أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 6th August,2001 العدد:10539الطبعةالاولـي الأثنين 16 ,جمادى الاولى 1422

الاقتصادية

بموضوعية
تعويم الألبان، ،
راشد محمد الفوزان
بدأت في 5/7/2001م جولة جديدة من المنافسة السعرية «أفضل تسميتها منافسة عوضا عن حرب» بمنتج استراتيجي واستهلاكي لكل فئات المجتمع وهي «الألبان» حين انهار الاتفاق السابق الذي تم بتاريخ 13/1/1421ه برعاية وزارة الزراعة والمياه الذي وقعه معظم شركات ومصنعي الالبان في المملكة وقارب عدد الموقعين على الاتفاق العام الماضي 24 شركة، ولكن هذا الاتفاق لم يصمد الا سنة واشهراً معدودة حين فاجأت احدى اكبر شركات الالبان في المملكة وهي شركة المراعي «الجمهور بتخفيض اسعار الالبان بنسب متفاوتة» مما يعني انهيار الاتفاق العام الماضي كليا، واعلنت ذلك ببيان رسمي نشر بواسطة مسؤولي الشركة وبالصحف مع حملة اعلامية بكل الصحف السعودية تقريبا وبمساحات كبيرة يوضح الاسعار الجديدة مع توضيح بنفس الاعلان ان هذا التغيير السعري هو بصفة دائمة وليس مؤقتا وهي سياسة تتبعها المراعي الى آخر البيان المنشور،
ونطرح السؤال لماذا انهار الاتفاق الذي وقع بموافقة جميع شركات الالبان الكبيرة والمتوسطة وحتى الصغيرة وماهي مبررات التوصل لهذا الاتفاق اصلا،
سوف احاول الاجابة على هذا التساؤل من منطلق اقتصادي بحت لأن اساس الاتفاق وانهيار الاسعار هو اقتصادي بحت، ولا غير ذلك وحين لجأت شركة المراعي للالبان الى تخفيض السعر بتاريخ 5/7/2001م من خلال حملة اعلانية مخصصة لبيان اسعارها الجديدة المخفضة وانها دائمة ولن نتطرق للاسعار ومستويات التخفيض لأن هذا ليس مجال حديثنا، وفي الاعلان الذي نشر في معظم او كل الصحف السعودية، كانت اشارة الشركة الى التخفيض واضحة وتفصيليا والاهم هو التوضيح الملحق ببيانها الاعلاني الصحفي ان تغيير السعر ليس مؤقتا او لهدف معين بل دائم ومستمر، حيث اوضحت ان لديها القدرة والسيطرة على تكاليفها التشغيلية وغيره مما اوجد لها المرونة والقدرة بتحديد اسعار التكلفة لها والتحكم بها وتحقيق ربحية ايضا في ظل التخفيض الجديد للاسعار الى آخر البيان،
بعد هذا التخفيض المفاجىء وغير المتوقع من باقي شركة الالبان بمختلف المستويات لجأت بعضها الى تغيير اسعارها مباشرة مثل شركة الصافي للالبان وهي من كبرى شركات الالبان في المملكة وباقي الشركات التي خفضت اسعارها وبعضها لم يغير مثل البان المزرعة هذا التخفيض للاسعار من قبل المراعي اوجد ردود فعل سلبية لدى شركات الالبان المتضررة في غالبها وغير متقبلة لتصرف شركة المراعي المنفرد لهذه الخطوة الفجائية وبدأوا في تحرك سريع فيما بينهم وهو تنسيق ضعيف دائما ولم يتم التوصل لشيء وايضا تدخلت الغرفة التجارية بمبادرة منها وطلبت بعقد اجتماع بين الشركات المنتجة للالبان من خلال نائب الامين العام للغرفة التجارية وتهدف الغرفة بهذا الاجتماع الى العودة لاتفاق الاسعار السابق او التفاوض على اسعار جديدة بموافقة المنتجين وتحت مظلة الغرفة التجارية بالرياض وتؤكد الغرفة التجارية انها لن تلزم الشركات بزسعار محددة او غيره والواقع انها لا تملك اي صفة إلزام لاي اتفاق وحصل الاجتماع ولم يتم شيء في ظل إصرار المراعي على التخفيض الذي لديها مبرر له ورفض الآخرين لهذا الخفض المكلف لهم،
والحقيقة انني استغرب جدا ردود الفعل هذه بسبب خفض اسعار الالبان من المنتجين المتضررين او تدخل الغرفة التجارية «التوفيقي» وإصرارهم على عقد اجتماعات للعودة لاتفاق الاسعار السابق او تحديد اسعار جديدة، ويجب ان ندرك ان من حق شركة المراعي او اي شركة البان اخرى تغيير اسعارها بالزيادة او الخفض وحين لجأت المراعي لتغيير الاسعار يجب ان ندرك ونتفهم مبررات شركة كبرى كالمراعي )هنا لا ادافع او ابرر للمراعي او غيرها ولكن من منطلق سوق حرة حالية وقادمة مرتقبة( ما هو حجم المراعي كمزارع البان من طاقة انتاجية في الالبان وغيرها؟ انها تملك اكبر قطيع ابقار في الشرق الاوسط يتجاوز عدده 40 الف رأس ومن افضل الانواع ومصانع خاصة بالالبان متطورة جدا، وانشاء 6 مزارع رئيسية للابقار وقدرة توزيعية في المملكة وفي الخليج، وهي تنافس بقوة في دولة الامارات العربية وتمتلك اسطول توزيع لمنتجات الشركة بعدد 700 ناقلة مبردة وموظفين يتجاوز عددهم 3500 موظف فشركة بهذا الحجم من الابقار يعني بديهيا ان هناك انتاجاً كبيراً وضخماً وفائض انتاج وقدرة تشغيلية عالية لديها كما هي بنفس المستوى ايضا، شركة ألبان الصافي، ولكن في ظل توحيد الاسعار تتم المساواة بين المنتج الصغير والصغير جدا وبين شركة بحجم المراعي او الصافي او نادك، فالشركة الكبيرة تصبح محصورة بسعر معين لا تتجاوزه في ظل اتفاق سعري وغير قابل للمنافسة ويبقى محور المنافسة ليس سعرياً بل جودة وتسويق، وهذه الشركات لديها قدرة تنافسية سعرية وتسويقية وغيرها اذاً ماذا تستفيد الشركات الكبرى من كبر حجمها المالي والتطوير المنتظر في ظل تساوي الاسعار مع اصغر منتج وهذا يعتبر حقاً مجحفاً لهذه الشركات التي لديها استثمارات بمئات الملايين وفائض من الانتاج الضخم وذات اقتصاديات من الحجم الكبير،
يجب ان ندرك ان حال انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية WTO التي تفرض هذه المنظمة من ضمن شروطها الكثيرة رفع وإلغاء الدعم بأي صيغة عن القطاع الزراعي من قبل الحكومة او التدخل السعري بأي شكل والتي تعني كذلك فتح الباب على مصراعيه لأي شركات اجنبية للدخول لسوق المملكة وبالتالي التسويق والمنافسة اذاً ماهو الحل في ذلك الوقت، فلا ينفع تدخل شبه حكومي كالغرف التجارية او حتى الوزارة لانه حينئذ يمنع تدخل اي جهة حكومية وبالتالي افضل صيغة وحل لهذا التنافس السعري الحالي للالبان هو تعويم )Floating( الاسعار الذي يحدده السوق والمستهلك )وسوف يكون اجباريا وليس خيارا في المستقبل( ويجب ان نكون اكثر واقعية عند تحديدنا لأسعار الالبان التي يجب ان تترك لقوى العرض والطلب بالسوق والمستهلك سوف يختار الافضل نوعا وسعرا وجودة في السوق،
انا أدرك رفض وعدم تقبل اصحاب بعض المزارع او المشاريع الاخرى الرافضين للتخفيض لكن يجب ان تتفهم هذه المزارع والمشاريع الخاصة بالالبان ان السوق حرة وان خفض السعر لا يعني بالضرورة خفض الجودة لان المستهلك يجيد الاختيار والتفضيل سواء للجودة او السعر والشركات التي خفضت الاسعار تدرك ذلك تماما والاعتماد على تدخل وزارة الزراعة والمياه او غيرها لن يجدي مع شركات كبيرة كالمراعي والصافي ونادك وغيرها لان استثماراتهم عالية ولديهم فائض انتاج كبير وتكلفة اقل والسوق حرة مفتوحة ويد الوزارة مرفوعة عن تحديد اي سعر، وهناك فائدة للمستهلك بتخفيض التكلفة عليه ويجب ان يستفيدوا من ذلك ويشغلوا ويديروا استثماراتهم بشكل أمثل ومربح وايضا يجب ادراك ان انضمام المملكة لمنظمة التجارة إن عاجلا او آجلا سوف يلغي اي تدخل حكومي )رغم انه لا يوجد تدخل رسمي فهو تدخل توفيقي لا أكثر( او ودعم ويجب عدم الاعتماد على ذلك بل ستدخل منافسة قوية وشرسة، ولن يكون هناك سقف للاسعار او غيره بل سوق حرة مفتوحة منافسة وسوق العالم ككل يتجه الى ان يكون سوقاً واحدة وهذا اتجاه منظمة التجارة العالمية WTO والعولمة الجارفة الآن،
ويجب العمل بشكل جدي وسريع للعمل على التنسيق بين اصحاب المشاريع والمزارع الصغيرة والمتوسطة عن طريق دمجها بشركة واحدة سواء مساهمة مغلقة او مفتوحة وفق دراسة تعد لذلك لانهم عاجلا او آجلا لن يصمدوا في مواجهة المنافسة المحلية على المدى الطويل وايضا في حال دخول شركات اجنبية بطريقة او بأخرى واقرب مثال هي شراكة داتون الفرنسية مبيعات الشركة الفرنسية بالعالم 40 مليار ريال في العام ويصل منتجاتها الى 120 دولة بالعالم مع شركة البان الصافي مبيعات سنوية 600 مليون ريال حيث اشترت شركة داتون حصة بمبلغ 500 مليون ريال دفعت للصافي كحصة مشاركة استراتيجية وعدد الابقار لديها بحدود 32000 رأس اذا ماذا يمثل باقي المنتجين الصغار بالنسبة لهذه الاقتصاديات ذات الحجم الكبير كالمراعي والصافي ونادك،
في النهاية اصل الى ان اسعار الالبان يجب تركها لقوى العرض والطلب وتعويم اسعارها وكل شركة تحدد الاسعار وفق ما تراه مناسبا لها وهي تقدر ذلك تماما، وسوف يبقى القوي الذي تكلفته اقل وانتاجه اكبر وتسويقه افضل واشياء اخرى، وهذه ليست دعوة للاحتكار لانه يظل هناك ثلاث الى 5 شركات متنافسة كبيرة افضل من 30 شركة متباينة ومشتتة والذي أرى ان افضل طريقة لها هي الاندماج وقبل دخول الشركات الخارجية التي سوف تجرفها وتخرجها من السوق فيجب المبادرة من الآن، اما الاندماج فيما بينها او تندمج مع الشركات الكبرى وفق صيغ معينة،
كذلك يجب ان نهتم بالمحافظة على شركاتنا الكبرى كالمراعي والصافي ونادك وغيرها بأن تكون مستعدة للمنافسة القادمة او حتى فيما بينها لان الاسعار المرتفعة سوف يخرجها من السوق وتتآكل حصتها السوقية في حال دخول الشركات الاجنبية وتظهر منافسة سعرية جديدة لا تبقي ولا تذر،
كذلك يتطلب الامر عدم تدخل الغرفة التجارية بالرياض من ناحية صياغة اتفاقات سعرية ويجب ان تكون النظرة بعيدة المدى وان نترك السوق للشركات والاسعار للمستهلك وسوف يستمر الافضل سعرا والاجود من المنتجين ويجب أن ندرك ان السوق الحرة المفتوحة الآن ومستقبلا سوف نرى من خلالها ماهو اكثر من ذلك، وانها لن تدع مجالاً لأي تدخلات او دعم، ولهذا يجب الاعداد لذلك من الآن وقبل فوات الاوان،
rmf@ajeeb، com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved