أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th October,2001 العدد:10608الطبعةالاولـي الأحد 27 ,رجب 1422

مقـالات

بوح
انهيار الأسرة
إبراهيم الناصر الحميدان
لا أقصد بهذا العنوان الاتجاه نحو الإثارة الصحفية إذ لست صحفيا في يوم من الأيام وان توسلت بالصحافة كوعاء للتعبير عن شجوني وليس في هذا تقليل من شأن الصحافة لأنها وحدها حملت مشاعل الإنارة والثقافة في بلادنا نيابة عن مؤسسات الثقافة التي تغاضت عن حمل هذه الرسالة كما يجب فجاءت الصحافة كبديل لها بالرغم منها لذا فقد قيل بأن الأديب قد يكون صحفياً انما الصحفي لا يرقى إلى مستوى رسالة الأديب.
معذرة لهذا الاستطراد الذي ساقني له عنوان المشاركة، إذ انني لأشعر بالغثيان كلما مررت بهذه الحوانيت التي تفوح منها رائحة الطعام بعد أن كنا لا نعرف هذه الرائحة سوى في أحياء المنازل لتوحي لنا بأن في هذه المنازل توقد ناراً للطبخ وأن صاحبة الدار منهمكة حتى القدمين في إعداد طعام أسرتها كما كنا نعرف أمهاتنا منذ الطفولة تصحو عقب أداء صلاة الفجر لتبدأ يوم نشاطها بتفقد أطراف منزلها بما في ذلك ملاحق الأنعام حيث يتربى الدجاج والأغنام والحمائم التي تقف فوق ظهر البقرة حتى تنظفه من الجراثيم بينما المرأة تجمع الروث لتجعل منه وقوداً للتنور الذي توقده في الصباحات الجميلة فينتج لنا خبزاً طازجاً نقبل على تناوله سواء أوجدنا زبدة تمسح مقدمته أو كوب حليب حار ينعش قلوبنا الغضة قبل أن نتأبط ألواحنا وأوراقنا القليلة حتى نتجه بها إلى المدرسة أو المسجد .
إنها صورة جميلة انطبعت منذ طفولتنا في أذهاننا متجددة متألقة يستحيل أن ننساها مهما أفرزت العولمة من هذه المظاهر الزائفة في لفافات الخبز البارد قطعة لحم لا نعلم من أي فصيلة من الحيوانات ولا كيف تم نحر ذلك الحيوان البائس.
حوانيت الطعام المجفف هذه التي تنتشر كما دكاكين الخياطين انما تشير بصراحة إلى بوابة انهيار الأسرة وتنحي المرأة بالذات عن القوامة على منزلها وأبنائها، وعليها وحدها بالدفاع عن مملكتها إذا ما أرادت أن تبقى هي السيدة الأولى في المنزل يجتمع حولها الصغار في كل وجبة من طبخ يدها لتلقمهم الصحة والعافية وليس من هذه الأطعمة التي ذهبت عنها البركة والخير بمجرد أن لامست يد أولئك الأغراب من فلبين وهنود وغيرهم من شذاذ الأرض جاءوا ليحلوا مكان المرأة في منزلها ويتربصوا بقدرها وسمعتها على مدى العمر حتى لم تعد سوى شبح في البيت تدور حول نفسها لتتلقف مكالمات هاتفية تدعوها إلى التبرج والخروج إلى النزهة بين الأسواق ليس من أجل التبضع إنما لقضاء الوقت الذي تضيق به بعد أن سرقوا مكانتها بهذه الحوانيت المنتشرة في المدينة والخادمة التي استولت على مقدرات المنزل فمتى تفيق المرأة وتعود إلى صدارة أسرتها؟.
للمراسلة ص . ب 6324
الرياض 11442

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved