أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 10th September,2001 العدد:10574الطبعةالاولـي الأثنين 22 ,جمادى الآخرة 1422

المجتمـع

أنانية الزوج تثقل كاهل المرأة العاملة
* تحقيق وسيلة الحلبي
للمرأة العاملة هموم كثيرة تتمثل في مسؤوليات العمل والرؤساء من جهة، ومسؤوليات الزوج من جهة ثانية والاولاد من جهة اخرى.
كل هذه الأعباء تقع على كاهل المرأة العاملة وكل هذه الأمور تستدعيها لأن تطلب المساعدة من زوجها الذي يعمل ثم يصطحب أصدقاءه للسهر وقضاء الوقت بعيداً عن الاسرة في البر، في المنتزه أو في المقهى تاركاً كل الهموم على تلك المرأة «زوجته» الموزعة بين هذا وذاك. وفي خضم هذا الزخم من ضيق الوقت وكثرة المسؤوليات، والتأفف والتذمر من بعض النساء العاملات ووضعهن مع ازواجهن كان ل«الجزيرة» هذا اللقاء مع العديد من السيدات العاملات.. نرى هل الحل هو عودة المرأة الى البيت؟!! أم في المشاركة الوجدانية والعملية من قبل زوجها واولادها لعل ذلك يخفف من أعباء هذه المشكلة.
في البداية تحدثت رجاء عايدية مساعدة إدارية في إحدى المدارس بالرياض فقالت : مسؤوليات العمل كثيرة، وكذلك مطالب الزوج والاولاد ولكني أقوم بعملي على أكمل وجه حتى أرضي ضميري ورئيساتي في العمل.. والانسان اذا اخلص النية يسهل الله عليه المسؤوليات ويجعل انجازها سهلاً رغم كثرتها وما يؤثر عليَّ فقط هو مسؤوليات البيت والاولاد فالوقت قصير وما أن ينتهي وقت العمل ويبدأ وقت المسؤوليات الزوجية والمنزلية حتى ينتهي النهار دون راحة على الاطلاق، وخاصة أنني لا أحب وجود «العاملة المنزلية» فأنا ضد وجودها وأحب مساعدة أولادي جميعهم في ترتيب الغرف ووضع الطعام وباعتقادي ان هذا لايضيرهم بشيء بل يعودهم على النظام والمساعدة والاعتماد على النفس وعدم الكسل والاهمال والتواكل.
وأنا هنا لا اطالب زوجي بالمساعدة لأنني أطالب أولادي ولا أطالب بعودة المرأة للمنزل لان العمل يعطيها وضعاً اجتماعياً خاصاً واثباتاً لوجودها وانسانيتها، فالعمل قوة وبناء ونشاط وتجدد وانطلاق.
من ناحيتها قالت: هدى .م التي تعمل في أحد البنوك: لا اطالب بعودة المرأة للمنزل فالعمل وقار واثبات لوجودها وتنمية لشخصيتها والعمل بناء وعطاء ولايمكن آن أتخيل نفسي امرأة تجلس في المنزل دون عمل سوى الاعمال المنزلية وانتظار الزوج والاولاد بعد عودتهم من العمل والمدارس.
ومن المؤكد أنه لابد من مساعدة الزوج لزوجته في المنزل.. فزوجي موظف وانا موظفة فهل يضيره شيء اذا ساعدني في بعض شؤون المنزل او اذا راعى أولاده.. فلابد ان يعرف الزوج ان التعاون بين افراد الاسرة يحيي القلوب، ويزيد روابط المحبة ويزيد العلاقة بين الزوجين فأنا لا أنادي أن يطبخ الرجل او يكوي الملابس، ولكن اطالب بما هو معقول.. وان يخفف من طلباته غير المنتهية، ومن ولائم اصحابه التي تجعلني اصرخ فعلاً ورغم انه لدي عاملة منزلية ولكن الاعباء أكبر من طاقتي فلا بد ان يحتملها معي لتسير دفة الحياة وتتوازن الامور بين اهتماماتي في العمل وشؤون المنزل والأسرة.
السيدة سمر سيدة أعمال قالت بهذا الخصوص: آنا وزجي متفاهمان في أمور الحياة، فأنا أقضى كل وقتي في مشغلي وأعود إلى المنزل منهكة القوى، فهو يساعدني بعض الشيء ويقدر ظروفي وهو زوج محب وحنون، وقد ساعدني كثيراً لبناء مشغلي وتطوره فأرى فيه الزوج الحنون المتعاون المتفهم ولا أنزعج من زوجي على الاطلاق وكثيرات من زميلاتي وأقربائي يحسدونني على مساعدته لي ويلومونه ايضاً ولكنه متفهم ولايسمع كلام وتعليقات احد منهم. لذلك لا اطالب بعودة المرأة للبيت ولا أنزعج من زوجي حتى ولو كثرت طلباته.
الاستاذة فاطمة محمد السلوم مديرة المركز الشامل للاناث ادلت بدلوها في الموضوع قائلة:
هناك دراسات كثيرة أكدت ان ربة البيت أكثر سعادة واستقراراً من المرأة العاملة، وان البحوث الحديثة أثبتت ان نتائج ضغوط المسؤوليات على المرأة خطيرة جداً وأكدت أن بعض الدراسات أثبت ان المرأة التي تخيلت أنها بخروجها إلى العمل ستتحرر من سطوة وتسلط «الرجل» القوي في المنزل كانت واهمة وان العكس هو الصحيح وهو ان الرجل عادة يفرض عليها سلطته أكثر، ويتشبث برأيه أكثر ويصر عليه بشكل يثير مشاعر ودوافع التحدي والخلافات المستمرة مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تزايد الخلافات، بمعنى أن بقايا الدور الانثوي القديم في البناء النفسي للزوج والزوجة معاً يعوق اكتمال تحرير المرأة الاقتصادي، فهي تتعلم وتعمل وتتقاضى أجراً مماثلاً لأجر الرجل لكن اصرار الزوجة واصرار الزوج معها على أن يحمل هو القدر الاكبر من الاعباء الاسرية يعني في الترجمة العملية احتفاظ الرجل بالسلطة الأولى داخل الاسرة.
أما المرأة التي اقتنعت بدورها كأم ومربية وفضلت البقاء في المنزل خاصة اذا كانت على درجة عالية من التعليم فهي الأكثر سعادة واستقراراً واستمتاعاً بالحياة ويرجع ذلك إلى انها اكتشفت دورها الحقيقي وأصبحت راضية عنه وان الوقت قد أصبح متاحاً أمامها لرعاية شؤون زوجها وتدليله واشعاره برجولته وشخصيته مما ينعكس على تصرفاته معها ويجعله أكثر احتراماً لها وتقبلاً لآرائها.
وتؤكد فاطمة محمد السلوم ان الرجل في أعماقه مقتنع بأن الدور الحقيقي للمرأة ينحصر في الاطار الاول في الاهتمام بالمنزل وتربية الاطفال لذلك لايتقبل بسهولة عمل الزوجة.
وان كان أحياناً يرضخ لذلك بسبب الاوضاع الاقتصادية وصعوبة المعيشة التي تتطلب دخلاً اضافياً للأسرة ومن الصعب تدبيره دون الاعتماد على الزوجة وتضيف قائلة ان تسلط الزوج هو من أهم الابعاد التي تؤثر على العلاقة بين الزوجين وتوفقهما الاسري فقد ترى الزوجة العاملة ان زوجها بالغ التسلط والانانية في النقاش فتتمرد على هذه الصورة وترفضها، ولذلك يبدأ الصراع الطويل بينهما لمحاولة فرض النفوذ والانفراد باتخاذ القرار ويصبح الصراع على السلطة هو محور الحياة الزوجية بينهما.
وهنا لابد أن أوضح بأن خروج المرأة للعمل جعلها تتعرف «ولو سمعاً» على أنماط واشكال مختلفة عن زوجها فكراً وسلوكاً مما يدعوها في كثير من الاحيان للمقارنة وينعكس ذلك على طريقة النقاش معه وفي المقابل يصر الرجل على اثبات نفسه وتفوقه على زوجته ورفض منطق زوجته باعتباره ناتجاً عن احتكاكها بالعمل الخارجي.
وتواصل حديثها قائلة بأن المرأة في المجتمعات العربية وان كانت تساعد في الانفاق على الاسرة وتقوم بكامل أعباء المنزل الا أنها مازالت خاضعة بحكم العرف والعادات والتقاليد الموروثة للرجل، وكثيراً ما يسيطر الرجل على مالها أو راتبها الشهري، ويصبح هو سيد الموقف وصاحب القرار حتى لو كان هذا القرار يتعلق بها دون غيرها.
وكذلك فهو الآخذ بزمام الامور ولايخضع للحساب في نظر المجتمع مهما كانت اخطاؤه فهو على صعيد العمل يذهب ويعود للمنزل دون ان يجهد نفسه وامكانياته او طاقاته ويمارس جميع انشطته وهواياته بعيداً عن المنزل ومشاكل الاسرة ويذهب حيثما يشاء دون وجود من يحاسبه أو يمنعه وحتى الامور التي كانت من صميم عمله كتلبية احتاجات المنزل اصبحت من اهتمامات السائق او اصبحت جزءاً لايتجزأ من عمل الزوجة حيث فرضتها عليها الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
وترى آمال القرني (موظفة في مستشفى خاص)أنه أصبح لزاماً امام كل سيدة ان تتحمل مسؤولية توصيل أبنائها للمدارس والمذاكرة لهم والذهاب بهم إلى الطبيب بالاضافة إلى الاعمال المنزلية والعمل. فهناك عشرات السيدات المهملات اللواتي لايعرفن شيئاً عن اطفالهن ويتركنهن عند الجدات أو الخادمات ويمضين وقتهن في الثرثرة على الهاتف أو النزول الى الاسواق أو التجمع مع غيرهن من النساء.. وتتحدث بهذا الخصوص قائلة: وغالباً أصبحت ظروف عمل الزوج لاتعطيه الفرصة الكافية لتوصيل الابناء أو شراء مستلزمات البيت مما يضطر الزوجة أن تنوب عنه في ذلك ومن المفروض أولاً وأخيراً ان تحل لغة التفاهم والتعاون بين الزوجين في جميع الامور الحياتية فأنا لا ادافع عن الرجل ولا انكر ان المرأة عليها ضغوط كثيرة الآن ولكنني ضدا التعميم، والحياة الآن اسهل اذا ما قارناها بجيل الامهات والجدات فهناك الخادمة تقوم بمسؤوليات كبيرة، وهناك الاجهزة الكهربائية التي تجعل من أعمال البيت أعمالاً بسيطة لاتتطلب وقتاً طويلاً فالحياة العصرية أثرت على حياة المرأة وسلوكياتها ونشاطها وخلصتها من كل الضغوط اما الزوج الذي يعمل ليل نهار لتوفير حياة سهلة للزوجة والاولاد فلابد ان نعطيه العذر اذا قصر في بعض المهام المنزلية وعدم مساعدة زوجته في أعمال المنزل.
الباحثة كاميليا دومان لديها بحث بهذا الخصوص حين حصلت على درجة البكالوريوس بقسم الخدمة الاجتماعية بعنوان «اثر البيئة الاجتماعية على مستوى الكفاية الانتاجية للمرأة العاملة» وقد أثبتت من خلال البحث ان محافظة العاملات المتزوجات على مواعيد العمل والظروف الاجتماعية تعتبر العائق الاول امام المرأة العاملة في مجال عملها وهناك التزام واحترام لقوانين العمل وكذلك هناك تعاون في العمل ومستوى لأداء جيد، وتأتي أهمية البحث بأن عمل المرأة بين مؤيد ومعارض وهناك قول بأن المرأة قادرة على التوفيق بين مسؤولياتها كزوجة وأم مقللين من قدرتها، لذلك قامت الباحثة بالدراسة ومعرفة الظروف البيئة والمجتمعية التي تساعد المرأة على القيام بعملها على أحسن وجه داخل المنزل وخارجه أو تكون عائقاً للمرأة في سبيل تأدية عملها داخل المنزل وخارجه ومن الاهداف معرفة أثر العلاقات الزوجية داخل الاسرة وأثرها على مستوى الكفاية الانتاجية وحجم الاسرة والتسهيلات المجتمعية المهيأة للمرأة في المجتمع الخارجي بصفة عامة ومجتمع العمل بصفة خاصة، وأثبت البحث أن الزواج لم يكن عائقاً للمرأة في مجال عملها والدليل أن العاملات المتزوجات استطعن التوفيق بين واجباتهن الاسرية، وواجباتهن العملية ايضاً، وان المفاهيم الثقافية لمنظور العلاقة بين الزوجين آخذة في التغير والمشاركة الفعالة والعقلية من جانب الازواج في مجال تربية الابناء او اشتراك الزوجين معاً في تحمل أعباء الاسرة. وأضافت الباحثة بأن المرأة العاملة قد تواجه بعض الصعوبات في مجال عملها من جانب أطفالها في حالات المرض وغيره ومعظم العاملات يقضين 6 ساعات يومياً خارج المنزل ومع ذلك فهن مطمئنات على الابناء ومطمئنات على التوفيق بين العمل والمنزل دون مشاكل تذكر.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved