أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 21st October,2001 العدد:10615الطبعةالاولـي الأحد 5 ,شعبان 1422

مقـالات

نوافذ
الجمرة الخبيثة
أميمة الخميس
ظهور حالات لمرض الجمرة الخبيثة في فلوريدا، وأخرى في نيويورك، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحول هذا المرض الى شكله الوبائي المرعب، الذي تحاول ان تصوره به وسائل الاعلام الأمريكية، ولا سيما أن الحالات قليلة ونادرة ولا يمكن أن تقرع نواقيس الخطر مقارنة بتعداد سكان الولايات المتحدة الأمريكية أما الطرود المفخخة بالمرض فمازال يحيط بها الكثير من التساؤلات والغموض، ولكن لابد من حالة استنفار وتعبئة للرأي العام بشكل يتوازى مع التعبئة في المجال العسكري. فالمؤسسة العسكرية في الولايات المتحدة لابد أن تظل مدعومة على المستوى الشعبي، كي تحصل على القدر الأوفر من التسهيلات والأبواب المتاحة، دون معارضة تذكر من فريق (الحمائم) داخل الولايات المتحدة لا سيما وأن الرد العسكري على الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة قد لقي موافقة شعبية شبه مطلقة ونادرة في تاريخ الولايات المتحدة (92%) من تعداد السكان يقفون بجانب الخيار العسكري في هذا المجال...!!
والجميع يستمع بين الفينة والأخرى تصريحات الرئيس الأمريكي أو وزير خارجيته (كولن باول) تؤكد بأن الولايات المتحدة ما برحت في حالة تهديد من هجمات ارهابية اخرى، وبالتأكيد هذه التصريحات تتوازى مع بشاعة الصورة التي خلفتها الضربات الأمريكية في أفغانستان، حيث تزال قرى بأكملها عن وجه العالم، والحرب تظل وحشاً أعمى شريراً مهما حاولت وسائل الإعلام العالمية أن تلبسه لبوس العدالة، أو تدعي بأن القصف يستهدف مناطق استراتيجية وعسكرية بعيدة عن المدنيين، ولكن الذي يحدث على أرض الواقع هو ببساطة، عملية إبادة منظمة تتم بصورة متواصلة، وبشكل تستعرض فيه الآلية الحربية الغربية بصولات وجولات وطلعات طيرانية متصلة آخر ما توصلت إليه من أدوات الموت والدمار تجاه أدوات عسكرية بائدة ومهلهلة للطرف المقابل.
وعندما تنتفي المقارنة الإنسانية بين الطرفين فإن هذا بحد ذاته يستدعي عملية تجييش واسعة النطاق للوجدان الشعبي الأمريكي بالشكل الذي يجعله يستطيع ان يبتلع تلك المشاهد بيسر وسهولة.
وأيام الحرب الباردة استطاع الاعلام الأمريكي ان يصنع من دول الكتلة الشرقية، غولا نوويا مرعبا على استعداد ان ينقض على العالم الغربي المتحضر في أي لحظة ويلتهمه، ولقد أسهمت صناعة السينما الهوليودية في صنع هذا الوحش من خلال العديد من الافلام التي كانت تضخم العدو وتكبره بصورة مهولة، وبالتالي تتيح للمؤسسة العسكرية حيزاً أكبر من التحرك لتغطية ميزانياتها الخيالية، والتي يندرج فيها الدعم المستمر للحكومات أو الأنظمة المناوئة للاتحاد السوفيتي آنذاك.. وصولا الى برنامج حرب النجوم.
وإن كانت الجمرة الخبيثة هي وباء مرعب يحاول الجميع بما فيهم أيدٍ إنسانية نظيفة أن تطفئه إلا أنه في المقابل هناك الكثير ممن ينفخ النيران في روح هذه الجمرة، والتي يحتاجها البعض بشدة لتمرير الكثير من مشاهد الدمار والموت والخراب.
omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved