أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 19th October,2001 العدد:10613الطبعةالاولـي الجمعة 3 ,شعبان 1422

أفاق اسلامية

حرمة المسلم
الشيخ عبدالله بن محمد اللحيدان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد، فإذا كان الله قد حمى بيته العتيق من أن يدكه ابرهة وجيوشه بجيوش من جند الله المرسلة فجعلهم كعصف مأكول، وإذا كان هذا البيت على هذا النحو من الحرمة المحمية فلقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله، قال ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله، فإذن هذه الحرمة العظيمة للكعبة على عظمها فإن دم المسلم أشد حرمة منها، ليصبح كذلك هو في وضع أشد فيه حماية لجانبه، مما يجعلنا نتساءل كيف يغيب ذلك عمن استحل دماء المسلم وحرمته؟ كيف يظن أنه ناج من أشد نكال؟ مما قد يجعله كعصف مأكول، من سخط الله وشديد نقمته وعذابه.
وإذ قد جاءت النصوص مؤكدة جانب حماية المسلم، قارنة الاعتداء على النفس بالاعتداء على الدين، ليقترن القتل بالشرك كما في قوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) وقوله عز من قائل سبحانه (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق..) إلى آخر ما جاء في الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم وقتاله كفر، وانتبه أخي معي لهذا القول كذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا يعني كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار، فكيف لمن يدعي البصيرة أن يعمى عن هذا!؟ اللهم سلم سلم كيف لمدرك عقوبة القتل وهي القتل ان يقع في القتل؟ وربنا يقول (النفس بالنفس) وهذا فيه حق لورثة المقتول أن تزهق روح القاتل كما أزهق روح القتيل كما فيه صيانة للمجتمع وحياة له كما قال ربنا (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) كيف لمعتد على حرمة المسلم بالقتل والقصاص منه ما يزال ينتظره حتى يوم القيامة إذ يجيء المقتول به يقوده شاكيا عليه عند ربه ولينتظره ما في قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) وكيف يزين الشيطان لإنسان العذر في تعمد إزهاق روح بريئة ما لم يكن إزهاقها بحق عليها؟ اللهم أعذنا أعذنا
وإن الدين كذلك قد حمى ما هو دون دم المسلم فحمى سمعته مثل تحريم الكذب والافتراء عليه وحمى ما له مثل تحريم السرقة والربا والميسر وشهادة الزور وحمى عقله مثل تحريم الخمر والمفترات وحمى عرضه مثل تحريم الزنا والقذف بل لقد حمى حتى غيبته مثل تحريم الغيبة والنميمة وحمى مشاعره مثل تحريم سبابه وشتمه والسخرية به وكل هذه أمور ضمن قائمة تشكل في مجموعها حماية المسلم من أن يؤذى، بل لقد بلغت عناية التشريع بالمسلم مبلغا في الحماية التي يجب علينا مراعاة جوانبها إذ قد منع ترويعه ومجرد إخافته فشدد في اتخاذ الكلب لما فيه من أمور منها ترويع الناس بل لقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه) قال النووي عند شرح هذا الحديث في مسلم: فيه تأكيد حرمة المسلم، والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه إلى أن قال: وسواء كان هذا هزلا ولعبا أم لا، لأن ترويع المسلم حرام بكل حال، قال: ولعن الملائكة له يدل على انه حرام، أه، وبموجبه يحق لنا أن نقول: كيف لعاقل أن يعرض نفسه لهذا اللعن وهو يعمد لقذف الرعب في قلوب المؤمنين الآمنين أو يتسبب في ذلك عالما فاللهم احفظ احفظ ومن خلال هذا وغيره مما قد أغناه أهل العلم من بسط لبيان حرمة المسلم، نؤكد على انه يتعين على كل أحد أن يراقب الله ويتقه في شأنه كله ومن أن ينتهك حرمة المسلم ويستحلها ومما يعرض المسلم ومجتمعه لأن يفقد استقامة حاله وطمأنينته وأمنه واستقراره والله المسؤول أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
* مدير مركز الدعوة والإرشاد بالدمام

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved