أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 21st October,2001 العدد:10615الطبعةالاولـي الأحد 5 ,شعبان 1422

مقـالات

أرخصنا أرواحنا فأرخصها الآخرون
د. محمد بن عبدالعزيز الصالح
عندما تتعرض حياة الشخص في الدول الغربية الى حادثة ما قد يكون لها تأثير على حياته «مثل غرق طفل في بحيرة او ضياعه في رحلة..إلخ» فان وسائل الاعلام الغربية المكتوبة والمتلفزة عادة ما تتسابق الى تسليط الضوء على تلك الحادثة مدركة رسالتها التوعوية ومبدية حرصها على الحفاظ على حياة الانسان، حيث تبدأ تلك الوسائل الاعلامية ببث ونشر مختلف الكتابات والندوات والتحقيقات ومبدية في ذلك حرصها على التعرف على الاسباب التي ادت لتلك المشكلة او الحادثة ومن ثم التحذير من خطرها وصولاً الى الوقاية من تكرارها مستقبلاً. اما لو نظرنا الى واقع اعلامنا العربي، لأدركنا بأن هناك الكثير من المآسي والحوادث التي يتعرض لها المواطن العربي ولكن دون ان يواكب ذلك تفاعل مطلوب من مختلف وسائل اعلامنا العربية.
ولنستعرض الحادثة التالية على سبيل المثال:
نشرت صحيفة عكاظ السعودية خبراً عن اختفاء خمس من الفتيات السعوديات خلال الاجازة الصيفية في مدينة القاهرة. وقد عجبت حين علق احد المسؤولين في السفارة السعودية بالقاهرة على ذلك بالقول ان تلك الحادثة لم تصل الى حد الظاهرة. بل ان درجة استغرابي وتعجبي قد تضاعفت نتيجة للجمود الذي لازم وسائل الاعلام لدينا في تغطية اختفاء هؤلاء الفتيات الخمس، كنت اعتقد بأن الضوء سيتم تسليطه على ذلك من خلال إفراد مختلف التحقيقات والندوات المتخصصة والتوسع في نشر الكتابات الموضحة لأساس المشكلة الناتجة عن سفر الكثير من الفتيات لوحدهن. نعم كنت اعتقد بأن وسائل الاعلام ستسلط الضوء على تلك الحادثة حتى يتم تلافيها مستقبلاً. فهل يجب ان تختفي كافة الفتيات السعوديات المتواجدات في القاهرة حتى يصل الامر الى حد الظاهرة ومن ثم الى قيام وسائل الاعلام بالتغطية اللازمة لذلك؟
ومما لا شك فيه ان هناك الكثير من الحوادث المماثلة التي يشيب لها شعر الرأس وتحدث بشكل كثير في عالمنا العربي دون ان يكون هناك تحرك فاعل من وسائل اعلامنا العربية، نعم ان هناك اطفال يختطفون وحوادث مميتة على الطرقات وحوادث غرق متعددة نتيجة الاهمال، فكل تلك الحوادث تمر مرور الكرام دون ان نتوقف عندها طويلاً لنحاسب انفسنا اولاً عن حدوثها، ونتعرف على مسبباتها ثانياً لنمنع تكرارها في المستقبل ثالثاً. وهذا كله يتم بمباركة من عدم تفاعل ملحوظ من قبل وسائل الاعلام العربية.
ولتسمحوا لي اعزائي القراء بالاسئلة التالية: هل حياة الانسان في الدول الغربية اغلى من حياة الانسان في عالمنا العربي؟ ولماذا يتفاعل الاعلام الغربي مع فقد حياة شخص لديهم في حين اننا لا نرى تحركاً مماثلاً من اعلامنا العربي على الرغم من وقوع الحوادث المودية بحياة العديد من الاشخاص؟ الا تعتقدون بأننا أرخصنا انفسنا وارواحنا كعرب الى الدرجة التي اصبح معها العالم بأسره ينظر الى حياة الانسان العربي من منظور يقل بكثير عن منظوره لغيره من البشر؟ وما تفاعل الاعلام العالمي لمقتل شخص يهودي واحد في حين أننا نجد ذلك الجمود الاعلامي إزاء مقتل العشرات من الفلسطينيين الا دلالة مؤكدة على ذلك، ثم كم يجب ان نفقد من الضحايا حتى تصل حوادثنا وقضايانا الى حد الظاهرة التي تستحق التفاعل المطلوب اعلامياً؟
ختاماً، أعتقد بأنه قد حان الأوان لأن تصبح حياة الانسان العربي على رأس اولويات اعلامنا العربي.
dralsaleh@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved