أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th August,2001 العدد:10557الطبعةالاولـي الجمعة 5 ,جمادى الآخر 1422

شرفات

في الطريق إلى أطلس للفلكلور العربي
خبير الفلكلور صفوت كمال وجائزة التفوق بعد أربعين عاماً من الكفاح
إسرائيل لا تستطيع سرقة تراثنا ولا داعي لتضخيم المسألة!
العولمة لا تقضي على الفلكلور ولكن يقضي عليه الإهمال والضعف الدول العربية مطالبة بدعم تراثها الشعبي لتتعرف عليه الأجيال الجديدة
صفوت كمال خبير الفلكلور المعروف وصاحب مشوار علمي متميز يزيد عن اربعين عاماً، توج مؤخراً بحصوله على جائزة التفوق في مصر. وكان الاحتفاء بمشواره فرصة طيبة لحوار خاص جدا عن الفلكلور العربي وقضاياه الملتهبة.. تساؤلات كثيرة عن هويتنا الضائعة وتراثنا المستباح لعملية القرصنة والسطو. أزياء وعادات وأهازيج جميلة تمثل الشخصية العربية حقا لكنها الآن تطوى تحت ركام الاهمام والتجاهل. كل هذا اجج الحوار مع رجل اعتكف ونذر نفسه للمأثورات الشعبية. فقدم دراسة هامة (بالمشاركة) عن الامثال في الكويت واخرى عن الاغاني الشعبية في مصر وساهم في تأسيس مجلة الفنون الشعبية منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما وحتى الآن:
* في البداية نود ان نسأل عن مجالات علم الفلكلور ودائرة اختصاصه؟
علمياً هناك فرق بين ما هو مأثور شعبي وما هو تراث، فلابد من مرور زمن «100 سنة» على الاقل حتى نعتبر المادة مأثورات شعبية. وتنقسم هذه المواد الى ما يستخرج من دراسات تاريخية قديمة (تراث) او ما يستخرج من الحياة نفسها من خلال الجمع الميداني وهو الاساس.
* من خلال مشوارك الطويل مع الفلكلور، بمَنْ تأثرت في هذا المجال؟
هناك اسماء كثيرة كانت صاحبة فضل وتأثير، بداية معرفتي المباشرة للاستاذ يحيى حقي الذي كان رئيسي في مصلحة الفنون وقرر ندبي للعمل في المركز القومي للفنون الشعبية نظرا لاقتناعه بي. ومع بداية العمل في هذا المجال تعرفت على الرائد الراحل احمدرشدي صالح الذي شجعني على مواصلة السير في هذا الطريق، وعلمني اننا نخطىء كي نتأكد من الصواب، فالاجابة ب «لا» تعادل الاجابة ب «نعم». ونحن في الفلكلور لا بد ان نجيب عن خمسة اسئلة «ماذا ومتى ولماذا واين ومَنْ». ومن الاساتذة الاجانب العالم الكبير دينوفسكي.
وعندما سافرت للعمل بالكويت تعرفت وتوثقت صلتي بالعديد من الاساتذة الكبار أمثال زكي نجيب محمود وتوفيق الطويل واحمد ابو زيد استاذ الانثروبولوجي ومستشار تحرير مجلة عالم الفكر في الكويت حيث عملت معه في الاشراف على المجلة وتعلمت منه الرؤية الشمولية للعمل.
ويأتي في البداية والنهاية اسم استاذنا الرائد عبدالحميد يونس الذي تشربت على يديه الاهتمام بتراثنا وهويتنا منذ ان كنت طالبا في كلية الآداب.
* هناك سؤال يطرح نفسه بقوة ويتعلق بوضع التراث الشعبي في ظل العولمة.. وهل سينحسر هذا التراث والاهتمام به؟
من الممكن ان ينحسر بسبب ضعفنا وعدم اهتمامنا به، لان الفلكلور عملية تناقل بين الاجيال بالاساس. الآن الغزو الثقافي المسنود بغزو اقتصادي او «قهر اقتصادي» وتكنولوجيا الاعلام بما لها من سطوة وابهار كل هذا قد يؤثر سلبا اذا لم نحافظ على نقل ابداعات الاسلاف ونوظفها في اعمال فنية محدثة لكي تتوافق مع الجيل الجديد وتقدم بلغة العصر. اي انه اذا بقي هذا التراث مهملاً ولا يجد من يرعاه فان مصادر الهدم من السهل ان تأتي من الخارج.
* ألا يمكن القول إن تراجع الاهتمام بالفلكلور أمر لا مفر منه في ظل تراجع مقولة الدولة القومية بالأساس؟
لا أستطيع أن أقول هذا.. فمازالت الدولة كمفهوم وواقع موجودة، وبامكانها ان تتيح الفرصة للاعمال التي تستلهم التراث الشعبي عبر قنوات الاعلام المختلفة، وألا يقتصر دعمها على التراث التاريخي فقط. وهذا دور لابد منه ليتعرف الجيل الحالي على أنماط تراثنا وما بها من قيم جمالية وفكرية وإنسانية.
* الملاحظ ان هناك العديد من البحوث والاطروحات في حقل الفلكلور العربي لكنها تظل حبيسة الادراج...!
لأن الباحث لا يجد التقدير وقد يفاجأ بأن عمله الذي انفق فيه من صحته وماله أُخذ واستغل باسم شخص آخر. فهذا امر محزن ومحبط له كباحث، وخاصة ان عملية جمع المواد الشعبية وتسجيلها عملية مرهقة جدا، وتحتاج من الباحث ان يجوب الارياف والصحاري والأماكن النائية على الحدود.
* وبصراحة، هل قل اهتمام المؤسسات الرسمية بتجميع هذا التراث عن فترة الستينيات؟
نعم لكني لا اعرف لماذا !! يمكن ان نقول انه قل من ناحية وزاد من ناحية، فمثلا هناك اهتمام ببعض الاعمال الفنية وفرق الفنون الشعبية لكن هناك بالمقابل اهتمام ضعيف بعمليات المسح وتجميع المادة وغير ذلك من الجهود البحثية الاكاديمية المطلوبة.
* وما مدى إمكانية ان تتجمع الجهود البحثية على مستوى الوطن العربي لاعداد اطلس فلكلور عربي يضم جميع المتشابه والمختلف بين الاعراق والبيئات؟
كان هناك اقتراح بهذا وتم دعوة بعض المختصين لكن للاسف لم يكن الاحساس باهمية هذا المشروع على المستوى المطلوب. هناك بلدان عربيةمثل المغرب وتونس والجزائر قطعت شوطا جيداً في تجميع تراثها الشعبي. وكذلك في الكويت بدأ مركز الفنون الشعبية بجهود فردية منذ عام 1957 ومازال يواصل دوره حتى الآن. ولاشك أن هناك امكانية لربط هذه الجهود خاصة ان الباحثين العرب في هذا المجال يعرفون بعضهم البعض جيداً.
* ربما تزداد اهمية الحفاظ على هذا التراث في ظل ما يتردد الآن حول محاولات السطو عليه؟!
هذه مشكلة، وهناك ايضا مشكلة اخرى تتعلق بتزييف هذا التراث وبالتالي تزييف هويتنا. وبالامكان الحفاظ على ذلك في ظل تطور قوانين حماية الملكية الفكرية وكذلك عمل تسجيلات موسعة لانماط هذه الفنون. وافريقيا على سبيل المثال يسرق ابداعها الفطري بكل سهولة، فموسيقى الجاز اخذت من الايقاعات الافريقية، ومثلاً الثوب التلي الاسيوطي وصل الى احد بيوت الازياء الاوروبية المشهورة ليجعل منه فستان سهرة ناهيك عن الازياء الفرعونية.
هناك اشياء كثيرة تسرق وكما يقال: «المال السايب يعلم السرقة».
* وامكانية الحفاظ على هذا التراث وما يتعلق به من حقوق مادية وادبية؟!
هذا يحتاج إلى تضافر الجهد الاعلامي والإعلان عن منتجاتنا والتكيف القانوني للتعامل معها وكذلك زيادة المراكز العلمية المنوط بها تجميع هذا التراث وتسجيله.
لكن ما فائدة هذا الجمع والتسجيل اذا صح ما يتردد حول قيام اسرائيل بالسطو على هذا التراث ونسبته إليها.
اسرائيل لا تستطيع سرقة ذلك بسهولة مثلما لا يستطيع اللص ان يسرق بطاقتك ويضع صورته عليها، فمهما حدث تظل البطاقة خاصة بك. واعتقد اننا نضخم المسألة اكثر من اللازم ونتعامل مع الثقافة الاسرائيلية كأنها ثقافة حقيقية وذات نسيج واحد وحي وهذا غير صحيح فهم مجموعة من الشراذم وما تقوم به من سطو مجرد «هبالة» فكرية!
* من خلال خبرتك الطويلة بمجال الفلكلور، ما أهم الصعوبات التي تواجه الباحث؟
أولا واخيرا: التكلفة المادية والاحتياج لاجهزة حديثة متطورة. اذكر أنني في بداية عملي الميداني كنت احمل جهاز تسجيل وزنه 12 كجم وفي وقت ما استلفنا من الاذاعة جهازا اخر يزن 8 كجم. كذلك اقتناء المتاحف لنماذج من فنوننا الشعبية امر لا يحدث بسبب عقد الروتين.
وعلى مستوى الوطن العربي هناك ندرة في عدد الباحثين الاكاديميين علاوة على ان هؤلاء بمجرد ان ينتهوا من اطروحة الدكتوراة يتجهون الى اعمالهم الخاصة ولقمة العيش وهذه خسارة للحياة البحثية.
ولهذا السبب مثلا نجد ان المركز القومي في مصر وبعد مرور 44 سنة على انشائه لم يستطع حتى الآن ان يتم المسح الشامل للقرى والبلاد المختلفة لمعرفة انماط الابداع والعناصر المكونة له.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved