أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 30th August,2001 العدد:10563الطبعةالاولـي الخميس 11 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

بعضاً مني ومنك
د. فهد حمد المغلوث
في حياة الكثير منا العديد من التساؤلات الحائرة والمتعبة، فمن يُجيب عليها بصدق وصراحة مع مراعاة مشاعرنا وخصوصيتنا؟ ثم ألسنا نحن الأولى بها؟
في حياة الكثير منا العديد من مصادر القلق والتوتر والعديد من محطات الاحباط وخيبات الأمل، فمن يريحنا منها بعد الله ويُعيد إلينا الطمأنينة على نحو يشعرنا بأهميتنا وقيمتنا؟
في داخل الكثير منا آهاتٍ مكبوتة منذ أمدٍ بعيد، فمن يساعدنا في إخراجها والبوح بها بشكل لا يشعرنا بالذنب أو أننا أسأنا في حق الآخرين؟
وفي قلوبنا مساحات خضراء كبيرة من الحب، فمن يستطيع أن يعرف كيف يدخل لنا من خلال قلوبنا، وكيف يستطيع أن يكسبنا ويحتوينا ويجعلنا في صفه ومعه؟
بل في داخلنا استعداد فطري ومكتسب للعطاء والبذل والتضحية فمن يساعدنا في توظيف تلك الخصال الحلوة وجعلها أحد عوامل تنمية المجتمع والنهوض به؟
إن هذه التساؤلات الحائرة التي نشعر بها أحياناً والرغبة في ان نعرف أنفسنا من قبل الآخرين لا تعني مطلقاً أن لدينا نقصاً ما أو احتياجاً ما نحاول ان نشبعه من خلال الحديث مع الآخرين ولكن الانسان منا أحياناً في حاجة ربما لأن يتأكد من بعض المعلومات أو ربما المشاعر وخاصة من أناس يكنُّ لهم كل التقدير والاحترام والثقة وبالذات في أمور تهمُّنا في حياتنا اليومية وتزيد من مساحة فهمنا للحياة.
وهذا الاحتياج مشروع ولكن ما يقتله او يعيقه هو العادات التي تربينا عليها والتقاليد وغيرها من الأمور التي تشعرنا بأن كل شيء يجب ان يخضع لحسابات ومعادلات مجتمعية دقيقة جداً وصارمة مما يفقدنا مع الوقت أشياء حلوة ومهمة في حياتنا، تلك الأشياء التي تتحقق بمبدأ التوازن والمعقولية خاصة وأننا في عصر لايجب ان ندس فيه رؤوسنا في الرمال ونكتفي بما لدينا وبما يصلنا من الآخرين دون ان يكون لنا مبادرات فعلية في السعي لهذه المعلومات أو تلك الأخبار.
والانسان منا وهذه حقيقة حينما يرتبط بشيء ما أو حتى بإنسان ما من خلال وسيلة ما، فإنه مع مرور الوقت يبدأ برسم صورة خيالية له في عقله تتطور مع مرور الأيام لدرجة يريد من خلالها هذا الانسان ان يرى بنفسه هذا الشيء الذي ارتبط به أو توحد معه ولو من خلال صوره.
هذا فقط من خلال التساؤلات، أما لو انتقلنا إلى مصادر القلق والتوتر وكذلك محطات الاحباط وخيبات الأمل لرئيناها كثيرة وتكاد تصيبنا بشكل يومي لدرجة الرجوع لتلك الأسئلة الحائرة والتي ربما منها: ما الفائدة من وجودي؟ وما القيمة من كل عملي إذا كانت المحصلة النهائية هي الإحباط وخيبة الأمل؟إن أحد عوامل تلك المشاعر المتعبة التي نتحدث عنها ربما يكون الملل الناتج عن نمطية حياتنا والأدوار المفروضة علينا من قبل الآخرين المحيطين بنا ممن نحن ملزمون بتنفيذ ما يريدون منا دون ان نكون مقتنعين بذلك لدرجة نصل فيها أحياناً إلى أننا لا نريد ان نفهم شيئاً، لأن هذا الفهم من شأنه ان يتعبنا أكثر ويدخلنا في متاهات من الحيرة والتساؤلات التي لا أول لها من آخر خاصة حينما نعلم أننا لا ينقصنا شيء، وخاصة حينما نشعر أننا نعامل بإجحاف ودون وجه حق.
ولا أدري إن كان من حقي أن أقول بأنه لا أحد بشكل عام على وجه هذه البسيطة راضٍ عن نفسه أو أنه قادر على قراءة ما يجول في وجه الحياة فما هو الحال بقراءة ما يجول بداخلها؟!
أمر صعب فعلاً ان تحاول سبر غبر هذه الحياة لتعرف كنهها، وان تحاول وتحاول ثم تفشل ان تبذل قصارى جهدك وإذا بك تكتشف أنك تعود الى نفس النقطة التي ابتدأت منها!
ترى هل هو خطأ فيك كإنسان لا تعرف ما يدور حولك أم خطأ فيمن حولك ممن ظللت تسعى إليهم وتركض خلفهم طوال هذه السنين من عمرك لتكتشف في نهاية المطاق أنك غير قادر على تفسير ماتبحث عنه! وربما الاستثناء الوحيد هي تلك الفئة القريبة من ربها بشكل أكثر وتعرف تحديداً ما هو الهدف الحقيقي من وجودها في هذه الحياة التي بقدر ما تبتسم لك لحظة تبكيك لحظات ولحظات!
ورغم كل ذلك، فنحن بحاجة لاكتشاف مساحات الحب في كل منا، في حاجة لأن نعطي الآخرين وخصوصاً المقربين منا فرصة لكي يثبتوا لنا ان الحب ليس كلمات أو شعارات تقال وان المشاعر ليست قصائد تكتب فحسب بقدر ما هي مواقف حقيقية وتضحيات متواصلة.
نحن بحق بحاجة لأن نريح اقرب الناس لنفوسنا بالاجابة على تساؤلاتهم الحائرة حول من هم بالنسبة لنا وماذا يشكلون لحياتنا.
بحاجة لمتسع من الوقت لكي نعرف حقيقة مشاعرنا ونؤكد صدق حبنا وولائنا لكل شيء يهمُّنا ويعز علينا.
بحاجة لأن لا نشغل عقولنا بأكثر مما ينبغي كي نتفرغ لشيء واحد نكون قادرين على العطاء فيه والتضحية من أجله أياً كان ذلك الشيء بشرط ان يكون مشروعاً.
أراح الله قلوبكم بطاعته وأدخل السعادة لنفوسكم وأدام الابتسامة على شفاهكم وأبعد عنكم كل عوامل النكد وأسباب الحيرة وجعل أيامكم تفاؤلاً ومستقبلكم أملاً لا ينتهي.
همسة
حينما حاصرتني الأسئلة..
من كل جانب..
بكل حيرتها..
حينما داهمتني الوساوس..
كل مخاوفها..
حينما أصبحت بداخلي المتناقضات..
بكل غموضها..
***
حينما شعرت بالعجز..
ينتابني.. يتسلّل إليَّ..
لعدم معرفتي الرد عليها..
أو فهمها..
أو التعامل معها..
***
حينما شعرت بذلك كله..
لم أفكر بعد الله..
سوى فيك أنت..
فأنت وحدك من خطر على بالي..
منذ أول وهلة..
شعرت فيها بحاجتي لأحد..
***
أتعرف لِمَ؟
لأنني أحسست بحاجتي الشديدة..
لقلب كبير يفهمني..
اعتمد عليه..
لصدرٍ حنون يحتويني..
ويضمني إليه..
لانسان حقيقي..
يقوي ايماني بالله..
ويزيد صلتي به..
***
أتعرف لِمَ أيضاً..
لأنك سوف تصارحني..
سوف لن تجاملني..
على حساب نفسي..
سوف تكون مرآتي الحقيقية..
سوف تخاف عليِّ..
كما لو كنت أنت
***
سوف تريني الحقيقة..
مهما كانت قاسية.
وسوف أتقبلها..
سوف أرضى بها..
لأنني هكذا تعودت منك.
تفهّم دائم..
وحنان زائد..
وتعامل راقٍ..
***
فهكذا هو الجود
وهكذا هو أنت توأمه..
صنوان لا يفترقان..
لا يختلفان..
سوى في اسميهما..
ولكن..
منذ متى كان الاسم هو الفرق؟
منذ متى كان مهمّاً؟
منذ متى كان يعني شيئاً؟
طالما أن صاحبه..
هو من يُضفي عليه جمالاً؟
هو من يعطيه اعتباراً؟
***
إنها جزء من مشاعري
بعضٌ مني..
أبوح بها لك..
بكل صراحة..
دون خجل..
علّك تعرف
من أنت بالنسبة لي..
ومن أنا من دونك..
***
قرائي الأعزاء..
نستميحكم العذر في الاحتجاب لمدة شهر من الآن بحيث يكون هذا هو المقال الأخير لالتقاط الأنفاس مع بداية الدراسة على أمل الرجوع بعد فترة راحة لنا ولكم.. ودمتم.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved