أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 22nd July,2001 العدد:10524الطبعةالاولـي الأحد 1 ,جمادى الاولى 1422

عزيزتـي الجزيرة

واحد من أهم عوامل تقدم الاقتصاد
تنظيم هيئة الاتصالات السعودية وضع الأطر لتطوير قطاع الاتصالات
شهد قطاع الاتصالات في المملكة تطورات مهمة خلال السنوات الثلاث الماضية، وهي تعكس اهتمام ولاة الأمر في هذا البلد المعطاء بكل ما يهم المواطنين ويساعد على تسهيل أمور حياتهم، ويأتي صدور نظام الاتصالات وتنظيم هيئة الاتصالات السعودية، ومعالجة أوضاع موظفي الباب الأول المعارين إلى شركة الاتصالات السعودية تتويجاً لهذا الاهتمام والتطور الذي تعيشه المملكة في قطاع الاتصالات.
ولعل المتتبع لمراحل تطور قطاع الاتصالات خلال القرن العشرين يلاحظ التوجه في معظم دول العالم إلى تخصيص هذا القطاع، وإنشاء هيئات متخصصة لتنظيمه، والسماح بالمنافسة وتعدد الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات، وكان ذلك مدفوعاً بالعوامل الآتية:
1 تزايد الشواهد الثابتة على أنه كلما زادت المنافسة في قطاع الاتصالات وكلما تعددت الشركات المقدمة لهذه الخدمات تطور هذا القطاع وزاد نموه، وتحسنت الخدمات المقدمة للمستفيدين.
2 الحاجة إلى استقطاب رأس المال الخاص للمساهمة في التوسعات الهاتفية، وتطوير خدمات الاتصالات وإدخال الخدمات الجديدة.
3 الزيادة في خدمات الإنترنت والتي نتج عنها زيادة الحركة المتولدة من هذا المجال حتى أنها فاقت في كثير من الدول الحركة الهاتفية الصوتية، وكذلك إدخال خدمات كثيرة من خلال الإنترنت.
4 الزيادة في خدمات الهاتف الجوال والخدمات اللاسلكية عموماً والتي وفرت خيارات بديلة للهاتف الثابت في كثير من الدول.
5 تطور قطاع الاتصالات على المستوى الدولي والتي نتج عنها اندماج شركات اتصالات عالمية مع بعضها البعض وتعاونها في كثير من المجالات.
وإذا عدنا إلى نظام الاتصالات وتنظيم هيئة الاتصالات السعودية اللذين أقرهما مجلس الوزراء خلال اجتماعه المنعقد يوم الاثنين 5/3/1422ه نجد أهم ما اشتمل عليه النظام الآتي:
أولاً: الأخذ بالتوجه الذي سارت عليه عدد من دول العالم بتحديد دور الجهات التي لها علاقة بقطاع الاتصالات وهي الوزارة، الهيئة، الشركات المقدمة للخدمة.
وقد نص نظام الاتصالات على أن تقوم الوزارة بوضع السياسات العامة والخطط والبرامج التطويرية لقطاع الاتصالات، وبرفع طلب منح التراخيص التي يقتضيها النظام، وهي التراخيص التي نصت المادة الخامسة على خضوعها لموافقة مجلس الوزراء وهي الترخيص لتقديم خدمات الاتصالات الخاصة بالهاتف الثابت والهاتف الجوال، والسبب واضح لهذين النوعين حيث تتطلب استثمارات كبيرة، ولذلك نصت المادة الرابعة على أنه لا يجوز تقديم هاتين الخدمتين إلا عن طريق شركات مساهمة عامة، حتى لا تصدر هذه التراخيص لأشخاص طبيعيين أو مؤسسات فردية، وذلك حماية لصغار المساهمين، وحتى تعم الفائدة لأكبر عدد ممكن.
ومن الاختصاصات الممنوحة للوزارة بموجب نظام الاتصالات الرفع بمشاريع الأنظمة وتعديلاتها، والتنسيق مع الجهات المعنية فيما يتعلق بالخدمات المقدمة للجهات الحكومية، وتمثيل المملكة في الهيئات المحلية والإقليمية والدولية في قطاع الاتصالات، وأخيراً المصادقة على القواعد والأسس والشروط المتعلقة بالخدمة الشاملة وحق الاستخدام الشامل التي تقترحها الهيئة، وهذه المقصود بها مستوى الخدمات ونوعها التي يتم توفيرها في القرى والهجر والمناطق النائية، وذلك حتى لا تتضرر هذه المناطق من تحويل الاتصالات إلى القطاع الخاص بحكم كون إيصال الخدمة إلى هذه الأماكن مكلفة عادة وإيراداتها قليلة مما يجعلها غير جذابة للاستثمار فيها من قبل الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات مالم يتم إلزامها بذلك.
ثانياً: نص نظام الاتصالات في المادة الثالثة على أن تنظيم قطاع الاتصالات يهدف إلى توفير خدمات اتصالات متطورة وكافية وبأسعار مناسبة وضمان حق الوصول إلى شبكة الاتصالات العامة وأجهزتها وخدماتها بأسعار معقولة، وإيجاد المناخ المناسب للمنافسة العادلة والفعالة وتشجيعها في جميع مجالات الاتصالات، وهذه النصوص توضح بصراحة التوجه إلى فتح الأسواق والسماح بالمنافسة المنظمة التي تساعد على تحسين مستوى الخدمات وتخفيض الأسعار.
كذلك يهدف النظام إلى استخدام الترددات بصورة فعالة ودون تداخلات بينها، وهذا يتفق مع الأهمية التي تمثلها الترددات لقطاع الاتصالات، وقد تمكنت كثير من الدول من تحقيق إيرادات مالية كبيرة من هذه الترددات مثلما حدث في بريطانيا وألمانيا حيث حققت كل منها إيرادات تفوق الأربعين مليار دولار لمنح رخص للهاتف الجوال من الجيل الثالث، بالإضافة إلى ما حققته الولايات المتحدة الأمريكية من إيرادات من هذه الترددات عن طريق تأجير هذه الترددات لفترات طويلة عن طريق المنافسة العامة بين الشركات المؤهلة.
كما يهدف النظام إلى الاستخدام الفعال لخطة الترقيم الوطنية وهي الخاصة بالأرقام المستخدمة في الهواتف، حيث عندما يكون هناك شركات يحتاج الأمر إلى تنظيم صرف الأرقام حتى لا يحدث تداخل فيها، ثم نص النظام على أن من الأغراض التي يحققها هو تحقيق الوضوح والشفافية في الإجراءات سواء ما يتبع في إصدار التراخيص أو خلافها، بالإضافة إلى تحقيق مبادئ المساواة وعدم التمييز، وحماية المصلحة العامة ومصالح المستخدمين والمحافظة على سرية الاتصالات وأمن المعلومات، ونقل تقنية الاتصالات وتنظيمها ومواكبة تقدمها.
ثالثاً: أكد النظام على أن الخزينة العامة تحصل على مقابل مالي نظير تقديم الخدمات تجارياً وإصدار التراخيص للمشغلين والسماح لهم باستخدامه وذلك بموجب قرار يصدر من مجلس الوزراء، وبذلك يكون المقابل المالي عن ثلاثة أمور:
أ مقابل لإصدار الترخيص ويدفع عادة مرة واحدة، ويتحدد إما عن طريق المنافسة العامة، وهي أفضل وسيلة، أو تقديره مسبقاً على كل ترخيص.
ب مقابل مالي للترخيص يدفع سنوياً على شكل نسبة من الإيرادات.
ج مقابل مالي نظير استخدام الترددات ويدفع سنوياً حسب ما يتم استخدامه من ترددات بموجب ترخيص تصدره الهيئة لمن يقوم بالاستخدام.
رابعاً: لعل من أهم المواضيع التي نظمها نظام الاتصالات هو الترددات والتي أفرد لها النظام الباب الثالث وتعرض في أربع مواد لأهم الأحكام الخاصة بالترددات حيث أكدت المادة الحادية عشرة على أن الطيف الترددي ثروة طبيعية تملكها الدولة، وعلى أن مجلس الوزراء هو الجهة المختصة بإقرار الخطة الوطنية للطيف الترددي وفقاً لما يحقق الاستخدام الأمثل لها بوصفها ثروة وطنية محدودة.
ثم أوضحت المادة الثانية عشرة إجراءات إعداد الخطة الوطنية للطيف الترددي، ونصت على أن تقوم الهيئة بالتأكد من استخدام الترددات وفقاً للخطة الوطنية للطيف الترددي، وعلى توليها إدارة الترددات المخصصة للأغراض المدنية والتجارية، والمقصود بذلك الترددات التي تستخدم في الاتصالات سواء الثابت منها أو الجوال، والإشراف عليها، ووضع خطة توزيعها بين الشركات العاملة في هذا المجال واستخدامها.
ثم نصت المادة الثالثة عشرة على أنه لا يجوز استخدام الترددات المخصصة للأغراض المدنية والتجارية قبل تخصيصها من قبل الهيئة، والحصول على الترخيص اللازم، وتسديد المقابل المالي لاستخدام هذا التردد.
خامساً: وضح النظام في الباب الرابع منه كيفية استخدام الأرقام الهاتفية وفق خطة وطنية للترقيم، وهي لا تقل أهمية عن الترددات.
سادساً: أوضح النظام في الباب الخامس التراخيص، وكيفية الحصول عليها، وأنه يتم التقديم للحصول على التراخيص إلى الهيئة.
كما نصت المادة التاسعة عشرة على أنه لا يشترط الحصول على ترخيص من الهيئة لمن يقوم بإنشاء شبكة اتصالات خاصة مثل المجمع السكني أو المستشفى ، ولكن يجب الحصول على الموافقة اللازمة قبل ربط هذا المقسم بشبكة الاتصالات العامة حتي يتم التأكد من موافقته مع متطبات الربط بالشبكة العامة.
كما أوضحت المادة العشرون كيفية تجديد التراخيص أو تعديلها أو تعليقها أو إلغائها، ونصت المادة الحادية والعشرون على أن تقوم الهيئة بتصنيف التراخيص ووضع الشروط الخاصة بمنح كل نوع منها، وهذه المادة مهمة لأنه يجب على الهيئة إيضاح أنواع التراخيص، والشروط اللازمة لمنح كل نوع، وإعلانها حتى يتحقق الوضوح والشفافية في الإجراءات وتحقيق مبادئ المساواة وعدم التمييز التي نص عليها النظام.
سابعاً: اشتمل النظام في الباب السادس على أحكام المنافسة حيث حدد النظام الأمور المحظورة على المشغلين والتي قد يكون الهدف منها الحد من المنافسة أو التقليل منها، لأن هذه التصرفات تتعارض مع أهداف النظام التي تحدثنا عنها سابقاً والتي من أهمها أنه يشجع على المنافسة.
ثامناً: نص النظام في الباب السابع على أحكام ربط الاتصال بين المشغلين، وهذه المواد مهمة لتحقيق المنافسة والسماح بها، لئلا تسيطر إحدى الشركات وتضع شروطا تعجزيه على الشركات الأخرى، لذلك أجاز النظام بعد أن تضع الهيئة الضوابط والقواعد العامة لأحكام الربط أن يتم التفاوض للاتفاق على ربط الشبكات، وفي حالة عدم الاتفاق يتم رفع الأمر إلى الهيئة للبت في الأمر، ويكون قرار الهيئة ملزماً لجميع الأطراف.
تاسعاً: نظم الباب الثامن أحكام الأجهزة وضرورة توافقها مع المتطلبات والمواصفات الفنية التي تحددها الهيئة سواء أحكام استخدام أو تركيب أو التشغيل والصيانة.
وهنا تجدر الإشارة إلى مادة مهمة اشتمل عليها النظام تتعلق باستخدام الأجهزة حيث نص على أنه لا يجوز استخدام أجهزة الاتصالات بما يخالف أحكام النظام، أو يعرض سلامة وسائل النقل المختلفة أو ركابها للخطر، وأقرب تطبيق لذلك هو من يقوم باستخدام الهاتف الجوال في الطائرات فإنه وفقاً لهذه المادة يكون قد ارتكب محظوراً يعاقب عليه النظام.
عاشراً: قرر النظام في الباب التاسع كيفية استخدام العقارات حيث نص على تمتع جميع المشغلين بحق متساوٍ للوصول إلى العقارات العامة والخاصة بغرض توفير الاتصالات، وبمعنى آخر أن جميع الشركات العاملة في مجال الاتصالات لها نفس الحق.
كما نص النظام في المادة الرابعة والثلاثين على حق المشغلين في دخول العقارات واستخدامها في الحدود الضرورية واللازمة لأغراض إنشاء وتشغيل وصيانة شكبة الاتصالات وذلك بعد الحصول على موافقة مالك العقار أو من يمثله، وهو ما يعبر عنه ب «Righf of way»، وطبيعي أن ملاك العقارات الخاصة لهم الحق في الحصول على مقابل مالي لعقاراتهم أو أجرة مناسبة عند استخدامها وهو ما نصت عليه المادة الخامسة والثلاثون، كما نصت المادة السادسة والثلاثون أنه في حالة عدم الاتفاق يرفع الأمر إلى الهيئة لتقوم باتخاذ اللازم لنزع ملكية العقار للمنفعة العامة.
وقد اشتمل الباب العاشر على المخالفات والغرامات التي تفرض على مرتكبي المخالفات والآلية اللازمة لذلك.
أما النسبة لتنظيم هيئة الاتصالات فقد اشتمل في المادة الثالثة على اختصاصات الهيئة، وأنها تتولى تنظيم قطاع الاتصالات وفق نظام الاتصالات، ثم عددت المادة الصلاحيات التي للهيئة ، ولعل أهم ما يمكن إيضاحه في هذا الشأن هو حق الهيئة في تنظيم أسعار تقديم خدمات الاتصالات حيث أشار النظام والتنظيم إلى حق الهيئة في ذلك، وهذا الأمر يختلف حسب وجود المنافسة وعدمها، ففي حالة وجود المنافسة يفترض أن تراقب الهيئة الأمر وتسمح لقوى السوق أن تحدد الأسعار، أما عندما تنعدم المنافسة فإن الهيئة تتدخل لوضع أسس تحديد الأسعار إما على أساس مبدأ تحقيق نسبة ربح معينة مثل 10% أو 15% من استثمارات الشركة، أو على أساس وضع سقف أعلى للأسعار لا يجوز تجاوزه ولكن يمكن تخفيضه من قبل الشركة.
أما بالنسبة لتشكيل الهيئة فنص التنظيم على أن لها مجلس إدارة برئاسة معالي وزير البرق والبريد والهاتف وعضوية ثمانية أعضاء أربعة من الجهات الحكومية التالية وزارة البرق والبريد والهاتف ووزارة المالية ووزارة التجارة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتنقية وثلاثة من القطاع الخاص بالإضافة إلى المحافظ.
وأعطى النظام للمجلس الصلاحيات التي تمكنه من تسيير عمل الهيئة، كما أوضح النظام بأنه يرأس الهيئة محافظ بالمرتبة الممتازة، وهو المسئول التنفيذي عن إدارة الهيئة.
كما نص النظام على أن تتألف الموارد المالية من ما يخصص لها من المقابل المالي الذي تتقاضاه الدولة من الرخص والتصاريح التي تصدر للمشغلين، وتكون على شكل نسبة مئوية من ذلك المقابل، والمصدر الآخر المقابل المالي الذي تتقاضاه الهيئة عن الأعمال والخدمات التي تقدمها وفقاً لتنظيمها، وأخيراً حصيلة الغرامات المفروضة حسب النظام.
ولعل أهم الأحكام التي تضمنها التنظيم هو النص على أن تطبق أحكام نظام العمل والعمال ونظام التأمينات الاجتماعية على منسوبي الهيئة ، والهدف من ذلك إعطاء الهيئة المرونة الكافية في استقطاب الكفاءات التي تحتاجها، وإعطائهم مميزات مماثلة لما يعطى لموظفي الشركات العاملة في قطاع الاتصالات حتى تتمكن الهيئة من بناء كادرها الفني والإداري والخبراء القانونيين الذين تحتاجهم.
وفي الختام فإن صدور نظام الاتصالات وتنظيم هيئة الاتصالات السعودية قد وضع الأطر العامة لتطوير قطاع الاتصالات في المملكة، وجعله واحداً من أهم عوامل التقدم والتطور للاقتصاد في المملكة.
عوض بن عثمان العساف
مستشار قانوني

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved