أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th August,2001 العدد:10557الطبعةالاولـي الجمعة 5 ,جمادى الآخر 1422

أفاق اسلامية

الإمام والنامصة
سارة السلطان
لفت نظري واقعتان جديرتان بالتأمل، واستنتاج الفائدة منهما، الأولى امرأة تحرص على القرآن الكريم والأذكار الشرعية، حيث ذُكر أنها تختم القرآن أربع مرات في الشهر، وعدد من الأذكار يتجاوز الخمسمائة مرة في اليوم، اضافة إلى محافظتها على الصلوات،
وكل هذا مما تمدح به، وتغبط عليه وفقنا الله واياها لمزيد من الطاعات ، إلا أن الغريب حقاً هو في اخلالها بحق أقرب الناس إليها وأولاهم بعد الله ورسوله، بالاستجابة له، ألا وهو زوجها، حيث تمتنع عنه حيناً، وتتماطل في تلبية ما شرعه الله له أحياناً، غير آبهة بالوعيد الشديد لمن باتت وزوجها عليها ساخط، ودون احساس بعواقب فعلها هذا على زوجها في نفسيته ودينه وعرضه، وهذا ما حدث، حيث سول له الشيطان، وزين له الذهاب الى السحرة لعمل ما يجعلها تهتم به، وتلبي ما يطلبه، فانظروا يرعاكم الله كيف تسبب امتناعها ومماطلتها في اعطائه حقوقه التي أوجبها الشرع عليها في وقوعه في الشرك وحبائله، عياذاً بالله،
والغريب حقاً ان تلك المرأة تعتني بجمالها، بما أوصلها إلي نمص حاجبيها زيادة في العناية بمظهرها، واذا سئلت عن ذلك قالت: بأنها تتزين لزوجها، ولست أدري كيف يجتمع تزين وتجمل للزوج، مع امتناع ومماطلة في القيام بواجبها تجاهه، واعطائه حقوقه، فعلى من تضحك هذه الأخت هداها الله «بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره»،
أما الثانية فتتعلق بامام لأحد المساجد، حيث اشتكت زوجته من ألم في كتفها، وطلبت منه أخذها الى أحد المستشفيات للكشف، وأخذ العلاج اللازم لها، إلا أنه أبى ذلك بحجة وجوب قرار المرأة في بيتها، وأن الذي سيتولى الكشف عليها رجل، مما لا يمكن معه أن يلبي طلبها، بقيت هذه المسكينة تشكو مرارة الألم الذي يزداد يوماً بعد آخر، حتى عقب بمرض خبيث اضطره للسفر بها الى الخارج لتعالج على أيدي أطباء كفرة،
إن هاتين الواقعتين تبين مدى ما يوجد في نفوسنا من انفصام في فهمنا للدين، ، فالمسلم الحق هو الذي يجعل الدين حاكماً على كافة تصرفاته، فيحرم ما يحرمه الشرع وينتهي عنه، ويحل ما يحله الشرع ويأتي ما يحثه عليه منه، سواء وافق ما يشتهي أو خالفه، وسواء كان في جانبه أم في جانب غيره، والمسلم الواعي هو الذي يعرف لكل ذي حق حقه، دون أن يقدم سنة على واجب، أو مقدوراً عليه على ما يفوت، أو مفضولاً على فاضل،
وعلى أهمية ما تقوم به هذه الأخت، وتشجيعنا له ولغيرها عليه، إلا أنه كان عليها أن تعلم أن حقوق زوجها عليها واجبة، والواجب مقدم على المندوب،
وإذ نحيي في أخينا إمام المسجد غيرته على زوجته، وحرصه على ألا يراها الرجال في زمن قلت فيه غيرة بعض الرجال، إلا أنه كان عليه أن يفرق بين المفسدتين اذا كان لا يجد طبيبة تعالج امرأته، ومعلوم أن أشد المفسدتين تدفع بأخفها،
ولا شك أن الضرورة تبيح المحرم مؤقتاً، اذا لم يكن ثمت غيره، والضرورة تقدر بقدرها،
ولكن الذي أخشاه أن يكون الذي منع هذا الأخ من عرض زوجته على طبيبة هو الكسل والانشغال بالأصحاب أو سواهم، اذ أن هذا أمر بدأنا نلحظه على بعض رجالنا الذين ضعف لديهم الشعور بالمسؤولية،
إن علينا معاشر المسلمين أن نقوم تصرفاتنا مع أنفسنا وأهلينا ومع الآخرين، وننظر في مدى انضباطها بضوابط الشرع، علينا أن نعي أن حقوق المخلوقين مبنية على المشاحة، وأن أولى الناس بنا هم أقربهم إلينا من آباء وأمهات وأزواج وأولاد وأقرباء وجيران، وهم أحق بأن نوجه إليهم اهتمامنا، ونعطيهم من أقواتنا، وحسن رعايتنا ما يغنيهم ويكفيهم، وما حصل التفكك الأسري اليوم إلا يوم أن ضاعت تلك الحقوق في زحمة الانشغال بما للإنسان من حقوق دون ما عليه من واجبات، ويوم أن افتقدنا العمل بسلم الأولويات في رعاية الحقوق، فقدمنا البعيد على القريب، وبدأنا بالمهم وتركنا الأهم، وهكذا،
ومن هنا كان لزاماً علينا أن نعيد ترتيب أوراق تعاملاتنا بما يحفظ لكل ذي حق حقه، وأن نجعل بيوتنا كدوحة غناء، يتفيأ ساكنوها ظلالها عن اليمين والشمال سجداً لله وهم داخرون، وأن تكون عرساً من الأعراس الجميلة التي تسود فيها المحبة والوئام، وحب الخير للغير، وأن نعرف ما يجوز، ومتى يجوز، وما يحرم، ومتى يحرم، وأن ندرك حدود مسؤولياتنا تجاه الآخرين، ونقاط التقاء تلك الحقوق، ونقاط تنافرها وتصادمها، والله المسؤول أن يوفق الجميع الى ما فيه رضاه،

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved