أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th August,2001 العدد:10557الطبعةالاولـي الجمعة 5 ,جمادى الآخر 1422

أفاق اسلامية

نقاط فوق الحروف
(ولكن الله يذهبه بالتوكل)
بكربن علي البكر
لقد بعث الله سبحانه وتعالى الأنبياء لإخراج الناس من ظلمات الشرك ومهاوي الكفر والجهل إلى نور التوحيد والإيمان والعلم، ولقد كان المجتمع الجاهلي يتخبط في ظلمات الشرك وكان أبعد شيء عن التوحيد. وبعد أن اشتد الظلام بذلك المجتمع ظهر نور الإسلام بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس (من الظلمات إلى النور بإذن ربهم) وما هي إلا سنوات قلائل حتى انقلب ذلك المجتمع المشرك إلى مجتمع موحد مؤمن بأن الله سبحانه وتعالى لا إله غيره وأنه سبحانه (خلق كل شيء فقدره تقديرا) فكل شيء تحت قهره وتدبيره وتسخيره وتقديره.
ومما يؤسف له أن نجد الآن صورا من الجاهلية الأولى قد ظهرت عند بعض المسلمين أصحاب العقول الحائرة، والنفوس التي لم يتغلغل الإيمان فيها، وهؤلاء لم يتحقق في نفوسهم الركن الأول والأعظم في الإسلام ألا وهو الإيمان. وبدون تحقيقه لا ينفعهم عمل صالح مهما عظم.
ومن تلك الصور الجاهلية التي يعيشها البعض: (التطير) وهو التشاؤم بالطيور والأسماء والأشخاص والحركات وغيرها، فهؤلاء من جهلهم تشبهوا بالأمم الكافرة التي كانت تتطير بالأنبياء فهذا فرعون وقومه؛ يقول الرب عز وجل عنهم: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) وقوم صالح قالوا لنبيهم: (إنا تطيرنا بكم) والمتشائم لم يحسن الظن بالله، ولم يؤمن بالقضاء والقدر، وأن أمر الله لا يرده شيء، يقول تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم). ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر حيث قال: (الطيرة شرك) فهل هناك أبلغ من هذا التحذير (شرك)، وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن الطيرة تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضرا اذا عملوا بموجبها. فكأنهم أشركوا مع الله تعالى، وأمر صلى الله عليه وسلم بعدم الالتفات لما يقع في النفس من ذلك ففي صحيح مسلم: قال صلى الله عليه وسلم: (ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم).
وعلى المسلم أن لا يكون بليد الذهن، قاصر النظر، ينساق وراء الضعف والوهم، وليعلم المتشائم أن خوفه وتشاؤمه ناتج من نفسه بسبب ضعف إيمانه، وقلة توكله على ربه، لا بسبب المتطير منه، وليعلم أن التطير أمر قائم على غير أساس من العلم أو الواقع، إنما هو انسياق وراء الضعف، وتصديق الوهم. يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل حسين رحمه الله : (أوضح صلى الله عليه وسلم لأمته الأمر وبين لهم فساد الطيرة ليعلموا أن الله سبحانه لم يجعل لهم عليها علامة، ولا فيها دلالة ولا نصبها سببا لما يخافونه ويحذرونه، ولتطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم إلى وحدانيته).وليعلم من ابتلي بذلك أن خلاصه من هذا الداء لا يكون إلا بالتوكل على الله، والإيمان الجازم بأنه سبحانه لا راد لقضائه ولا مانع لفضله، وأن لا ترده الطيرة عن شيء. فعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ردته الطيرة من حاجته فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك).
فتضمن هذا الحديث الشريف ان الطيرة لا تضر من كرهها ومضى في طريقه، وأما من لم يخلص توكله على الله، واسترسل مع الشيطان في ذلك، فقد يعاقب بالوقوع فيما يكره؛ لأنه أعرض عن واجب الايمان بالله.
* إمام مسجد آل صالح

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved