أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 11th September,2001 العدد:10575الطبعةالاولـي الثلاثاء 23 ,جمادى الآخرة 1422

الاقتصادية

شيء من المنطق
الواسطة ومخاطرها على توزيع الدخل
د، مفرج بن سعد الحقباني
يمكن تعريف الواسطة لغة بأنها التوسط بين طرفين واصطلاحا بأنها إعطاء الحق إلى غير أهله وحرمان صاحب الحق من الحصول على حقه وهي بذلك تختلف تماما عن الشفاعة التي حث عليها الشارع والتي تعني مساعدة أصحاب الحاجة وتسهيل عملية حصولهم على حقوقهم الشرعية والنظامية، وبالتالي فإن الشفاعة على خلاف الواسطة لا تؤدي إلى تمكين غير المستحقين ولا تحرم مستحقا حقه الشرعي والنظامي،
ولو نظرنا إلى واقعنا لوجدنا أن غالبية جهودنا للأسف أصبحت تنصب في خانة الواسطة غير النظامية وغير الشرعية مما ترتب عليه إعادة توزيع الدخل بطريقة غير نظامية أدت إلى إفقار من لا يستحق الفقر وإغناء من لا يستحق الغنى،
والمشكلة الحقيقية أن الواسطة عملية تراكمية تتضاعف آثارها مع مرور الوقت حتى نصل إلى مرحلة تتوسع خلالها دائرة المستفيدين من الواسطة على طريقة المقولة الشعبية «شد لي واقطع لك»،
فوفقاً لهذه المقولة يصبح تقديم الخدمة مرتبطا بحجم المردود الشخصي المتوقع لا بحجم المسؤولية العامة التي يحددها النظام ويقرها صانع القرار،
وعلى الرغم من أننا ربما لا نحتاج إلى أدلة حتى نثبت وجود مثل هذه الظاهرة الخطيرة دعونا فقط نستعرض هذه الحالة البسيطة التي تحمل المتناقضات الإنسانية، ، شاب ينتمي إلى أسرة غنية إداريا أو ماليا تخرج من الثانوية العامة بمعدل منخفض واستطاع بفعل الواسطة الحصول على مقعد دراسي في إحدى مؤسسات التعليم العالي ثم تخرج من الجامعة أو الكلية واستطاع الحصول بفعل الواسطة على وظيفة مناسبة ثم تدرج في الوظيفة بفعل الواسطة حتى أصبح صاحب قرار مؤثر في جهته أو مؤسسته،
وشاب آخر ينتمي إلى أسرة متوسطة أو محدودة الدخل وليس له من أقربائه مسؤول مؤثر، تخرج من الثانوية العامة بنسبة مرتفعة ولم يستطع الحصول على مقعد دراسي مناسب في إحدى مؤسسات التعليم العالي مما أدى إلى حرمانه من فرصة تطوير الذات وقاده إلى البقاء عاطلا عن العمل،
النتيجة الأولية أن الأول المنتمي لأسرة غنية إداريا وماليا قد استطاع أن يحصل على حق غير مشروع بينما حرم الفقير ماليا وإداريا من حقه المشروع،
وهنا لم ينته الأمر حيث سيستطيع الأول خدمة أبنائه وتعليمهم التعليم المناسب، بل قد يستطيع أن يوصلهم إلى مراحل متقدمة بذات الطريقة التي وصل بها إلى واقعه بينما سيظل الثاني يجاهد الصعاب وربما لن يستطيع حتى تكوين أسرة مثالية وإن استطاع فسيكون بلا شك عاجزا عن تعليمهم التعليم المناسب وتربيتهم التربية المثالية، وهذا يعني أن الواسطة لها آثار متعدية تصيب العمود الفقري للأسرة وبالتالي تتسبب في عجز بقية أطراف الأسرة عن الحركة الطبيعية،
وفي اعتقادي أن مثل هذا النوع من الفساد الإداري لا يؤدي فقط إلى مشاكل خاصة بمحيط الأسرة بل إنه يتعداه إلى الإضرار بالمصالح العامة للوطن بشكل عام، ولعل من أهم الأضرار المباشرة للواسطة بالإضافة إلى ما تقدم الآتي:
1 المساهمة في إيصال من لا يستحق إلى محطات صنع القرار مما قد يؤدي إلى تفشي ظواهر متعددة من الفساد الإداري،
2 حرمان الوطن من الكفاءات القادرة على المساهمة الفاعلة في صنع المستقبل وتصحيح أخطاء الواقع،
3 إضعاف الانتماء الوطني لدى الشريحة من أبناء المجتمع التي تسببت الواسطة في حرمانها من حقها المشروع،
4 إضعاف الثقة بالأنظمة أو تحويلها إلى قواعد لها استثناءات مما يسبب الإزعاج للمسؤولين ويتيح الفرصة للمتلاعبين،
وفي هذا الخصوص نجد أن قادة هذه البلاد حفظهم اللّه قد أكدوا مرارا على ضرورة إعطاء المستحقين حقوقهم لدرجة أن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز يحفظه اللّه قد وصف من يساهم في إعطاء الفرصة إلى من لا يستحقها بالخائن للأمانة،
السؤال هنا هو من منا يرضى بأن يكون من فئة الخائنين للأمانة؟ ثم هل هنالك آلية فاعلة لمحاربة هذه الفئة قبل أن يستشري الداء وتتعاظم المشكلة؟ نتمنى ذلك،
أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved