أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 22nd September,2001 العدد:10586الطبعةالاولـي السبت 5 ,رجب 1422

محليــات

لما هو آت
أخلاقيات الآتي!
د. خيرية إبراهيم السقاف
منذ بَدْء الخليقة تدبُّ فوق الأرض...
كانت حكاية الأخلاق... ولا تزال...
ومن يهدي إلى الأخلاق إلاَّ الذي خلق الخلق، ويدرك خفاياهم...
وهي رزقٌ، إن لم يستوِ مع اللُّقمة، والقطرة، فلا يقلُّ عنهما...، وجوع البطن، وعطش اللِّسان...، لا يستويان بجوع النّفس، وعطش العقل...
ومصدر الأخلاق، وموردها... يشيران إلى دور النَّفس، والعقل، بمثل ما يُسند السلوك الصادرُ عنهما إليها...
وحكايا الأخلاق... حديثٌ له شجونٌ، وعنه شؤون...، وفيه ما يقال...، وما يقال...
وهناك أخلاقٌ للاِنسان، وهناك أخلاقٌ لفعله الممثِّل لهما...
وفعل الإنسان عمله، وعمله أداؤه، وأداؤه ممثِّل لقناعاته، لتفكيره، لاحساسه، لنفسه التي تعمل مع العقل، على تأسيس القناعة، والتفكير، والاحساس، ومن ثمَّ تأسيس الأداء لوسم العمل، لهيكلة الفعل...
وغالباً ما تأتي أخلاقيات الأخلاق الصادرة عن الإنسان عن دعائم ترتبط بما يعتقد، وعقيدة المرء دينه...، ولأنَّ الدين المرتضى هو الاسلام، فدين الإنسان المسلم الاسلام، وهو دعيمة أخلاقه، وتنبع عن ضوابطه، وحدوده، ومجيزاته، وممنوعاته، ومحفِّزاته، وعقوباته، وهي خلاصة ما يرتضيه من قنَّن قواعد «الخلق»، وهدى إليها، وميَّزها بأحسنها، وأحسنها ما كان عليه سيِّد الخلق كلهم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، إذ هو على خلقٍ عظيم، كما وصفه الله تعالى في محكم تنزيله...
لذلك كانت الأخلاق هي محور الفلاح، والفشل...
ومنذ بدء الخليقة تدبُّ فوق الأرض...
كانت، ولا تزال الأخلاق محور قضايا البشر...
فهل كان يكذب الإنسان، أو يُخادع، أو يَظلم، أو يفسد، وهو ذو خلق؟!
وهل كان يتجبَّر، أو يتكبَّر، أو يزوِّر، أو يقضُّ مضجعاً آمناً، وهو ذو خلق؟ وهل كان يتطاول، أو يسرق، أو يتجاوز، أو يحيك أمراً فيه أذى، وهو ذو خلق؟ حتى انتقل إلى أن يعمل، وينطق، ويسمع، ويرى بآلة هو من يصنعها، فيسخِّرها لأخلاقه...، فهل كان سيتجاوز حدود خلق دينه لو أنه ذو خلق؟
هناك ضوابط للأخلاق، تنبثق عمَّا تعارف عليه دين السَّماء...
عنها يسلك الإنسان، ويعمل...
ولقد عهد الإنسان عمله إلى آلته، إلى وسائل تِقانته...، وجعل لكلِّ معايير ضابطةً أطلق عليها: أخلاقيات العمل...
وفي ضوء أخلاقيات العولمة...، واستخدام مستهلكاتها المادية...، هل اشتق المسلم ضوابط أخلاقية تنبثق من أخلاقيات الاسلام، في بنائه القاعدي لهذه الضوابط؟ كي تكون نبراساً، يتمُّ وفقها استخدامه لمستهلكاتها، ويتعامل بها معها كي لا تختلط «الأخلاق» «حابلها بنابلها» بسبب «العولمة»، وحضارية استهلاك مستهلكاتها؟! وتبعاتها المحتملة.
لقد بدأت حكايات الأخلاق تأثراً «بعولمة» الاستخدام لتقنيتها، تظهر جليةً في مجتمع المسلم، دون أن تكون له مرجعية ضابطة، وضوابط معيارية تحصّنه دون الانزلاق في متاهات عدم وجود مرجعيًّة أخلاقيات العمل، أخلاقيات الاستهلاك، أخلاقيات الامتهان لآليات التَّقنية، ولمتطلبات الانفتاح .
لقد وُضعت ضوابط: «أخلاقيات البحث العلمي في مجال العلوم الحيوية والطبيّة» كما سبق أن وُضعت معايير لضوابط أخلاقيات «حقوق المؤلفين والمفكرين» وهناك أخلاقيات العمل الاعلامي وضوابطه...
فهل توضع ضوابط معيارية لأخلاقيات التَّعامل مع وافدات العولمة، من المجتمع الاستهلاكي بكلِّ عنفه، وعنفوانه، وسيله العرم؟ تُستقى من البُعد العمقي لأخلاق الاسلام، وضوابط السُّلوك، ومعيار الصِّحة فيها، والخطأ؟!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved