أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 1st August,2001 العدد:10534الطبعةالاولـي الاربعاء 11 ,جمادى الأول 1422

عزيزتـي الجزيرة

دعوة للانعتاق من أسباب الطلاق
حقا كم يكون الألم كبيرا والحزن عميقا عندما تسمع عن حالات طلاق وعدم اتفاق.. نهاية بائسة تغتال احلام الزوجية وتغربل اغصان هذا المشروع الجميل وتجهز على طيور السعادة.. قف لحظة.. أرسل نظرة تأمل فاحصة.. اقرأ أبعاد هذا الختام المؤرق.. وأعد تشكيل ملامح القصة.. ربما ايقظت الجراح الغافية وأثرت دموعا خرساء.. ظلت واجمة فوق خد فتاة مكلومة التحقت بقافلة الطلاق لتعاني قسوة المجتمع وجور الزمن.. اسمحوا لي ان أمارس قراءة حزينة في بوابة الطلاق محاولا تلمسّ أبعاده المؤلمة وتهجي تبعاته المبكية.. مشاعر جريحة تستبد بها رياح الحزن وتعصف بها تيارات العقوق.. عفوا هن فتيات تنبجس صدورهنّ عن آهاتٍ حرّي.. يتلون طعم الجرح في أعماقهن ليغدو الكون في أعينهن قطعة من سواد عبر نزوح مرّ بين تضاريس الكآبة..
الطلاق.. رحلة شاقة.. مرّة.. حبلى بالذكريات الدامعة.. )الطلاق( موقف انكسار يمزق كتاب الزوجية ويعبث بصفحاتها.. ويذرف حروف الحسرة في فضائها العالق..
)الطلاق( مصير كئيب.. وهاجس بات يؤرق كثيرا من الفتيات الواقفات على ضفاف الزوجية تحت مظلة القلق الذي يزرع نفسه في أذهانهن خشية الفشل..
)الطلاق( مصطلح حادّ يلجم اجابات اللحظة ويضع ألف دائرة تساؤل.. ترى ما الذي يدفع الزوج الى اللجوء اليه كحل جاهز وعلاج معلب يسكن آلام الفشل؟
أهو سوء اختيار الزوج أم عدم كفاءة الزوجة.. أم أن معايير هذا الزمن العاق قد تغيرت وضوابطه قد تبدلت فأصبحت مواصفات )الزوجية( أفقا بعيدا يصعب استيعابه والإلمام بخطوطه العريضة..
ويظل الطلاق لغة عاقة مشحونة بمفردات الحيرة والتوتر.. غير اننا مطالبون بقراءة معطياته الصعبة وترجمة معانيه المحزنة ومعرفة نتائجه الوخيمة درءً الحدوثه او اتخاذه شبحا مرعبا يكدر صفاء الزوجية..
نعم.. نسمع عن حالات عديدة من طلاق كان يمكن تجنبه والتغلب على اسبابه بقليل من الحكمة والتأني وقراءة الموقف بموضوعية..
إن هاجس كل أب مكافح ان يزف ابنته في موكب زواجي مشرف ومن ثم تكون فرحته بقدوم قادم ما يصرفه عن التحري والتأني وزراعة الأسئلة وقراءة الموقف قراءة متأنية ليكون الاستعجال والضحية فتيات في عمر الزهور يجدن أنفسهن في دائرة الطلاق.. ان معظم شباب اليوم لهم )مواصفات خاصة( لشريكة الحياة ربما استقاها من اعماق قنوات الفضاء وبعضهم يقدم على الزواج قبل اكتمال نضجه الفكري واستواء تجربته او دون المام كامل بملامح الزوجة ومعرفة مواصفاتها وسماتها وبالتالي لن تملأ عينه ويكون احتفاؤه بالزواج احتفاءً وقتياً طارئاً يقبله على مضض دون ان يقدر مفردات البيت الزوجي.. وربما حصل الطلاق بمرارته لدى المرأة ورؤيته المجتمعية القاسية التي تجعلها تدفع الثمن.. أو تضطر لمواصلة حياة زوجية تعيسة أغصانها ذابلة وما بالك لو أنجبت طفلا يربطها بعالمها الزوجي الكئيب.. وقد يقول الشاب المقدم على الطلاق: )إنّ الودّ لم يكتب بيني وبين الفتاة.. فلماذا أجامل بالمواصلة في مشروع لن تجدي معه عملية الترميم أو طول النفس؟ او يبرر موقفه بفقد التفاهم بين الاثنين وغياب لغة الحوار الزوجي واختفاء ملامح السعادة وكأن حبيبات الوجدان قد ذابت في فضاء الملل.. آه من جنوح بعض الرجال لأبغض الحلال.. نعم.. يطرق مسامعنا كثيرا تبريرات رتيبة على ألسنة البعض لتمرير.. حدوث الطلاق وعندها ستتساءل بألم: هل استحال هذا المشروع المبارك الى )موقف تجريب( لدى فئة من الشباب الذين لا يقدرون معنى )البيت الزوجي( أو يلمون بأسس تكوينه ومقومات نجاحه وأبرزها القيم الروحية الأصيلة..؟
ويا للعجب بمجرد انقباض مزاج الشاب عند دخوله ليلة الزواج يبادر باستحضار ملامح الفراق باللجوء الى الطلاق.. فلا تعجبه الفتاة أو تروق لمواصفاته التي رسمها من قبل.. ولم تكن هي فتاة الاحلام.. هنا سيهيىء المسكينة لتقبل الامر الواقع واستلام )وثيقة الطلاق( وكأن شيئا لم يكن..
بأية لغة اصوغ آهات الحسرة لدى تلك الضحية؟ وكيف اعبر عن دوائر المرارة التي تغلف ملامحها الشاحبة؟
وتظل المغلوبة على امرها قابعة في زاوية الدهشة وذهنها المثخن مكتظ بركام الهواجس.. ولا تزال تغض الطرف حزنا وانكسارا.. وتتساءل.. ماذا تفعل؟ ومن سيتقدم لها مستقبلا؟ وهل يمكن ان تنال الأمان مع زوج آخر؟ وربما اضطرت لقبول كبير السن او كزوجة ثانية بعد ان فقدت الثقة بالشباب..
عفوا.. يظل الطلاق قصة مليئة بمواقف الوجع.. وحكاية ساخنة مفعمة بمرارة الدموع وانقداح المشاعر.. وتشتت الأسر.. وضياع الأولاد..
وليت كل راغب في الزواج ومقبل عليه من الشباب يدرك المعاني السامية والقيم النبيلة لهذه الخطوة المباركة ويحس بقيمة هذا المشروع الجميل ويستوعب متطلباته وتضحياته مثمنا مكانة الطرف الآخر.. أعني شريكة الحياة.. وعندها لن يقبل أن يعرض مشروعه للمغامرة أو التجريب..
محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved