أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th October,2001 العدد:10608الطبعةالاولـي الأحد 27 ,رجب 1422

مقـالات

نوافذ
ما أشبه الليلة بالبارحة ..!!
أميمة الخميس
الجو من حولنا مشحون، وحضور الحرب بأرديتها وعتادها وأنفاسها الثقيلة التي تسمم الأجواء من حولنا وتجعلها زرقاء غامقة ويفتقد الصباح ذلك الحضور الشفيف المتورد ويضل المساء طريقه إلى المنزل، لنستعيد أجواء حرب الخليج الثانية، وحينما كانت تضرب المدن العربية «كبغداد والبصرة» كان جزء من الذاكرة العربية القديمة يقتحم ويستباح ويتهدم، كذلك اليوم عندما تضرب قندهار وإسلام أباد فأين النجاة من فخ الذاكرة ؟؟؟
من المؤسف أن نكون جيلا قد افتقد بوصلته، وافتقد مركزه النفسي العميق الذي يحدد الاتجاهات ما بين الأبيض والأسود الأمام والخلف والشرق والغرب، نحن في زمن اضطراب البوصلة وزمن أسير للحظة وتبعاتها فقط.
هذه الحرب الثانية التي تمر على وعينا وقلقنا وحلمنا، تمر ونحن مشغولون بانكسار البوصلة ما بيننا وبين الآخر، المفارقة لم نعد نميز تماما تضاريس الآخر من هو الضد الذي يقبع في الخندق المقابل، هل هو ذلك الظلام المعتوه الذي تخلى عن العقل والإنسانية وآمن بشريعة هي أكثر همجية من شريعة الغاب حيث القتل «غيلة» بغدر وخيانة بعيدا عن المواجهة النبيلة في ساحات المعركة.
أم هو الديناصور الأمريكي العظيم الذي نمضي جل نهاراتنا، نتنقل بسياراته ونطير بطياراته، ونعالج بأدويته، ونتعلم من خلال أساليبه، ونغرس أعناقنا في شاشات «كمبيوتره» حتى إذا جن الليل واستدار المجلس تبرأنا منه وأشرعنا قاموس الشتائم ضده... أي مفارقة؟؟؟
والفضائيات العربية تحولت إلى مقاهٍ تتداول المثقفين والمفكرين العرب، والجميع يريد أن يرفع راية البطولة والتحدي «بالطبع في معارك الكلام»، ويرفضون الضربات، ويرفضون الحرب، ويرفضون كل شيء، حتى الرفض نفسه، ولكن لا يجيبون على الأسئلة المعلقة التي قد يكون من أهمها الآن، لِمَ لَمْ تحقن طالبان دماء الأفغان المسلمين، وتسلم المتهمين ليتعرضوا لمحاكمة عادلة، وتظهر الأدلة، التي يستميت المثقفون العرب للتقليل من شأنها؟ وبدلا من هذا يقدمون لنا قصصاً عجائبية وحكايات مليئة بالرعب عن الغيلان التي تسن أسنانها لالتهام المنطقة. وقد ترتفع نبرة الحماس أحيانا بين المثقفين العرب ضد لهجة الولايات المتحدة العالية التي يسمونها متعجرفة، ولا أدري من الذي تعرض للضربة الأخيرة هل هي بلد آسيوي فقير ومتوارٍ، أم أن دولة عظمى ترقد على بحر من القنابل النووية العابرة للقارات، ومن ثم نطلب منها الحديث بأدب ودماثة، حتى لا تزعج آذان المثقفين العرب فوق مقاعد المقاهي العربية !!! ولا أدري كيف يتحدث الأقوياء ومن هم في مواقع القوة والقرار ؟؟؟
ما أشبه الليلة بالبارحة ونحن في مراكبنا نعبر هذا البحر اللجب العارم، ونعلم أن بذار العنف والدماء لا تنبت سوى جثث ومقابر.
والذين يحاولون أن يصنعوا تمثيلية دراماتيكية سخيفة تستدر الدموع، ويخلقون من الظلاميين أبطالا ومحررين وهم يعلمون أن ليس في حقائب الظلاميين من مشاريع تخدم الإسلام أو الحياة أو التقدم أو النساء أو أي شيء .... ، لأنهم لا يعيشون الحياة بل يعيشون خارجها لذا هم لا يملكون سوى أدوات تدمير معالم الحياة.
omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved