أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th September,2001 العدد:10572الطبعةالاولـي السبت 20 ,جمادى الآخرة 1422

عزيزتـي الجزيرة

رؤية تربوية في الأنشطة المدرسية
يأتي النشاط المدرسي كواجهة مضيئة وأفق واسع يتيح للطالب بناء شخصيته وتغذية فكره وممارسة هواياته بل وخدمة المادة العلمية وتعويد الطالب على استثمار وقته وملء دوائر الفراغ بكل شيء نافع.. إذن النشاط فرصة للإشباع والإمتاع وكسر طابع الروتين المدرسي بعيدا عن صخب الحصص وأعباء المواد الدراسية..
من جهة اخرى تحرص جلّ المدارس على صياغة أساليب للمناشط وتكوين جماعات وتشكيل أسر تمثل المدرسة في المسابقات وتمارس برامج النشاط وتقوم بتفعيل معطياته وتلك مشاهد جميلة شرط ان تحمل ابعادا واقعية ولا تطغى على اتجاهات الطلاب وتستحوذ على يومهم الدراسي أو تقتطع حصصا كثيرة للتدريب والتجريب.
نعم.. ليس في صالح العملية التربوية ما نراه عند بعض المدارس من تركيز شديد وانصراف كامل لاعمال النشاط وانغماس في برامجه بصورة تسحب طلاب النشاط من دروسهم وتؤثر في تحصيلهم!
ليس من الحكمة ان تتحول برامج النشاط الى نوع من أنواع الترف أو لون من الوان المظهر!! وكم من مدرسة تمنح (النموذجية) وتهدى إليها القاب المثالية وتقدم نفسها في سجل الثناء لمجرد ظهورها الدائم في مسرح الانشطة واحتفائها الشديد بالمناسبات وبحثها عن دوائر الضوء، ولكن حينما تفتش عن ملامح تربية او جوانب معرفة لدى طلابها ستخرج صفر اليدين وستعود بخفي حنين!!
ففي عرفها تبقى النواحي التحصيلية للطلاب والأبعاد التربوية أشياء تكميلية في ظل انصرافها الكبير لقنوات النشاط لتتحول الى مركز صيفي في خضم العام الدراسي وتظل هذه النماذج من المدارس تكرس المظهرية وتفتش عن آثار النشاط وكأن الهاجس هو حضورها المناشط وظهورها في المناسبات غير آبهة بتفويت الطلاب الحصص وسحبهم من الدروس لعمل (بروفات) وبخاصة في المرحلة الابتدائية وربما طلب حضور الطلاب عصرا لاستكمال التدريب!!
ويبقى همها الأكبر تنظيم حفلات.. عقد لقاءات.. اقامة مسابقات.. استقبال ضيوف.. زراعة المدرسة باللوحات والشعارات.. هكذا ركض مستمر ولهاث دائم خلف نقاط الضوء.. على حساب التربية والتعليم.. وجميل تفعيل بنود النشاط وممارسة برامجه ولكن بصورة معتدلة ومتزنة ومنصفة دون ان تؤثر في تحصيل الطلاب أو تحجِّم عطاء التربية.. الميدان التربوي بحاجة الى ان يكون النشاط عونا للبناء ودافعا للعطاء لا أن تستحيل المدرسة الى مركز طوارىء بحثا عن المشاركات وركضا خلف المسابقات والحفلات.
إن بروز المدرسة في الانشطة وجريانها في فلك المشاركات ليس دليلا دائما على نجاحها التربوي أو تفوقها التعليمي فلربما خبت جذوة التربية وذابت خيوط المعرفة فوق صفيح الأضواء الساخن المسكون بحرارة الثناء المعلب!!
وهناك مدارس نموذجية بدورها التربوي وممارساتها المعرفية التي تصب في فكر الطالب وترقى بمستواه ولكنها بعيدة عن مواطن الاشادة وعن دوائر الضوء ولا نستغرب ان تكون مدرسة نائية بإمكانيات محدودة ومبنى مستأجر متواضع مع ذلك تتجلى في فضائها ألوان التربية وتتدفق فنون المعرفة ويظهر من طلابها المتفوقون علما وخلقا.
إذن ليست المسارح الأنيقة ولا الصالات الفخمة او الانشطة المحتشدة قادرة على اعطائنا مدرسة نموذجية بقدر ما هي قيم التربية وجوانب المعرفة وبذور العلم التي تنبت شجرا مثمرا في عقول طلابنا..
إنها رسالة او دعوة للقائمين على المدارس بمراعاة تلك الضوابط عند تطبيق الانشطة ليبقى السياق التربوي والفضاء المعرفي هاجسنا الجميل لبناء جيل نافع قادر على خدمة العقيدة والمشاركة في صنع حضارة الوطن المعطاء.
اكرر.. انه شيء جميل ان نبحث عن (المدرسة النموذجية) ولكن لابد من تلافي (الجوانب الشكلية) كمعيار للتفوق أو علامة للنبوغ وهنيئا لكل مؤسسة تعليمية تستكمل ابعادها التربوية وتمارس دورها البنائي بصورة متزنة تتوخى الفائدة وتبحث عن كل خيط تربوي له موقعه في نسيج الفكر الاصيل لآل التحصيل.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved