أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 15th August,2001 العدد:10548الطبعةالاولـي الاربعاء 25 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

نظام التقاعد.. إلى أين..؟!
أحمد بن علي أحمد الريعان
التقاعد كلمة ثقيلة على القلب واللسان.. يسلب إبداع الإنسان!! فبعد أن كان مؤثرا.. ومتأثرا بمن حوله. يتخلى عنه الجميع إلا من رحم.. فلا يعود له كيان!! فينساه أصحاب المصالح والمنافع وبعض من كان يعدهم من زمرة الخلان! فيعيش بين مطرقة وسندان! مطرقة الجحود.. والنسيان و سندان المعاش.. التقاعدي الذي لا يتناسب والتطورات الحياتية فشرائح الكهرباء مستعرة!! وعدادات تدور دون رحمة رغم النداءات من كل حدب وصوب بتخفيضها .. رحمة بـ «الغلابة» المساكين.. وجوال يتعطل كل فترة وإجراءات مكررة حين تود إعادة الحرارة كل مرة!! وقانون يتسم بالعجب.. والحسرة! يقول: أدفع ثم اعترض!! وسنضع عليك غرامة كل مرة!! فقانوننا حجاجي السمة والهامة وتلك عبرة!! ولن ينفعك أن تكون بيننا عشرة! هل ترى لنا من منافس في هذه الطفرة!! فالعقاب مزدوج اقطع الحرارة!.. وادفع الغرامة.. وتلك لعمري استبداد في الإدارة! فكيف تُعاقب مرتين؟! لقد جربت مثل هذا في نظام الساعات المعتمدة في أروقة الجامعة!! وقد كنت ضد هذا العقاب المزدوج.. لكن صوتي تاه في وسط الزحامة!! ووقود نزع منه الرصاص فصار يحترق بسرعة!! واستبدل بمركب كيماوي آخر لا نعرف ضرره وتأثيره.. وكنهه! ورسوم هنا وهناك.. ثقل بها الكاهل.. وتكدر بها الخاطر!! وعيال كبرت ومصاريف كثرت!! فالدعاء.. الدعاء لله أن يرحم هذا المواطن ويرزقه من حيث لا يحتسب!!
عفوا قارئي العزيز لم يكن همي سجعا.. ولا فلسفة!! بل هي مقدمة ظريفة مليحة.. قد تريحك من تحليل أو مناقشة! فما سيأتي من كلام قد لا تستسيغ لفظه ولا يعجبك حرفه ورسمه!! لكن هو هم يؤرقني.. ويؤرقك!! ومعنا حشد كبير من الموظفين الذين تعني لهم كلمة التقاعد! أن يموتوا قاعدين!!
والآن اسمح لي قارئي العزيز أن أدخل معك في لب الموضوع وصلبه.. ألا وهو التقاعد المدني!! والذي يحال بموجبه الموظف إلى السكون بعد أن يعمل لمدة أربعين سنة!! أو يبلغ عمره الستين أيهما أقرب!! وبادئ ذي بدء فاللفظ يحتاج إلى تغيير.. ليبعث في القلب فرحة! وهذا لو أطلق لقب «التكريم» بدلا من التقاعد.. ومنه اسم الفاعل «مكرم» فيمنح من إدارته خطاب شكر وتقدير على تلك الخدمة الطويلة والإخلاص في العمل..!! أو كلمة الاستكانة..أو الاعتزال.. المهم أن يكون اللفظ مناسبا لتلك المرحلة الحرجة من العمر! وفي ذات اللحظة يسلم له مكافأة مقطوعة تمثل ألفي ريال عن كل سنة خدمة إن كانت خدماته أقل من عشرين سنة! وثلاثة آلاف ريال إن كانت أكثر من ذلك! أما المكافأة التي نص عليها النظام في المادة 27/19 من منحه مرتب ثلاثة شهور.. فهذا يمثل مبلغا ضئيلا لا يكاد يكفي احتياجات المتقاعد..
ويستطيع المتقاعد بالمكافأة المقترحة مع المنصوص عليها نظاما من الاستعانة على متطلبات الحياة القادمة.. حتى يستقر أمره..!! وتنتهي إجراءات صرف معاشه التقاعدي!! الذي يستغرق وقتا وجهدا طويلين.. حتى يضطر الموظف في أغلبها إلى الاستدانة.. وإراقة ماء وجهه عند زيد.. وعمر في مراجعات وطلبات معقدة بين الوزارات المعنية.
واقترح في هذا الصدد الآتي: أـ أن يتم التنسيق المعلوماتي بين الوزارات المعنية.. بحيث يتم تبادل المعلومات الشخصية والاجتماعية والوظيفية.. الخ عن الموظف «ترقية.. علاوة.. الخ».
ويمكن الاستفادة في ذلك من التقنية الحديثة المتوفرة «الحاسب الآلي.. شبكة الإنترنت . الناسوخ..الخ» ويتم ذلك عن طريق إدارة شؤون الموظفين التي يعمل فيها الموظف.. عبر ربطها بشبكة المعلومات مع وزارة الخدمة المدنية.. ومصلحة معاشات التقاعد.. والبنك الذي يرغب الموظف باستلام مكافأته أو راتبه ويتم إدخال المعلومات الوظيفية والاجتماعية.. الخ أولا بأول! بدلا من المراسلات التقليدية التي تعرض كثيراً من المعاملات للضياع.. وإضاعة الوقت والجهد!! والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تستغل تلك الإمكانات والتقنية؟
لقد حز في نفسي وآلمها وأنا أقرأ في إحدى الصحف السيارة أن أحد الموظفين.. وقد أحيل للمعاش.. أسلم روحه لبارئها.. وهو لم ينه إجراءات استحقاق راتبه التقاعدي!! أليس من واجبه علينا دينياً وأخلاقيا ووظيفيا وحضاريا.. أن نرحم كبر سنه.. ونعيد له جزءاً من فضله علينا.. ونقدر ما قام به من أعمال حينما كان شابا قويا!! ونريحه عبر إجراءات مرنة سلسة لا تكلفه عناء. ومشقة المراجعات عند هذا.. وذاك!! وقد ترك هذا الرجل وراءه صبية بحاجة إلى ما يسد رمقهم..ويبعدهم عن ذل السؤال ولسان حالهم يقول:


ماذا أقول لأفراخ بذي مرخ
زغب الحواصل لا ماء ولا شجر!!

وأمثلة كثيرة!! ليس صعبا أو مستحيلا ربط تلك الجهات بشبكة المعلومات والتنسيق فيما بينها!! لقد كان أمرا غريبا أن يطلب من المحال للمعاش أن يثبت حياته سنويا وهو يأتي ماشيا على رجليه!! وصورته الأصلية مطابقة للمنسوخة في بطاقته! ولعل إبقاء أفراد العائلة مثبتين في دفتر العائلة لوليهم.. والتهميش أمام كل واحد بما طرأ على حياته العملية والاجتماعية من تغيير مثل.. (منح بطاقة مستقلة.. تزوجت.. الخ) أصوب من إلغائها.. ثم طلب المعلومات مرة أخرى.. عند وفاة هذا الموظف المسكين!! وإرهاق الورثة بإثبات المعلومات مرة أخرى.. في الوقت الذي يحتاجون فيه للمواساة والراحة والسكينة!! هذا الأمر يحتاج إلى إمكانية هي متاحة.. والمهم حسن استغلالها والى موظفين مخلصين يخافون الله في السر والعلن. مثال آخر أعرف تفاصيله وأعرف صاحبه (رحمه الله) فقد كان من كبار الموظفين.. توفاه الله وهو يؤدي عمله بإخلاص! أتعلمون كم استغرق وريثه الأكبر كي يستخرج معاشه التقاعدي!! ستة أشهر بأيامها ولياليها!!.
الحاجة ماسة وملحة لإعادة النظر في تبسيط إجراءات صرف المعاش التقاعدي!!
2ـ مدة الخدمة الحكومية طويلة مقارنة بالمتوسط العمري للإنسان في منطقة الخليج (60 ـ 70 سنة) فمدة أربعين سنة = نصف عمره كثيرة.. إذن كم سيتمتع مع أهله بعد تقاعده !! هذا مع علمنا أن تلك المدة من العمر المتقدم عرضة للإصابة بكثير من الأمراض المزمنة كالسكري.. والضغط.. والقلب.. الخ وستكون بين مراجعات طبية! ولن ينعم بالراحة والهدوء وهو في صحة جيدة!! ويمكن في هذا الشأن الآتي:
أ. تقلص مدة الخدمة الحكومية إلى ثلاثين سنة يحال بعده للمعاش براتب كامل.. أما بالنسبة للمرأة العاملة فتكون خدمتها كحد أقصى عشرين سنة ويحال للمعاش براتب كامل.. على أن تخير بين 15 ـ 20 سنة فإن اختارت الـ 15 سنة فتعطى 75% من راتبها علما بأن جميع دول مجلس التعاون الخليجي. تفرق بين الرجل والمرأة في سنوات الخدمة.. وذلك لاختلاف طبيعتيهما النفسية.. والجسدية.. الخ.. ما عدا المملكة فتساويها بالرجل في مدة الخدمة 40 سنة فماذا بقى للزوج .. والبيت.. والأولاد في تلك الأم.. التي تقضي 40 سنة بعيدة عنهم!! بل ماذا بقي لها كي تعيش!! أليس للذكر مثل حظ الأنثيين! أليس من حق المرأة علينا.. وهي أمنا ..وزوجنا.. وأختنا..وبنتنا أن نكرمها.. فنريحها!! لأنها إن ارتاحت.. أراحت عائلة بكاملها.. ولا أذيعكم سرا إن أعلنت أن أغلب مشاكل الأسرة النفسية والاجتماعية.. والمعيشية ناشئة عن تعب المرأة وعدم راحتها!! بل جرب معي أيها الزوج العزيز.. وانظر إلى تصرفات زوجتك أيام الأسبوع.. عدا يومي الخميس والجمعة.. فستلحظ الفارق الكبير!! كما.. اقترح ..ومعي جمع غفير من الموظفين بشتى أطيانهم.. بإعادة النظر في سلم الرواتب الذي مضى عليه 21 سنة لم يطرأ عليه تعديل سوى زيادة درجاته خمس درجات.. تكسرت تحت وطأة الرسوم الكثيرة والعالية.. فأكلت تلك الزيادة!! فالخريج الذي يتم تعيينه على المرتبة السادسة.. علاوته السنوية هي : 220 ريالا أي أن حصيلته السنوية 2640 ريالا.. ولو فرض أنه دفع رسم تأشيرة خادمة.. وإقامة لها يكلفه هذا مبلغا يساوي 2600 ريال.. والسؤال كم بقي له من العلاوة.. هل ستصمد أمام الرسوم الأخرى (كهرباء.. ماء.. هاتف..جوال.. مخالفات مرورية.. الخ).
قطعا .. لا.. فسيدفع أضعافها.. ومع تكرار الدفع.. دون زيادة في أصل الراتب.. سيأتي على المدخرات إن وجدت أي أن المحصلة لديه بالسالب!!مع التفكير جديا بمنح المذكور.. علاوة اجتماعية.. بحسب الأولاد!.. (بعض الأنظمة تمنح من لديه ولد واحد 5% من أصل الراتب !! 10% من لديه ولدان و 15% من لديه 3 أولاد و 20% أكثر من ذلك!!) وكذا منحه علاوة غلاء معيشة فالحياة في تطور دائم والأسعار في ارتفاع.. مع تناسبها عكسيا مع القوة الشرائية للعملة الوطنية!! فما كنا نشتريه بعشرة ريالات اصبح الآن بمائة ريال!! ناهيك أن نسبة العلاوة الدورية قليلة كما أسلفت!! فالموظف الذي يشغل المرتبة السادسة علاوته الدورية 230 ريالا أي ما نسبته 6% من أصل الراتب وتلك نسبة قليلة لا تتناسب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.. وتتناسب عكسيا مع ما يستقطع شهريا كحسميات تقاعد 344 ريالا شهريا أي ما نسبته 9% من أصل الراتب.
3ـ إن ما يتم حسمه على الموظف ونسبته 9% ولمدة 38 سنة على فرضية ان الموظف ملتحق بالخدمة وعمره 22 سنة بعد انتهاء دراسته الجامعية.. لا يتناسب مع ما يصرف له من راتب تقاعدي!! فكم سيعيش الموظف بعد إحالته للتقاعد! ومع تسليمنا أن الأعمار بيد الله لكن المعدل العمري لسكان منطقة الخليج يتراوح بين (60 ـ 70 سنة) وقد يزيد قليلا لكنه نادر وبعملية حسابية بسيطة يتضح أن ما يقتطع من موظف ما يعين على المرتبة السادسة (مع افتراض ان هذا الموظف لا يترقى لمرتبة أعلى إلا بعد بلوغه آخر درجات السلم) يساوي 2303512 ريال هذا مع فرضية منحه ربحا هامشيا قدره 7% نتيجة استثمار تلك الأموال!! ولمدة 38 سنة! ونفس المثال لموظف آخر تتم ترقيته كل أربع سنوات حتى وصل للمرتبة الخامسة عشرة فإن حصيلة ما يحسم عليه يساوي 1287211 ريال مع فرضية منحه ربحا هامشيا قدره 7% كالمثال السابق!! ومع فرضية أن الموظف الأول عاش عشر سنوات فإن حصيلة ما يعطى له 1523610 + راتب ثلاثة أشهر نص عليها النظام يساوي 1563705 ريال أي بخسارة تساوي 739807 ريال.. ناهيك أن أبناءه وبناته لن يستفيدوا شيئا في تلك المرحلة.. فقد حرمهم النظام ذلك!! وقد تبقى زوجته.. فلا يأتيها من مال زوجها إلا القليل فيما بقي لها من عمر!!.
أما المثال للموظف الثاني.. فلو فرض أيضا وعاش عشر سنوات فإن حصيلة ما يعطى له يساوي 1831050 ريال بزيادة تساوي 543839 ريال.. ويتضح جليا من المثالين أن من كان التجميد نصيبه استقطع منه أكثر مما أعطي!! وتلك مكافأته على طور فترات التجميد!! أما من كل أربع سنوات من أعطي له أكثر مما استقطع منه وفي كلا الكيلين للاثنين تطفيف!! أما بزيادة أو نقصان!.
ولعلي أطرح في هذا المقال بعض الحلول التي لا أدعي الكمال فيها إنما هي اجتهاد فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني وهي:
أـ أن يتم تطبيق استثمارات أخرى.. كالتي تطبقها بعض الشركات والمؤسسات الحكومية.. مثل أرامكو السعودية والتي تمنح لمتقاعديها مبلغا مقطوعا يستغله المتقاعد في شراء بيت أو استثماره في عروض التجارة.. الخ ومع هذا يمنح راتبا تقاعديا مجزيا هذا ليس سرا أذيعه! وليس من بنات أفكاري أو شطحات خيالي بل هو واقع حي يعرفه أبناء المنطقة الشرقية! هذه الشركة التي أثبتت أنها تتبنى نظاما إداريا راقيا! يقدر الكفاءات ويمنحها ما تستحق من تشجيع ودعم! مع وجود نظام ترقية.. وحوافز.. ومكافآت! ثم نظام تقاعدي مريح!! وقد أذيع سرا إن أعلنت ان زميلا لي دراسيا .. وعمرا وصل الى منصب متقدم في الشركة وقد يصبح بين عشية وضحاها الى منصب «نائب الرئيس Vice President بينما أنا أكافح بالمرتبة العاشرة .. بعد خدمة جاوزت الـ 34 سنة ! نحن لا نحسدهم بل نتمنى أن تنتقل العدوى الى موظفي الدولة .. في تطبيق الأنظمة الادارية والمالية بحقهم!!
ب/ اعطاء الموظف المحال للمعاش الحرية المطلقة بين منحه كامل مستحقاته .. دفعة واحدة.. مع الفائدة الشرعية المستثمرة .. كأمانة ردت اليه! .. وهو يستثمرها أنى ومتى شاء وبمحض اختياره !! واستثماره عن طريق مصلحة معاشات التقاعد .. أو غيرها أو منحه راتبا شهريا حسب قواعد وتنظيمات يرضى بها الجميع! ويوقع على ذلك بدلا من البقاء على نظام وحيد قد لا يحبه.. ولا يرضى به!! فهذا حقه ما دام حيا وارث شرعي لورثته بعد مماته.. دون خصم أو تآكل فيه.. ولعظم الارث وأهميته . نص عليه الشارع الحكيم .. ولم يتركه لاجتهاد بشري!!
ج/ ايجاد عدة مؤسسات استثمارية.. تتولى استثمار معاشات التقاعد.. مع وجود منافسات شريفة فيما بينها وبالطرق الشرعية الحلال .. ويترك للموظف حرية الاختيار فلا خوف في المنافسة ما دام الجميع يعمل تحت نظر وعين الدولة وإشرافها وفي الداخل!
أما الموظف المفصول بالغاء الوظيفة أو بقرار من مجلس الوزراء أو بأمر سام فإنه يستحق مكافأة لمرة واحدة على النحو الآتي:مجموع مرتبه السنوي الأخير * 14% سنوات الخدمة فلو فرض أن موظفا بالمرتبة السادسة ولم تتم ترقيته وعمل لمدة 14 سنة فإن مكافأته على النحو الآتي:
81660 * 14/100 * 14 = 160054 ريال.. بينما تم استقطاع منه ولتلك الفترة ومنحه ربحا هامشيا قدره 7% = 13275 ريالا .. أي بزيادة قدرها = 27304 ريال .. وتلك الزيادة منطقية بسبب الغاء وظيفته أي ليس باختياره .. انما هي المصلحة العامة.اما مع فرضية أن الربح الهامشي 8% فإنه ربما يخرج لا له ولا عليه!!
أما إذا استقال الموظف فإن مكافأته على النحو الآتي:
الراتب * 12 * 11% * عدد سنوات الخدمة
6805 * 12 * 11/100 * 14 «سنة» = 125757 ريال بينما ما تم حسمه عليه وبهامش ربحي 7% = 132750 ريال أي أن المحصلة بالسالب وبناتج قدره 6993 ريال .. مع كل ما تم طرحه من أمثلة يتضح أن ما يتم اقتطاعه من الموظف لا يتناسب مع ما يتم منحه ! وحبذا لو تم دراسة هذا الموضوع بتأن وتم وضع الاغراءات والبدائل التي تشجع الموظف للانخراط في هذا النظام .. مع الأخذ بما هو مفيد من تجارب الدول المتقدمة وبما يتناسب ويتلاءم مع الشريعة الاسلامية والسنة النبوية.. اللتين تشجعان على حركة رأس المال وتنميته.
4ـ نتفق قارئي العزيز على أن القوانين الوضعية يعتريها الوهن والضعف كلما تقدم بها العمر وتشيخ كواضعها وتظل قاصرة عن تحقيق العدل وتلك منطقية لا يجادل فيها مجنون .. ناهيك عن عاقل ! فواضعها بشر خاضع لقانون الاعتبار فما يراه اليوم كاملا .. يصبح لديه غدا قاصرا .. إذ إن الغد غيب لا يعلمه إلا الله ! ولذا تظل تلك القوانين غير مستقرة بل هي في حالة مراجعة دائمة .. تعديل وتبديل .. زيادة ونقصان .. حذف وإضافة!فالعدل المطلق انفرد به خالق الكون بكل ما فيه جلت قدرته! لكن الاعتراف بالنقص لدى البشر من كمال السلوك.. والأهم في تلك المعضلة الا يصر الانسان على خطأ .. يراه خطأ .. فلا يصير مسلوب الإرادة تتحكم فيه نصوص جامدة!! عليه أن يسعى بكل ما آتاه الله من عقل وحكمة.. وملكات ابداعية أخرى بتغيير هذا الواقع الى واقع آخر يتماشى مع حكمة الخالق.. وما يلبي رغباته وطموحاته وبما لا يصدم مع نص شرعي . أوعرف اجتماعي حميد! بل يكملهما .. ومن تلك النصوص في نظام التقاعد المدني ما تحتاج الى تعديل او تبديل من أن البنت في معاش والديها المتوفى يصرف لها ما لم تتوظف او تتزوج !! فاذا فرضنا .. وهذا واقع انها الوريثة الوحيدة لأبيها .. وهي متزوجة او موظفة ألا يحق لها أن ترث أباها شرعا! ولو كان أبوها غير موظف .. ألا ترث شرعا؟! قطعا .. بلى!! والسؤال: ألا يعتبر حسم 9% تقاعد دنيا للموظف عند الدولة!! يسترجعه أنى ومتى شاء .. مع أرباحه المستثمرة!!ونفس المثال ينطبق على الولد الوحيد سواء أكان موظفا أم دارسا! وفي هذه الحالة يجب تقدير المبلغ المحسوم على الموظف .. مع أرباحه .. وصرفه للوريث أكان ولدا أم بنتاً ! ولا يحرمهما أكانا متزوجين أو عاملين !! ويكمل النص النظامي أن الصرف يتوقف عند بلوغه الابن سن الواحد والعشرين ما لم يكن طالبا.. ويستمر الصرف حتى إكماله الدراسة أو بلوغه سن السادسة والعشرين أيهما أقرب!!
والواقع الفعلي يؤكد أن الطالب الذي يحالفه التوفيق في سنوات الدراسة.. فإنه يستطيع انهاءها «الجامعية» وعمره اثنتان وعشرون سنة.. وخمس وعشرون سنة ان كان يدرس في مجال الطب.. وفي ظل الوضع الراهن فإن الخريج الأول قد يعاني الأمرين في الحصول على وظيفة.. فالتخرج في حد ذاته لا يضمن له الحصول على وظيفة.ولدينا أمثلة كثيرة تبين أن كثيرا من أولياء الأمور ما زالوا يصرفون على أبنائهم.. رغم تخرجهم في الجامعة !! ثم يكمل النص النظامي .. انه يخصص للمستفيدين عن صاحب المعاش او الموظف المتوفي كامل المعاش اذا كان عددهم ثلاثة فأكثر .. فإذا كان عددهم اثنين فيخصص لهما ثلاثة أرباع من المعاش.. أما اذا كان المستفيد واحدا فيخصص له نصف من المعاش.. وفي حالة تعدد المستفيدين يوزع المعاش بالتساوي واذا اوقف او سقط نصيب أحدهم فلا يؤول الى باقي المستفيدين على الا يقل نصيب من بقي منهم عن 50% من المعاش او عن الحد الأدنى «1500 ريال» انتهى.
والسؤال المنطقي: لماذا يحرمهما النظام من ربع ارثهما إذا كانا اثنين !! وان كان واحدا فلماذا يحرم من نصف ارثه وأين يذهب النصف الآخر؟! واذا سقط نصيب احدهم فلماذا لا يؤول الى بقية المستفيدين ؟!
هذه المادة بحاجة الى اعادة صياغة !! كما أنه وفي ظل الظروف الراهنة هل يستطيع مواطن ان يعيش براتب شهري قدره «1500 ريال»؟ كم سيدفع للكهرباء.. والهاتف.. والماء..الخ؟! قد يكون هذا جائزا بل ومنطقيا منذ عشرين سنة خلت أما الآن فالأمر مختلف .
5ـ رفع الراتب التقاعدي للموظفين القدماء الذين احيلوا للتقاعد في ظل كادر الرواتب القديم .. قبل 1/7/1401هـ والذي أصبح لا يفي بأقل القليل من الاحتياجات الضرورية.. فقد خبرت موظفا كان من كبار الموظفين آنذاك.. وكان يضطلع بمهام المكتب السري بإمارة المنطقة الشرقية .. وبحكم القرابة والزمالة كنت اذا زرته في بيته .. سواء كانت الزيارة عادية أم مناسبة لا أجده .. وحينما اسأل عنه يقال لي انه في عمله .. وقد لا يعود الى منزله الا بعد منتصف الليل فقد كان ملازما.. ومصاحبا لاميرين بالمنطقة الشرقية «يرحمهما الله» ثم تمت ترقيته ليكون أميرا على إحدى المدن الحدودية الهامة .. وقد أدى المذكور .. ما اؤتمن عليه بأمانة ونزاهة.. ثم طلب الإحالة إلى التقاعد المبكر .. وليته صبر قليلا .. عند تعديل سلم الرواتب .. لكن هذا قدره .. فالمسؤولية ثقيلة إلاحراجات كثيرة .. والإمكانيات متواضعة .. كلها مجتمعة اضطرته لطلب التقاعد.. فمنح راتبا شهريا لا يتجاوز الـ 3500 ريال.. وقد يكون هذا المبلغ كافيا في تلك الحقبة .. لكنه الآن لا يكفي لدفع فواتير الكهرباء .. والهاتف والماء! مجتمعة .. والحمد لله أن هذا الرجل ليس له صبية ! لكنه مسؤول عن عائلة .. ولديه ارتباطات أخرى .. وأمثاله كثيرون ممن لم يحالفهم الحظ بالتقاعد بعد تعديل سلم الرواتب .. وكحل لقضية هؤلاء الكثر ممن خدموا الدولة في وقت حرج .. من أصعب المراحل .. ألا وهي مرحلة التأسيس .. اقترح منحهم علاوة استثنائية تحت مسمى علاوة غلاء معيشة .. او تحسين مستوى .. ثم يتم منحهم علاوة دورية كل سنتين مثلا في هذه السن المتأخرة من حياتهم .. وأنا على قناعة بأن أصواتهم ان وصلت لولاة الأمر .. فإن الرد والاستجابة ستأتيهم اسرع من لمح البصر .. وستظلهم سحابة .. وستمطر السماء عليهم بماء منهمر .. وسيكرمون أحسن تكريم فكما قيل: على قدر أهل الكرم تأتي المكارم!
6ـ لماذا يحرم ورثة المتقاعد المتوفى من الراتب التقاعدي.. بعد وفاته.. وما هي العلة النظامية لذلك!! فقد عمل رجل ما مستخدما في إحدى الدوائر الحكومية ولمدة أربعين سنة.. وكان يحسم عليه تقاعد 9% طيلة تلك الخدمة ثم توفاه الله بعد تقاعده بأيام .. ولم يكن متزوجا أي كان فردا وكانت عليه ديون من هنا وهناك فراتبه الذي كان يتقاضاه في حياته قليل! وحين طالب أخاه بإرث من أخيه المتوفى.. لم يعط شيئا بحجة مقولة: حسب النظام.. والنظام يحرمه من ذلك !! حتى انه لم يستطع سداد دينه من حقه!!ولا أدري بعد ذلك .. اسدد من جيبه .. أم من تبرعات المحسنين !! الواجب في مثل هذه الحالة أن تصفى جميع حقوقه مع أرباحها ثم تسدد جميع ديونه والمتبقي يعطى لورثته.
أستميح قارئي العزيز إن أطلت وحرقت جزءاً من وقته الثمين بقراءة موضوعي هذا ولكن عذري أنه يتطرق الى موضوع يخص السواد الأعظم من المواطنين .. وان يمد جسوراً متينة بين المواطنين وولاة الأمر عبر كلمة صادقة.. بأعذب لفظ.. وأبلغ حجة .. وأصدق تعبير .. لتلامس الأفئدة .. وتلين الأكبدة فتحل العقد المتصعبة.. فتأتي القرارات حكيمة صائبة .. فتهدأ النفوس .. وتلين الجوارح .. فيهنأ الجميع في مجتمع يسوده الحب والتكافل والرحمة.
واذ اعترف بضعفي .. وقلة حيلتي .. وكليل عبارتي .. لكن يشفع لي بأني حاولت جاهدا .. مجتهدا السباحة في بحر لجي متلاطمة أمواجه.. عميقة أغواره ساعيا الوصول لشاطئ الأمان .. ومعي جمع كثير.. لا شك أنك أحدهم قارئي الكريم .. مع اعترافي بأن ما قمت به انما هو جهد المقل .. واعتراف المقصر .. فلا تبخل بالتواصل معي بنقد أو رأي أو مداخلة فالهدف واحد .. والغاية نبيلة .. ألا وهي تحقيق المصلحة العامة.
وولاة الأمر فينا يشجعوننا بأن نصارحهم بما لدينا من وجهات نظر تصب في المصلحة العامة.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
* جامعة الملك فيصل ـ الدمام
ت 8573570

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved