أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 25th July,2001 العدد:10527الطبعةالاولـي الاربعاء 4 ,جمادى الاولى 1422

المجتمـع

التأكيد على أن مراجعي العيادات ليسوا مجانين
العلاج النفسي بين الخجل والدجل
* الرياض تهاني الغزالي:
تشير الدراسات النفسية إلى ان 40% من الناس يحتاجون إلى مساندة نفسية من قبل الأطباء النفسيين، لأنهم معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالاضطرابات النفسية العصابية نظراً لأنهم أشخاص أكثر حساسية من الآخرين، في حين أن نسبة من فقدوا عقولهم وصاروا غير قادرين على مواصلة حياتهم بصورة طبيعية لا تزيد عن 3%.
وبالرغم من أهمية المساندة النفسية من قبل الأطباء المختصين في علم النفس، على اعتبار ان لكل داء دواء إلا ان اتجاهات الناس متباينة تجاه العلاج النفسي، ولهذا استطلعت الجزيرة الآراء لمعرفة أسباب ذلك التباين وكذلك الالتقاء بعدد من الأطباء النفسيين لبيان هل المرض النفسي يؤدي بالفعل في نهاية المطاف إلى الجنون، وهل الجنون من الممكن علاجه.
أعتبره دجلاً
ومن الذين يعارضون العلاج النفسي ويعتبرونه دجلاً ولا تعترف بالمرض النفسي أصلا أم فيصل وهي ربة منزل فتقول: عشنا عمرنا كله ونحن لانعرف غير أن كل من ضاق صدره أو تغيرت تصرفاته لابد ان يذهب للشيخ ويقرأ عليه لأنه محسود والحمد لله كانت الناس تشفى ولهذا أرفض فكرة الذهاب للطبيب النفسي واعتبر عمله موضة جديدة والطبيب النفسي لا يؤمن بالحسد والعين ولا بالعلاج بالرقية الشرعية.
أما أمل محمد فهي ترفض العلاج النفسي لأنها تعتبر الأدوية التي يصفها المعالج مهدئات تؤدي إلى الإدمان فتقول أرفض العلاج النفسي بشدة لأني أرى أن الأدوية التي يصفها المعالج النفسي ماهي إلا مهدئات تؤدي في نهاية الأمر للإدمان.
ضعف إيمان
في حين أن حصة ابراهيم تعتبر المرض النفسي كله ضعف إيمان ولهذا لا تؤيد الذهاب للطبيب النفسي وتناشد كل من اختلت تصرفاته أن يعيد حساباته مع نفسه فتقول في رأيي ان الإنسان على مقدار ابتعاده عن الدين تتدهور حالته أرى ان الشخص المريض النفسي شخص ضعيف الإيمان ويجب أن يعيد حساباته مرة أخرى مع نفسه وربه وأن يكثر من الاستغفار ويكفي أن الطب النفسي الغرب هم الذين وضعوا قوانينه بطريقة تنكر دور الله عز وجل في خبايا النفس الإنسانية.
سعدت بالعلاج
لكن هناك من انتفع بالعلاج النفسي لهذا أيده ومن بينهم أم نواف التي بفضل الله ومن ثم العلاج النفسي استعاد ابنها الشاب الذي يبلغ من العمر 21 عاما سعادته ورغبته في الحياة فتقول لولا العلاج النفسي لضاع ابني مني ولو لم أذهب به لمستشفى الصحة النفسية في الوقت المناسب لكانت حالة ابني تدهورت وأشكر الأطباء الذين ساعدوه على أن يجتاز أزمته طوال مدة العشرين يوماً التي قضاها في المستشفى.
وتشاركها في الرأي أم عبد الله الإدارية بإحدى المدارس والتي أصيبت بحالة من الاكتئاب بعد الولادة وظلت هذه الحالة ترافقها لمدة عام بسبب مقاومتها في البداية الذهاب للطبيب فتقول وهي تتأسى على مقاومتها لفكرة العلاج في البداية:
فقدت شهيتي ورغبتي في الحياة بعد ولادة ابني الوحيد مباشرة ونصحني الطبيب المشرف عليَّ في المستشفى بدخول مستشفى نفسي لعلاج حالة الاكتئاب وأبان لي أن الاكتئاب الذي أصبت به طبيعي وفئة كبيرة من النساء تصاب به بعد الولادة ولكن خوفي على ولدي ورغبتي ألا يتأثر بحبوب الاكتئاب جعلاني أقاوم فكرة العلاج لمدة عام كامل وبصورة كادت تجعلني أفقد عقلي والحمد لله أنا الآن في قمة راحتي بعد أن تناولت حبوب الاكتئاب التي خلصتني من تعاستي.
العلاج ضرورة الآن
ومن الذين رأوا أن العلاج النفسي ضرورة الآن بعد أن تعقدت الحياة الاجتماعية أم لميس مدرسة لغة انجليزية والتي ترى أن امتناع الناس عن العلاج يزيد من مشاكلهم فتقول مع تعقد شكل الحياة الاجتماعية ازدادت وحدة الإنسان وصار في حاجة لمن يفضفض له عن همومه، بعد أن قتل التقدم التكنولوجي روح المودة بين الناس وليس من شك ان المعالج النفسي أفضل من يساعد الفرد على الحل الأمثل لمشاكله ومساعدته في كيف يتأقلم مع الحياة.
في حين تؤكد مها عمر معلمة بالمرحلة الابتدائية على أن الإسلام أكد على ضرورة العلاج النفسي فتقول الإسلام لم يفصل بين النفس والجسم ولذلك أشار إلى أن النفس تمرض وتصاب بعلل كثيرة ومختلفة شأنها في ذلك شأن الأمراض التي تصيب الجسم ومن الآيات الدالة على ذلك «في قلوبهم مرض» ولكن للأسف مازال المجتمع ينظر إلى المرض النفسي والعلاج النفسي نظرة سلبية بسبب ان مفهوم المرض النفسي لايزال غامضا لدى الكثيرين والذي قد يصل إلى الاعتقاد بان كل من يلجأ إلى العلاج النفسي مجنون ولهذا من الضروري تعريف الناس بالمفهوم الصحيح للمرض النفسي.
وتؤكد الاخصائية الاجتماعية سارة القحطاني على أن أفراد المجتمع يجب أن يعوا أن العلاج النفسي فن يعلم الناس كيف يكونون أصحاء فتقول ان المجتمع عرف أن العلاج النفسي علم له أصوله وفنونه التي من شأنها أن تساعد الناس وتدربهم على كيف يكونون أصحاء لحرص كل شخص اضطربت أحواله على مراجعة الطبيب النفسي لمساعدته على التخلص من معاناته، ولكن للأسف النظرة المنتشرة في المجتمع عكس ذلك والسبب في ذلك الأفلام والمسلسلات التي دائما تظهر «الطبيب النفسي» في صورة مزرية وغريبة تولد الخوف في نفس الناس من الذهاب إليه، إلى جانب أن هناك الكثير من الناس ينظر لكل من يذهب إلى العيادة النفسية أنه على عتبة الجنون ولهذا يفضل من يعاني ألا يذهب إلى الطبيب خوفاً من تلك النظرة.
ويرد الدكتور أحمد خيري أستاذ عم النفس الاكلينيكي والمعالج النفسي بمركز الاستشارات النفسية والتأهيل الشامل على هذا الاتهام فيقول قديماً هناك اعتقاد بان الأدوية بالفعل تساعد المريض النفسي على التخلص من معاناته وخاصة الأدوية الخاصة بالاكتئاب بعد أن صحبها وقت ظهورها ضجة إعلامية كبيرة، ولكن سرعان ما تحولت تلك النظرة بعد أن تأكد المرضى أن الأدوية عامل مساعد في مساعدة المريض النفسي.
في حين يؤكد الدكتور مجدي لبيب اخصائي الطب النفسي بالمستشفى الوطني على أن المشكلات النفسية التي يمر بها المرضى النفسيون تحتاج فقط إلى جلسات علاجية منظمة تحت إشراف طبيب نفسي متخصص يعرف تماما ما يجب عليه أن يفعل مع المريض.
ويناشد الدكتور/ خالد حلمي استشاري الطب النفسي بالعيادات النفسية التخصصية الأفراد الى تفهم دور المعالج النفسي فيقول ان المشكلات الاجتماعية والنفسية توجد حيث يوجد المجتمع، فاتصال البشر فيما بينهم غالبا ما يولد الكثير من المشكلات التي تحتاج في مجملها إلى من يساعدهم على حلها ولذلك وجود المعالج النفسي ضروري ومهم جداً لمساعدة أفراد المجتمع على معرفة مشاكلهم والعمل على حلها وهذا لن يتم بالصورة المطلوبة إلا إذا أدرك الناس أن هناك 40% من مجمل الأشخاص يحتاج إلى مساعدة نفسية وأن الأمل في الشفاء موجود طالما هناك ايمان بالله ثم بالعلاج، ولهذا أناشد الناس إلى فهم عدد من الحقائق أولها ان الأمراض النفسية تختلف عن الأمراض العقلية والدليل على ذلك ان المريض النفسي دائما يبحث عن العلاج والمساعدة الطبية وهو دائماً مستبصر بمشكلته ويسعى لحلها، بالإضافة إلى أن اختباره للواقع سليم ويتعامل مع مشكلته بإدراك كامل، في حين أن المريض العقلي مريض لا يبحث عن العلاج ولا يقتنع بوجود أي مشكلة نفسية لديه ولهذا اختباره للواقع غير سليم ولذلك لايحضر إلى العيادات النفسية إلا بصحبة الأهل بعد أن زادت معاناتهم من سوء تصرفاته.
ثانياً/ ان الشفاء من الأمراض النفسية من السهل الشفاء منها تماما طالما واظب المريض على جلسات العلاج، وتعاطى الأدوية الموصوفة له في ضوء حالته بانتظام.
ثالثاً ان العقاقير النفسية تقوم باصلاح الخلل الكيميائي في الناقلات العصبية الموجودة بالدماغ ولهذا من الخطأ الاعتقاد بانها مهدئات مخدرة وان إدمانها صعب ولا يحدث إلا مع القليل من العلاجات النفسية الخاصة التي تساعد على النوم.
رابعاً: ان الاضطرابات النفسية تنتج عن اختلال كيميائية الدماغ إما بالزيادة أو النقصان، شأنها في ذلك شأن العديد من الاضطرابات العضوية الأخرى وباصلاح هذا العطب يظهر التحسن ولذلك من الظلم أن نعتقد ان الأمراض النفسية علامة من علامات ضعف الإيمان والبعد عن الله لأن المرض يصيب الصالح والطالح بنفس الدرجة.
وقد ختم كلامه بالتأكيد على أن الطبيب النفسي إنسان مسلم يؤمن بالله ولهذا لاينكر وجود الجن والعين والسحر ولذلك لاينكر تأثيرها ويضع في اعتباره ان المريض النفسي مريض يحتاج ممن يحيطون به المساندة أيضا وذلك لن يتم إلا إذا ابتعد الأهل والناس عن اتهام المريض النفسي بقلة الإيمان لأن دور الإيمان في المرض النفسي يتمثل في إيمان المريض حين يتعاطى الدواء بان الشفاء من عند الله.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved