أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 17th July,2001 العدد:10518الطبعةالاولـي الثلاثاء 26 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

شدو
في جغرافيا الألم..!
د.فارس محمد الغزي
جئتكِ يا أرض.. ممتطياً صهوة إعمال فكرٍ أضناه الإعمال....
جائل الذهن أنا.. فدعيني أجول في أرجاء جغرافيا الزمان السرمدي من قدرك الإنساني.. ألمك من الإنسان.. إيلامك له.. سر نفي النفي.. كنه جدلية الارتباط.. ماهية فك الارتباط: تخلقاً منكِ.. قراراً عليك.. تشبثاً بكِ.. رحيلاً عنكِ.. إياباً إليكِ .. ففناءً فيكِ إلى قدر..
اشتدي يا أرض.. فقدركِ الاشتداد حيث أصداء وقع حوافر خيل خيلاء الإنسان..
جيئة تستبيح مناكبك.. ذهاباً تنتهك منادحك..
مرحاً تعبث بهضابك..، بطراً تنتهك روابيك..
فالكبو الأبدي مصير خيل الخيلاء..
أما أنتِ فأنتِ الذلول العزيزة بقدرة المذل الأعز..
رغم ما فيكِ من أثقال الأثقال المتميزة غيظاً.. المغضية المتغاضية عن التماوج قدراً..
يا طلسم الأزل الطلسمي..،
لا تثريب..، لا حرج..، فضيقك بأمره منتهاه إلى فرج..،
غير أن أمرك غريب يا مقر الغرباء..،
يا عزوفاً عن شرْب الدماء..،
يا آكلة الأجساد الرميم..،
الحق لك.. لو هادك عذر السهاد..،
لهضابك حق الغور..،
لظرابك حق الإضراب عن الاخضرار..،
فما يفعله بكِ إنسانك ليس إلا جزءاً من فسادٍ منظور سلفاً بقدر..،
فقدرك أن تكون شريعة الغاب خيراً من معاول الهدم يحملها حامل ثقل أمانة أعمارك
يا حاضنة أجساد الأجداد والأولاد والأحفاد..
قدركِ الاكتفاء بالانزواء خلف سدول سواد الليل البهيم حداداً على عبث العابثين بوجهك الإنساني الجميل لولا الإنسان..،
قدركِ خسوف قمرك إشاحة منه عن قذى مشاهد ظلم الإنسان للإنسان..
أواه يا أرض الله الواسعة..،
مهما صرخت منكِ الآفاق اكتظاظاَ بآلام المكلومين..
مهما أعياكِ ألم صراخ الصامتين فلذتِ بالصمت الصارخ..،
مهما غاض منكِ الماء بكِ فزعاً إنسانياً..
فمنكِ إليكِ هو الإنسان.. حامل الأمانة.. خائن الأمانة..
الُمنهك كاهله الضئيل الإنسان..
فهلا تسائلين جبالك سرَّ رفْض الإذعان لحمل ما لا يُطاق..
وتسألين المُذعن الظلوم الجهول سرَّ الاستجابة.. أسباب الاذعان..
سائليه.. ما الذي آنسه..؟ لعوى الذئب أطربه..؟ من صوت الإنسان.. صوته أوحشه..؟
يا أرض وقد بُورك فيكِ وفي أقواتكِ..
فمن ذا الذي أجاع إنسانك الجائع..؟
وهل كان له أن يتضوّر جوعاً لولا تخمة وجشع أخيه الإنسان..؟!
يا أيتها المضياف الوقور.. الأرض
كم عبر أرجاءكِ نحو السماء من آهات مظلوم
كم جلجل في آفاقك من صرخات مكلوم يرنو ببصره نحو السماء..
كم شرب يبابكِ من دموع الحيارى..
كم غُمط من حق.. كم أريق على محياك حياء مُحيا..
كم نُسج وهمٌ من خيوط الآمال خيوط بيت العنكبوت بل أوهى..؟
كم اخضرّت منك المناكب ترحاباً.. كم تراقصت أزهارك ترحيباً..
كم هبّ نسيمك العليل تعليلاً.. كم شدا طيرك في الأجواء أملاً..
فليس بسرٍ هو إجداب المناكب منكِ.. وتَعطُّل لغات الترحاب..
وذبول الأزهار.. وتوقف الطير الزريابي عن شدو زرياب..
كل هذا بسبب هذا.. جحود الإنسان نكرانه...
إصراره على ثبات الزائل.. على زوال الثابت..
بل هو الزائل.. حتماً.. لا محالة هو الزائل..

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved