أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 11th October,2001 العدد:10605الطبعةالاولـي الخميس 24 ,رجب 1422

الثقافية

الخويطر وملء السلة من ثمر المجلة
«المجلة العربية» بستان وحقل من حقول المعرفة والثقافة العامة، وروضة غناء تؤنس الابصار وتبهج النفوس، مجلة تمتاز باحتضان الموضوعات الحية الشيقة المتنوعة التي تجدد نشاط القارئ وتثري حصيلته العلمية والثقافية، والشعرية معاً، وتدفع عنه السآمة والملل مما جعل لها وللقائمين عليها مكانة حب ومذاقا خاصا لدى قرائها، فمنذ انشائها وصدور اول عدد من ثمارها وحتى يومنا الحاضر يزداد الاقبال عليها بشكل ملحوظ، فهي الآن واسعة الانتشار في الداخل وفي العالم العربي، نراهم يستبطئون صدورها الشهري، ويتمنون رؤيتها في انصاف الشهور وفي اواخرها، فهي مربع ومرتع خصب لنفوس محبي القراءة، ومغرس دمث يثمر ويملأ سلاتها كسلات معالي الاديب د. عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر التي ميزها بحسن الاختيار وجودة الانتاج، وتقديمها للقراء في اطباق شهية من الورق الصقيل..
ولقد سعدت بقراءة الكثير من مؤلفات معاليه فوجدت لها طعماً واسلوباً مميزا كأمثال كتابه الموسوعة «اطلاله على التراث» المكون من ستة عشر جزءاً، وقبله كتابه التربوي «اي بني» من 15 اجزاء.
وكتاب ملء السلة من ثمر المجلة 12 الجزء الاول والثاني..وسائر مؤلفاته، والحقيقة ان منعم النظر في جميع كتاباته، ومؤلفاته يجد قوة السبك والمتعة الكافية، فالدكتور عبدالعزيز علم منيف من اعلام الفكر النظيف، والرأي الحصيف..ومن جانب آخر عاش نقي الجيب من شوائب المادة واطماع الحياة، لذا كانت له الصدارة في كثير من المجالات، والاماكن الرفيعة المعروفة..ولقد هيأ نفسه للحياة الكريمة منذ فجر حياته حيث كان اول شاب سعودي يحصل على مؤهل الدكتوراه، وكانت اقامته بالقاهرة اثناء دراسته مع لفيف من الزملاء والمبتعثين من اسباب سعة افقه، وترويه من مناهل العلوم والآداب لتوفر اصناف الكتب، والتنافس مع أقرانه في اقتناص الدرر وشوارد الحكم والامثال من بطون الكتب، فالجو في تلك الحقبة جو جد ومثابرة ساعد على التزود من شتى المواد والموارد النافعة، فأصبح نير الفكر ناضج العقل اهله لتسنم المناصب العالية، فهو رجل دولة، ورجل عمل وإخلاص.
وانا اعرف ان ابا محمد لا يرغب في الاطراء ولا القاء الاضواء فهو غني عن ذلك كله، ولكن الشاعر ابن دريد ابى الا ان يصف مثله بهذا البيت:


لا يأمن العجز والتقصير مادحه
ولا يخاف على الاطناب تكذيبا

ولقد اتصف بحفظ الوقت واستثماره فوقته مبارك فيه اتسع للانتاج الفكري والادبي، مع اضطلاعه بمهام معلومة كبرى، ومع ذلك يظن من يراه او يحادثه انه خالي البال وليس خالي البديهة..؟ فالرجل الفاهم المحنك يسير الامور بسهولة ومقدرة تامة، ونشاط مستمر، وان كان ابو محمد الان بُعيد الشباب الا انه ينطبق عليه تماماً قول الشاعر العربي:


اذا طال عمر المرء في غير آفة
افادت له الايام في كرها عقلا

ولقد روى لي صديقه ورفيق دربه في البعثة الدراسية بالقاهرة الشيخ الاديب احمد بن علي آل مبارك عنه وعن بعض المبتعثين امثال الاساتذة: محمد بن عبدالعزيز العنقري، وحامد دمنهوري، وعبدالله بن حمد القرعاوي وغيرهم، قال: كنا نعكف على قراءة كثير من الكتب ونعتبرها رافداً قوياً من روافد المعرفة والتحصيل العلمي لمناهجنا الدراسية فهي نبع ثر يروي غلة الصادي..، فالناظر في الاسفار المشتملة على الحكم والامثال، والطرائف تريح النفس من عناء المذاكرة في المواد الدراسية، وتجدد النشاط الذهني للطالب، ولقد اجاد الشاعر في وصف الكتب الجيدة حيث يقول:


هذي رياض يروق العقل مخبرها
هي الشفاء لنفوس الخلق ان دنفت

والواقع ان هذه التقدمة المتداخلة اوشكت ان تصرفنا عن زيادة التنويه بما حوته هذه السلة الدسمة سلة الغذاء العقلي من ثمر المجلة العربية للدكتور عبدالعزيز الخويطر الحافلة باختيار ابكار العناوين الجذابة التي لم يسبق عليها، وما تحتها من درر وسبك جيد من فيض الخواطر ومتعة للنفوس، فالمتأمل في تلك الصفحات المضيئة لا يبرح تسريح النظر فيها وفي جوانبها، ولا تشبع النفس قراءة ما أودع فيها من حكم وطرائف وعبر وقصص تراثية منتقاة، فالمؤلف متعه الله بالصحة يملك قلماً يقطر مدادا يشبه شلالاً من التبر قيمة ومعنى، وقد تجلى ذلك في جميع مؤلفاته العديدة التي تربو على ستة عشر كتاباً..، وكتاباته المميزة عبر الصحف والمجلات رغم الاعمال والمهام المنوطة به، فهو وما خطه يراعه ثروة علمية وأدبية لا تقدر ولا تضارع..! فالدكتور غرس ثم جنى من الثمار جيدها فقدمها للقراء في طبق شهي يقتات منه الناشئ والقارئ على حد سواء، فأسلوبه طابعه السهل الممتنع جمع بين المتانة والسهولة والابتعاد عن حشو الكلام وغثه، بحيث يشد القارئ ويحلق بخياله في اجواء واجواز العصور الماضية البعيدة ليستنير من تجاربهم ويستمتع بقصصهم، ويعرف اخبارهم والحقب التي مروا بها:


ومن وعى التاريخ في صدره
اضاف اعمارا الى عمره

فالمحب لمصاحبة الكتاب يأنس بإجالة نظره بتلك الاوراق الصقيلة، والطباعة الجيدة، للفوائد الجمة، فكل مؤلفاته تحمل هذه المواصفات الممتازة..ولا غرو فهو يعلم جيداً قيمة العلم وحفظ كنوزه التراثية الثمينة التي غاص فيها وبحث عنها في مظانها من بطون الكتب ونسج على منوالها من بنات افكاره ومخزون ذاكرته، فصاغ الجميع صياغة مشوقة ليثري المكتبة العربية، وربما يصار ترجمتها الى لغات اخرى..، ويا حبذا لو ان المناهج التعليمية طعمت بشيء من ذلك لما يحمله من ايماءة الى الماضي مقارنة بينه و بين الحاضر ليستفيد هذا الجيل ولتتسع دائرة الثقافة والمعرفة لديه عن اخبار وتجارب من مضوا، وما عا نوه من متاعب شتى في دروب الحياة الشاقة لتحقيق مقاصدهم، ورغم قلة الامكانيات في جميع المجالات في تلك الأزمان البعيدة فقد حققوا الشيء الكثير في مناحي الحياة ولعل هذا الجيل يستفيد مما قطف من ثمار ناضجة وضعت في تلك السلال. فموضوعه هذا الذي يرمي اليه كالجسر الذي يربط بين قطرين متباعدين لامتزاج حضارتيهما معاً، وأختتم هذه الاشارة الخفيفة بهذا البيت وكأنه لسان حال الشاعر يعني امثال ابي محمد بقوله:


هذا ثنائي بما اوليت من حسن
لازلت عوض قرير العين محمودا

عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف
مدير المتوسطة والثانوية بحريملاء سابقا

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved