أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 1st September,2001 العدد:10565الطبعةالاولـي السبت 13 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

رؤى وأنفاق
القيام والوقوف في الشوقيات
د. محمد الخطراوي
(6 - 7)
حين أحسست وأنا أقرأ شعر شوقي، أنه يعتمد كثيراً على مجموعة من الألفاظ تتوارد في شعره وتتكرر بشكل لافت، لم أكن أتصور أنه يمكن تجميعها في زمر محدّدة أو تكويرها في بؤر لغوية يطولها الحصر، وتخضع للدرس، وها نحن من خلال متابعتنا لاستعماله لكلمتين: (القيام والوقوف) نمسك بإحدى تلك الزمر، وفي كثرة كاثرة، تفسّر بعض تلك الاستعمالات، بالإضافة إلى ما تتيحه لنا هذه المتابعات من دفء شعري متدفق ونبضات عاطفية حانية، وما زلنا مع الشاعر في المجلد الثالث من الشوقيات، وفيه (3/166) نجده يرثي الدكتور أحمد فؤاد، أحد الأطباء المشاهير، والمتوفَّى (سنة 1931م) فيقول مشبهاً له بيوسف الصديق:


رُحماك (يوسفُ) قف ركابك ساعةً
واعطف على (يعقوب) فيه حزينا
سبحان من يرثُ الطبيبَ وطبَّه
ويُري المريضَ مصارعَ الآسينا

* وفي المجلد الرابع (4/15) يرثي الموسيقي سيد درويش في ذكراه سنة 1931م فيقول:


أيها الدرويشُ، قم، بُثَّ الجوى
واشرح الحبَّ، وناج الشهداء
لا تُرق دمعاً على الفن، فلن
يعْدم الفنُّ الرُّعاة الأمناء

وفي آخر قصيدة قالها سنة 1932م، ألقيت يوم وفاته، وجهها للشباب الذي نهض بمشروع القرش، قال (4/26):


لايقيمنَّ على الضيم الأسدْ
نزع الشبلُ من الغاب الوتَدْ
اتركوه يمشِ في آجامه
ودعوه عن حمى الغاب يذُد

* وفي الاحتفال الذي أقيم بمناسبة عيد الجهاد الوطني سنة 1926م كتب قصيدة وطنية (4/29) فقال:


وقمنا في شراع الحق نلقَى
وندفع عن جوانبه الرياحا
نعالج شدةً ونرُ وض أخرى
ونسعى السعيَ مشروعاً مباحا

* وفي غليوم رئيس ألمانيا (سنة 1906م) الذي قسم العالم الى جرمان وغير جرمان، قال شوقى مدافعاً عن العرب والمسلمين:


ياربّ، ما حكمُك.؟ ماذا ترى
في ذلك الحلم العريض الطويل؟
قد قام غليومٌ خطيباً، فما
أعطاك من ملكك إلا القليل

ووقف (غليوم الثاني) على قبر صلاح الدين، فسلّم عليه وحيَّاه، فهزَّ هذا الموقف شوقي، فأنشد يقول: (4/56):


رعاك الله من ملك هُمام
تعهَّد في الثرى ملكاً هماما
أرى النسيان أظمأه، فلمّا
وقفتَ بقبره كنتَ الغماما
وقفتَ به تذكّره ملوكاً
تعوّد أن يلا قوه قياما

* وفي وصف (الفنار) 4/57) قال:


مشى على الماء، وجا
بَ كالمسيح العَببا
وقام في موضعه
مستشْرِقاً، منقِّبا

* وعلى لسان حارس الفنار قال:


قد عشتُ في خدمتهمْ
ولا ترانى تعِبَا
كم من غريقٍ قَمتُ عنْ
دَ رأسه مطبِّبا

* وفي قصيدة (أثينا) التي نشرها بمجلة رمسيس (سنة 1912م) قال (4/61) حول أبي الهول، والأهرامات:


ما فلّ ساعَده الزمانُ، ولم ينل
منه اختلافُ جوارفٍ، وذوارٍ
كالدهر لو ملكَ القيامَ لفتكةٍ
أو كان غير مُقلَّمِ الأظفار
وثلاثةٍ شبَّ الزمان حيالها
شَمّ على مَرِّ الزمان، كبار
قامت على النيل العهيد عهيدةً
تكسوه ثوبَ الفخر وهي عوار

وفي تحية مجموعة من الطلاب المصريين المبتعثين إلى أوروبا قال: (4/69) يحث نفسه على تحيتهم:


قف حيِّ شبان الحمى
قبل الرحيل بقافيهْ
عوّدتهمْ أمثالها
في الصالحات الباقيهْ

وقام الملك فؤاد بزيارة الجيزة أواخر سنة 1920م فمدحه الشاعر بقوله: (4/71) في كثير من مبالغاته:


إذا ما مسَّ ترْباً عاد مسكاً
ونافسَ تحته الذهبَ الرغامُ
وإن هو حلَّ أرضاً قام فيها
جدارٌ للحضارة أو دِعامُ

وحين نشر الأديب كامل الكيلاني ديوان الشاعر أحمد بن زيدون لأول مرة في مصر، تفاعل شوقي مع هذا الحدث الشعري، وبخاصة أن اسمه (أحمد) أيضاً، وأنه يجتمع معه في حب كل ما هو أند لسيّ، فقال، (4/78)


يا ابن زيدون مرحبا
قد أطلت التغيُّبا
قم ترَ الأرضَ مثلما
كنتمُ أمس ملعبا
وترَ العيشَ لم يزلْ
لبني الموت مأربا

وحين مرّ (غاندي) زعيم الهند المعروف،. بمصر سنة 1931م في طريقه إلى مؤتمر المائدة المستديرة بلندن، كتب شوقي قصيدة دالية مطلعها: (4/83):


بني مصر، ارفعوا الغارَا
وحيُّوا بطل الهند
وأدُّوا واجباً، واقضوا
حقوق العلم الفرْد
قفوا، حيّوه من قربٍ
على الفُلْك، ومن بُعْد
وغطُّوا البحر بالآس
وغطُّوا البحر بالورد

وكتب أبياتاً للموسيقار محمد عبدالوهاب، ليغنيها أمام ملك العراق (فيصل الأول، سنة 1931م) فقال: (4/88):


يا شراعاً وراء دجلة يجري
في دموعي، تجنبتك العوادي
قف، تمهل، وخذ أماناً لقلبي
من عيون المها وراء السواد


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved