أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th August,2001 العدد:10557الطبعةالاولـي الجمعة 5 ,جمادى الآخر 1422

عزيزتـي الجزيرة

لله في خلقه شؤون .. «زواج ... مشّي حالك!!»
قد يستغرب الكثير من القراء الاعزاء هذا العنوان والذي جاء بلهجة عامية ولنقل شعبية ان صح وجاز التعبير وفي الحقيقة انني لم اجد ابلغ من هذا التعبير للوصول الى الهدف الذي من اجله اكتب هذا الموضوع. ولم اجد مرادفا في اللغة يقوم مقام هذا العنوان والذي ربما يكون قريبا جدا من قلب وعقل ونفسية المتلقي لكونه قولا شعبيا اكثر من اي شيء آخر. عموماً نعود الى موضوعنا الاساس.
هذا المصطلح والذي اطلقته على نوع من الزواج وهو مصطلح شخصي جدا ويعبر عن وجهة نظر شخصية جدا للاسف الشديد قد فرضه القرن العشرون. او بمعنى اصح السنوات الاخيرة في القرن العشرين بظروفها ومشكلاتها واشكالياتها المختلفة. وربما يكون هذا المصطلح موجودا منذ القدم ولكنه بالتأكيد بنسبة لا تقارن بما هو عليه الآن.
المصطلح هذا من وجهة نظري المتواضعة جدا اذا اردت ان اجعل له تعريفا فأقول بانه رضا الزوج والزوجة ببعضهما البعض وبحياتهما كيفما اتفق، حتى وان كانا لا يجدان لها طعما ولا رائحة ولا لونا، وتفتقد هذه الحياة لابسط القواعد لاقامة اسرة سعيدة ومتماسكة يلفها الود والطمأنينة وتسودها المحبة. فهي بعيدة كل البعد عن هذا ولكنهما للأسف يعيشان مع بعضهما البعض تحت سقف واحد. وذلك بطبيعة الحال لظروف كثيرة لدى كل منهما ويريدان ان تسير وتستمر الحياة بأي شكل من الاشكال المهم ان لا يفقد احدهما الآخر. وبطبيعة الحال ايضا لا بد من التطرق لهذه الظروف والاسباب لدى كل منهما والتي تجعلهما يعيشان معا وان كان كل منهما لا يريد ذلك وربما تكون هذه الظروف شخصية او اسرية او حتى اجتماعية او غير ذلك. وقد يقول قائل ما الذي يجبرهما على ذلك، وعلى الحياة معا طالما انهما لا يريدان ذلك وليس بينهما اي الفة او محبة؟ فالانسان حر نفسه يفعل ما يريد ولا يقبل ما لا يريد، فأقول نعم الانسان حر ولكنه للاسف ليس دائماً وليس في كل الاحوال فهناك من الظروف ما تجعلك تصبح ملكا للآخرين وليس لنفسك. ومن رحمة المولى عز وجل ان جعل لكل منا اسراره وخفاياه وستر عليه. عموماً هناك ظروف وأسباب تخص الرجل ومثلها تخص المرأة ويجتمعان في البعض منها. هذه الظروف تجعل كل منهما مرتبطاً بالآخر وان لم يرد ذلك كما اسلفت ولا ينفصلان إلا بعذر شرعي حتى لا يلام احدهما عندئذ. وسوف افصل هذه الظروف والاسباب لكليهما على حد سواء ولنبدأ بالرجل ...
* يخاف الرجل إن هو تزوج بامرأة أخرى ان تكون الاولى أسوأ منها فيسقط في شر اعماله وعندها سيعض اصابع الندم ويقول (بيدي لا بيد عمرو) وضربتين في الرأس توجع فهو اذن لا يضمن ولا غيره ان تكون الاخرى افضل من السابقة باي حال من الاحوال فيقول في نفسه (شيء تعرفه افضل من شيء لا تتعرف عليه).
* قلة الامكانات او عدمها التي يتطلبها الزواج الثاني سواء كانت الامكانات مادية او معنوية فهو الى الآن لم يستفق من تكاليف الزواج الاول وتبعاته ربما وليس لديه استعداد ان يتورط في تكاليف زواج آخر ربما يفشل في اي لحظة فهو بالكاد استطاع ان يدفع ثمن الزواج ناهيك على ان استعداده النفسي والجسمي قد لا يمكنه بالزواج من اخرى فالاولى قد تعودت عليه وتعود عليها وعرف كل منهما الآخر بسيئاته وحسناته فلا يريد الدخول في تجربة جديدة قد تجلب له المشاكل والعقبات والصعوبات التي قد تحرمه الاثنين معاً.
* قد تكون هذه الزوجة قريبة له كابنة عمه مثلاً وكان أهل زوجته يتوسمون فيه الخير والمحبة وقد كالوا له المديح والثناء قبل ويوم زواجه بابنتهم وكذلك الحال بالنسبة لاهل الزوج حيال زوجة ابنهم والعلاقات بين الاسرتين اكثر من وطيدة وصلة الرحم رائعة جدا وقد زادت هذه الصلة بعد زواج الابن بالبنت. اذن هو لا يريد ان يسقط كل هذا ولا يريد ان يسبب المشاكل بين الاسرتين ان هو انفصل عن زوجته. وتعرفون ما اقصد فربما تحولت هذه العلاقة الحميمة بين عشية وضحاها الي عداء مستحكم وثأر لا يمحوه الزمن بين تلك الاسرتين. اذن هو مضطر لأن يصير ويتغاضى حتى ولو على حساب نفسه وسعادته مقابل رضا بقية الاطراف عنه فالكثير من الاشخاص يعيشون كما نعرف للمجتمع فقط وليس لانفسهم.
* الاطفال .. وهذه قضية كبرى واهم قضية على الاطلاق بين الزوجين فالرجل لا يمكن ان يطمئن على طفاله أبداً مع امرأة أخرى مهما كانت حتى وان كانت زوجته الثانية ولا مع رجل آخر غيره اذن يعيشون معه ومع امهم وفي نظره بانهم لن يجدوا الحب والحنان والرعاية مع اي كائن كان سوى امهم الاصلية وان كانت مقصرة في واجباتها تجاهه وتجاه ابنائها. وهو يعرف في قرارة نفسه ايضا بان الاطفال سيكونون متعبين جدا له سواء عاشوا معه او مع امهم فمسئوليتهم لن تنتهي ابدا بمجرد ذهابهم مع امهم ناهيك عن الامور الاخرى التي سيتعرضون لها ان هم عاشوا بعيدا عن امهم وابيهم.. اذن الزوج لا يريد ان يرمي بنفسه في النار ليحترق فسيصير ويعيش حتى لو لم يكن راضيا عن وضعه الاسري.
* يقول الزوج وهذا مبدأ الكثير من الرجال في هذا العصر طالما ان الزوجة تقوم بواجباتها المادية على اكمل وجه خصوصا اذا كانت موظفة فهي تكفي نفسها ومطالبها ومطالب ابنائها وربما مطالبه ولا تريد من الزوج شيئا.
* طالما ان الزوجة تقوم بواجباتها الاسرية على الوجه المطلوب من غسيل وطبخ وكي وتنظيف واهتمام بالابناء وتحمل تبعاتهم ومتابعتهم دراسيا وتشبع رغبات الزوج ومتطلباته. اذاً فهذا هو المطلوب في نظرالرجل ولا يهم هل يحبها ام لا وان الناحية او النواحي المعنوية ليست مهمة بالنسبة لي وليست الامر الضروري الذي جعلني استغني عن زوجتي وهي تلبي لي كل ما اريدحتى ولو كان (من غير نفس!!).
* عادة ما تطلب او بمعنى اصح تفرض بعض الاسر شيئا اسمه مؤخر صداق تكون في الغالب ضعف او اضعاف الصداق الاصلي المسمى بينهم ظنا منهم بان ذلك كفيل بضمان حياة ومستقبل ابنتهم مع زوجها ولم يدر في خلدهم او يعرفوا بان هناك اشياء كثيرة في هذه الدنيا لا تشترى بالمال واهمها الراحة النفسية للمرء، اقول عندها مهما حصل من مشاكل وشجار وخصومات بين الزوجين وساءت العشرة والحياة الزوجية بينهما فان الزوج يستحيل ان يطلق ابدا خوفا من دفع ذلك الصداق المؤخر. هذا فيما يخص الرجل من اسباب وان كنت قد نسيت شيئا وهذا امر وارد فأرجو المعذرة.. اما فيما يخص المرأة من اسباب فهي كالتالي:
* تقول الزوجة طالما ان زوجي يحقق لي كل ما اريد ويشبع كل رغباتي واحتياجاتي خصوصا اذا كان زوجها مصدر رزقها الوحيد بعد المولى سبحانه فلماذا لا ابقى معه؟ وهي تعرف بانه لا يحبها وهذا شيء من الله وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم هذا قسمي فيما املك فلا تلمني فيما لا املك) وهي تعرف بان زوجها ليس بالرجل البخيل عليها وعلى اطفاله فهو يغدق عليها ما تشاء من متطلبات بالرغم من عدم حبه لها كما اسلفت لانه يعاملها بالشريعة فقط ويعتبر ذلك حقا من حقوقها عليه فقط ليس إلا.. إذن لماذا تذهب وتبحث عن غيره وربما لا تجده فمبدؤها اذن (عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة). اما بالنسبة للجانب المعنوي فيأتي اولا يأتي فالامر سيان.
* تعرف المرأة تماما ماذا يعني الطلاق بالنسبة لها وخصوصا في مجتمعنا وما هي آثاره السلبية ومشكلاته النفسية والاسرية والاجتماعية التي ستواجهها ان حصل ذلك فتحاول بقدر الامكان ان تحافظ على نفسها حتى تتجنب ذلك فهي في غنى عنه تماماً فالحياة مع هذا الرجل لا بأس بها وهي افضل بكثير من لقب مطلقة وتبعاته.
* بطبيعة الحال المرأة لا تملك امر طلاقها بيدها وهذه نعمة من المولى سبحانه عليها.. والعصمة في يد الرجل كما جاء في ديننا الحنيف ونحن لسنا بصدد البحث في الحكمة من ذلك فيجب عليها ان تصبر وتتحمل وتعاني لعل وعسى ان تفرج يوماً.
* تضحية المرأة بكل شيء في سبيل اطفالها كالرجل تماما فهي تعرف تمام المعرفة بانه ليس هناك رجل مهما كان سيقوم برعاية وعناية اطفاله كأبيهم مهما كان سيئا. ذلك الاب الذي بالتأكيد يحمل عنها مسؤولية كبيرة تجاه الابناء ويكفيها مئونتهم .. وهذا بحد ذاته سبب كاف للعيش مع ذلك الرجل حتى وان كانت لا تحبذ ذلك وهذه الصفة يشترك فيها الرجل والمرأة سواء. ومن أهم الأسباب بل اهمها على الاطلاق والتي تجعلنا نرى زوجين لا يطيقان بعضهما وبالرغم من ذلك يعيشان تحت سقف واحد من اجل فلذات اكبادهم:
* تدرك المرأة تماما بانها اذا طلبت الطلاق وتحقق لها ذلك بانها لن تتزوج بين يوم وليلة فهي تتقي ذلك بقدر الامكان وبكل ما اوتيت من وسائل من صبر وحكمة وعقلانية وحتى لو كان زوجها غير كفء بالنسبة لها.
* بعض الزوجات قد يزرع المولى سبحانه في قلبها حبا لايوصف لزوجها وان كان لا يستحق ذلك وليس اهلاً فهي تريده بأي حال من الأحوال وتريد العيش معه بأي شكل ومهما كان عليه من سوء سلوك وتصرفات وعدم تقدير للمسؤولية وهذه النقطة يشترك فيها الرجل والمرأة على حد سواء (ولله في خلقه شؤون) فهي تراه افضل رجل في العالم وهو كذلك طالما يريان بعضهما بعين الرضا في حين ان اي امرأة اخرى يستحيل ان ترضى بذلك الزوج ولو منحها وزنها ذهباً وكذلك بالنسبة لتلك المرأة فلن يرضى بها اي رجل في العالم ولو منحوه كل كنوز الارض (فسبحان الله!!).
* حياة المرأة في بيت اهلها بعد الانفصال تختلف عنها كثيرا قبل الزواج وهي تعرف ذلك جيدا فستحرم من مميزات كثيرة حتى وان كانت حياتها في بيت زوجها على عكس ما تريد فهي في بيت اهلها لن تمارس حريتها المطلقة ابدا ولن تأمر وتنهي كما في بيتها ولن تستقل برأيها وستلتزم بما يمليه عليها الاهل من اوامر ونواه تأكل متى ما اكلوا وتنام حين نومهم وتصحو معهم ناهيك عن نظرة التهكم والسخرية والدونية ان لم تكن من الكل فبالتأكيد من البعض. كل شيء يصبح ممنوعا والمصيبة العظمى اذا كان لديها اطفال فهي لا تطاق ابدا. اذن حياتها في بيت زوجها مهما كانت سيئة الا انها ارحم بكثير من حياتها مع اهلها وتمنحها ميزات لا تتوفر ابدا هناك بالرغم من عدم رضاها عنها.. (مكره اخاك لا بطل).
* قد يتم زواج الاثنين دون رضا اهليهما في بعض الاحيان او بالضغط على اسرتيهما ليتم الزواج سواء منهما جميعا او من احدهما وبعدئذ يكتشفان انهما لا يصلحان لبعضهما البعض البتة ولكن هيهات بعد فوات الاوان فهما يخافان من شماتة الاهل والاقرباء والناس ان هما انفصلا فهما يتحملان في سبيل حفظ ماء الوجه كل شيء وليكن ما يكون.
هذه بعض الاسباب من وجهة نظري المتواضعة جدا التي تجعل الازواج يعيشون مع بعضهم وان كانا غير راضيين تماما فهما قد يكونان معذورين في ذلك فالحياة صعبة والناس لا ترحم والظروف قاهرة والامور تغيرت والدنيا تطورت ولم تعد سلعة ميسرة كالسابق فليس بتلك السهولة الآن. وكما يتصور البعض ان تجد لك شريكة او شريكا لحياتك يقاسمك الضراء كما يقاسمك السراء ويعيش معك على الحلوة والمرة ويصبر على كل شاردة وواردة منك. هذا ما جدت به وربما كما اسلفت يقول قائل مستحيل ولا اعتقد ان شيئا في الدنيا يستطيع ان يرغمني على ان اعيش مع من لا احب. وهنا يبرز سؤال يطرح نفسه هل الحب وحده يكفي لاستمرار الحياة حتى وان كانت الجوانب الاخرى ضعيفة او مفقودة ام ان الحب ليس شرطا مهما خصوصا اذا كانت كل الجوانب في الحياة الزوجية متوفرة ومكتملة الى درجة الاشباع الممل؟ علماً بانه ليس شرطا ضروريا ان كلا من الرجل والمرأة يكرهان بعضهما البعض ولكنهما بالتأكيد لا يحبان بعضهما من يا ترى يجيب ولكن بصدق وموضوعية وعقلانية وبعد دراسة الواقع من جميع الجوانب وفي ظل عدم توفر الامرين معا في كثير من الاحيان.
عبدالرحمن عقيل المساوى
اخصائي اجتماعي

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved