أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th October,2001 العدد:10608الطبعةالاولـي الأحد 27 ,رجب 1422

الاخيــرة

وتاليتها....؟
أ.د. هند ماجد الخثيلة
ليس هناك أجمل من الرياض منظراً يأخذ بالألباب، ويذهب بالعقول، وأنت تطالعها ليلاً من شباك طائرة من عل، وكأنها درة تتلألأ على صدر الصحراء التي تبدو هي الأخرى وكأنها بساط عملت فيه يد الخالق سبحانه وتعالى كل آيات الإبداع والخلق.
لا أقول هذا لأن الرياض هي الثرى الذي تنازعني إليه روحي حيثما كنت، وليس لأنني أتعصب لحمى الوطن الذي لا انفصام لهوى القلب له. ولكن لأن ما رأيته وأنا عائدة من البعيد، كان منظراً ساحراً، لم تتجرأ جماليات الدنيا كلها أن تنسيني لحظاته التي حفرت عميقاً في قلبي.. وفي وجداني.
هبطت الطائرة، وسعدت بالاستقبال الحضاري لموظفي المطار، بمختلف مسمياتهم الوظيفية، وخرجت من قاعة القادمين لأجد الأحباب في انتظاري.
جلست في السيارة إلى جانب ولدي، أشم فيه رائحة بلدي، وأسرح ببصري من خلال النافذة في جسد الصحراء الهادئة الأصيلة. وزاد من جمال اللحظات، ذلك الهدوء في الشارع الجميل الموصل بين المطار والرياض، خاصة وأن قسطاً من الليل كبيراً قد نام على جوانبه، خلف الانارة التي تهبط إلى أرضه وكأنها تقبلها وتمهدها أمام موكب العائدين إلى عطر الخزامى ودفء النخيل.
كان العقل مشغولاً بغزل ثوب من فرحة اللقاء، وكانت المشاعر الجياشة تطرزه بكل الألوان المترجلة من قوس قزح، وكانت العيون متسمرة على كل العناوين التي تمر بها هادئة مطمئنة.
ظل هذا المشهد المنتمي إلى جماليات الحلم قائماً، ومتصلاً، إلى أن قطعه فجأة زعيق نبه العقل، وأجفل القلب، وفتح العيون على آخرها!!
لم يكن القاطع المؤلم سوى سيارة حصدت بكل قسوة كل السنابل الجميلة التي تراءت للعين وقطعت كل الحبال الموصولة بين القلب ومعين الطبيعة الساحرة.
مرة.. اثنتان.. ثلاث، وعلا الغبار المشهد كأنه ستارة أقفلت المسرح.. الحلم، واستقرت تلك السيارة على «سقفها» ولم أر منها إلا إطاراتها تدور في الفراغ، وكأنها تقدم احتجاجاً شديد اللهجة، أو تستغيث بعد أن اكتوت بنار «القار» الحارقة.
لا حول ولا قوة إلا بالله، وأخذ أهل الخير يتوقفون لنجدة من كانوا هناك فوق «السقف» المقلوب!.. الحمد لله لم يمت أحد، على الرغم من أنهم كادوا يميتون قلوبنا التي تفجرت «نبضاً مسرعاً».
ومضيت حيث كنت متشوقة للشعور بدفء المنزل وأهله.. خاصة بعد تلك القشعريرة التي سرت في أوصالي، بسبب طيش هؤلاء الذي قد لا يكون جاء من فراغ، بل إن الفراغ الذي يلفهم والشعور «بالعدمية» والاغتراب، والمجهول الذي يخيفهم هو الذي يدفعهم إلى أن «يفشّوا غلهم» في السيارات والسرعة والعبثية التي تودي بهم، وتؤلم من وراءهم، وتنسف هدوء كل عناويننا..
وتاليتها؟!
Hendmajid@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved