أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 10th September,2001 العدد:10574الطبعةالاولـي الأثنين 22 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

رسالة إلى سعادة سفير الدولة العظمى في الشرق الأوسط
د. علي بن شويل القرني
ما يفعله الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) في الشرق الأوسط خلال الشهور الأولى من حكمه يعد تحولا استراتيجيا في السياسة الخارجية الأمريكية في هذه المنطقة.
ومبدأ عدم التدخل أو الدخول في شؤون الشرق الأوسط إلا عندما تقتضي الحاجة ذلك، يعتبر في حد ذاته سياسة تسعى الى تحقيق أهداف معينة.. وما يقرأه الرئيس بوش ومعه مستشاروه السياسيون هو غير ما نقرأه نحن في هذه السياسة الجديدة للمنطقة.
وعندما تدفع المصلحة الحزبية الداخلية بظلالها وهمومها وتعقيداتها بأوراق ومحددات نحو تبني سياسة خارجية موجهة لمنطقة معينة يعني ذلك أن المصلحة المؤقتة الناتجة عن ظرف معين وحالة خاصة وفئة معينة هي التي تطغى على سياسة استراتيجية طويلة الأمد لدولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية.
اليوم وغدا.. الشرق الأوسط لن تكون كما كانت من قبل، ولن تخضع أبدا للمعايير الحزبية الداخلية للولايات المتحدة، سيكون هناك تغيير استراتيجي في منظور العلاقة التي تربط الإدارة الأمريكية بدول ومؤسسات الشرق الأوسط.. ولن يكون هناك عودة الى الوراء.. نحن الآن نعيش مرحلة تحول استراتيجي لدول المنطقة سيفرز سياسات طويلة الأمد وعلاقات جديدة وظروف متغيرة تلقى بظلالها على كل السياسات الخارجية لدول المنطقة.
لقد حقق الرئيس بوش لدول المنطقة ربما فرصة ذهبية لم تكن متاحة أبدا لإعادة النظر في علاقاتها ومصالحها الاستراتيجية مع كل دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة.
العالم العربي بشكل خاص ومجلس التعاون الخليجي مع دولة كبرى مثل مصر وبعض الدول الأخرى يمكن أن تؤسس فعلا لخارطة جديدة في الشرق الأوسط تكون ذات استقلال وفاعلية وتأثير ونفوذ اقليمي ودولي مؤثر.. ينبغي أن نكون فعلا الآن في منطقتنا العربية والإسلامية بصدد بناء كتلة سياسية قوية مؤثرة على المستوى الدولي، ونحتاج ان نصيغ لها سياسات وبرامج وعلاقات مع الدول والكتل الأخرى.. في باقي قارات العالم..
إننا نرى أن الوضع الراهن الذي نعيشه وأفرزته الانسحابية الأمريكية من شؤون الشرق الأوسط ينبغي أن تكون حافزا لنا جميعا مؤسسات ودولا وأفرادا على أن نضع أمام أعيننا مسألة المراجعة الجوهرية لعلاقاتنا مع الدول الخارجية.. صحيح أن الولايات المتحدة قد خذلت الفلسطينيين ومعهم العرب والمنظمات السياسية العربية والدولية من أجل حفنة أصوات صهيونية تدب في الجسد الأمريكي وتنخره شرقا الى نيويورك في الحزب الديموقراطي وجنوبا الى تكساس في الحزب الجمهوري.. إلا أننا نرى أن الفرصة صنعتها أمريكا للانسلاخ من عباءتها والتوجه نحو آفاق جديدة من العلاقات والمصالح الاستراتيجية لدول المنظومة العربية والإسلامية والنامية.
مانريده فعلا وخلال جهود جبارة وجريئة فردية ومؤسسية هو وضع استراتيجيات جديدة وفق برامج ومصالح متبادلة تكون سندا لنا ولقضايانا وهمومنا نؤسسها على قواعد ثابتة وعلاقات وطيدة وليس على مزاجات انتخابية وتصويتات منحازة مؤسسة على أحقاء وعنصريات وعقد عميقة في الشخصية السياسية الأمريكية، كما أفرزتها السياسة الحالية التي صنعتها «فلوريدا» وترجمتها مخالب اللوبي الصهيوني الأمريكي على شكل انتكاسات في الرؤية الأمريكية للمواقف الخارجية واستثمار اللوبي الصهيوني لسقوط آل جور وحزبه الديموقراطي بأصوات قليلة من أجل تعميق عقدة الذنب والإحساس باهتزاز ثقة المجتمع الأمريكي لدى الحزب الجمهوري.
ماذا ترانا نفعل؟
نحن بحاجة الى تأسيس كتلة سياسية تنضوي تحتها وفيها الدول العربية والمنظومة الإسلامية وكثير من الدول النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.. وربما الاختيار يكون في البداية نخبويا من هذه الدول تحت مسمى قديم أو جديد تكون الجغرافيا والاقتصاد هما أساس هذا التلاحم بين هذه الدول.. ولربما يكون المنطلق الأولي هو من جامعة الدول العربية التي ينبغي أن تكون في هذه المرحلة قائدة وليست مقودة، ومتبوعة وليست تابعة.. تقوم الجامعة بصياغة أسس استراتيجية للمرحلة القادمة تحت ما يمكن أن نسميه «الخطة الاستراتيجية» يقوم بها ويعمل فيها عدد من المفكرين والسياسيين والاقتصاديين، وتعمل هذه المنظومة على توسيع دائرة المصالح المشتركة بين الدول العربية وغيرها من الدول الإسلامية والنامية.. ونرى أن منظمة المؤتمر الإسلامي ينبغي أن تلعب دورا حاسما أيضا في هذا التحرك الذي نسعى إليه ونحققه تطبيقا على سياساتنا وبرامجنا وعلاقاتنا مع الخارج.
وعندما يكون لدينا تنظيم سياسي فاعل على المستوى الدولي يمكننا أن نعزز مكانتنا ونخدم مصالحنا ويصبح لنا صوت يهابه الأعداء، وسياسة يخشاها الآخرون.. ويكون ذلك بدل التخبط الذي يحدث أحيانا في أروقة الجامعة العربية أو المنظمات الإسلامية..
كما أن منظمة دولية فاعلة بمثل هذا التصور سيساعد على استعادة بعض دول الأطراف في المنطقة وإلزامها بالعودة إلينا، وهي التي بدأت وشرعت فعلا في الانسلاخ من العباءة العربية مثل موريتانيا، أو العباءة الإسلامية مثلت تركيا.
ومرة أخرى ربما سيأتي الوقت إن شاء الله لأن نقدم الشكر والامتنان لفخامة الرئيس السابق جورج بوش (الابن) الذي كان لسياسته دور حاسم في تأسيس هذه المنظمة العربية/الإسلامية والتي استعدنا من خلالها مكانتنا ودورنا وريادتنا على المستوى العالمي..
alkarni@ksu.edu.sa

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved