أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 25th July,2001 العدد:10527الطبعةالاولـي الاربعاء 4 ,جمادى الاولى 1422

محليــات

يارا
سعادة وكيل الوزارة
عبدالله بن بخيت
لن يتأخر ذلك الزمان الذي سنقرأ فيه اعلانا يقول: يشترط في المتقدم لهذه الوظيفة ألا يكون سبق له الالتحاق بوظيفة حكومية. وفي أحسن الأحوال سيكون الاعلان بالصيغة التالية« ألا يكون عمل في وظيفة حكومية أكثر من ثلاث سنوات». أعتقد ان السبب واضح لكن ما فيه مشكلة إذا زدنا الأمر بعض الايضاح.
لن آتي بجديد إذا قلت إن العمل في القطاع العام يعني تكافلاً اجتماعياً والراتب لا يقابل العمل والانتاج، والفروق الفردية بين الموظفين لا معنى لها أمام النظام، والترقيات فيه على الواسطة وفي أحسن الأحوال على شختك بختك، والعلاوات ثابتة بغض النظر عن قدراتك، وتسهيلات العمل الأخرى كالانتدابات وخارج الدوام تحولت الى مكافآت وهبات. بعد هذا كله هل هناك رجل أعمال أو شركة أهلية لديها الاستعداد ان تقبل موظفا عقيدته الادارية لا تعتمد على الانتاجية والربحية إذاً من الطبيعي ان تتدنى سمعة المواطن السعودي في سوق العمل. ومن الطبيعي أيضاً ان يأتي ذلك اليوم الذي سنقرأ فيه الاعلان المذكور أعلاه.
المشكلة ان معظم البرامج التدريبية والتعليمية والتوجيهية صممت لتدفع الناس للعمل في القطاع العام. اعتقد انها صممت عندما كانت الدولة في مرحلة تأسيس كوادرها، وخلق المهارات اللازمة لتقديم خدماتها لمواطنيها. وفي الوقت نفسه لم يكن هناك شيء اسمه قطاع خاص بالمعنى الحقيقي حتى يكون منافسا.. فتحولت علاقة القطاع العام بالناس كعلاقة الأم بابنها.. فتطورت القوانين لتقابل هذا المفهوم وترسخ في العقول ان الوظيفة الحكومية هي السبيل الأمثل للعيش وهي الى ذلك أمان واطمئنان.
المشكلة ان العالم تغير وتزايد عدد الشركات الأهلية وشبه الأهلية وما زلنا نسمع من يقول: ما شاء الله عليه وكيل وزارة!! بكل اجلال وتفخيم.. بينما لو جلس هذا المندهش مع نفسه وحسبها جيدا لوجد ان راتب وكيل الوزارة لا يتعدى راتب موظف من الدرجة المتوسطة في القطاع الخاص. كما ان صلاحيات وكيل الوزارة لا تتعدى صلاحية موظف متوسط في بنك أو شركة أهلية. فموظف في بنك أو في شركة أهلية يمكن ان تحتكم صلاحياته على ملايين الريالات. بينما وكيل الوزارة لا يملك حق انتداب موظف من موظفيه أكثر من أسبوع. بل بعضهم لا يملك ان يوقع على قرار اجازة موظف صغير في مكتبه.
في الوقت الذي يملك الموظف في القطاع الخاص كل أشكال الرفاهية الوظيفية كالتأمين الطبي ونجد ان وكيل الوزارة يصف بعياله في طوابير مستشفى الشميسي وأمثاله في أنحاء المملكة «إلا إذا كان ما عنده مانع يعالج على حسابه».
ولا يستطيع ان يلفظ في وجه موظف حتى لو كان فراشا. الله حق ان بعض وكلاء الوزارات يستطيعون ان يوفروا لأنفسهم عددا من الفراشين لخدمتهم في القهوة كما ان مكتب سعادته والحق يقال يتميز برائحة الهيل ولو بنسبة أقل من رائحة الهيل في مكتب معاليه.. ولكنه هيل على كل حال.
فالنظرة لوكيل الوزارة تشكلت في الأزمنة الماضية عندما كانت كثرة الفراشين لها دلالة تتصل بالوجاهة والوظيفة الكبيرة امتدادا لمفهوم المشيخة.
كان وكيل الوزارة ييسر لك العلاج وييسر لابنك الالتحاق بالمدرسة ويؤمِّن لك تلفوناً قبل اخوانك المسلمين الصافين في قوائم الانتظار. الآن فلوسك تعالجك وإذا تفضل سعادته وقدم لك خدمة طبية فأقصاه ان يضمن لك أحسن سرير في مستشفى الشميسي وما شاكله في أنحاء المملكة. وإذا توسط لابنك في مدرسة ففي المدارس الحكومية التي لا تخفى عليكم. والتلفونات الآن على قفا من يشيل على حد قول اخواننا المصريين. لم يبق شيء لوكيل الوزارة يشخص به على الناس.
الزمان تغير ويتغير بسرعة كبيرة فربوا أبناءكم على الأيام الجديدة لا على الماضي.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved