أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th November,2001 العدد:10640الطبعةالاولـي الخميس 30 ,شعبان 1422

الاخيــرة

اللقاء بين القيادة والكوادر الوطنية
فوزية عبد الله أبو خالد
شكل لقاء الأمير عبد الله بن عبد العزيز يوم الاحد 17/8/1422ه بمجموعة «مختارة» من الكادر التعليمي والأكاديمي إناثا وذكورا ومن جميع مناطق المملكة وبمبادرة من القيادة السعودية حدثا داخليا ملفتا وهاما في مثل هذه الظروف التاريخية التحولية المريعة الحبلى بالهموم العالمية وبالقلق المحلي في معظم إن لم يكن في جميع عواصم المجتمع الدولي.
غير ان ما نقلته أو تناقلته وسائل الاعلام وبالأخص المكتوب منها عن هذا اللقاء كان مقتضبا ولا يشفي غليل المتابع من داخل الوطن أو خارجه لاستقراء دلالات اللقاء.
وإذا كان ذلك من ناحية يحسب للمملكة في حرصها على عدم اطلاق البخور الاعلامي ليسبق اجراءاتها الداخلية أياً كانت ايجابيتها، فانه من الناحية الأخرى يعبر عما جرت عليه السياسة السعودية في التحفظ على الكثير من حيثيات ومجريات قراراتها الداخلية والخارجية معا التي قد تصل أحيانا الى حد التكتم مما يترك الهدف من بعض القرارات نهبا للتكهنات بسلبها او ايجابها الا اني لا أخال ان قرار القيادة السعودية بتجديد خلايا الحملة الوطنية عن طريق لقاء الرجل الثاني في الدولة بعدد من المنتمين الى الكادر التعليمي قيادات وعاملين الا من القرارات التي يعبر اجتراحها عن أهداف استشرافيه ترجى منها.
وفي هذا فانه وان لم يعلن عن الهدف من لقاء الأحد والأجندة التي كونت محاوره «وحددت ما يطرح وما لا يطرح أثناء انعقاده إلا أن المتابع الشغوف بغد أجمل لهذا الوطن لابد يتفاءل بما قد يستنه من سنة حسنة في فتح طاقة كامنة من طاقات تفعيل العلاقة بين القيادة وبين المجتمع عسى ان تؤسس مثل هذه البادرة الشجاعة تقليدا سياسيا جديدا نحتاجه ونرنو اليه لبناء قنوات الحوار البناء بين جميع قطاعات المجتمع وبجميع فئاته وبين القيادة.
ومن خلال القليل الذي نقل عن هذا اللقاء يمكن الاجتهاد في قراءته قراءة تتلمس ما عناه اللقاء للمعنيين به مباشرة أو للمتابعين.
أولا: هذا اللقاء كما أشرنا سابقا يأتي في ظروف استثنائية حيث تحتاج القيادة والشعب معا الى وقفة تكون فيها القرارات الوطنية المتعلقة بأمن هذا الوطن، سياسته الخارجية وسمعته السياسية ناتج من نتاج التحاور والتشاور وتحسس نبض الشارع السعودي.
ثانيا: إن هذا اللقاء وإن أتى بمبادرة من القيادة، فانه يأتي أيضا في وقت تضج فيه صدور المواطنين بالحيرة من رعب الحرب المندلعة غير بعيد عن حوض نجلهم وزرقة مائهم، وبأسئلة قلقة عن المصير الشخصي والعام الذي صار يتربص بالأطفال والأجنة نتيجة للاتجاه السائد في عولمة هذه الحرب.
ثالثا: هذا اللقاء وان اقتصر على الكادر التعليمي وهو كادر وطني هام بكل المقاييس نظرا لتحمله مسؤولية مواجهة أسئلة الأجيال، فان الحلم يحدو القوى الاجتماعية المختلفة بأن تكون جزءاً من لقاءات أخرى تتيح قنوات وسقفاً من الحرية لتبادل هواجس الوطن وأنخاب تطلعاته.
واذا انتقلنا من الخطوط العامة للقاء لنلقي نظرة على ما شفَّت عنه بعض تفاصيله نجد محورين رئيسيين:
المحور الأول: اهتم بالكشف عن الموقف الرسمي لكن تجاه الاحداث العالمية الراهنة وعلى وجه التحديد تجاه «التحالف العالمي ضد الارهاب» بقيادة أمريكا وحربها على أفغانستان التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء المسلمين وفي هذا لم يبخل الأمير عبد الله بن عبد العزيز باطلاع جمهور اللقاء من الكادر التعليمي على المراسلات المتبادلة بين المملكة وبين الادارة الأمريكية في أعلى مستوياتها وفي هذا الصدد قام باطلاعهم على فحوى خطاب سموه الموجه الى الرئيس الأمريكي الذي يوضح اصرار المملكة على حقها في التمتع بمواقف مستقلة عن مجمل الموقف الأمريكي فالمملكة وان كانت تدين «الارهاب» الا انها لا توافق بالضرورة على السيناريو الأمريكي خاصة وان أمريكا لم تشارك من تريد ان يكون بشركائها في التحالف في اطلاعهم على مجريات التحقيق أو نتائجه المبدئية فيما عدا اشارات غير دامغة. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فانه لابد لأمريكا ان تفهم انه مهما بلغ الوفاق التاريخي بين المملكة وبين الادارات الأمريكية المتعاقبة فان المملكة بحكم مسؤوليتها عن الاراضي المقدسة ليست بلدا من جمهوريات (الموز) التي يسهل قيادتها، بل انها بلد له مسؤوليته الجسيمة امام العالمين العربي والاسلامي التي على امريكا ان تضرب حسابها قبل ان تطلب من المملكة العربية السعودية ما لا يتفق مع موقعها كقبلة للمسلمين في القارات السبع.
لقد كانت المصارحة بحقيقة هذا الموقف وقفة في غاية الشفافية من قبل القيادة السعودية وان كنا نرى في اطلاع جمهور من الكادر التعليمي والأكاديمي على مقتطفات مما جاء في مراسلة ولي العهد بادرة طيبة فإنَّا نأمل ان يكون ذلك نوع من المبادأة لاقرار حق العامة في الاطلاع والمشاركة بمثل هذه الشؤون التي تقع في صلب القرار السياسي.
المحور الثاني: اهتم وربما لأول مرة في تاريخ المملكة المعاصر بحضور العنصر النسائي «نصف المجتمع» في لقاء على هذا المستوى من الأهمية السياسية والاجتماعية واذا كان لما تم طرحه من خلال هذا المحور دلالة هامة من اظهار الاهتمام بمسألة المرأة وبتفعيل دورها الاجتماعي بدءاً من اقرار حقها بالحصول على هوية مواطنة الى العمل على اقرار أدوار قيادية لها خاصية في المجالات التي حققت فيها حضورا مهنيا مهما كحقل التعليم والمهن الطبية، فان دعوة المرأة للمشاركة في هذا اللقاء بحد ذاته يستحق التثمين مع الامل بتحويله الى تقليد سياسي أصيل يقر مشاركة المرأة والرجل في شجون وشؤون الوطن وليس مجرد لقاء عابر في ظرف استثنائي.
وبهذا الأمل وبزخم اللقاء وفي ظل واقع المجتمع السعودي فان اللقاء يشكل علامة فارقة على طريق التلاحم بين القيادة وبين بنات وأبناء المجتمع ولله الامر من قبل ومن بعد.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved