أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 7th September,2001 العدد:10571الطبعةالاولـي الجمعة 19 ,جمادى الآخرة 1422

الثقافية

قصّة قصيرة
البداية السعيدة
استيقظت نهلة صباحاً وفتحت عينيها الساحرتين في تثاقل وتثاءبت ثم نهضت من فراشها ونظرت في ساعتها فوجدتها الساعة الثامنة صباحاً، ماذا الثامنة؟ يا للهول!! لقد تأخرت عن مدرستي لقد بدأت بل لقد انتهت الحصة الأولى ماذا سأقول لمديرتي ماذا سأفعل الآن وأنا المعلمة المثالية في هذه المدرسة وأنا المعلمة القديرة التي يشار لها بالبنان؟
ماذا ستقول عني الزميلات وقد نلتُ منذ اسبوعين فقط جائزة التفوق كمعلمة مثالية في المدرسة.. منذ خمسة عشر عاماً وأنا في هذه المدرسة.. نعم انها خمسة عشر عاماً من الزمن مرت بسرعة مذهلة وأنا مثال المعلمة المنتظمة الحريصة على الحضور مبكراً إنني أول من يحضر إلى المدرسة وأول من يوقع في كشف الحضور. لم أتأخر يوماً أو أحصل على انذار أو خط أحمر كما يحصل للزميلات..
ولم يخطر ببالي أن أتأخر في يوم من الأيام ياه.. خمسة عشر عاماً مضت من سنوات عمري.. كيف مرَّت هذه السنوات وأنا لا أكاد أشعر بها لقد مرّت هذه السنوات بسرعة البرق الخاطف طويتها في تلك المدرسة بين طالباتي.. كما من طالبة خرّجت.. وكم من تلميذة علّمت.. انها مدة ليست بالقصيرة انها ثلاثمائة وستون يوماً قد ضربت في خمسة عشر لقد سرحت نهلة بخيالاتها الواسعة وبدأت تعيد شريط ذكرياتها طوال هذه السنوات.. خمسة عشر عاماً في الخدمة لم أتأخر عن مساعدة محتاجة أو أتوانى في ارشاد حائرة.. إنني أحب طالباتي وكأنهن جزء لا ينفصل مني.
انني اعتبرهن بناتي.. وأخواتي.. لقد كافحت طويلاً لنيل الشهادة الجامعية صبرت على كيد زوجة أبي وايذاءاتها المستمرة لي كل ذلك بعد وفاة أمي وزواج أبي من تلك الأفعى كانت تقف في طريقي كلما سنحت لها الفرصة لقد سخرت منى كثيراً.. وأذاقتني صنوف العذاب وأنا طفلة صغيرة ذات الضفيرتين.. قالت انني لن أصبح شيئاً في المستقبل فلماذا أتعلم؟ حطمت جميع ما لديَّ من آمال ولكنني أخذت عهداً على نفسي أن أخيّب آمالها من أجل ذلك كان شغلي الشاغل هو دراستي ونجاحي للحصول على الشهادة العليا لأثبت لها بأنني أصبحت شيئاً بل أشياء كثيرة.
لقد تعلمت الكثير من مدرسة الحياة تعلمت أن أدخر قليلاً من المال من أجل شراء الكتب والمراجع الدراسية..
تعلمت كيف أتوكل على الله قبل كل شيء لقد كانت مصائب زوجة أبي بالنسبة لي دروساً عملية ولكن وللأسف بعد تخرجي توفي والدي فأحسست بالغربة ومع أنّي أصبحت معلمة وأصبح المال يتدفق بين يدي إلا أنني لم أشعر بطعم السعادة.. كنت دائماً حزينة وكان العمل المدرسي هو سلوتي الوحيدة أغرق فيه همومي.. لم استرح يوماً ولم أحدث نفسي بالغياب مع أن ظروفي الصحية أحياناً تستدعي ذلك فأنا أحب العمل لأنه سلوتي الوحيدة.
يا تُرى لماذا تأخرت اليوم؟ ولماذا نهضت في تلك الساعة؟ أتراني مريضة؟ في وجهي شيء من الذبول والخمول أشعر بالتعب أمعقول أن كل هذا من ارهاق المدرسة؟ ومن شرح الدروس؟ لا أظن ذلك نظرت في المرآة.. يا.. ما هذا البياض الذي بدأ يغزو شعري أتراني كبرت إلى هذا الحد؟ اننى قد نسيت نفسي في زحمة العمل.. لقد كبرت وأصبحت امرأة ولكنني لم أتزوج حتى الآن..
لم أكوّن أسرة كما فعلت زميلاتي لأنني أخاف أن أموت فيتزوج زوجي امرأة أخرى ويعاني أطفالي ما عانيت..
نعم إنني أكره الرجال فهم سبب مأساة المرأة في كثير من الأحيان.. وفي خضم التفكير والتساؤلات والحوارات مع النفس سمعت نهلة طرقاً على الباب.. توقف تفكيرها وتوقفت أسئلتها المتلاحقة مَنْ يا ترى يطرق الباب في هذا الوقت؟
قالت تفضلي..
فتحت خادمتها .. أم سمير الباب وقد بدا على وجهها علامات التعجب!!
نهلة: لماذا لم تذهبي اليوم لمدرستك يا ابنتي؟ لقد تأخرت كثيراً ما بالك اليوم؟ لقد اتصلت عليك المديرة لتسأل عنك ماذا أقول لها؟ انه ليس من عادتك الغياب أو حتى التأخير لقد نظموا ساعاتهم على موعد حضورك هل أنت مريضة؟ هل استدعي لك الطبيب؟
طرحت الخادمة «أم سمير» على نهلة اسئلة متلاحقة وكأنها زخات من المطر ونهلة تستمع لها باندهاش انها لم تترك لها الفرصة لتجيب.. قالت توقفي أرجوك عن طرح الاسئلة واتركيني أسأل أنا..
وقفت نهلة حذو الخادمة ووضعت يدها على كتفها وقالت ألهذه الدرجة أنا مهمة في نظر المديرة وفي نظر الزميلات.. إن الدنيا مازالت بخير وأنا التي قد ظلمت نفسي بكرهي للنساء وللرجال.. إن النساء ليس كلهن كزوجة أبي فأصابع يدي ليست واحدة.. ليتني علمت ذلك منذ مدة من الزمن كي يتسنى لي الزواج قبل أن أكبر، الآن الآن عرفت الحقيقة فلن أرد اليوم خاطباً وستبدأ حياتي الجديدة منذ اليوم.. فاليوم اليوم تبدأ الحياة السعيدة لديّ..
صدى الذكرى
الوشم ثرمداء

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved