أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 16th August,2001 العدد:10549الطبعةالاولـي الخميس 26 ,جمادى الاولى 1422

الثقافية

نهار جديد
الشعراء أربعة
عبدالله سعد اللحيدان
هناك شعراء مايزالون يكتبون القصيدة نفسها، اي يعيد الشاعر منهم قصيدته الاولى او المتميزة من قصائده بتغيير بعض التركيبات والمفردات وبمحاولات التقديم والتأخير والحذف والاضافة وقلب الصور والمعاني والمجازات، ولكنه في النهاية يعيد تقديم القصيدة السابقة نفسها ولكن بمكياج جديد.
وهناك من يقوم بهذه الممارسة مع قصائد الآخرين، وهذا يدل على العجز والافلاس ويفضح نزعة اللصوصية.
القصيدة هي شخصية الشاعر اثناء ابداعها، ولأن هذه الشخصية تتغير فنفس الماء لا يجري في نفس المكان من النهر مرتين فإن كل قصيدة جديدة يجب ان تكون قصيدة مختلفة.
قد لا تتغير شخصية الشاعر كثيراً وقد لا يحدث اي تطور على وجوده وما يحيط بهذا الوجود من عناصر وجدليات، او قد يحدث هذا التطور من حوله ولا يشعر به، وقد لا تزداد ثقافته او خبراته الجمالية او النفسية شيئاً خلال الفترة بين القصيدتين، ولكن الحالة التي كان عليها اثناء ابداع القصيدة السابقة لا يمكن ان تتكرر، او هكذا يجب، لانها ان تكررت اكتفينا بالقصيدة السابقة، واصبحت قراءة القصيدة اللاحقة مجرد هدر للوقت والمشاعر.
والتغيير الذي يطرأ على الشاعر بشكل عام لا يحدث فجأة، فهو في حالة صيرورة وتحول دائمين، روحياً وجسدياً، وتستمر تفاعلات هذه الحالة الى ان تصل الى نقطة الانفجار التي تبرز فيها التطورات والتغيرات وآثارها والتي تطال كل شيء، من العقل الى العاطفة، من المفاهيم الى القناعات، من الافكار الى المشاعر والرغبات، ومن الثقافة الى الخبرات، وبحيث تظهر آثار هذه التغيرات في القصيدة الجديدة التي ابدعها لاحقاً، شكلاً ومضموناً.
والى ان تحدث هذه النتيجة يحتاج الشاعر الى وقت قد يكون افتراضياً ولا يخضع لمقاييس الزمن المحسوس، ولكننا نستطيع ملاحظته في الفرق بين القصيدة السابقة واللاحقة.
خلال هذا الوقت يمر الشاعر بمرحلة تطوير شاملة، او هكذا يجب، لينقلنا من عالم القصيدة السابقة الى العالم الجديد للقصيدة الجديدة.
كما يحتاج الى نفس الوقت لمراجعة ادائه السابق وتحسينه وتطويره وتلافي الاخطاء والقصور والسقطات السابقة.
هناك شعراء ادركوا قصورهم في هذا الجانب، وادركوا عدم استطاعتهم الاضافة الى ما سبق ان قالوه من قبل، فاستقالوا من الابداع في وقت مناسب يحفظ لهم كرامتهم وتاريخهم الابداعي.
وهناك شعراء آخرون يعرفون قصورهم وعجزهم وافلاسهم ولكنهم يواصلون مصرين على الحضور بكل وقاحة ومكابرة.
وهناك شعراء ايضاً لا يعرفون انهم قاصرون ومفلسون وغير قادرين على تقديم الجديد، ويواصلون مدفوعين بواسطة جهلهم وسذاجتهم وبواسطة صنف من النقاد والاعلاميين يغرّرون بهم ويزينون لهم الاستمرار في هذه المهزلة، اما شفقة او شللية او لوجود مصالح متبادلة او لكون هذا الشاعر او المتشاعر صاحب منصب ينفع ويضر.
هذا كله يجعل من الضروري وجود مراجعة شاملة لمسيرتنا الشعرية ولمشهدنا الشعري الحالي، ومنذ بدايات الرواد في منتصف القرن العشرين وحتى الآن، ولو لهدف واحد ونبيل هو «تسمية الاشياء بأسمائها».
ولا يلغي هذه الحاجة او يضعفها، كون الازمنة وقوانين التطور والرقي كفيلة بإبقاء الابداع الحقيقي ومحو الابداع المزيف من الوجود ومن الذاكرة.
ونحن بحاجة لتعليق هذا الجرس، وعدم التوقف حتى نوقظ النائمين وننقذ الذائقة.
فهناك اسماء كثيرة جداً، وتتراوح بين القمة والقاع، بين الطبقة الاولى من الشعراء ان جازت هذه الاستعارة الان و بين من لا طبقة شعرية له على الاطلاق، بين الشاعر الذي يجري ولا يجرى معه والشاعر الذي لا تستحي ان تصفعه .

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved