أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th November,2001 العدد:10641الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,رمضان 1422

متابعة

في ندوة حول «الإرهاب بين السياسة والقانون» بالقاهرة:
الدكتور هشام صادق أستاذ القانون الدولي: يوجد خلط في القانون الدولي بين الجريمة الإرهابية والجريمة السياسية
* القاهرة مكتب الجزيرة
علي البلهاسي:
وسط زخم الأحداث المتتالية منذ تفجيرات 11 سبتمبر والهجمات الأمريكية المتواصلة على أفغانستان اختلطت الكثير من المفاهيم وضاعت الحدود بين المصطلحات المتداولة فاختلط مفهوم المقاومة المشروعة بالإرهاب. كما أحدث التدخل الأمريكي في أفغانستان اضطراباً وبلبلة على جميع المستويات وبخاصة القانون الدولي.
حول تعريف الإرهاب والفرق بينه وبين المقاومة المشروعة وصراع الحضارات والعولمة والإرهاب والمشروعية القانونية للحرب الأفغانية دارت ندوة «الإرهاب بين القانون والسياسة» التي عقدت بمعهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة واستضافت الدكتور هشام صادق أستاذ القانون الدولي:
في البداية أشار الدكتور هشام صادق إلى الاختلاف والجدل الواسع حول تعريف الإرهاب ومفهومه وقال: إنه في الجانب الفقهي القانوني هناك فكرة تجمع بين التعريفات المختلفة للإرهاب تفيد بأنه سلوك إجرامي أو أعمال إجرامية تقترن بإرهاب وتخويف الآخرين وتقصد بصفة خاصة النيل من معنوياتهم والإرهابي الفنان المحترف هو الذي يرعب الناس بخسائر أقل حتى لا يواجه انتقادات سياسية وقانونية كبيرة.
وفكرة إرهاب الآخر تتم لأغراض سياسية عادة كما حدث في أحداث 11 سبتمبر الأخيرة وهي عملية إرهابية لا ندافع عنها لأي سبب لأنها استهدفت مدنيين أبرياء وهناك محاولات قانونية دولية كبيرة للاتفاق على معنى الإرهاب والفصل بين ما هو جريمة إرهابية وجريمة سياسية فبعض الدول ترفض تسليم بعض الإرهابيين بدعوى أن ما ارتكبوه جرائم سياسية وليس جرائم إرهابية وما زال هناك خلط بين الاثنين وأعتقد أن هذا الصراع سينتهي بالتضحية بأحدهما لحساب الآخر وأرى أنه سيتم التضحية بالجريمة السياسية لصالح الجريمة الإرهابية حتى تتم السيطرة على الإرهاب والإرهابيين ويمكن ملاحقتهم ومحاكمتهم دولياً.
وأوضح الدكتور هشام صادق أن محاولات تعريف الإرهاب لا بد أن تفصل بين الإرهاب والمقاومة المشروعة من أجل التحرير الوطني في فلسطيني فقرارات الأمم المتحدة تتيح حق الشعوب في التحرر الوطني واستخدام العنف للتخلص من الاحتلال الذي تخضع له.
وقال صادق: إن أخطر ما يواجه العالم اليوم هو فكرة «تدويل الإرهاب» وانتشار فكرته على الساحة الدولية أو بمعنى آخر انتقاله من الإرهاب المحلي إلى الإرهاب الدولي بحيث أصبح لا جنسية له ولا وطن ولا هوية وأصبح عدواً مجهولاً والمشكلة الأكبر أن عدد الحوادث الإرهابية الدولية في ازدياد مستمر ومخيف فمثلاً وطبقا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة كان عدد الحوادث الإرهابية الدولية عام 1968م «111 حادثة» وفي عام 1979م أي بعد 11 سنة تقريباً وصل العدد إلى «3 آلاف حادثة» وما زال في تصاعد مستمر.
والإرهاب الدولي العابر للحدود بدأ يتطور من إرهاب ضد الحكومات الوطنية إلى إرهاب ضد نظم خارجية أو إرهاب محلي ولكن بمساعدات وتمويلات خارجية ومخابراتية لقلب نظام حكم أو تهديد إحدى الحكومات الوطنية لمصالح خاصة والإرهاب الدولي على هذا النحو أصبح فيما يبدو هو الحرب الجديدة القادمة أو هو «حرب الضعفاء» في زمن العولمة وهيمنة الدول الكبرى وسقوط العدالة الاجتماعية في كثير من دول العالم الثالث وبعد أن أصبح هناك قوة واحدة كبيرة لا يقدر عليها أصبح الإرهاب هو سلاح الضعفاء لمواجهتها وهذا لا يعني أبداً تأييده ولكنه أصبح الوسيلة الوحيدة لإرهاب الآخر بقوة أقل.
وأكد الدكتور هشام صادق أن القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة يتطلب دراسة وافية لمعرفة أسبابها ولكن الواضح أن أسباب الإرهاب الدولي تختلف عن أسباب الإرهاب المحلي وأن هناك ارتباطا وثيقا بينهما والأسباب المحلية كثيرة فهناك قضية غياب الديمقراطية وعدم العدالة والظلم الاجتماعي لتفاوت الطبقات. والإرهاب أحياناً يكون سلاح الأقليات في الدول التي لا تكون ممثلة فيها وفقاً لمقولة «ارهب عدوك وانشر قضيتك» هذا إلى جانب الهجمة القادمة من الخارج على الثقافة المحلية وغياب القوى السياسية القومية وقد عانت كثير من دولنا من عودة البعض إليها من الخارج بأفكار غريبة أغلبها أفكار متطرفة ومحاولتهم نشرها بين الناس بالخطأ وهؤلاء في متناول أيدي الأمن والخطورة أنصاف المتعلمين المشبعين بأفكارهم الذين يصنعون من الإرهابي بطلاً ويكونون ضحية سهلة لأفكاره.
كما أن هناك قوى خارجية تبث أفكارها من خلال وسائل الإعلام والهوائيات الفضائية لإثارة القلاقل والاضطراب بين الأقليات داخل المجتمع وقد تمارس الدولة نفسها الإرهاب ضد المواطنين بدعوى حماية الأمن القومي مما يثير العداء ضدها والمواجهة الأمنية مطلوبة ولكن بحرص ولا بد من مواجهة فكرية يتبناها المثقفون لأنهم يتمتعون بثقة لدى رجل الشارع.
وأشار الدكتور هشام صادق إلى وجود هجمة إسرائيلية تهدف إلى زرع أفكار التطرف والفتنة الطائفية داخل الدول العربية مؤكداً أن قمة التطرف والتعصب الديني والفكري ومنبعه يوجد في الصهيونية وقال: إن المؤتمر الصهيوني الذي عقد عام 1982م على سبيل المثال كان من بين ورقاته وثيقة تقول: إن النموذج الطائفي الموجود في لبنان صالح للتصدير لدول عربية أخرى خاصة مصر التي يمكن تقسيمها إلى دولة مسيحية في الجنوب وعدة دويلات مسلمة في الشمال.
وقال: إن إسرائيل اليوم تحاول استغلال الأحداث لصالحها لتلصق تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين وتحاول قلب الصراع بين الحضارات إلى صراع ديني وهذا ليس في صالح الجميع لأنه يعتمد على ثوابت لا تقبل التغيير ولذلك فلن تكون له نهاية وأكد أننا نخطئ عندما نظن أن أمريكا تقع تحت سيطرة اللوبي اليهودي والحقيقة التي أوضحها لنا «نعوم تشونسكي» وهو أحد المفكرين الأمريكيين اليهود أن أمريكا هي التي تستغل هذا اللوبي لصالحها وإسرائيل ما هي إلا إحدى الولايات الأمريكية التي تستغلها وتدعمها لصالحها.
وأكد الدكتور هشام صادق على أن العولمة هي أحد الأسباب الرئيسية في انتشار الإرهاب الدولي بما ولدته لدى الكثير من شعوب العالم بالظلم الاجتماعي والاحساس بالفقر والضياع في زمن يسيطر فيه القوي على الضعيف وتضيع فيه هوية الفرد وهو ما تعكسه كل يوم المظاهرات ضد العولمة.
والشركات متعددة الجنسيات كأحد أوجه العولمة تساهم كثيراً في نشر الإرهاب الدولي بممارساتها السلبية وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول التي توجد بها وقد تملي شروطها وقراراتها على حكومات هذه الدول وهنا تجبر الدولة على تنفيذ قرارات فوقية والنتيجة الطبيعية لذلك أن يحس الفرد بأن هناك قوى فوقية تتحكم في حياته ومصيره وهنا يظهر التعصب العرقي والديني ضد الآخر والتي تعبر عنها المظاهرات وأعمال العنف ضد العولمة ومؤسساتها هذا إلى جانب أن الفساد في دول العالم الثالث أساس تمويله هو هذه الشركات كما أن هيمنة الدول الكبرى في إطار العولمة على مجريات الأمور في العالم وبخاصة أمريكا وسياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها يولد الكراهية والاحساس بالظلم تجاهها مما يدفع بالقيام بأعمال إرهابية ضدها.
وأشار الدكتور هشام صادق إلى كتاب «تحول السلطة» لتوفلر الذي يقول فيه انه في ظل العولمة ستكون الشركات متعددة الجنسيات أعضاء في الأمم المتحدة بدلا من الدول النامية الصغيرة وأن يكون لكل دولة من دول العالم الثالث مندوب في الكونجرس لأنه في ظل العولمة سيكون للكونجرس الأمريكي تأثيره الكبير في الشؤون الداخلية لهذه البلاد أكثر من رؤسائها.
وأنهى الدكتور هشام صادق حديثه مؤكدا أن التدخل الأمريكي في أفغانستان مخالف للشرعية الدولية مشيرا إلى عدم توافر الشروط القانونية لذلك التي تستدعي إبلاغ مجلس الأمن إلى أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة وتشكيل قوات دولية لمواجهة هذا العدوان.
أما الذي حدث فهو أن أمريكا حلت محل مجلس الأمن والأمم المتحدة في القيام بهذا الدور وهذا يعبر عن الموت الإكلنيكي للأمم المتحدة الذي بدأ مع قضية حرب كوسوفا كما أن إجراءات الدفاع عن النفس لا تتناسب مع المطلوب أو الفاعل وما يحدث الآن يخالف كل ذلك فهل يعقل أن يتم حشد كل هذه القوى والأسلحة المتطورة للغاية ويحدث كل هذا الدمار وتقع كل هذه الأعداد من الضحايا الأبرياء مقابل رأس شخص واحد.


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved