أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th August,2001 العدد:10557الطبعةالاولـي الجمعة 5 ,جمادى الآخر 1422

الاقتصادية

آخر الأسبوع
النظام الاقتصادي العالمي الجديد (2)
صنهات بدر العتيبي
مازلنا نستعرض أوجه الشبه ما بين النظام السياسي العالمي الجديد وشقيقه بل تؤامه النظام الاقتصادي العالمي الجديد، كنا قد ركزنا في الأسبوع الماضي على بعض الصفات المتطابقة بين النظامين ما يثبت حجة الاستنساخ أما اليوم فسينصب الحديث على الجذور والفلسفات وبعض من أساليب السيطرة والتمكن،
يطلقون على هذين النظامين مفردة «عالمي» ولكنها في الحقيقة مجرد إعاده تغليف لمفردتين أكل الدهر عليهما حتى اصابته التخمة، فمصطلح النظام السياسي العالمي الجديد ليس سوى تسمية ناعمة ل «الاستعمار» الذي أرهق دول الجنوب قروناً طويلة وسنين مضنية اما النظام الاقتصادي العالمي الجديد فليس سوى الرأسمالية السوداء عادت بلباس جديد، أمريكا وهي ام النظامين تريد ان تفرض هيمنتها السياسية والاقتصادية بدون استخدام مصطلحات مفزعة ما زال صداها يؤرق الذاكرة البشرية لذا اخترعت مفردات مطورة تناسب روح العصر وألقمت كل ذلك بهاجس «العولمة» التي تعرف نظريا بانها حركة الناس والاموال والمنتجات والتقنيات والافكار عبر الحدود والاقاليم او انها كومة من الانظمة والنظم والافكار والتقنيات والوسائل المتطورة التي يجب على الدول التابعة الاستفادة منها، انه تغليف جديد لتكون العولمة مجرد حراك عالمي او سباق حضاري للتكيف مع العصر وتطوراته وليست وسيلة جديدة لعولمة الليبرالية الغربية المتحيزة،
المشكلة ان هذين النظامين العالميين الجديدين قاما على اسس فلسفية واحدة هي الليبرالية الامريكية العمياء المشهورة بالادعاءات والكذب والازدواجية والبراغماتية الخاصة جدا، في النقطة الاولى، امريكا تكذب بامتياز ودعوات الليبرالية الثلاث كلها هراء وكلام للاستهلاك العام، يقولون مثلا ان امريكا حامية حمى الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان (وهذه اشهر اسس الليبرالية)، أين؟ بالله عليكم ، ، أليست امريكا هي الدولة الوحيدة التي اغتالت مائتي الف ياباني في ثوان!! واليوم نشاهد ما تقدمه امريكا من عون وحماية بل وتبريرات لقتلة الاطفال ومصاصي الدماء في الاراضي المحتلة (فك الله قيدها وليس العرب!!)، وعليه، فان النظام الاقتصادي العالمي الجديد يتصف بما ورثه من الليبرالية الانتقائية الغربية الغربية، فهو نظام رأسمالي بحت يعطي الرجل الابيض الكعكة كلها ويرمي الفتات لدول الجنوب الفقيرة ويشجع هيمنة دول الشمال على التقنيات الصناعية والثروات بما فيها ادمغة العبيد المهاجرين هربا من عبودية الانظمة في بلدانهم ليقعوا في عبودية نظام واحد مغلف بالوعود الوهمية عن الرفاهية ورغد العيش،
ينادي النظام الاقتصادي العالمي الجديد بما يسمى الديمقراطية الاقتصادية وحرية السوق ولكن على من تنطلي المسميات؟! فشقيقه النظام السياسي الذي ينادي بالديمقراطية السياسية لم يستطع حمايتها في ميدان تيانمن ببكين عندما اصبحت مصالح امريكا على المحك، كما انه يدعو للحريات وحقوق الانسان ولكنه يضحي بها في فلسطين من اجل حفنة من الاصوات او الصفقات او المصالح، وفي عالم الاقتصاد كذلك، فالديمقراطية الاقتصادية وحرية السوق ليست دعوات صادقة لتطوير وتنمية العالم ولكنها مجرد أساليب ومداخل لزعزعة اقتصاديات الدول الفقيرة والسيطرة على ثرواتها وجعل هذه الدول اسواقاً وناسها مستهلكين ومن ثم ربطها بحبل لا ينقطع من المديونيات وتهديدات صندوق النقد الدولي!!
خذوا مثلا مصطلح اعادة الهيكلة، لماذا تعشقه امريكا واداتها صندوق النقد الدولي اكثر من مصطلح اعادة جدولة الديون!! هي تحبه لا لسواد عيون الشعوب الغلبانة ولكن لترسخ بعضا من اسس ليبراليتها الاقتصادية ثم تشعر بالزهو والفخر لانها حققت انتصارا معنويا على الاشتراكية وغيرها من البدائل والفلسفات الاقتصادية الأخرى، إنه صراع فلسفي لايهدف إلى رفاهية العالم النامي وتنمية الاقتصاديات النائمة بقدر ما يحقق من نصر أجوف للعم سام في ميدان خال من المنافسين ويثبت بالحجة والبرهان صحة نظرية فوكوباما عن نهاية التاريخ!!
مثال آخر، تحرك امريكا بوارجها لحماية حقوق المؤلف وحقوق الملكية ثم تضغط سياسيا لفتح الاسواق ثم تدس انفها في الانظمة المصرفية والقانونية ثم تحارب غسل الاموال ثم تضع قائمة الدول الاولى بالرعاية وقائمة الدول المغضوب عليها، ، الخ، ، ليس لتحقيق مصالح الدول التائهة في العالم السادس ولن لتحقيق مصالح الشركات الامريكية عابرة القارات ورفاهية المجتمع الامريكي المستلقي على ثلاثة ارباع ثروات العالم، وهذه هي البراغماتية الاقتصادية على سن ورمح (بل على اباتشي وتوماهوك!!)،
sunotaibi@yahoo، com

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved