أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 4th November,2001 العدد:10629الطبعةالاولـي الأحد 19 ,شعبان 1422

متابعة

كيف يرى المحللون الصينيون حادثة الحادي عشر من أيلول
بعد «حادثة 11/9» ماذا ستفعل أمريكا والعالم؟
«أعراض حادثة 11/9» والأمن الدولي
..... «بعد «حادثة 11/9» شهد وضع الأمن الدولي اتجاهاً معقداً ودقيقاً:
* ان تعرض الولايات المتحدة لهذا الهجوم المباغت كشف للعالم أجمع، وبشكل واضح، النقاط المبهمة والضعيفة في نظام أمنها القومي، وحطم البعض من أساطيرها وهالتها (هيبتها)، ك «دولة جبارة لا مثيل لها «و» دولة من أكثر الدول أمنا «و» دولة ذات جهاز استخباري لا يخفى عليه خافية» وما إلى ذلك..
ومما لا شك فيه أن هذه الحادثة سوف لا تنال فقط من كبرياء الأمريكيين بشكل خفي ولفترات طويلة بل ستؤثر على وجهات نظر شعوب الدول الاخرى والاستراتيجيين تجاه الولايات المتحدة.
* أبرزت «حادثة 11/9» بوضوح خرافة مشروع نظام الدفاع الصاروخي العالمي الذي تروج له إدارة الرئيس الأمريكي بوش بقوة، ومما لا ريب فيه أنها شكلت ضربة قوية لجناح الصقور الذي يعمل بكل قواه لتطوير الدفاع الصاروخي. وعلى الرغم من عدم استطاعتنا في الوقت الحاضر تحديد مدى إمكانية تأجيل عملية مخطط نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي، إلاّ أن هذه الحادثة ستترك، وبكل تأكيد، آثارها الواضحة على هذا المخطط، لا وبل قد تكون طويلة وحاسمة. وعلى الرغم من التصريحات التي اطلقها بعض المسؤولين الأمريكيين الكبار بالتأكيد على ثبات مخطط NMD دون أي تغيير، إلا أن التحاليل الشاملة للاوضاع الراهنة الماثلة امامنا تشير الى ان ادارة بوش، على الاقل في الفترة المنظورة القادمة، لن تضع هذا المشروع على جدول اعمال الرئيس تجنبا لانتقادات الجماهير داخل الولايات المتحدة وخارجها في المجتمع الدولي.
* تعتبر «حادثة 11/9» اشد ضربة تتعرض لها الولايات المتحدة داخل اراضيها بعد (حادثة بيرل هاربر ميناء اللؤلؤ).
ف «حادثة 11/9» شأنها شأن «حادثة ميناء اللؤلؤ» سوف تؤدي بالحتم إلى تغييرات كبيرة في وجهة النظر الأمريكية حول مسألة الأمن القومي، ومن المحتمل جدا ان يؤدي استمرار المناقشات واحتدامها على المستوى الوطني حول هذه الحادثة الى ولادة افكار استراتيجية جديدة، فمجال هذه المناقشات سيكون رحباً وواسعاً، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تناول مسألة ما يسمى بمفهوم «الحرب الرمادية»؛ وبما يتعلق بمنابع الأخطار الرئيسية للأمن القومي؛ وبما يتعلق بضرورة نظام الدفاع الصاروخي القومي؛ وبما يتعلق بكيفية تكييف وتأهيل وتدريب القوى العسكرية وأجهزة الاستخبارات المركزية بما يتلاءم والأوضاع الجديدة؛ وبما يتعلق أيضاً بتقدير قوة بقاء وصمود قطاعات المالية والاستثمار واوراق النقد والتأمين والتجارة الخارجية ووسائل الاعلام وغيرها من القطاعات الهامة امام الهجمات الارهابية؛ الى جانب فحص واختبار قوة المواجهة للدوائر الحكومية والاجهزة المعنية للحالات الطارئة.. إلخ من مسائل متعددة.
* ففي الفترة القصيرة القادمة، ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بشن هجمات عسكرية انتقامية واسعة النطاق ضد الارهاب الدولي، وقد تكون من اشد ما شاهده المجتمع الدولي من عمليات انتقامية على مر التاريخ. وستشهد كل دول العالم على ان هذه الحرب القاسية الجديدة ضد الارهاب هي حرب كل ما فيها جديد، تعكس الأزمة العالمية وخصائص معالجتها، والتي لن تنتهي عند التدمير الكامل لقواعد الارهاب الدولي ومنظماته، بل قد تمتد لتطول الدول التي تدعمه وتؤيده. وأمام الانتقام الامريكي الصارم، لا يمكننا استبعاد ظهور حلقة مفرغة من الانتقام والمضاد، وكبح العنف بالعنف، ولا احد يستطيع التكهن بشكل دقيق لحالة الصراع التي ستعقب هذه الحالة.
* في مجال ممارسة عمليات الانتقام واسعة النطاق، يمتثل أمام الولايات المتحدة الكثير من المصاعب منها:
أولاً: القوى الارهابية منتشرة ومتسترة ضمن كتل بشرية، خاصة في الدول النامية حيث تنتشر في مناطق صعبة المواصلات والوسائل المعلوماتية فيها متخلفة جداً، الأمر الذي يصعب على القوات الأمريكية توجيه ضربات دقيقة ضدها.
ثانياً: الخطط القتالية وتدريبات القوات الأمريكية (بما فيها وحدات ضمان الامدادات الخلفية) كانت مركزة ومصوبة من حيث الأساس على الحروب بين الدول، وان قيامها بتعديل اهداف ضرباتها سيترتب عليه، بكل تأكيد، سلسلة من عدم التكيف وقد يقودها إلى الدخول في حالة من الاضطراب والفوضى.
ثالثاً: في حال ما إذا كانت عمليات الانتقام مفرطة لدرجة كبيرة وأدت إلى خسائر فادحة في أرواح وممتلكات الأبرياء ستثير موجات جديدة من الخلافات والاستنكار.
رابعاً وأخيراً: إن تنفيذ عمليات واسعة ضد القوى الإرهابية المعادية للولايات المتحدة المدعومة من قبل ما يسمى بالأصولية الإسلامية في أفغانستان والشرق الأوسط وغيرها من المناطق (مثل أسامة بن لادن وحركة «حماس»)، قد ينتج عنها تغييرات دقيقة في الوضع الجيوغرافي في منطقة آسيا الوسطى لصالح الغرب، والذي يقوده في النهاية إلى معارضة من قبل الصين وروسيا وبعض الدول الأخرى.
* ومن أجل تخفيف الضغط وحدة الانتقاد داخل الولايات المتحدة، وفي سبيل إزالة تهديد الارهاب للأمن القومي الأمريكي إزالة جذرية، سيضطر حكام الولايات المتحدة وجهازها العسكري القوي؛ في وقت قريب، لتجميع وحشد كل قواها لضرب الإرهاب. وبالتالي ستجد الولايات المتحدة نفسها في حاجة ماسة إلى موافقة ومساعدة كل دول العالم خاصة الدول المعنية في القارتين الأوروبية والآسيوية، كما وقد تحتاج إلى تأييد غالبية الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، خاصة التعاون الايجابي من قبل مجلس الأمن. لذلك من المحتمل ان يسبق ذلك، قيام الولايات المتحدة بالتخفيف من حدة موقفها إزاء روسيا والصين وغيرهما من الدول، كما وستخفض من حدة نبرتها الإعلامية لمشروع نظام الدفاع الصاروخي القاري، ومن المملكن ان تخفض سرعة توسيع حلف الناتو شرقاً وتدفع ب «الصيغة الآسيوية للناتو» إلى الأمام وغيرها من المجالات الأخرى، كما أنها ستغير من عنجهيتها إزاء هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وهذا ما قد سيؤدي، مؤقتا، إلى تخفيف حدة توتر العلاقات الاستراتيجية التي نشبت بين الدول الكبرى الرئيسة في الفترة الماضية حول مسألة نظام الدفاع الصاروخي، مما يظهر جوا من التعاون الخاص في العلاقات الدولية.
* في المجال الاقتصادي والسياسي الدوليين، هناك ما يجدر التحلي والتنبؤ. من بينها، ان هبوط الاحساس بالامن داخل الولايات المتحدة، سيؤدي إلى سلسلة من العواقب السلبية التي لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة، على سبيل المثال، انخفاض قوة الجاذبية الأمريكية لرؤوس الأموال العالمية، عدم استقرار سعر التحويل للدولار لمدة طويلة؛ عدم بقاء نيويورك مركزاً للأعمال المصرفية العالمية؛ تأثر البلدان الأجنبية المبتاعة للسندات الأمريكية وتأثر العلاقات الاقتصادية والتجارية الخارجية لأمريكا؛ إضافة إلى دور ارتفاع أسعار النفط وغيرها من العوامل، كلها في مجموعها ستزيد من ضعف الاقتصاد الأمريكي الذي هو أصلا في هبوط مستمر. وهذا ما سيؤثر تدريجيا على مكانة الولايات المتحدة كدولة عظمى. ووجهات نظر اخرى ترى ان «حادثة 11/9» ستكون خطا فاصلا، حيث سيضعف تدريجيا الجو السائد منذ فترة طويلة داخل المجتمع الامريكي الصالح لاستقبال المهاجرين الى الولايات المتحدة، وسيقوي من النزعة الانعزالية ويعزز من نزعة الاجنبي داخل المجتمع الأمريكي، وقد يصل الأمر ب «نزعة علو البيض المطلق» إلى إضعاف النظام التقليدي الديمقراطي متعدد العناصر في أمريكا. كل هذه التقديرات التي تهم المصلحة العامة تقتضي الدراسة والمتابعة والتحليل مع تطور الأحداث.
* من الملاحظ ان جميع الدول اجمعت وبصوت واحد على استنكار الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة، إلاّ أننا إذا انطلقنا في تحليلنا من علاقات الفائدة والضرر ومن الزاوية الاستراتيجية، فان حسابات الكثير من الدول تختلف الواحدة منها عن الأخرى، وهناك تباين في الافراح والأحزان، فاذا أمعنا النظر والاستماع فيمكننا معرفة هذا التباين الدقيق. فمثلاً:
قد تكون اسرائيل داخليا في غاية السعادة والسرور، لان امريكا كأكبر واعظم قوة عسكرية في العالم سوف لن تقدم المزيد من المساعدات للدولة اليهودية فحسب، بل سوف لن تبخل في بذل المزيد من الجهود للمشاركة المباشرة في توجيه الضربات ضد نشاطات حركة «حماس»، الامر الذي يميل اكثر بكفة الميزان الاستراتيجي في الشرق الاوسط لصالح اسرائيل. فاسرائيل تشكل مع كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا وكندا واستراليا وغيرها من الدول الغربية «المعسكر المتصلب» المناصر والمؤيد للولايات المتحدة.
الفلسطينيون، وعلى الرغم من انه تنفسوا لبرهة الصعداء لحقدهم الدفين (عبروا لبرهة عن حقدهم الدفين)، غير ان عرفات يعلم علم اليقين بأن قضيته ستسير بصعوبة أكبر، إذ إن مغامرة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط ينقصها ورقة ضغط «حماس» وأمثالها. كما أن العراق وإيران وليبيا وأفغانستان وغيرها من البلدان ذات «عقدة العداوة» مع أمريكا ستواجه في المستقبل متاعب من هذا القبيل. وهذه البلدان الإسلامية علاوة على غالبية دول المنطقة العربية وبعض الدول في المناطق الأخرى تشكل مبدئياً «معسكراً ضد عمليات الحرب القاسية التي ستقوم بها الولايات المتحدة».
وبين هذين النوعين من المعسكرات توجد قطعة جغرافية واسعة تفصلهما، مما يزيد علاقات الفائدة والضرر تعقيدات وتشابكات أكبر. اليابان وتايوان ستكونان من الخاسرين (ولو مؤقتاً على الأقل)، لأن الولايات المتحدة، في فترة محددة، ستكون مشغولة عن إعطاء أولوية للتفكير في ما يسمى ب «احتياجاتهما الأمنية»، علماً بأنهما ظلتا (اليابان وتايوان) معتمدتين على «مظلة الحماية» من شاطىء المحيط المقابل (على مظلة الحماية الأجنبية).
من المحتمل ان يسر كوفي عنان، السكرتير العام للأمم المتحدة لظهور مثل هذا الجو التعاوني الجديد الذي يشهده المجتمع الدولي، وخاصة موقف الولايات المتحدة من سرعة تسديدها للديون المتراكمة عليها لهيئة الأمم المتحدة.
من المحتمل ان تكون روسيا من اكبر المستفيدين، لأنها لم تكسب وقتا لتأجيل افساد القوة الاستراتيجية الامريكية للاستقرار الاستراتيجي القائم بين الولايات المتحدة وروسيا فحسب، بل كسبت فرصة للصراع الذي يقتضي دقة واحكاما، اي انها بحاجة الى مشاركة مناسبة من قبل الولايات المتحدة لمساعدتها في القضاء على تهديد الأصولية في افغانستان، هذا من جهة، ومن جهة اخرى عليها (أي روسيا) الحذر والانتباه للحيلولة دون تحول التدخل العسكري لدولة عظمى في آسيا الوسطى الى شر دفين جديد، اي عليها تجنب «طرد الذئب من البوابة الأمامية، ليدخل النمر من البوابة الخليفة». الاساتذة الاستراتيجيون الروس يعلمون حق العلم المبدأ القائل «الفرصة أعظم من التحديات». فلا يوجد من لا يتغير من عدو أو صديق، إلا انه لا حياد عن المصالح (أي أنها موجودة لا تنازل عنها)، وهذه حكمة بليغة في العلاقات الدولية.
* إذا تفحصنا انطلاقاً من زاوية الأمن الدولي والبحوث الاستراتيجية، فإن «حادثة 11/9» ستشكل بالفعل علامة تاريخية:
أولاً: ان الارهاب الدولي يشكل اكبر خطر على عصر العولمة، وهذا ما سيلقى إجماعاً دولياً واسعاً عليه.
ثانياً: أدرك المجتمع الدولي بشكل عام ان سياسة الولايات المتحدة الخارجية المتمثلة في العمل على مزاجها وبفتح الطريق بالقوة يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، «الإضرار بالآخرين دون أي مكسب لذاتها».
ثالثاً: ستعمل دول العالم، وخاصة الدول الكبرى والعظمى منها، على إعادة تحديد مضمون ومدلول «الأمن القومي»، وبناء عليه تقوم كل دولة بتعديل استراتيجيتها الأمنية الخاصة بها.
رابعاً: قد تجد هيئة الأمم المتحدة ذلك فرصة لتنظيم ودراسة الدول لأساليب جديدة للتعاون الأمني فيما بينها في ظل الظروف الراهنة، مما يدفع بقضية حماية السلام والتنمية في العالم بالقرن الجديد».
مجلة WORLD AFFAIRS لشهر أكتوبر 2001
وعلق محرر المجلة على المقالة السابقة بالتالي:
.... «بعد «حادثة 11/9» تحول الناس من الدهشة التي انتابتهم في الوهلة الاولى من وقع الحادثة الى قلق وتفكير عميقين: الى اين سيتجه العالم فيما بعد؟.
حقاً، إن الحادثة الإرهابية تلك لم يسبق لها مثيل في تاريخ الولايات المتحدة، وتعتبر أول عملية هجوم كبيرة تتعرض لها منذ «حادثة اللؤلؤ» عام 1941م. وأول عملية تخريب واسعة النطاق تعرضت لها الولايات المتحدة على اراضيها منذ حرب الشمال والجنوب التي نشبت عام 1861، وأشد حادثة أزهقت أرواحاً بشرية منذ حرب فيتنام. وبغض النظر عن العمليات الانتقامية واسعة النطاق التي شنتها الولايات المتحدة، إلا ان البعض يرى فيها اول حرب في بداية القرن الحادي والعشرين، حتى من الممكن ان تكون بداية حرب عالمية ثالثة. كما ادت الحادثة الى اغلاق سوق الاسهم الامريكية لفترة طويلة لم يشهد لها مثيل منذ الازمة الاقتصادية التي نشبت عام 1929، وكما ادت الى الحظر الجوي لأول مرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.لقد أصبح العالم اليوم مترابطاً بعضه ببعض كوحدة واحدة، فأي حدث يقع في أي منطقة كانت تتأثر منه بقية المناطق في العالم. فما هي الآثار التي ستتركها «حادثة 11/9» على الحالة النفسية لدى الشعب الأمريكي وبقية شعوب العالم، وعلى الثقافة السياسية الامريكية وسياستها الداخلية والخارجية، وعلى اتجاه الاقتصاد الامريكي والعالمي، وعلى العلاقات الدولية والوضع الدولي برمته؟. اذا اردنا الاجابة على مجمل هذه الاسئلة، فان الوقت مبكر لفعل ذلك، يستلزم الوقت الطويل من المراقبة والتفكير الهادئ.ومع هذا طلبنا من بعض الباحثين تزويدنا بتفكيرهم الأولي في هذا المجال، وقمنا باقتطاف بعض وجهات النظر من مقالات كثيرة وردتنا لدراستها سويا مع القراء. إننا سنولي اهتماماً كبيرا ولمدة طويلة ب «حادثة 11/9» وبعواقبها الوخيمة .....»

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved