أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 7th August,2001 العدد:10540الطبعةالاولـي الثلاثاء 17 ,جمادى الاولى 1422

الاقتصادية

الاقتصاد والهدي النبوي
آلية الأثمان
د. محمد بن عبدالله الشباني
يتحدد الثمن كما هو معروف في علم الاقتصاد المعاصر بالتجاذب ما بين الندرة والفائدة على رأس المال حيث انهما العاملان اللذان يؤثران على تحديد الثمن لما لهما من تأثير على محوري التجاذب في السوق والمتمثلان في الطلب والعرض، أو ما يعرف بقانون العرض والطلب، وهذا القانون هو الذي يفسر ظاهرة التغير في أثمان السلع ارتفاعاً وانخفاضاً، وتتفاوت الأنظمة الاقتصادية في التعامل مع هذا القانون بالتدخل أو عدمه أو التدخل المحدود وفق الفلسفة التي يقوم عليها النظام الاقتصادي لأي مجتمع من المجتمعات.
الإسلام كدين لا يقتصر دوره على تنظيم العلاقة بين الخالق والمخلوق ولكن يتعدى ذلك إلى تنظيم العلاقة بين المخلوق والمخلوق، ومن أهم تلك العلاقات التي تنشأ بين الأفراد علاقات تبادل المنافع والخدمات والسلع. في معالجة هذا الجانب وردت أحاديث عديدة توضح آلية الأثمان التي ينبغي اتباعها، ومن تلك الأحاديث ما رواه أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله سعر. قال: بل أدعو. ثم جاءه رجل فقال: يا رسول الله سعر. قال: بل الله يخفض ويرفع وإني لأرجو أن القى الله وليست لأحد عندي مظلمة، وما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حبان والبيهقي والإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله قد غلا السعر فسعر لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال. وما رواه مالك عن سالم بن عبدالله عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يأخذ من النبط من الحنطة والزبيب نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القطنية العشر، وما رواه مالك عن السائب بن يزن أنه قال كنت غلاماً عاملاً مع عبدالله بن عتبة بن مسعود على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب قلنا نأخذ من النبط العشر. بدراسة هذه الأ حاديث في مجملها نجد أن الإسلام من خلال هذه التوجيهات النبوية يركز على حيادية الثمن ويمنع التدخل في تحديد ثمن السلع والخدمات ويترك ذلك للسوق الذي يعمل ضمن ما يعرف بقانون العرض والطلب، ولهذا يمكن تصور نظرية آلية الثمن من المنظور الإسلامي على النحو التالي:
أولاً: الثمن أداة محايدة لتحديد قيم تبادل المنافع والسلع بين الأفراد ولا ينبغي أن يكون الثمن سلعة ذات قيمة في نفسها ولهذا حرّم الله الربا والذي هو سعر أداة التبادل حيث هو ركيزة النظام الرأسمالي، ولذا فقد أشار الرسول الكريم إلى امتناعه عن التدخل بالتسعير من خلال تحديد قيم الأشياء لأن هذا التدخل سيؤدي إلى أن يكون للنقد وهو أداة لتحديد القيم قيمة فينقلب الثمن إلى سلعة يمارس معها قانون العرض والطلب وهو ما تقوم عليه النظرية النقدية المعاصرة فنجد أن الفائدة هي التي تمثل سعر النقد المستخدم كأداة للتأثير على حركة النقود.
ثانياً: يقوم أسلوب الإسلام في معالجة التغيرات في الأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً بالتأثير على العوامل المؤثرة على قانون العرض والطلب، ولهذا نجد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مارس هذه السياسة الاقتصادية باستخدام الرسوم على السلع الوافدة إلى المدينة كوسيلة في التأثير على منحنيات العرض والطلب للوصول إلى نقطة التعادل أو قريب منها، وممارسة عمر - رضي الله عنه - توجيه لما يجب على الدولة الإسلامية انتهاجه من أساليب في التأثير على العناصر المؤثرة على هذا القانون والالتزام بمنهج عمر والأخذ به أمر ملزم دينياً لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - كما روى ابن ماجة عن حذيفة بن اليمان أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي. وأشار إلى أبي بكر وعمر.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved