أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 12th August,2001 العدد:10545الطبعةالاولـي الأحد 22 ,جمادى الاولى 1422

الاقتصادية

تحقيق اقتصادي
الأخطبوطان الخطيران «الإسراف والتبذير»
* الرياض - الجزيرة:
ان نظام الانفاق في الاسلام محكوم بمجموعة من النصوص القرآنية والنبوية، من مثل قوله تعالى:«ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً» ويقول سبحانه:«والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما» ويقول جل شأنه:«وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين» ويقول جل ذكره:«ولا تبذر تبذيراً ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين»وفي الحديث قوله عليه السلام: «كل واشرب والبس وتصدق من غير مخيلة ولا اسراف» ويقول عليه السلام:« ما عال من اقتصد».
اذن تمثِّل هذه النصوص في مجملها القاعدة الاساس التي يقوم عليها نظام الانفاق في الاسلام.
وهي احدى القواعد الرئيسة التي يرتكز عليها بناء الاقتصاد الاسلامي.
لا شح ولا تقتير ولا اسراف ولا تبذير. نهج اسلامي متزن معتدل وسط، لا افراط فيه ولا تفريط. فلا مندوحة من ان نتزين ونأكل ونشرب ولكن باعتدال لا نفرط في زينتنا ولا نسرف في مأكلنا ولا نبذّر في مشربنا.
فالاسراف والتبذير يلحقان بنا الضرر والخسارة ويصيبنا بسببهما الفقر والفاقة، فهما للمال آفات.
وفي هذا التحقيق نحاول تسليط الضوء على اهم الجوانب ذات العلاقة بظاهرة الاسراف والتبذير الماهية، الآثار، الاخطار، وسائل التصدي.
حقيقة وماهية الظاهرة
ان من الظواهر الخطيرة التي غزت مجتمعنا في السنوات الاخيرة: ظاهرتا الاسراف والتبذير، فسيطرتا على كل تصرفات كثير من النساء على مختلف اعمارهن وثقافاتهن.
يقول د. زيد الرماني: من الملاحظ ان هاتين الظاهرتين )الاسراف والتبذير( لم تقتصرا على حفلات الزفاف، وما يسبقها ويليها من احتفالات وما يلزمها من احتياجات وما استحدث فيها من محدثات. وانما امتد هذان الاخطبوطان الخطيران الى داخل معظم البيوت، فشملا الملابس والمآكل والمشارب والاثاث اذ امتلأت تلك البيوت بالاواني الذهبية والفضية رغم حرمتها الشرعية.
اما خزانات ملابس النساء فقد تكدست بأفخر الثياب التي بلغت تكاليفها الاف الريالات. حتى الاحذية النسائية اصبحت تشترى بأثمان خيالية.. زد على ذلك الحلي والمجوهرات التي باتت تتصدرها اللآلي والالماس. بل، لقد غدت احاديث النساء في معظم الاجتماعات تركّز على احدث ما وصل الى المعارض والاسواق من أقمشة وموديلات.
فمما لا شك فيه ان المبذرين المسرفين يُدرجون ضمن قائمة الفريق المتهاون المتلاف.
لذا، نقول: لماذا صار الشغل الشاغل للغالبية العظمى من نسائنا وفتياتنا هو الثياب والمجوهرات والسهرات والحفلات؟
ولماذا كل هذا الاصرار من الزوجة على اقامة حفل زفاف كبير لأولادها بكل سوابقه وتوابعه، غير مبالية بالتكاليف؟
ولماذا تصر على ان يكون هذا الحفل هو حديث المجتمع والناس، ولماذا تتفنن في التجديد والابتكار في هذه الحفلات؟
ولماذا لا تبالي العروس بتكاليف حفل زفافها المقام في افخر الفنادق وافخم الصالات، ولا تأبه بتكاليف فستان زفافها المصمم لها خصيصاً في روما او باريس او لندن، بمبلغ يكفي لتأثيث بيت متكامل؟
ولماذا تحرص على ان تكون علب حلوى قرانها من افخم الانواع؟
المسؤولية تقع على من؟!
لقد اجمع مَنْ كتب في هذا الموضوع على ان المرأة وحدها هي المسؤولة عن كل ذاك الاسراف وهذا التبذير وأن الرجل غير راض عن ذلك كله، ولكنه عجز عن منعه!!
تقول الاستاذة سهيلة زين العابدين حماد: مع احترامي واجلالي الشديدين لأصحاب هذا الرأي الا انني اخالفهم فيه، فعهدنا بالرجل على غير تلك الصورة الضعيفة الهزيلة المهزوزة، اليس المال المنفق المبذر هو ماله؟ وإنني اتعجب واتساءل في آن واحد اذا كان الرجل غير راض عما يحدث في حفلات الزفاف والمناسبات العامة من بذخ واسراف، فلماذا يتفق مع مديري الفنادق واصحاب المطاعم وما يسمونها بقصور الافراح على كل ما تراه..من تبذير واسراف؟!
نعم، لو لم يكن راضياً في قرارة نفسه عن ذلك لما وافق المرأة على اسرافها، وانقاد لمطالبها واستسلم لتبذيرها.. لذا، فاني ارى ان الرجل يُعد مسؤولاً هو الآخر عن تفاقم هاتين الظاهرتين، مثله مثل المرأة، مهما حاول تبرئة نفسه، ويشاركهما المجتمع في هذه المسؤولية.
أسباب الإسراف والتبذير
تقول الاخت صباح المالكي: اسباب الاسراف والتبذير هي حاجة المرأة لتملّك بعض الاشياء التي ترى انها في حاجة اليها لتجميل المنزل، او لاضفاء البهجة على الاسرة، والابناء بوجه خاص من العاب وملابس واحتياجات.
ويقول د. زيد الرماني: كذلك يرجع الاسراف والتبذير الى العادات والتقاليد الاجتماعية، كالاسراف في الولائم والافراح والمهور، بسبب التباهي والافتخار والاغترار بالمكانة الاجتماعية، كما يرجع ذلك الى الجهل باضرار الاسراف والتبذير، وكذا التنشئة الاسرية.
وتقول الاخت بدرية المطيري: هناك من النساء من يشترين اغراضاً ليست ضرورية ولا في حدود امكاناتهن ويدفعن بالرجال الى دفع الكثير من اجل ارضاء رغباتهن الجنونية.
اما الاخت فوزية خليل فتقول: ان هذه الظاهرة عادة ما تكون ردة فعل انفعالية، تتولد في نفس المرأة وتدفعها في لحظة عابرة تحت قوة الاندفاع التي تسيطر عليها من اجل تحقيق هذا الانفعال، وهذا يمثِّل عندها طريقة تعويض عن حاجات ورغبات مكبوتة وهذه الظاهرة اكثر شيوعاً بين النساء، بحثاً عن الرضا والسعادة المفتقدة.
أيهما أكثر إسرافاً الرجل أم المرأة؟!
تقول الاخت صباح المالكي: ان المرأة اكثر اسرافاً من الرجل، حيث تحتاج الى ملابس متعددة وادوات زينة وادوات تجميل واحتياجات لمنزلها وتحب تعدد الملابس لابنائها ليكونوا في مظهر مناسب وجيد دائماً.
وايضاً الرجل مسرف، حيث يكافئ الابناء دائماً بالالعاب التي تدخل البهجة على وجوههم واثناء السفر والرحلات لكي يسعد اسرته.
اما الاستاذ علي عبدالله غلوم فيقول: الشائع بيننا ان المرأة اكثر اسرافاً من الرجل، سواء في ملبسها او انفاقها، ولكن هناك من الرجال مَنْ هم اكثر اسرافاً في أموالهم وسلوكهم ومقتنياتهم، فالامر نسبي ، ويرتبط بحجم ما يتوافر لدى الفرد من مغريات نحو الاسراف.
آثار الاسراف والتبذير
يقول د. زيد الرماني عن ذلك: ان تغيرات الازياء والنماذج المتعددة، ان هي الا تقلبات مفتعلة لحمل المستهلكين على الشراء والمزيد منه، يفعلون ذلك تحت تأثير الحملات الاعلانية، وتبدو هذه الظاهرة بوضوح في ازياء النساء ولاشك ان الآثار خطيرة خاصة على ميزانية الاسرة واستقرار الحياة الزوجية وانتشار الثقافة الاستهلاكية، وشيوع العقلية المترفة وتفشي اساليب البذخ والمباهاة.
وسائل معالجة ظاهرة الاسراف والتبذير
تقول الاخت نعيمة الغازي: ينبغي على المرأة عندما تشعر بأن حافز الانفاق يدفعها الى مزيد من الاسراف والتبذير والتسوق والشراء ان تتعامل مع ذلك باتباع الخطوات التالية:
1- ان تتمهل قليلاً قبل ان تخرج نقودها، لتسأل نفسها ان كان هذا الشعور حقيقياً ام انفعالياً.
2- ان تحرص على الا تشتري محبة الآخرين بالهدايا والانفاق المفرط.
3- ان تسأل نفسها قبل الشراء اذا كان يمكنها شراء ماهو افضل من هذا الشيء اذا اتيحت فرصة عرض افضل في السعر.
4- ان تحدد جوانب النقص العاطفي عندها، لمعرفة ان كان هذا الشراء المفرط يعوض هذا النقص.
5- ان تسأل نفسها عن الحاجة الضرورية للشراء هذا اليوم.
خاتمة:
نخلص من هذا التحقيق الى النتائج والتوصيات الآتية:
اولاً: يغلب على السلوك الشرائي النسوي طابع التلقائية «الشراء النزوي» وقد اثبتت الدراسات ان 60% من القرارات الشرائية قرارات نزوية.
ثانياً: يتصف السلوك الاستهلاكي عند المرأة بأنه في الغالب سلوك استهلاكي ترفي، بدافع المباهاة والمفاخرة او حب التميز والشهرة.
ثالثاً: رغبة الزوجة في الشراء، شراء ما تحتاجه وما لا تحتاجه هو سبب لبعض المشكلات الزوجية.
رابعاً: ينبغي على وسائل الاعلام ومحاضن التربية توجيه مزيد من الاهتمام لهذه الظاهرة ببيان اسبابها واثارها ومعالجتها.
خامساً: يُوصي بنبذ المبالغة في النفقات والمشتروا، اذ التوسط لبُ ُّالفضيلة وهو خير الامور..
المشاركون في التحقيق
- د. زيد الرماني، أ. سهيلة زين العابدين حماد، أ.صباح المالكي، أ.نعيمة الغازي، أ.بدرية المطيري، أ. علي عبدالله غلوم، أ. فوزية خليل.
اشراف: د. زيد بن محمد الرماني

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved