مكتب للتوجيه والاصلاح بالمحكمة وقد بدأ عمله قبل سنتين وبعد ان أثبت المكتب فعاليته وجدواه وجه معاليه بدعمه بموظفين أكفاء لخدمة المراجعين وتقديم المشورة والعلاج لهم بغية رأب الصدع في علاقتهم الأسرية، وأضاف المعجب ان المحكمة بعد انتقالها للمبنى الجديد أصبحت تقدم خدماتها للمراجعين بكل سهولة وسرعة ودقة كبيرة وأصبح هناك مكاتب يحال اليها طالب الطلاق من أجل مناقشته ونصحه وتذكره بالآثار السلبية للطلاق على الأسرة وعلى المجتمع.
وأشار الى ان ما تنشره وسائل الاعلام عن عدد حالات الطلاق ليست على ظاهرها فالأعداد التي تذكر وتنشر عبر الاحصائيات التي يقوم بها وزارة العدل انما هي احصائيات لعدد الصكوك التي تم اثباتها في جميع محاكم المملكة ولكن ليس كل من أثبت طلاقه بصك يعني انه لم يراجع مطلقته فالصحيح ان كثيرا من حالات الطلاق التي ذكرت قد راجع المطلق زوجته سواء عن طريق المحكمة أو خارجها وهذا حاصل لدينا كثيرا حيث رجعت اليه زوجته دون مراجعة المحكمة وبيّن المعجب ان عدد سكان المملكة في ازدياد مستمر وبالتالي فإن الزواج متى كثر فإن الطلاق يكثر سواء من المواطنين أو المقيمين.
ووجه الشيخ المعجب في حديثه نصائح للمتزوجين وأبان أسباب الطلاق وكيفية التغلب عليها وذلك من خلال الحوار التالي:
* نود منكم تسليط شيء من الضوء على محكمة الضمان والأنكحة كما نود الحديث بإيجاز عن مكتب الاصلاحات الزوجية بالمحكمة ومتى أنشىء والهدف منه؟
تم انشاء محكمة الضمان والأنكحة في الرياض في عام 1385ه تحت مسمى محكمة الضمان والأنكحة والولاية وكان أول قاض لها فيما اذكر فضيلة الشيخ سليمان بن عبدالعزيز الوهبي قاضي التمييز حاليا.
وتختص محكمة الضمان والأنكحة بما هو داخل تحت مسماها فالضمان هو اثبات الحالات الاجتماعية للأسر التي تستحق الضمان الاجتماعي والمساعدات الأخرى وفق ما يرد للمحكمة من طلبات من الجهات المعنية بذلك وكذلك بما هو داخل تحت مسمى الأنكحة من اجراء العقود الزوجية للسعوديين مع بعضهم في الحالات الخاصة والسعوديين مع الأجانب والأجانب مع بعضهم والولاية في الزواج لمن ليس لها ولي يعقد زواجها سواء كانت سعودية أو مقيمة أو حديثة العهد بالاسلام بعد التأكد من ذلك بالطرق الشرعية.كما تقوم المحكمة باثبات الطلاق في صكوك شرعية بعد اجراء الوجه الشرعي في ذلك وتم رفع اختصاص المحكمة أخيرا بقرار مجلس القضاء الأعلى، بخصوص اثبات ما يصلح عليه الطرفان المطلق والمطلقة بخصوص النفقة والحضانة وغيرها وهذا مما لا شك فيه تسهيل على المسلمين حيث يقوم أصحاب الفضيلة والقضاة عند اثبات الطلاق بالتوفيق بين المطلق والمطلقة إذا كان بينهما أولاد فيما يخص النفقة بينهما والحضانة واثبات ذلك في صك الطلاق تحقيقا لمصلحة الطرفين بعدم اقامة قضية أخرى تتطلب جهد وحضور الطرفين، وكذلك اثبات عدم وجود ولي للمرأة راغبة الزواج التي لا يوجد لها ولي شرعي يعقد نكاحها ويتولى قاضي محكمة الضمان والأنكحة ذلك ومن ثم عقد النكاح بعد ان كان في السابق من اختصاص المحكمة الكبرى.
وكان توجيه المطلقين واصلاح ذات البين في المحكمة في السابق يتم باجتهادات فردية من قبل بعض الاخوان المجتهدين في المحكمة وفي عام 1419ه تم بحمد الله وتوفيقه انشاء مكتب للتوجيه والاصلاح بمحكمة الضمان والأنكحة بالرياض بأمر كريم من معالي وزير العدل الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ وفقه الله وقد تم تطويره والتعريف به اعلاميا اعتبارا من عام 1420ه بعد ان اثبت هذا المكتب فعاليته وجدواه، وبعد الانتقال الى المبنى الجديد للمحكمة تم انشاء مكاتب مستقلة لمكاتب التوجيه والاصلاح في المحكمة لاستقبال راغبي الطلاق من أجل توجيههم ونصحهم قبل الإقدام على الطلاق واجراء الصلح بين الزوج والزوجة بدلا من الطلاق، فعندما يتقدم شخص لرئيس المحكمة يطلب اثبات طلاق زوجته فإن كان طلق زوجته قبل الحضور للمحكمة فعندها أقوم بتحويله الى أحد القضاة لإثبات الطلاق وان لم يتلفظ بالطلاق بعد فيتم تحويله الى مكتب التوجيه والاصلاح ويتم استقباله في المكتب من قبل الموظفين المختصين ويتم نصحه وتوجيهه للعدول عن الطلاق وقد يستدعي الأمر احضار الزوجة للمكتب لتقريب وجهات النظر ولمعرفة أسباب الخلاف التي تكون في أغلب الأحيان أسبابا بسيطة لا تستدعي اللجوء الى الطلاق وهدم الأسرة.
وبالتالي يتبين امكانية الاصلاح من عدمه وقد جنينا ثمار هذا المكتب في العام الماضي حيث تم ولله الحمد الاصلاح بين أكثر من مائتين وعشرين أسرة كادت ان تنتهي حياتهم الأسرية بالطلاق وأجل مثل هذا العدد باعطائهم مواعيد للتفكير في عواقب الطلاق بعد نصحهم وأغلبهم لم يراجع مرة أخرى لإثبات الطلاق وهذا دليل قاطع وملموس على أهمية وجود مكاتب للاصلاح والتوجيه ليس في محكمة الضمان والأنكحة بالرياض فقط بل في جميع المحاكم.
الأهداف السامية للزواج
* قبل الحديث عن قضية الطلاق.. هلا تطرقتم بايجاز الى الهدف الأسمى من مشروعية الزواج.. والهدف من إباحة الطلاق في الشريعة الإسلامية؟
لقد حث الاسلام على الزواج لما له من أهداف سامية وفوائد عظيمة للفرد والمجتمع قال الله تعالى:(وانكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم). وقال عليه الصلاة والسلام:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج». وقال أيضا عليه الصلاة والسلام:«الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة». وفي النكاح يحصل سكون النفس فالرجل يسكن الى الزوجة وهي تسكن اليه قال تعالى:(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).وقال تعالى:(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) أي هن سكن لكم وأنتم سكن لهن.كما ان الزواج يحصل به غض البصر وحفظ الفرج فكل من الزوجين يحمي صاحبه من الوقوع في الفاحشة، أيضا بالزواج يحصل الولد الصالح الذي يستمر به عمل المسلم بعد موته قال عليه الصلاة والسلام:«إذا مات الانسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو لد صالح يدعو له»، وعندما يحصل الولد تكثر الأمة المسلمة التي هي من أهم الفوائد للزواج، قال عليه الصلاة والسلام:«تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم».
لقد ذكرت سابقا ان الزواج شرع لأهداف سامية وقد لا تحقق هذه الأهداف والمقاصد التي من أجلها شرع الزواج فقد تسوء العشرة بين الزوجين بسبب من الأسباب ويحدث بين الزوجين تنافر يستحيل معه بقاء المعاشرة بالمعروف التي أمر بها الشارع أو يصاب أحد الزوجين بمرض لا تدوم العشرة به ويكون أحدهما عقيما لا يستطيع الانجاب ويتضرر الطرف الثاني بعدم الانجاب ويختل الهدف الأهم من مقاصد الزواج وبالتالي لا تتوفر المحبة والتعاون بين الطرفين للقيام بالحقوق الزوجية التي أمر بها الله عزوجل فلا بد إذن من وجود حل ونهاية للحياة الزوجية لأن في بقائها واستمرارها مع فوات المقصود منها ضرر على أحد الطرفين فشرع الله الطلاق ليتخلص الزوجان من المفاسد والشرور التي تترتب على بقاء الحياة الزوجية مع كره أحد الطرفين أو كلاهما لها. وبعد هذا الفراق يغني الله كلاً من سعته فقد يتزوج الرجل امرأة أخرى وقد تتزوج المرأة رجلا يغنيها ويحفظ كرامتها قال تعالى:(وإن يتفرقا يُغنِ الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً).
فالله عزوجل عندما شرع الطلاق شرعه لحكمة عظيمة فالطلاق خير للمرأة من رجل لا يخاف الله عزوجل ويرتكب المعاصي والآثام، خير لها من رجل تكرهه كرها يحول بينهما وبين القيام بحقوقه التي أمرها الله ورسوله بأدائها، ورد عن حبيبة بنت سهل الأنصاري عندما اختلعت من زوجها ثابت بن قيس رضي الله عنه قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ما أُعيب عليه في خلقه ولا دينه ولكني أكره الكفر في الاسلام وكانت تبغضه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بطلاقها وقال:«خذ الحديقة وطلقها تطليقة» وهذا رد بليغ على من قال بأن الطلاق ظلم للمرأة.
حالات الطلاق
* هل هناك طريقة واضحة للحكم في مسألة الطلاق ام ان الامر خاضع لاجتهاد القاضي بمعنى آخر هناك من القضاة من يحول الطرفين الزوج والزوجة الى سماحة المفتي للنظر في مسألة إيقاع الطلاق من عدمه ما رأي فضيلتكم في ذلك؟
الطلاق لدينا في المحكمة على حالتين:
الحالة الأولى: شخص طلق زوجته قبل حضوره لدينا في المحكمة بيوم او بيومين او شهر او سنة وسواء كان الطلاق طلقة واحدة او اثنتين او ثلاثا فحينئذ ليس للقاضي سوى اثباته على الصفة التي اوقعها عليه المطلق وإفهام المطلق ان كان الطلاق طلاق سنة بما على مطلقته من عدة وان له الرجوع اليها وحثه على ذلك ان لم تنته عدتها وان كان الطلاق بدعياً كأن طلقها ثلاثا بلفظ واحد او طلقها في حالة الحيض او النفساء او في طهر جامعها فيه بأن طلاقه على هذه الصفة طلاق محرم لا يجوز وإفهامه بطلاق السنة واذا رغب الرجوع الى مطلقته فيلزمه سؤال مفتي عام المملكة عن ذلك واحضار الفتوى.
الحالة الثانية: ان يحضر المطلق ويبدي رغبته في طلاق زوجته ولم يتلفظ بالطلاق بعد وهنا يتم توجيه ومحاولة الاصلاح وعند تعذر الصلح يسأل القاضي راغب الطلاق عن حالة زوجته وبعدما يتأكد ان حال المرأة موافق لإيقاع الطلاق عليها حسب ماورد في الشرع يأمره القاضي بالتلفظ باللفظ الشرعي الذي يوافق السنة وهو طلقة واحدة ثم يثبت القاضي الطلاق ويفهم المطلقة حسب طلاقه فإن كان طلاقاً بعوض حكم القاضي بأن المطلقة قد بانت من مطلقها بينونة صغرى، واذا كان ما تلفظ به أمام القاضي الطلقة الثالثة التي سبقتها طلقتان متفرقتان فيحكم القاضي بان مطلقته قد بانت منه بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره فالقاضي هو الذي يحكم بذلك وما يحال لسماحة المفتي للافتاء انما هو في الطلاق الذي يحصل خارج المملكة ويكون مخالفاً للسنة لجهل من المطلق او تعجل منه او يدعي المطلق انه في غير حالته المعتبرة شرعاً.
33%
* بالرجوع الى احصائية تسجيل عقود الزواج عام 1419ه في منطقة الرياض تبين ان عددها نحو 12053 حالة فيما بلغت حالات الطلاق المسجلة ايضا في نفس العام 4017 بنسبة تعادل 33% تقريباً الى ماذا يعزو فضيلتكم حجم هذه النسبة التي تعادل الثلث تقريباً؟ مع بيان الأسباب الرئيسية في ايقاع الطلاق؟ وهل للإعلام من خلال وسائله الفضائية وغيرها دور في ذلك..
سبق وان تحدثت عبر وسائل الإعلام ان ما ذكر من أعداد لحالات الطلاق ليست على ظاهرها فالاعداد التي تذكر وتنشر عبر الاحصائيات التي تقوم بها وزارة العدل انما هي احصائية لعدد صكوك الطلاق التي تم اثباتها في جميع أنحاء المملكة ولكن ليس كل من اثبت طلاقه بصك انه لم يراجع مطلقته فالصحيح ان كثيرا من حالات الطلاق التي ذكرت قد راجع المطلق زوجته سواء عن طريق المحكمة وهذا حاصل لدينا كثيراً ورجعت اليه بدون مراجعة المحكمة بعد سؤال أهل العلم عن طلاقه وبالتالي لا يرجع الى المحكمة لإثبات رجعته هذه إلا بعد ان يحتاج لذلك.
أيضاً عدد سكان المملكة في تزايد مستمر سواء من المواطنين او من المقيمين وبالتالي فإن الزواج متى كثر ولله الحمد فمن الطبيعي ان يكثر الطلاق سواء من المواطنين او المقيمين لذا لا نقول ان الطلاق في زيادة.. والذي نقر به ان الطلاق واقع في جميع انحاء العالم بين جميع الفئات والأعمار وله اسبابه ومن هذه الأسباب ما يكون له علاج ومنها ما ليس له علاج سوى الطلاق وسوف اذكر بعض الأسباب وعلاجها مختصراً ما امكن:
من ضمن الأسباب عدم القيام بالواجبات الشرعية والحقوق الزوجية من احد الزوجين بسبب الجهل اوالغفلة والاعراض عن شرع الله القويم فليتق الله الزوج في زوجته وليؤد حقوقها ومنها العشرة بالمعروف والنفقة عليها والتجمل لها قال تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» كما يجب ان يتغاضى بعض الاخطاء فالمبالغة في التقويم يقود الى الكسر وكسر المرأة هو طلاقها كما بيّن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.
كما يجب على الزوجة ان تؤدي حقوق زوجها كاملة لكي تسعد في حياتها وآخرتها قال صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة».
فيجب عليها طاعة زوجها في غير معصية الله والتزين له وحفظ ماله وبيته.
ومن أسباب الطلاق عدم التوفيق في الاختيار فتجد ان الشباب يبحث عن الجمال ويترك الدين وكذلك ولي الفتاة يختار لابنته صاحب المركز الاجتماعي ولا يهتم بالخلق والدين فيجب الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك». كما يجب على ولي المرأة ان يختار لها الرجل الكفء ديناً وخلقاً قال تعالى: «وانحكوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم».
ومن الاسباب كذلك الغضب والاستعجال في اتخاذ القرار فتجد الرجل عند اتفه الاسباب يغضب ولا يملك نفسه فيطلق زوجته فعلى الزوج ان يملك نفسه ولا يستعجل قال عليه الصلاة والسلام: «ليس الشديد بالصرعة انما الشديد من يملك نفسه عند الغضب» فإذا رأى الرجل من امرأته ما يغضبه فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم وإن كان قائماً فليجلس ويذهب ويتوضأ أو يخرج من المنزل ليقطع الخصومة.
أيضاً من الأسباب تعدي الزوج على زوجته سواء باللسان او بيده او تعديه على مالها الخاص وقد تتعدى عليه بالسب والشتم وترهقه بكثرة طلباتها غير الضرورية التي لا يستطيع الرجل تلبيتها لكونه معسراً مثلاً او قليل المال فيحصل الملل بكثرة الالحاح من الزوجة فيلجأ الزوج للطلاق ليستريح من إلحاح زوجته، والواجب على الزوج ان يحمد الله على نعمة الزوجة ويتذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيراً» كما يعلم انه لا يجوز له ان يأخذ من مالها الا بطيب نفس منها قال تعالى: «فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً». كما يجب على المرأة ان تكون قنوعة بما يهبه لها زوجها وان تراعيه في حال اعساره لدوام العشرة بينهما.
ايضا من الاسباب المهمة التي تؤدي الى الطلاق عدم رؤية الزوج لزوجته اثناء الخطبة او اخفاء السن او بعض العيوب في كلا الزوجين والأولى ان ينظر الخاطب الى مخطوبته فقد اوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وبيّن انه سبب لتحقيق الالفة ودوامها بين الزوجين وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه انه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما».
وهناك اسباب اخرى للطلاق منها عدم الثقة وسوء الظن من قبل احدهما وخاصة اذا كان احدهما قد حصل منه بعض الاخطاء قبل الزواج وعليهما الاستعاذة من الشيطان والابتعاد عن الظنون الكاذبة قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن ان بعض الظن إثم». كما أن من اسباب الطلاق تدخل الأقارب في الأمور البسيطة التي تحدث غالبا في كل بيت فيفسدون بين الزوجين بآرائهم خاصة إذا كانت آراء تفسد ولا تصلح تفرق ولا تجمع.
ايضا من الاسباب تخلي بعض الازواج عن مسؤوليته ورعايته لبيته وأولاده بالسهر خارج المنزل والانحراف وارتكاب المعاصي والآثام فتضطر الزوجة لطلب الطلاق لخوفها على نفسها وأولادها نسأل الله العافية.
بسبب الفضائيات
أما دور وسائل الإعلام من خلال الوسائل الفضائية في الطلاق:
اقول ان الوسائل الإعلامية وخاصة الفضائية لها دور كبير في كثير من حالات الطلاق فتجد ان كثيراً من وسائل الإعلام تدعو الى تمرد المرأة على زوجها من خلال المسلسلات الماجنة والآراء المنحرفة التي تظهر للمرأة انها مظلومة ومهضوم حقها وانه حرام على زوجها تعدد النساء وافهامها ان الزوج متسلط وظالم وسلب منها حقوقها وحياتها ولم يجعلها تواكب العصر كل ذلك بأساليب خبيثة لا تخفى على كل ذي لب وبصيرة فتبدأ المرأة ضعيفة العقل والإيمان بعدم الاستجابة لمطالب زوجها التي اوجبها الله عليها وتهجره وتشغله بالمشاكل حتى يلجأ للتخلص منها بالطلاق. كما ان كثيرا من الشباب هداهم الله ممن ادمن على الفضائيات يقارن زوجته بنساء الفضائيات ولا يعلم هذا المسكين ان المرأة المسلمة العفيفة اجمل وافضل من تلك المرأة العاهرة التي جملتها كاميرات التصوير وجميع انواع الماكياج حتى القبيحة منهن اصبحت جميلة بفعل ذلك المكياج فالواجب على الرجل المسلم ان يغض بصره عما حرمه الله امتثالاً لقوله تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم» . وبالتالي فإن زوجته تجمل في عينه.
دور مؤثر لهيئة الأمر بالمعروف
* بعض مراكز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعمل على خط متواز مع مكتب الإصلاحات الزوجية بهدف التقريب بين الزوجين ومن ثم القضاء على كثير من القضايا الأخلاقية بإذن الله تعالى التي تنتج عن الطلاق فما تثمينكم لهذا الدور وهل من كلمة لمنسوبي الهيئات للتركيز على هذا الجانب؟
لا شك ان لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دوراً كبيراً في القضاء على كثير من المعاصي التي تكون سبباً للتفكك الأسري وحصول الطلاق كالمسكرات والمخدرات والقضايا الاخلاقية وقد اعادوا كثيراً من الرجال الى رشدهم والتوبة من ارتكاب تلك المعاصي فعادوا الى اسرهم ولم شملها بعد فرقة. فأسأل الله عز وجل ان يعينهم على ما يقومون به من أعمال كما انني اوصيهم ونفسي بتقوى الله عز وجل والصبر على الاذى والتحلي بالحكمة والموعظة الحسنة وتغليب جانب الستر في كثير من الأمور وخاصة في القضايا الاسرية ومحاولة الاصلاح والتوفيق فيما يعرض عليهم من القضايا الزوجية وليعلموا ان ما يقومون به من افضل الاعمال التي يتقرب بها العبد الى الله عز وجل نسأل الله لهم الإعانة والتوفيق والاخلاص في العمل انه جواد كريم.
* هناك مكاتب اهلية خيرية تسعى للإصلاح الأسري.. ما مدى العلاقة بين المكتب التابع للمحكمة وتلك المكاتب؟ وهل ترون جدوى من تعميم فكرة هذه المكاتب في مختلف الأحياء؟ وهل هناك ضوابط في رأيكم لا بد منها قبل تعميم هذه الفكرة؟
لا علاقة بمكاتب التوجيه والإصلاح التابعة للمحكمة بأية مكاتب أخرى عدا التعاون مع مشروع ابن باز الخيري للمساعدة على الزواج للاستفادة من بعض المطبوعات والمنشورات التوجيهية للشباب والشابات المقبلين على الزواج والاسباب المؤدية للسعادة الزوجية وكيفية التعامل مع الخلافات الزوجية حيث يقوم مكتب التوجيه في المحكمة بتسليم تلك المنشورات و الكتيبات الى راغبي الطلاق بعد نصحهم وتوجيههم من اجل قراءتها وتدبر مافيها من نصائح وتوجيهات تفيدهم في حياتهم الزوجية، ايضا مكتب التوجيه لدينا يستقبل التوجيهات والاقتراحات من العلماء والدعاة والمهتمين بالقضايا الاسرية والاستفادة من تلك الاقتراحات فيما ينفع وأنا و المهتمون بمكتب التوجيه والاصلاح بالمحكمة على استعداد تام لتقبل الاقتراحات فيما يعود بالنفع على المحكمة عموما و مكتب التوجيه خصوصا من اي جهة وسوف تلقى العناية التامة و العمل بما يخدم المصلحة العامة.
فقضايا الاسرة والخلافات الزوجية يجب ان تناقش بسرية تامة ولايطلع عليها احد سوى الشخص الذي يقوم بالصلح بينهما لكون ذلك من مصلحة الزوجين واسرتهما فاذا وجدت مكاتب في الاحياء فانني اشك في ان تحتفظ بسريتها التامة لأمور عدة وربما تفقد مكاتب التوجيه مصداقيتها وتسبب الحيرة لدى العامة ويدخل فيها من ليس اهلا للقيام بالعمل فيها فالذي اراه ان خروجها عن نطاق المحاكم الشرعية له سلبياته خاصة وان المشاكل الزوجية في مجتمعنا تحت السيطرة ولله الحمد ولا تدعو للقلق لما يمتاز به مجتمعنا المسلم من خاصية تميزه عن المجتمعات الاخرى فالذي اراه ان تعميم مكاتب التوجيه والاصلاح على جميع المحاكم في المملكة هو الحل في الوقت الحاضر لحل المشاكل الاسرية التي ينتج عنها الطلاق وتدعيم تلك المكاتب بالموظفين المؤهلين ممن يتمتعون بالتأهيل الشرعي والقدرة على الاقناع باختيار الآيات والاحاديث المناسبة والكلمات التوجيهية المختصرة المقنعة والاهتمام بتقديم درء المفسدة على جلب المصلحة لحماية المجتمع المسلم من العواقب المترتبة على الطلاق وتأثيره على الاولاد مع التحلي بالصبر واحتساب الاجر من الله فيما يواجهه من هذا العمل مع الحرص التام على الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمحافظة على السرية التامة للقضايا التي تعرض عليه.
اكثرها من النساء
* من خلال خبرتكم في هذا المجال هل لنا ان نتعرف على السبب الرئيس في حالة الطلاق التي تصل اليكم هل هو الزوج ام الزوجة؟ ولماذا؟
أسباب الطلاق الرئيسية التي ترد الى المحكمة دور المرأة فيها غالبا اكبر من الرجل وذلك لعدم الصبر والتحمل والاحتساب عند غالبية النساء فعند اتفه الاسباب تطلب الطلاق أو تعمل المنغصات لزوجها وعدم الاستجابة لمطالبه وحقوقه وتهجره بالذهاب الى اهلها او تشغله بالمشاكل حتى اذا ضاق منها حضر للمحكمة من اجل الطلاق والتخلص من تلك المرأة وقد تطلب المرأة الطلاق من زوجها اذا لجأ الى سنة تعدد الزوجات سواء رغبة منها او بإيعاز من اقاربها وصديقاتها وفي هذا السياق احذر المرأة من طلب الطلاق من غير ضرورة فقد ورد الوعيد الشديد في مثل ذلك فعن ثوبان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرأة طلبت الطلاق أو سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» وما قلته سابقا ليس تبرئة لساحة الزوج فالرجل ايضا له دور في الطلاق ولكن دوره اقل حسب الواقع الذي نعيشه، والله الموفق.
* البعض من المطلقين يعتبون على المحكمة عدم نصحهم وابداء المشورة لهم اثناء قدوم راغب الطلاق الى المحكمة لإيقاع الطلاق على زوجته فما رد فضيلتكم على هذا القول؟
اقول من واقع العمل لدينا فان من يحضر الى المحكمة لإثبات الطلاق على قسمين القسم الاول هو من حضر لإثبات طلاق قد امضاه قبل حضوره للمحكمة فهنا الواجب علينا ان نثبت طلاقه على الصفة التي تلفظ بها وليس لنا توجيهه في هذه الحالة لأنه لن يستفيد من التوجيه في ثنيه عن الطلاق ولكن اذا كان طلاقه رجعياً ولم تنته عدة المرأة وبعد اثبات الطلاق بصك شرعي ننصحه بارجاع مطلقته قبل انتهاء عدتها وخاصة اذا كان بينهما اولاد، اما القسم الثاني فهو من حضر ولم يمض الطلاق بعد فهذه الفئة من الناس لا اقوم بتحويله الى احد القضاة لاثبات طلاقه الا بعد توجيهه من قبلي ومحاولة ثنيه عن طلاقه ثم اقوم بتحويله الى قسم التوجيه والاصلاح في المحكمة لتوجيهه ونصحه ومحاولة التوفيق بينه وبين زوجته قبل الاقدام على الطلاق ونقوم بالتشديد والحرص على من يرغب في الطلاق ولديه اولاد او يكون طلاقه الذي يرغب ايقاعه هو الطلاق الثالث الذي تبين منه زوجته بينونة كبرى، وبالمناسبة حصل لي في ذلك عدة مواقف مع اشخاص بسبب محاولتي ثنيهم عن الطلاق ولا انسى موقف شخص حز في نفسي كثيرا وهو رجل كبير في السن حضر لدي وطلب مني اثبات طلاقه لزوجته الطلقة الثالثة وهي الاخيرة حيث انه لم يتلفظ بها بعد ومضى على زواجه منها اكثر من ثلاثين سنة تقريبا ولديهم اولاد ويرغب بالزواج بامرأة اخرى وطلاق ام اولاده واخراجها من البيت فنصحته وتكلمت معه كثيرا وحاولت اقناعه ولكنه كان منفعلا ومصرا على الطلاق فرددته ونهرته وطلبت منه احضار زوجته وفي اليوم التالي احضر زوجته وفهمت منها انها لاترغب الطلاق وانها تسمح له بالزواج من امرأة اخرى وابقاءها في البيت مع اولادها ولكنه اصر على طلاقها وهي تبكي وتطلب منه ان لايطلقها فأفهمته انني لن اسمع طلاقه وان عليه التريث ومراجعتي بعد مدة وخرج من عندي وهو منفعل ويتكلم بكلام صفحت عنه، وبعد ذلك حضر لدي بعد يومين ومعه شاهدان شهدا بأنه تلفظ بالطلاق الثالث امامها وأقرا لدي بذلك فما كان مني الا ان اثبته وانا مكره وسُلم الصك للمطلقة وبعد مضي اسبوع واحد فقط من اثبات الطلاق حضر لدي وهو يبكي ويطلب مني إرجاع مطلقته لأنه تسرع في طلاقه وان الامور لم تكن على مايطلبه وانه اخطأ في ذلك وأمور اخرى ذكرها تحز في النفس ولكن لافائدة من ذلك حيث ان مطلقته قد بانت منه بينونة كبرى فالذي انصح به اخواني المسلمين عدم الاستعجال في اتخاذ قرار الطلاق والتريث في ذلك والاستفادة من النصائح والتوجيهات التي تسدى لهم عن طريق اخوانهم المخلصين وعن طريق المحاكم والابتعاد عن ابغض الحلال الى الله وعدم اللجوء اليه الا بعد نفاد الحلول ولم يعد ينفع الصلح وانقضاء الامور التي من اجلها شرع الزواج، واعلم يا اخي ان الشيطان يتدخل بين الزوجين من اجل هدم الاسرة فيجب التعوذ منه دائما، روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان ابليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة اعظمهم فتنة فيجيء احدهم يعني من جنود ابليس فيقول فعلت كذا وكذا فيقول له ماصنعت شيئا ثم يجيء احدهم ويقول ماتركته حتى فرقت بينه وبين زوجته فيدنيه منه ويقول نعم انت وفي رواية فليتزمه يعني يضمه اليه ويعانقه» نسأل الله ان يعيذنا من ابليس وجنوده وان يقينا شر انفسنا وان يرزقنا الاخلاص في القول والعمل.
* بمناسبة حلول الاجازة الصيفية وكثرة الزواجات والمناسبات فماذا تقولون للمتزوجين الجدد؟
أقول إن الإسلام شرع الزواج لأهداف سامية وفوائد عظيمة على الفرد والمجتمع وقد تفشت في مجتمعنا عقبة من العقبات التي تحول بين الشباب و الزواج وهي ظاهرة غلاء المهور والاسراف في نفقات الزواج وجعلها محلا للمفاخرة بين افراد المجتمع لذا فانني اوصي اخواني اولياء امور الفتيات بعد اختيار الزوج صاحب الدين والخلق لابنته اوصيه بتسهيل وتيسير الزواج للشاب المتقدم لابنته فالمشروع في المهور تخفيفها اقتداء بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث قال «اعظم النكاح بركة ايسره مؤونة» وقال لرجل يريد الزواج «التمس ولو خاتما من حديد».
وقال امير المؤمنين عمر رضي الله عنه «لاتغلوا صدق النساء فانها لو كانت مكرمة في الدنيا او تقوى في الآخرة كان اولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم وليعلم والد الفتاة وولي امرها ان طلب المهر الكثير من خاطب ابنته والاسراف في حفل الزواج سبب لتعاسة ابنته بعد الزواج وربما تكون سببا في طلاقها حيث ان كثيرا من الشباب عندما يريد الزواج وبسبب المبالغة في المهر يلجأ الى اثقال كاهله بالدين وفي ذلك خطر على الحياة الزوجية بسبب قلة البركة الحاصلة من المبالغة في المهر ولا يفارقه الدين فهو هم في الليل وذل في النهار فتسوء حاله ويتأثر نفسيا وربما لايستطيع تلبية طلبات زوجته وربما جعلها السبب الرئيسي لذلك الهم فلا يعيش معها حياة سعيدة وربما ادى ذلك الى طلاقها.
ومن مخاطر ظاهرة غلاء المهور والاسراف في النفقات و الحفلات لجوء كثير من الشباب الى الزواج من خارج المملكة ظنا منهم انه اقل تكلفة من الزواج من بنات وطنهم وهذا بلا شك فيه ضرر عظيم على بنات مجتمعنا بالإعراض عنهن وتركهن عانسات في البيوت ولما له من الآثار والاضرار السيئة على الفرد والمجتمع يطول المقام بذكرها واكتفي بالقول ان معظم من تزوج من خارج وطنه ندم على ذلك وباء زواجه بالفشل وهذا امر مشاهد وملموس من الواقع الذي نعيشه ويمر علينا الكثير منه في المحكمة».فليتق الله اولياء امور الفتيات فيمن تحت ولايتهم وفي شباب المسلمين بعدم المطالبه بالمهر الكثير والحد من الاسراف في ولائم الزواج وتحذير الناس من الوقوع في مثل ذلك. كما اهيب باخواني المسلمين ممن يملكون الامول بالمساهمة في مساندة الشباب على الزواج من بنات الوطن لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى ولما فيه من حث الشباب على الزواج وتيسير امورهم لما في الزواج من فوائد عظيمة على المجتمع والامة الاسلامية.
جهود مكتب الاصلاح
بعد ذلك انتقلت الجزيرة الى مكتب آخر من المحكمة وهو مكتب الاصلاحات الزوجية والتقت الشيخ أحمد السعيد القائم بأعمال مكتب الاصلاح بالمحكمة الذي تحدث عن المكتب وعمله فقال: لقد تم بحمد الله افتتاح مكتب التوجيه والاصلاح بمحكمة الضمان والأنكحة بالرياض بأمركريم من معالي وزير العدل فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ وبمتابعة واهتمام من فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد اليحيى وكيل وزارة العدل وقد تم دعمه بكل الاحتياجات من موظفي مكاتب في قسم مستقل بعيد عن مراجعي المحكمة وقد نفع الله بهذا المكتب، وأعطى ولله الحمد ثماره المرجوة منه حيث ان اغلب حالات الطلاق بحاجة الى مناقشة لمعرفة الأسباب التي أدت الى الخلافات، وكثير منها تافهة جدا والكثيرون يتقبلون الصلح في حالة زوال الأسباب فيتم تقريب وجهات النظر وتعود الحياة الزوجية مرة أخرى على أحسن حال ولله الحمد، وأضاف ان مراجعي المحكمة من الراغبين في الطلاق تصل الى عشرين حالة تقريبا في اليوم الواحد وأغلبهم يحال الى المكتب اذا لم تخرج زوجته من العدة، أو لم يطلق بالثلاث، وبين فضيلته ان مجموع حالات الطلاق التي ترد الى المكتب كانت في العام الماضي 1421ه 2195 حالة وتم الصلح بين 220 حالة واعطي مثل هذا العدد مواعيد لمراجعة النفس وكثير منهم لم يراجعوا ويحتمل أنهم قد اصطلحوا فيما بينهم وذلك حسب ما يذكره لنا بعض من يراجعونا منهم فيما بعد.
وأضاف ان كثيرا من حالات الطلاق تعتبر مشاكل حقيقية وقد تدخل فيها كل معارف الزوجين ولم يستطيعوا الاصلاح بينهما وعند حضورهم الى المحكمة يتم الصلح وهو شيء واقعي ومشاهد وبعضهم يبدي عجبه من عدم حصول الطلاق وهذا بتوفيق الله.
د. الفوزان يحملها الفضائيات
كما التقت الجزيرة بالدكتور عبدالله بن محمد الفوزان أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود وتطرق للأسباب الجوهرية لقضية الطلاق ودور المؤثرات الخارجية كالقنوات الفضائية في زيادة نسبته.
كما تحدث الدكتور الفوزان عن دور المجتمع في الوقوف أمام زيادة الطلاق من خلال توعية الأبناء وارشادهم عن المسؤوليات المشتركة والحقوق المتبادلة بين الأزواج كما تطرق الى أهمية دور مكاتب التوجيه والاصلاح في المحاكم وتفعيل هذا الدور من خلال استقطاب الكوادر المؤهلة والمدربة.
* من خلال دراستكم بعض الظواهر الاجتماعية.. ومنها الطلاق كيف ترون السبب الرئيس لحدوثه في المجتمع؟
الظاهرة الاجتماعية لا يمكن ان تكون وليدة سبب واحدة وإنما أسباب متعددة منها ما هو رئيسي وآخر ثانوي والطلاق كظاهرة اجتماعية بدأ يتفشى في مجتمعنا وتزداد معدلاته نتيجة عدد من الأسباب يمكن اجمالها فيما يلي:
1 سرعة التغير الذي يشهده المجتمع السعودي في كافة مجالات الحياة منذ اكتشاف النفط وتصديره بكميات تجارية، حيث جاءت ايرادات النفط الهائلة وبالذات في مرحلة الطفرة لتنقل المجتمع من صورته التقليدية الى صورته المعاصرة، فالاقتصاد تحول من اقتصاد رعوي وزراعي الى اقتصاد صناعي لتتسع دائرة الهجرة من الريف الى الحضر والتواصل مع الثقافات الأخرى سواء عبر وسائل الاعلام أو العمالة الوافدة أو السفر الى الخارج وانتشار التعليم بمراحله المختلفة لدى قطاع عريض من أفراد المجتمع وهذه كلها عوامل ساهمت في اسراع وتيرة التغير الاجتماعي بصورة أسرع من قدرة الأفراد على التكيف معه فكانت تأثيرات هذا التغير حادة جدا يصعب السيطرة عليها وتوجيهها والحد من أثرها في خلخلة نظام القيم الاجتماعية التقليدي..ولم تسلم الأسرة من تأثيرات التغير فتحولت من أسرة ممتدة الى أسرة نووية وتغيرت علاقتها ونظام السلطة فيها من علاقات حميمية الى علاقات سطحية تقوم على المصالح ومن سلطة مطلقة في يد الرجل الى سلطة مشتركة بين الزوجين نتيجة تعليم المرأة ودخولها الى العمل.
والزواج كذلك تأثر بالتغير الاجتماعي فأصبح أقرب الى كونه قضية شخصية من كونه قضية أسرية وانحسر الزواج القرابي وحل محله الزواج من خارج نطاق القرابة.
2 مع زيادة في عدد السكان زادت بالضرورة معدلات الزواج مما يعني زيادة احتمالية وقوع الطلاق بصورة أكبر في وقتنا الراهن مقارنة بالماضي.
3 انحسار الزواج القرابي وانتشار الزواج من خارج نطاق القرابة وهذا ساهم في تزايد معدلات الطلاق نتيجة تحرر الزوجين من ضغوطات العلاقة القرابية التي كانت تكبح رغبة الزوجين في الانفصال في الماضي.
4 ضعف الوازع الديني، حيث أصبح الزواج مجرد عادة وليس عبادة في نظر الكثيرين مما جعل البعض يستخف بهذه العلاقة المقدسة والرابط الشرعي المتين فيطلق لأتفه الأسباب نتيجة عدم الصبر على منغصات الحياة الزوجية.
5 ساهم تعليم المرأة في رفع مستوى وعيها بحقوقها الزوجية فأخذت تطالب بهذه الحقوق على عكس المرأة التقليدية التي كانت تجهل تلك الحقوق بحكم افتقارها للتعليم ومع مطالبة المرأة بحقوقها الزوجية وعدم رغبة الرجل في الالتزام بأداء تلك الحقوق بدأت حالة من الشقاق والخلاف والمشاجرات بين الزوجين ليؤدي ذلك الى وقوع العديد من حالات الطلاق.
6 خروج المرأة الى ميدان العمل، حيث عزز ذلك من استقلاليتها المادية عن الرجل لتجد في العمل وما ينتج عنه من دخل مادي بديلا لحياة زوجية غير مستقرة وغير محققة لأحلامها وطموحاتها وآمالها وتطلعاتها من وراء الزواج.
7 عدم تعويد الأبناء على تحمل المسؤولية، ليدخلوا الحياة الزوجية وهم يفتقدون الى القدرة على تحمل المسؤولية التي هي من أهم عوامل استمرار واستقرار الحياة الزوجية فيكون الطلاق نتيجة مباشرة لعدم قدرة الزوجين على تحمل أعباء الحياة الزوجية.
8 التسامح المجتمعي مع فكرة الطلاق ساهم الى حد كبير في ازدياد معدلاته. فالموقف الاجتماعي الداعم للزواج والمناهض للطلاق سابقا أخذ في الانحسار ليجد الأفراد أنفسهم أمام واقع يسمح لهم بالطلاق متى شاؤوا.
هذه عوامل يمكن ان نطلق عليها عوامل حضارية ساهمت في تزايد معدلات الطلاق في مجتمعنا.
* ولكن ألا ترون الحاق تأثير القنوات الفضائية بأسباب تزايد الطلاق؟
لا يمكن اغفال دور القنوات الفضائية ووسائل الاتصال الحديثة في وقوع الطلاق حيث ساهمت القنوات الفضائية ووسائل الاتصال الى جانب المسببات المذكورة أعلاه في ارتفاع معدلات الطلاق. فالفضائيات التي تعمد الى تقديم الحسناوات عبر برامجها وكذلك أصحاب الوسامة من الرجال أدت الى مقارنات مع واقع الحال ليزهد البعض بالطرف الآخر ويلجأ الى خيار الطلاق، كما ساهمت وسائل الاتصال الى اتساع رقعة المعاكسات الهاتفية والخيانات الزوجية مما ساهم في رفع معدلات الطلاق.
مشاكل اجتماعية وأمنية
* برأيكم ما المشاكل الاجتماعية والأمنية التي تحدث نتيجة انفصال الزوجين وتشتت الأبناء.. وكيف معالجة ورأب الصدع الأسري في هذه الحالة؟
لا شك ان آثار الطلاق لا تقتصر على الزوجين وحدهما وانما تمتد الى الأبناء وأسرة كل من الزوجين فالطلاق في وقتنا الراهن مدعاة الى عنوسة المطلقة والنظرة الاجتماعية الدونية لها مما يسبب لها انعكاسات نفسية سيئة كالقلق والاحباط وخيبة الأمل وربما تطور الأمر الى الانحراف أو الرغبة في الانتحار. أما الأبناء فالآثار السلبية للطلاق عليهم أكثر قسوة ومرارة نتيجة فقدان الأمن النفسي والقدوة، والقدرة على اشباع الاحتياجات من مأكل ومشرب وسكن وملبس وغيرها، الأمر الذي قد يدفعهم الى الانحراف لإشباع احتياجاتهم.
* ما نصيحتكم للمقدمين على الزواج سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً ليعيشوا حياة هانئة ومستقرة؟
نجاح الزواج له شروطه ومن أهمها الرغبة الحقيقة في الزواج والاستعداد النفسي والمادي للالتزام بتلك الشروط. فالزواج لابد أن يقوم على موافقة الطرفين وعدم اكراه أحدهما على الارتباط بالآخر. ولابد من الاستعداد من كلا الطرفين للتحول من دور العازب الى دور المتزوج بحيث يتحمل الطرفان مسؤوليات الحياة الزوجية ومراعاة رغبات وميول واهتمامات بعضهما البعض. وكذلك لابد من الصبر والتحمل وعدم الاستعجال في الطلاق لأن الحياة الزوجية في بداياتها مجرد مناورة يكتشف كل طرف فيها شخصية الطرف الآخر ثم تستمر عجلة الحياة الزوجية بشيء من التنازل والتراحم والتواد، وأيضا لابد من الاختيار الموفق بالسماح للخاطب بالنظر الى مخطوبته والمخطوبة الى خاطبها ومراعاة التوافق العمري والتعليمي والاجتماعي والاقتصادي والديني بين الزوجين.
يجب على الزوجين ادراك حقيقة ان الخلافات في الحياة الزوجية أمر متوقع وعليهما التعامل مع بعضهما بالمودة والرحمة والاحترام المتبادل واحترام أقارب كل منهما وعدم التحقير من شأنهم. ولا بد كذلك من ادراك كل طرف لحقيقة رعاية الحياة الزوجية بعد مدة من الزواج فيعمدان الى احياء المشاعر والأحاسيس فيما بينهما بالهدية والسفر معا والتغيير في المظهر وتبادل عبارات الحب والعطف والمودة والرحمة والتشاور في شؤون الأسرة والابتعاد عن مواطن الشك والغيرة لتستقيم الحياة الزوجية.
الاصلاح الأسري
* أنشأت وزارة العدل مكاتب للاصلاح الأسري في بعض المحاكم.. كيف ترون دورها في تقريب الفجوة بين الزوجين وكيف يمكن تفعيلها في المجتمع؟
أي خطوة يتم اتخاذها لخدمة استمرار العلاقة الزوجية بين الزوجين تعد خطوة مهمة نحو الاقلال من معدلات الطلاق.ومبادرة وزارة العدل لإنشاء مكاتب للاصلاح الأسري في بعض المحاكم تمثل بادرة ايجابية ونتمنى ان تشمل كل وليس بعض المحاكم شريطة ان يكون القائمون على الاصلاح مؤهلين من النواحي الشرعية والاجتماعية والنفسية للقيام بهذه المهمة فقد أثبتت تجربة مكاتب الخدمة الاجتماعية الملحقة بمحاكم الكويت نجاحها في منع وقوع العديد من حالات الطلاق بنسبة بلغت 25% فالاصلاح الأسري ينبغي ان يكون مهمة رئيسية من مهام المحاكم.
* مع تزايد نسبة الطلاق.. هل ترون ان العدد كاف في مكتب الاصلاحات الزوجية لمقابلة هذا الكم الكبير من حالات الطلاق وتقديم الخدمات للزوجين؟
يوجد بالمحكمة الآن قسم خاص مستقل عن باقي أقسام المحكمة وهذا القسم يعمل به موظفان اثنان والمكان مهيأ لشغله بأربعة موظفين وفي الزيارة الأخيرة لمعالي وزير العدل الى المحكمة بعد انتقالها الى مقرها الجديد وجه معاليه بالعناية بهذا القسم وتوفير جميع ما يحتاجه من الموظفين المؤهلين أو غير ذلك لكي يؤدي دوره المنوط به على أكمل وجه ويستقبل الكم الهائل من المراجعين له، كما ان هذا القسم يحظى بمتابعة فضيلة وكيل الوزارة الشيخ عبدالله اليحيى تنفيذا لتوجيهات معالي وزير العدل نسأل الله للجميع التوفيق والاعانة وأن يكلل الجهود المبذولة في سبيل تطوير هذا القسم بالنجاح حتى يؤدي رسالته امتثالا لقوله تعالى:(لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً) وقوله تعالى:(فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين).
وقوله صلى الله عليه وسلم:«ألا أخبركم بأفضل من درجات الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال: إصلاح ذات البين».
نسعى للتطوير دائماً
* انتقالكم للمبنى الجديد.. هل يعني ذلك تطويراً لأسلوب العمل في المكتب لتقديم خدماته على نطاق أوسع؟
لاشك ان في انتقال المحكمة الى المبنى الجديد تطويراً لأسلوب العمل في المحكمة بصفة عامة ومكتب الاصلاح بصفة خاصة فالمحكمة كانت تعاني في المبنى القديم من ضيق المكان والزحام الشديد وقسم التوجيه كان في غرفة واحدة داخل المبنى والآن أصبح قسماً مستقلاً بمكاتب عدة فالموظف المختص تهيأ له جميع ما يطلبه من أجل أداء رسالته ومناقشة راغبي الطلاق قبل ايقاعه ومناصحتهم وتوجيههم واحضار زوجاتهم واجراء الصلح بينهم، والتطوير لا يقف عند حد معين فنحن وجميع العاملين بالمحكمة وتحت اشراف معالي وزير العدل والمعنيين بوزارة العدل ساعون بإذن الله وتوفيقه لبذل الجهد لتطوير هذه المحكمة عموما وقسم التوجيه والاصلاح خصوصا سائلا المولى عزوجل أن يرزقنا الاخلاص في العمل انه جواد كريم.


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved