أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 25th September,2001 العدد:10589الطبعةالاولـي الثلاثاء 8 ,رجب 1422

الاقتصادية

لدعم السعودة
فالح محمد ناصر الفالح
لقد توجهت الدولة «محفوظة» في الآونة الاخيرة توجهاً سخرت له كل الامكانات وبذلت جهداً فاق كل التوقعات وذلك من اجل محاربة البطالة التي اصبحت ظاهرة عالمية تكاد لا تخلو دولة الا ولسعت بها وغرقت في مشاكلها. واصبحت هذه الظاهرة تهدد مجتمعات عريقة الاقتصاد وباتت الشعوب تراها مقياسا للتقدم والرخاء والازدهار.
ومن هذا المنطلق باتت عبارة سعودة الوظائف تطرب مسامعنا وتؤنس مجالسنا لما تحققه من انجازات متواصلة على كافة الاصعدة.
ولعل اعظم انجازاتها هي سعودة سوق الخضار الذي استفاد منه الاف الشباب واخذ ريعها ينمو في الاف الاسر.
وبالتأكيد ان مثل هذه الخطوة تطلبت جهوداً جبارة وتخطيطاً مسبقاً دقيقاً لضمان النجاح والوصول الى الهدف من اقصر طريق.
ولكن العمل في المحلات التجارية هو المجال الذي يستوعب العدد الكبير، بل غير المحدود، من الشباب السعودي، وللاسف هواكثر المجالات عزوفاً عندهم.وذلك للعديد من الاسباب لعل اجلها هو طول فترة الدوام التي قد تستمر الى ساعات متأخرة من ليل كل يوم من ايام الاسبوع. فليس هناك وقت كاف لا لقضاء المستلزمات اليومية فحسب، بل لا للاهل ولا للاصدقاء، وهذا المجال هو المجال الذي يجب ان تكرس الجهود لحلحلته لخروج صورته السوداء من مخيلة الشباب.
ان فترات دوام المحلات التجارية في مملكتنا الحبيبة يختلف اختلافاً كبيراً عن فترات الدوام في معظم دول العالم بل قد يكون الفريد من نوعه في العالم اجمع فمعظم المحلات التجارية في وطننا الحبيب تبدأ فتح ابوابها لاستقبال العملاء التاسعة صباحاً ثم تغلق ابوابها لصلاة الظهر ولا تستأنف الدوام الا بعد صلاة العصر. ومنه الى الساعة العاشرة او الحادية عشرة مساءً. مع الاغلاق لصلاتي المغرب والعشاء. وعلى هذاالمنوال طوال ايام الاسبوع، عدا الجمعة. حيث لا يكون هناك دوام صباحي.
اما الدول الاوروبية، على سبيل المثال، تبدأ المحلات التجارية اعمالها التاسعة صباحاً، ومنها الى السادسة مساءً، مع وجود ساعة غداء عادة ما يتناوب العاملون لاخذها، مما يجعل المحلات تغلق في وقت ابكر ليعود العاملون او الموظفون الى منازلهم.
وعلى هذا المنوال من الاثنين الى الجمعة، اما السبت فهو نصف دوام حيث لاتجد محلاً فاتحاً بعد الثانية ظهراً.
اما يوم الاحد فما عساي ان اقول! فهو اليوم العائلي الذي لا يسمح اي شخص ان يفرط به وعليه تجد المحلات التجارية جميعها مغلقة. مما يتسنى للعاملين التنزه والتخلص من اعباء عمل الاسبوع المنصرم.
وحتى قليلاً ما تجد صيدلية اومخبزاً اوغيرهم من المتاجر الهامة قد فتح ابوابه يوم الا حد كباقي ايام الاسبوع.
فمرة كنت مع احد الاقارب في مهمة عمل الى المانيا. وكانت حقائب هذا الصديق قد تخلفت. مما اضطرنا الى البحث عن صيدلية مجاورة لجلب الحاجات. وعندها سألنا احد المسئولين في الفندق عن اقرب صيدلية. فقام وفتح دليل اشبه بدليل الهاتف لولا صغر حجمه. واخذ يقلب صفحاته الى ان استقر الى صفحة ومنها كتب لنا عنواناً قال انه يبعد قرابة النصف ساعة بالسيارة! فقلنا له الا يوجد اقرب من هذه الصيدلية. فقال ان بيننا وبين تلك الصيدلية مالا يقل عن ثلاث صيدليات. لولا انه يوم الاحد. اما هذه الصيدلية فهي الصيدلية المناوبة لهذا الاحد.
فأخذنا سيارة اجرة لتقلنا الى العنوان المنشود. وكان الوقت قبيل مغيب الشمس ببضع دقائق فتوقف السائق امام احدى الصيدليات واشار اليها بيده. وفهمنا من اشارته ان هذا هو العنوان المطلوب فنظرنا الى الموقع المشار اليه فوجدناها صيدلية ولكن مغلقة الابواب! فخطر ببالنا لوهلة ان عامل الفندق قد اخطأ.
فحاولنا ان نفهم السائق ان يأخذنا الى الصيدلية المناوبة لهذا الاحد. ولكن السائق الذي لا نفهم ما يقول حيث انه لا يتكلم الانجليزية ولا نحن نتكلم الالمانية، اخذ يشير الى الصيدلية بحماس شديد، مما جعلنا نترجل اليها.
وعندما وصلناها وجدناها مظلمة موصدة الابواب. فما كان منا الا ان عدنا الى السيارة.
وبينما كنا عائدين، سمعنا من ينادي بصوت عالي، يا سيد..يا سيد..فالتفتنا فوجدنا الصوت قادم من الصيدلية وتحديداً من نافذة صغيرة فيها اشبه بنافذة محاسبي البنوك.
فعدنا اليها فوجدنا رجلاً داخل الصيدلية وله مكتب صغير قد وضع عليه مصباحاً مكتبياً ليمكنه من القراءة اثناء الانتظار فطلبنا منه الدواء فأحضره فسألناه عن السعر فقال اربعة ماركات فأعطيناه عشرة فأعاد ثلاثة مارك! فقلنا له بقي ثلاثة مارك فنظر الينا وقال، اربعة قيمة الدواء، وثلاثة لي لان اليوم الاحد!!
فكان هذا الصيدلي يتقاضى ثلاثة مارك عن كل عميل بغض النظر عن حجم مشترياته فرغم انه يتوجب على الصيدليات في تلك الدولة ان تخضع لنظام المناوبة الدورية وذلك لاهمية هذا القطاع الحيوي. الا ان الصيدلي المناوب الذي اجبر على دوام الاحد لم يهضم حقه رغم ان عمله انساني. قد يقبل الكثير منهم على تأديته دون اجر اضافي.
فهذه الحادثة تبين لنا الاهتمام في نظام تلك الدولة على اعطاء الموظفين عطلة نهاية الاسبوع وحجم الفجوة بيننا وبينهم.
فلو كان النظام في دولتنا الحبيبة لا يسمح لاي متجر ان يستقبل العملاء يوم الجمعة، لكان الجميع في خير. فصاحب المتجر لم يخسر شيئاً. لان من اراد شراء سلعة معينة في هذا اليوم ولم يستطع، سوف ينتظر ليوم الغد. لانه لا يستطيع ان يشتري سلعته من متجر آخر فجميع المتاجر مغلقة. وسيقوم التاجر بتوفير اجر عمل يوم الجمعة الاضافي وكذلك توفير الكهرباء وخلافه. وفي الجهة المقابلة سوف يتعود العملاء على توفير حاجياتهم قبل الجمع. ليبقى نسبة ضئيلة قد لاتؤثر بالمبيعات بشكل واضح.
اما البائعون فهم المستفيد الاول من هذا النظام. فسيحصلون على يوم يسخرونه لراحتهم وقضائه مع محبيهم.
ان هذه الخطوة هي اهم الخطى الى تحقيق النجاح لترغيب الشباب السعودي للانخراط في هذا المجال من العمل وان مثل هذه الخطوة وان حدثت، ستدعم سعودة هذا القطاع بقوة جبارة لان الراحة مطلب اساسي لكل انسان.
قد لا يكون لنظام كهذا اهمية واضحة في وقتنا الراهن. وذلك ببساطة لان الغالبية العظمى من العاملين في هذا القطاع هم من المغتربين الذين لم يتركوا ديارهم واولادهم ومجتمعاتهم الا للبحث عن لقمة العيش التي ستزداد بدوام هذا اليوم فهم مستعدون للتضحية بسعادة هذا اليوم من اجل دخل شهري اعلى وغالبيتهم عزاباً قد تركوا عوائلهم خلفهم. فما عساهم ان يفعلوا في فراغ يوم كامل فالعمل في هذا اليوم افضل لهم، فتراهم لا يرحبون بفكرة كهذه بل قد يحاربونها ويحثون على عدم تأييدها.
اما اي شاب سعودي ناشئ طموح فقرار كهذا سيحثه على الانخراط في هذا الميدان وسيدعمه في حياته العملية والاجتماعية.
اما مسألة نصف دوام الخميس فهذه الخطوة لا تقل اهمية عن سابقتها بل ويجب ان تطبق في الحال على الادارات والمكاتب وجميع الشركات والمصانع التي تأخذ الجمعة اجازة لها ولكن من الافضل تطبيقها بعد عدة سنوات بالنسبة للمحلات التجارية وذلك من اجل ان لا يحرم المتسوقون فجأة من التسوق لفترة طويلة وقد اعتادوا ان يتسوقوا في اي يوم واي ساعة يرغبون.
واخيراً، ان مثل هذا الاجراء يتطلب جهوداً عالية وعقولاً واعية ليس هناك ادنى شك بتوفرها في هذا البلد السخي المعطاء.
والصلاة والسلام على رسول الله ، محمد بن عبدالله.
دبلوم ادارة اعمال

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved