أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 6th August,2001 العدد:10539الطبعةالاولـي الأثنين 16 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

قراءة في كتاب إمارة آل رشيد
تأليف الأستاذ محمد الزعارير-7-
د. عبدالله الصالح العثيمين
وإذا كان حديث الاستاذ الزعارير عن المواجهات الحربية بين الملك عبدالعزيز والامير عبدالعزيز بن رشيد، قبل معارك القصيم، ضعيفاً بصفة عامة ومشتملاً على امور غير دقيقة فان حديثه عن معارك القصيم من سنة 1322ه الى مقتل ابن رشيد في معركة روضة مهنّا، سنة 1324ه، جاء اقل ضعفاً وأقل اشتمالاً على امور غير دقيقة، على ان مما يلفت النظر ان ترقيم بعض الحواشي على عدد غير قليل من المسائل جاء غير منضبط. ومن الواضح ان هذا نتيجة خطأ مطبعي. ومما يلفت النظر انه ذكر «ص 195»:
«ان محاولات الدولة العثمانية كانت مستمرة لجعل منطقة القصيم محايدة وخارجة عن النزاع بين الرياض وحائل، على ان تكون فيها حامية للدولة ويكون ابن سعود قائمقاماً عليها، وفشلت الدولة في تحقيق هذا الغرض». ووضع عند آخر العبارة رقماً. لكنه لم يشر في الهامش الدال عليه هذا الرقم الا الى الوقائع الحربية في المنطقة. ثم واصل حديثه قائلا:
«بعد فشلها «اي فشل الدولة العثمانية في المحاولات المذكورة» لجأت الى دعم ابن رشيد بالمال والجند والذخيرة». وواصل حديثه عن المعارك التي حدثت بين ابن رشيد بعد حصوله على الدعم العثماني والملك عبدالعزيز، وهي معارك البكيرية وما بعدها. ومن الثابت ان محاولات الدولة العثمانية جعل القصيم اقليماً محايداً بين ابن سعود، وابن رشيد حدثت بعد المعارك التي وقعت في ذلك الاقليم، خصوصاً معركتي البكيرية والشنانة، لا قبلها.
ولعل من ابرز ما ورد في حديث الاستاذ الزعارير «ص ص 203-204» عن العلاقات بين الملك عبدالعزيز والذين خلفوا الامير عبدالعزيز بن رشيد في امارة جبل شمّر وثيقة، اومشروع اتفاق، او ذكر في الهامش انها موجودة ضمن اوراق في مخطوط العقود الدرية «تاريخ الذكير». وقد كتبت في 5 ربيع الاول سنة 1334ه. وهذا نصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم. هذه اتفاقية بيني انا سعود بن عبدالعزيز الرشيد وبين عبدالعزيز بن سعود. وهذا ما اقوله: اولاً ان ابن رشيد يحكم اقليمه يعني حايل وقراها وقبيلة شمر لأنهم لي انا، وحكمهم لي انا. فكل مطالب ابن سعود من شمّر من خسائر وغيرها وكل ما يطلبه رعايا ابن سعود منهم انا كفيل بسداده. اما نجد وكل الاقاليم الداخلية الى وادي الدواسر فهي تابعة لابن سعود، وكذلك مضارب خيام مطير وعتيبة وحرب وبني عبدالله والمرّة والمناصير وبني هاجر والسهول وقحطان والدواسر، وكل شخص ينضم اليهم. ويعترف ابن رشيد بأنه لا علاقة لهم به. وعلى ابن رشيد حماية بدوه وابن سعود ورعاياه الذين يتواجدون «ويرجح كاتب هذه السطور ان هذه الكلمة لم تكن مستعملة حينداك، اذ لم تستعمل الا حديثا مع زحف مثيلاتها من الالفاظ الخطأ» في منطقته.
ويشمل مراعي شمّر كالعادة. وبالمثل لا يتدخل في شؤون ابن السعود، ولا يقوم بعمل في «لعل صحته فيه» خيانة له بالنسبة للحكومة التركية. وعليّ «ابن الرشيد» ان اميل معه «ابن السعود» الى الحكومة التي تحالفه وليست لي نية في مخالفة آرائه. وستكون الاخوة والصداقة بيننا ابدية. وها انا يا ابن سعود اقدم لك كلمة شرف وميثاق الله بأن لا يكون هناك غش او خيانة لك فيما انقضى عليه. وهذا هو عهد الله وميثاقه. والله شهيد على ما اقول« والختم سعود بن عبدالعزيز الرشيد».
وتحدث الاستاذ الزعارير تحت عنوان «سقوط الامارة» عن العوامل التي ادت، في نظره، الى ذلك السقوط، وقال «ص 213»:
«تضافرت العوامل المختلفة التي زادت من ضعف الامارة وانهيارها، كالنزاع بين آل رشيد وعبدالعزيز بن سعود، وموقف آل رشيد من الحرب الاولى، وازدياد حوادث القتل في الامارة، وتدهور الجهاز الاداري والسياسي في الداخل والخارج». وهذه العوامل التي ذكرها الاستاذ وجيهة. لكنه واصل حديثه قائلاً:
«اضف الى هذه العوامل التنسيق والعمل المتواصل بين الكويت والرياض ضد امارة آل رشيد. وبان ذلك من خلال الدعم والمؤازرة الذي «هكذا» قدمه الشيخ مبارك الصباح لآل سعود اثناء وجودهم عنده، وتخطيطه الدقيق لضرب ابن رشيد والقضاء على قوته التي «هكذا» من ابرز مظاهرها تخطيطه لاسترجاع الرياض، وإعلانه التأييد لابن سعود يدل دلالة واضحة على محاولات مبارك الضغط على امارة حائل ومحاولة التخلص منها».
ويؤخذ على الكلام الاخير امران: الاول انه من غير المسلم بصحته ان الشيخ مبارك بن صباح هو الذي خطط لاسترجاع الرياض. لقد ساعد الملك عبدالعزيز ببعض الامور التي ذكرها المؤرخون عند خروجه من الكويت، لكن المخطط والمنفذ لاسترجاع الرياض كان عبدالعزيز نفسه، والثاني ان مساعدة الشيخ مبارك للملك عبدالعزيز في بداية الامر مسألة متقدمة جداً عن الفترة التي يمكن ان يُتحدث فيها عن عوامل سقوط امارة آل رشيد، ومن المعلوم ان العلاقات بين الكويت والرياض شهدت توتراً خلال السنوات التي تلت معركة جراب، سنة 1333ه، وبخاصة في عهد الشيخ سالم بن صباح. ومن مظاهر ذلك التوتر معركة الجهراء عام 1339ه، اي قبل نهاية امارة آل رشيد بعام واحد.ولو قصر الاستاذ الزعارير حديثه عن العلاقة الحسنة التي وجدت بين خليفة الشيخ سالم، الشيخ احمد الجابر، الذي تولى المشيخة ذلك العام والملك عبدالعزيز لكان حديثه مناسباً للعنوان الذي اورده، وهو سقوط امارة آل رشيد.
على ان هناك عاملين مهمين من عوامل سقوط امارة آل رشيد لم يشر اليهما الاستاذ الزعارير، وهما دخول منطقة الاحساء والقطيف تحت الحكم السعودي عام 1331ه، وقيام حركة الإخوان المشهورة. فنجاح الملك عبدالعزيز في توحيد تلك المنطقة المهمة اقتصادياً وجغرافياً استراتيجياً زاد من قوته بدرجة كبيرة، وجعل بريطانيا ذات المصالح والنفوذ في منطقة الخليج تتعامل معه تعاملاً خاصاً كان من نتائجه مساعدته ضد الامير سعود بن رشيد خلال الحرب العالمية الاولى وإن اوقفت هذه المساعدة بعد نهاية تلك الحرب. وقيام حركة الاخوان جعلت من البادية التي اعتنقتها قوة سعودية ضاربة. وكان للاخوان بعامة ولمن هم من قبيلة مطير - بزعامة فيصل الدويش - بخاصة دور كبير واضح في المراحل النهائية من عمليات الملك عبدالعزيز لإنهاء امارة آل رشيد وتوحيد اقليم شمّر مع ما سبق ان وحده من مناطق البلاد.
وبعد ان تكلم الاستاذ الزعارير عن العوامل التي ادت الى سقوط امارة آل رشيد ختم كلامه قائلاً «ص 217»:
«وكما كان اقليم جبل شمّر آخر اقليم في نجد يخضع لآل سعود في دولتهم الاولى اصبح هو قاعدة الانطلاق لتأسيس الدولة السعودية الثانية. وفي النهاية كان آخر اقليم في نجد يدخل تحت سلطة عبدالعزيز آل سعود».
ومن الواضح انه لو لم يضع عبارة «اصبح هو قاعدة الانطلاق لتأسيس الدولة السعودية الثانية» لكان كلامه مقبولا. ذلك ان هذه الدولة، التي اسسها تركي بن عبدالله كما هو ثابت وكما كرّر ذلك الاستاذ الزعارير نفسه في مواضع من كتابه - لم تنطلق من جبل شمّر. ولو قال ان جبل شمّر كان قاعدة الانطلاق للامام فيصل بن تركي في فترة حكمه الثانية لكان كلامه صحيحاً.
اما ختام قراءة كاتب هذه السطور لكتاب الاستاذ الزعارير فهو اعادة ما سبق ان قاله في الحلقة الاولى من هذه القراءة، وهو ان «مما يذكر للاخ الكريم الزعارير فيشكر كثرة المصادر والمراجع التي استعملها في دراسته» وإذا كانت الملحوظات على هذه الدراسة غير قليلة فانه يمكن القول: من ذا الذي يسلم من الخطأ في الكتابة التاريخية بالذات؟
وفق الله الجميع لما فيه السداد.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved