أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 12th August,2001 العدد:10545الطبعةالاولـي الأحد 22 ,جمادى الاولى 1422

الاخيــرة

وتاليتها..!!
د. هند بنت ماجد الخثيلة
صيف الخليج ليس كمثله صيف، فهو صديق الرمال والسدر والنخيل.. والكادحين. يشهد على ذلك السيارات اليتيمة التي تقف متوهجة على الإشارات الضوئية المملة، وسهولة الحركة في الأسواق والمستشفيات والدوائر المختلفة، التي لم يكن شأنها كذلك قبل الصيف.
لا تتبدل أحوال الناس صيفاً فحسب، ولكن تتبدل ألوانهم ايضا: من ثلاثة ألوان الى «ثلةٍ» من الزركشات والنواصع والفواتح والغوامق.. وكل ما لم يكن في حسبان العيون والظنون الذين سبقوا وبكّروا يذكرون أن الخارج قرر هذا العام أن يجعل الأبيض المؤطر بالأسود لوناً معتمداً لهذا الصيف..ولذا سوف تكون ألواننا الطارئة هذا العام من كوكب آخر لم يعِ «الموضة» ولم يتابع تحولاتها.!
لم يكن حديثي عن الألوان الحقيقية إلا مدخلاً للحديث عن ألوان النفوس المجازية التي تختلف مائة وثمانين درجة بالتمام والكمال بين هنا وهناك.
باستطاعة كل مصطاف خليجي في الخارج أن يرى بأم عينه ما يشتهي من المسئولين والمسئولات وهم يتمشون ببساطة متناهية، ويتصرفون بنفسية منفتحة تماماً، وليس أدل على ذلك من أنه يمكنك أن تتحدث اليهم متى تشاء وأين تشاء وحول ما تشاء «من أسعار الفنادق، والطماطم، والمفاتح، والمغالق» لكل أمور الحياة بما فيها الخاص والعام دون حرج أو تملق، وسوف ترى عجبا من تواضع التجاوب والمجاملة من هؤلاء على السواء.
وهل هناك أجمل من صاحب مسئولية حفيت قدماك طويلا أمام مكتب السكرتير للوصول اليه، وجف مدادك في مئات «المعاريض» التي لم تصل حتى وان وصلت الى المكتب. أقول:هل هنالك أجمل من أن ترى ذلك «المسئول» بلحمه وشحمه و«بدلته» المتأنقة يقف مع أفراد أسرته الكاملة في طابور أمام بوابة أحد المحلات التجارية أو خلف «بوفيه» عام مفتوح، ليس هذا فقط بل تمر به وتلقي التحية فيرد بأحسن منها مبتهجا، وقد تتحرج حين تراه فتمر كأنك لم تره، فيبادر هو الى تنبيهك الى أنه موجود ويدعوك لمجاملة ما.. فتتقبلها مستغربا أو تعتذر مكتفيا لفتته الجديدة تجاهك.
تذهب عنه وفي أساريرك مشاعر فياضة تجاه انسانية متحضرة لم تكن قد اكتشفتها في ذلك «الانسان» من قبل.
ينقضي الصيف ونعود.. وتزدحم إشارات المرور وتمتلئ حياتك بالازدحام حيث ذهبت، وتجد نفسك فجأة أمام حاجة في يد ذلك «المسئول» .
تتذكر أنك كنت محظيا عنده منذ فترة ليست طويلة، فترفع سماعة الهاتف وتتصل بالرقم الذي أعطاك إياه طواعية.. لا جواب، فالكاشف لم يعرفك تماما عنده!! فتذهب بنفسك وتقف طويلا ثم تعود وتستل قلمك، وتبدأ في كتابة «المعاريض».. سوف تحفى قدماك مرة أخرى ويجف مدادك أكثر وتعود وتقول: «في الصيف ضيعت اللبن»..
وتاليتها.
hendmajid@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved