أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th October,2001 العدد:10608الطبعةالاولـي الأحد 27 ,رجب 1422

مقـالات

لماذا (الشكوى).. من البلديات...؟!
حمّاد بن حامد السالمي
** لفتت نظري كلمة كتبها الأستاذ (خالد بن صالح الشثري)، في عدد يوم الأربعاء، الموافق للتاسع عشر من شهر سبتمبر الفارط من جريدة (الاقتصادية) تحت عنوان: (معالي المتهم)، وجاءت في مجملها، تعليقاً على مقالة للمهندس محمد سعيد فارسي، أمين مدينة جدة الأسبق، سبق أن نشرتها له جريدة (البلاد)، بتاريخ (26/5/2001م)، وتعرض فيها إلى: (مسؤولية أحد أمناء جدة السابقين، عن تبديد الأراضي المخصصة للخدمات العامة، ومنها المدارس، وتطبيقها ملكيات خاصة، لتقوم عليها عمائر خالية، أو مبانٍ لا نفع منها).
** وكلام المهندس الفارسي، وكذلك تعليق الكاتب الشثري، يعرضان لصورة واحدة فقط من عدة صور كثيرة، تشكل في مجملها، فحوى (الشكوى من البلديات).. البلديات.. بما تعنيه من خدمات يومية لصيقة بحياة الناس، وليس التفريط في الملكيات العامة فقط، فتبديد أراض مخصصة أصلاً في المخططات العامة للمدارس والنوادي والجمعيات والمتنزهات والحدائق العامة، أمر يكاد يكون شائعاً مع كل أسف، ولكنه ليس كل شيء على أهميته بطبيعة الحال.
** وما يقال بخصوص محافظة جدة، يمكن أن يقال عن بعض المدن الأخرى كبيرة أو صغيرة، و(معالي المتهم بالتقصير) هنا، هو أكثر من معالي في قضية كهذه، وهو نفسه (سعادة رئيس البلدية المتهم)..! أو أصحاب السعادة رؤساء البلديات المتهمون، هذا إذا أردنا أن نكون منصفين..! والتصريح الصحافي الشهير، الذي أطلقه (معالي أمين) سابق لمحافظة جدة، واعترف فيه بتطبيق منح على ملكيات عامة لقرابته، وتبادل المنفعة بهذه الطريقة مع (معالي أمين) آخر في مكة المكرمة، تصريح شهير معروف، ولم يمض عليه وقت طويل..! والقرابة التي تحدث عنها (الأمين)، لها ما يماثلها من قرابة عند (رئيس البلدية).. لا فرق.
** والأمر لا يتوقف عند (أمين وأمانة)، ولكنه قد يمتد ليشمل رؤساء بلديات أسبقين وسابقين ولاحقين، ليسوا جميعهم من فئة (المتهم بالتقصير) بطبيعة الحال، فالتعميم هنا غير وارد، لأن هناك أمناء ورؤساء بلديات (مجتهدون ومخلصون). لكن هؤلاء وأولئك جميعاً، يتحملون مسؤولية كبيرة في صيانة الملكية العامة وخدمة الناس كل الناس خدمة جيدة توازي الرسوم التي تأخذها منهم البلديات، لقاء كل ترخيص أو فسح يعطى لهم.
** ومن هؤلاء الأسبقين من رؤساء البلديات (المخلصين)، من تسلم إدارة بلدية ولم يكن فيها وقتها أي متنزه أو حديقة يعتد بها، وعندما غادر العمل، كان عدد المتنزهات والحدائق التي تركها تحت تصرف إدارة البلدية، أكثر من (370) حديقة كبيرة. يضاف إليها ما يناهز (400) من الزوائد التنظيمية التجميلية، التي هي في واقع الأمر، حدائق صغيرة في الميادين وفي داخل الأحياء. وتم هذا الإنجاز في ظرف (13) عاماً فقط. فكم العدد المتبقي من (770) حديقة ومتنزهاً وزائدة تنظيمية، في تلك المدينة التي كان يرأس بلديتها..؟!
** لقد كثرت الشكوى من البلديات، حتى عبر أحد الأصدقاء عن هذه الظاهرة بقوله: (ما اجتمع اثنان، إلا وكانت الشكوى من البلديات ثالثتهما)..! وهذا تعبير صادق ودقيق، يصور إحساس الناس بما عبر عنه المهندس محمد سعيد فارسي في مقاله بجريدة البلاد، وبحاجتهم إلى خدمات بلدية متطورة، فيها مرونة ودقة وحزم وصدق وفهم لمتغيرات العصر.
** الذي يحدث اليوم، ويضاف إلى ضياع بعض الملكيات العامة، وهو شكل من أشكال الشكوى العامة، التي يجأر بها الناس: روتين ممل في التعامل مع المراجعين، حتى في أبسط الخدمات التي لا تتعدى استخراج رخصة بناء، أو إذن ترميم، أو تجديد لرخصة سابقة، أو نحو من ذلك، هذا إذا لم يتعمد صغار الموظفين، وضع جملة من العراقيل، إما ل(التطفيش)، أو لأهداف أخرى، يعجز عن فهمها فهمي..! فأين رؤساء هذه الأجهزة من شكاوى الناس في أبسط القضايا وأهمها في الوقت نفسه..؟ أين أمناء المدن ورؤساء البلديات، من بعض أعوانهم، الذين يعملون على الاستزادة من تذمر الناس وشكاواهم..؟
** تلك صورة من داخل الجهاز، أما.. ما (يفترض) من رقابة يومية على الأسواق العامة، وطمأنة الناس على نظافة وسلامة ما يأكلون ويشربون، فحدث ولا حرج..!
** ثم نقول: لماذا يشتكي الناس من البلديات..؟!
** لا أود أن أتدخل في الأسلوب الذي تدار به أجهزة كبيرة مثل الأمانات والبلديات على العموم، لكني أتساءل بكل صدق وأمانة، وأنا أحد الذين يراجعون هذه الأجهزة بشكل مستمر بحكم عملي الصحفي، ويعرفون عنها الشيء الكثير، بل ومن الذين تعرض عليهم قضايا وشكاوى من كافة شرائح المجتمع، وأشعر حقيقة بما يشعر به هؤلاء الناس من معاناة، ومما يبدو لبعض المراجعين، من (تماهٍ) ظاهر في تحمل المسؤولية داخل أروقة البلدية، أتساءل هنا: من المسؤول عن هذا القسم أو عن هذه الخدمة..؟ أين يذهب معظم موظفي الأقسام وقت الدوام الرسمي..؟ لماذا تُهمش كفاءات وطنية علمية هندسية، فتوضع على الرف، ويجري تعطيلها..؟ لماذا تسحب صلاحيات ومهام ومسؤوليات من عدة أقسام، وتسند إلى قسم واحد..؟ أين هي الهيكلية التنظيمية الإدارية للجهاز الواحد..؟
** ثم.. وهذا هو الأهم في الموضوع، أين المتابعة والرقابة التي تحول دون التقصير الإداري والمالي..؟
** أسئلة عديدة يرددها كثير من الناس. أولئك الذين يعتقدون أن الخدمات البلدية، بدل أن تتطور وتتقدم وتنال رضا الناس، فإنها تتأخر، وتساهم في زيادة عدم رضا الناس عنها.
** مرة أخرى.. لماذا يشتكي الناس من البلديات..؟
** لا أعتقد أن معالي وزير البلديات، يقبل بأن تضيع الملكيات العامة بسبب تقصير (أمناء ورؤساء) الأمانات والبلديات، وأن يتدنى مستوى الأداء، عوضاً عن أن يتردى، وأن تتناقص أعداد حدائق ومتنزهات هنا أو هناك، وأن تتلاشى عقارات مخصصة لمدارس ومرافق عامة، كانت ذات يوم من صميم المخططات الهندسية. التقصير الإداري والمالي آفة لا ينكر وجودها إلا مكابر أو معاند، سواء في أجهزة البلديات أو في غيرها، حتى في القطاع الخاص يوجد مثل هذا، لكن لكل آفة علاج، ومن وسائل هذا العلاج في الشأن البلدي، الرقابة الصارمة، والمحاسبة الرادعة، وإدامة المتابعة.
** كانت البلديات فيما مضى، تحظى بخدمات مجانية تقدمها المجالس البلدية، التي كانت تعمل جنباً إلى جنب مع أجهزة البلديات، تمدها بالأفكار وبالاقتراحات والدراسات، وتراقب سير عملها، وتشكل همزة وصل بينها وبين كافة الناس، وكان كل ذلك بالمجان، من مؤسسات أهلية تمثل كافة شرائح المجتمع، وتحمل صوته إلى ألصق جهاز بحياته اليومية، وقد استفاد من هذه الخدمة الاجتماعية المؤسساتية الراقية، رؤساء بلديات كثر في السابق، أعمال جليلة وعظيمة نهضت بها المجالس البلدية في تلك الأيام، فلم يتشك أحد من هذه المجالس، بل كان الكل يثني على ما تقدمه من أفكار ورؤى نيرة.. فماذا فعل الله بهذه المجالس يا وزارة الشؤون البلدية والقروية..؟
** لماذا لا يستفاد من شرائح المجتمع، التي تملك العلم والثقافة والخبرة، وترحب بالتطوع في خدمة المجتمع، فالمجتمع الذي تمثله، هو المعني بخدمات البلديات، وليس رؤساء البلديات وحدهم..!
** إن ثقتي كبيرة في عناية معالي وزير الشؤون البلدية والقروية بهذه الأمور، وأدعو الله سبحانه وتعالى، أن يمنحه التوفيق والنجاح، في العمل على هيكلة هذه الأجهزة، ومتابعة عملها، ورقابة ما يجري فيها، ومحاسبة المقصرين والمتهاونين، وهذا من أبسط الحقوق الواجبة للمدن والقرى والهجر، ولكافة المواطنين فيها.
** وعسى أن يُصار إلى إعادة تشكيل المجالس البلدية في المدن كافة، وتسند إدارتها وعضويتها إلى شخصيات أهلية معتبرة من المجتمع، فتربط بالحاكم الإداري أو الوزارة، وألا يتجاوز تمثيل الأمانات والبلديات فيها، أعلى من عضوية مراقب.
Assahm2001@maktoob.com
Fax: 027361552

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved